المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أبناء عبيد العبد المحسن: - معجم أسر بريدة - جـ ١٤

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب العين

- ‌الْعَامرْ:

- ‌دعاة وأعمال خيرية:

- ‌العامر:

- ‌الشيخ علي بن عامر بن صالح آل عامر (1339 - 1411 ه

- ‌العامري:

- ‌العايد:

- ‌وثائق للعايد:

- ‌العايدي:

- ‌العايش:

- ‌العَبَّاد:

- ‌العْبَادي:

- ‌تصحيح اسم جد الشيخ العبادي:

- ‌العبَّاس:

- ‌العبد الرحيم:

- ‌أصل وصية عبد الرحيم الحمود:

- ‌أشخاص معاصرون من أسرة (العبد الرحيم):

- ‌العبد الرَّزاق:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد المعين:

- ‌العبد الملك:

- ‌العبد المنعم:

- ‌العبد الوهاب:

- ‌ العبد الوهاب

- ‌وصية عبد الله العبد الوهاب:

- ‌نبذة مختصرة عن أسرة العبد الوهاب البريدي:

- ‌العبد الهادي:

- ‌العبدان:

- ‌ترجمة موجزة لحياة فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العبدان:

- ‌سخاء الشيخ ابن عبدان:

- ‌إنجازات تاريخية منقوشة على البيض:

- ‌العبدان:

- ‌العُبرّة:

- ‌العَبْلاني:

- ‌العبْوُد:

- ‌‌‌ العبود

- ‌ العبود

- ‌العبْوُدي:

- ‌أسرة العبودي وملح البارود:

- ‌أسرة العبودي والمدح بالفصحى:

- ‌العودة إلى ذكر الجد:

- ‌عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم العبودي:

- ‌هل يحابي الإسلامي الرجل على حساب المرأة

- ‌بين جامعة القهوة ومعهد الشاي .. أين موقع النخيل

- ‌خالد بن محمد العبودي:

- ‌الشيخ سليمان بن ناصر العبودي:

- ‌سليمان العبودي في ذمة الله:

- ‌سليمان الناصر العْبُودي - من بريدة:

- ‌الشيخ سليمان العبودي (1350 - 1415 ه

- ‌بداية ظهور فريق الشباب (التعاون):

- ‌التنافس مع الشباب:

- ‌رحلة الموت المفاجئ:

- ‌القدر يسبق الإخلاء:

- ‌العْبَيَدْ:

- ‌ترجمة الابن لأبيه:

- ‌أبناء عبيد العبد المحسن:

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان:

- ‌الشعر يشارك في المراسلات:

- ‌زهد فهد العبيد وتقشفه:

- ‌تجربة الصديق واختباره:

- ‌مؤلفات الشيخ إبراهيم العبيد:

- ‌قصة المظلومة سمعتها من الشيخ إبراهيم العبيد:

- ‌ العبيد:

- ‌وصية عبيد بن محمد بن فراج بن سلمي:

- ‌الْعْبَيْد:

- ‌العبيد:

- ‌العْبَيِّد:

- ‌الَعْبَيْدَان:

- ‌العبيدان:

- ‌العبيدي:

- ‌العْبَيْلان:

- ‌العْبَيلاني:

- ‌العْتيان:

- ‌العَتِيق:

- ‌العتيق

- ‌العَتيِّق:

- ‌ سليمان بن محمد العتَيِّق

- ‌العْتَيْك:

- ‌رجال التعليم الأوائل:

- ‌العثمان:

- ‌عثمان بن إبراهيم بن عثمان العثمان

- ‌العثمان:

- ‌العثمان:

- ‌العثيم:

- ‌وصية عثمان بن أحمد العثيم:

- ‌نص وصية عثمان بن أحمد بن عثمان العثيم:

- ‌عبد الله العثمان العلي:

- ‌عبد الله بن عثمان الأحمد العثمان العبد الله:

- ‌عبد العزيز بن عثمان الأحمد العثمان العبد الله:

- ‌محمد بن عثمان بن أحمد العثمان العبد الله:

- ‌مشاهير الأسرة في القرن الرابع عشر وإلى وقتنا الحاضر:

- ‌عبد الله العثمان العلي العثمان:

- ‌صالح بن إبراهيم المحمد العثمان:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الله المحمد العثمان:

- ‌الدكتور الطبيب عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد العثمان:

- ‌الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الشيخ عثمان بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الدكتور سليمان بن محمد بن عبد الله المحمد:

- ‌الدكتور عبد الله بن عبد الكريم بن عبد الله المحمد:

- ‌الدكتور خالد بن محمد بن إبراهيم المحمد:

- ‌الدكتور أحمد بن صالح بن علي المحمد:

- ‌الأستاذ عبد الله بن صالح بن علي المحمد:

- ‌الشيخ يوسف بن محمد بن عبد الله المحمد:

- ‌المهندس سعد بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌المهندس عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله المحمد:

- ‌المهندس رياض بن عبد الله السليمان العبد الله:

- ‌المهندس ضياء بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌المهندس ماجد بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌مؤلفون من العثيم:

- ‌العثيمين:

- ‌الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عثيمين (1320 هـ - 1410 ه

- ‌صالح بن عبد العزيز العثيمين: (من بريدة)

- ‌ العثيمين

الفصل: ‌أبناء عبيد العبد المحسن:

القرآن عن ظهر قلب، ويحب الشعر النبطي، ويلهج بالحكمة.

وكانت وفاته في آخر رمضان من هذه السنة، وخلف أبناء صالحين فمنهم الشيخ عبد المحسن وسيأتي ذكر ترجمته، وأما الشيخ عبد الرحمن فقد توفي قبله ومرشيء من ترجمته، ومنهم المؤرخ وغيرهم وتوفي قبله عبد العزيز وعبد العزيز، وكان له خمس بنات مات عن أربع منهن وغالب ذريته كانوا صالحين (1).

قال ابن عبيد في حوادث سنة 1305 هـ، وفيها وفاة جدنا أبي الوالد عبد المحسن بن عبيد آل عبيد قدس الله روحه، ونور ضريحه، وكان قد عمي بصره في آخر عمره وله صبر على خشونة العيش وقوارع الزمان، وله أصحاب وإخوان ذوو نظر سليم وصدور زكية وأعمال مستقيمة وكان والدنا برا به وقد خلف ابنين وبنتًا (2).

‌أبناء عبيد العبد المحسن:

رزق عبيد العبد المحسن بأبناء نجباء أذكياء.

منهم عبد الرحمن بن عبيد العبد المحسن طلب العلم وهو صغير فنبغ في ذلك، وكان شاعرًا له شعر جيد، وكان ذكيًّا، بل كان يتوقد ذكاءً سافر مع شيخه الشيخ عمر بن محمد بن سليم رحمه الله إلى الأرطاوية عام 1337 وذلك بعد أن ظهر من الإخوان الذين هم الأعراب المتدينون تشدُّدًا في الدين، وعداءً للملك عبد العزيز، وبعد أن كان الملك عبد العزيز قد أرسل إليهم مشايخ منهم الشيخ محمد بن عبد العزيز العنقري والشيخ أبو حبيب الشثري لوعظهم وعظًا مباشرًا، فلم يفد ذلك فيهم، فرأى أن يذهب الشيخ عمر بن سليم مع عدد من طلبة العلم إلى الأرطاوية مقر فيصل الدويش فيجلس الشيخ عمر لطلابه

(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 3، ص 285 - 288.

(2)

تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 1/ ص 256.

ص: 429

ويدرسهم من أجل أن يحضر الإخوان من الأعراب الدروس، ويستفيدوا منها.

وهكذا كان، فقد توفي عبد الرحمن العبيد في الأرطاوية.

ومات عبد الرحمن العبيد هذا شابًّا في عام 1337 هـ في الوباء المسمى (سنة الرحمة) وبعض العوام يسميه (سنة الصخنة).

وقال لي الذين عرفوه حق المعرفة، إنه كان حصل من العلوم العربية من النحو، ومتن اللغة ما لم يحصله كثير من طلبة العلم غيره، وقال بعضهم: إنه لم يحصله غيره لأن معظم طلبة العلم كانوا يعتنون بعلوم العقيدة والتفسير والحديث والفقه.

أما هو فإنه كان يحفظ المعلقات السبع عن ظهر قلب، وكان حفظ القرآن كاملًا وهو صغير.

وقد مات في سن السابعة والعشرين إذ ولادته كانت في عام 1310 هـ ولم يتزوج.

وقد أطلعني الشيخ فهد العبيد على قصيدة له جيدة فنسختها، ولكني لم أجدها الآن.

وترجم له شقيقه الشيخ إبراهيم بن عبيد، فقال: عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن وهذه ترجمته: هو الشيخ الشاب الأديب النبيه العارف الذكي ذو العلوم الربانية والمنح الإلهية العالم عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن آل عبيد قدس الله روحه ونور مرقده وضريحه كان رحمة الله عليه ذكيًّا مهيبًا حفظ القرآن عن ظهر قلب وأخذ عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم ويحفظ المعلقات السبع وله معرفة تامة في علم الحديث والفقه واللغة وجد واجتهد ونافس في نيل العلوم والسعي في طلبها فأدرك ما قصر عن نيله غالب الأماثل، ونال مقام أولي النهي والفضائل، وكان قارعًا للشعر فصيحًا بليغًا منطقيًّا جهوري الصوت لا يمل المطالعة والمراجعة وله بعض المؤلفات وغالبها ردود على أهل المخالفات لأنه نشأ في

ص: 430

زمان كثر فيه الشقاق وظهرت علامات النفاق.

وكان والدنا يعجب من كثرة اجتهاده وحلاوة منطقه، ولما رآه بهذه المثابة فرغ باله عن الأشغال وتركه وشأنه مكفي المؤنة فلازم الشيخ عمر بن محمد بن سليم وتخرج عليه واستمسك بغرزه حضرًا وسفرًا حتى صار آية من آيات الله، وأعجب به شيخه ورأى علامات القبول لائحة عليه، وتوفي وهو مصاحب للشيخ المذكور في الأرطاوية.

وكان مولعًا بتلاوة القرآن ودرس كتب الصحاح والسنن والمسانيد واللغة والعروض.

وهذه صفته رحمه الله: كان قوي البنية ربعة من الرجال يميل إلى الطول أسمر اللون على وجهه أثر الجدري وإحدى عينيه فيها نكتة بيضاء، قوي الإرادة شجاعًا، ولقد جرى له مع الشريف حسين بن علي قصة وهي أنه حج في رفقة الشيخ عمر بن سليم فبينما هو راكب في بعض شوارع مكة المشرفة وقد ازدحمت الشوارع بالحجيج وافق أن نفحت ناقته صبيًّا برجلها من غير قصده ولا علمه فما كان إلا قليل حتى أخذ وناقته صباحًا ورفعت المسئلة للحسين، فلما علم أن صاحبها سعودي دعي به إليه ليسأله عن القصة، ولما أن جلس بين يديه وتكلم عرف ما تحت الأديم من لسان بليغ وقلب عقول فأعجب بكلامه وملأ عينيه فعندها أخذ في البحث معه والمناقشة، وكل إناء بالذي فيه ينضح فسأله عن مشايخه وأساتذته فأخبره بأنهم آل سليم الذين أخذوا العلم عن آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأجابه الحسين بقوله لعنهم الله لقد أضلوكم سواء السبيل، فقال له عبد الرحمن لا تلعنهم فإنهم على تحقيق شريعة جدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا لم نتبعهم لحسن لباسهم ولا لطيب أنسابهم فأكرم الخلق عند الله أتقاهم ولكننا وجدنا عندهم الشرع المحمدي فأخذناه عنهم،

ص: 431

فقال له أخبرني يا بني عن التوسل وبغضهم للرسول فقال:

أما التوسل فعلي ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توسل إلى الله بأسمائه وصفاته فهذا مطلوب ومندوب إليه حيث يقول الله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وتوسل بالأعمال الصالحة كما فعله أهل الغار فهذا جائز، وتوسل بذوات الأموات فهذا شرك وضلال.

وأما بغضهم للرسول فحاشا وكلا إنهم لم يبغضوا الرسول، بل كانوا يرون الصلاة عليه في الصلوات الخمس والنوافل فريضة ولا تصح صلاة من لا يصلي عليه فيها، وأنتم ترونها سنة فأصبح تعظيمهم له أعظم من تعظيمكم واحترامكم، أما دعاؤه وسؤاله الحاجات فغير مشروع.

ثم إنه دعا الشريف بطعام الغداء، وقدم لذلك المأكولات قائلًا اطعموا ضيفنا من غداءنا تقدم أيها الشيخ للغداء فاطعم معنا، وكان رحمه الله قد غاب عن رفقته وتأخر عنهم، ولم يعلموا بما صدر منه، ولا بغيابه فقال له يا حضرة الأمير إن كرامة النفس فيما يلائمها ويوافقها وأنا لا يعجبني هذا الطعام.

فأجابه الشريف قائلًا: وما طعامكم؟

فذكر له أن العجين يجعل أقراصًا فيلقى في الماء بعدما يغلي فيخرج من ذلك المرقوق وهو الذي يعجبني، فضحك لذلك الشريف ضحكًا شديدًا وقال هل تريد الذهاب إلى رفقتك فإنك علينا لعزيز، قدم طلب ما تريده منا فأجاب قائلًا: أريد بعيري والذهاب إلى رفقتي الذين لم يعلموا كيف حالتي فأمر خادمًا أن يذهب به إلى ناقته التي قدم لها البرسيم إكرامًا لصاحبها وشيعه مودعًا فأخذ بخطامها وعاد إلى رفقته مصحوبًا بالسلامة.

ومن العجب أنه لم يخبر الشيخ والزملاء إلا بعد رجوعه إلى بريدة لما جلسوا

ص: 432

على مائدتنا في القصيم وكان سنه يوم وفاته ستًّا وعشرين سنة، وهو أكبر إخواني.

وله قصيدة رد فيها على أعداء الشيخ صالح بن سالم آل بنيان وذب فيها عنه، فمن معرض أبياتها قوله في الشيخ صالح منوهًا في فضله ومبينًا عقيدته:

فقد طالما دل العباد بعلمه

إلى الله ذي الإفضال يا نعم ما عمل

وقرر توحيد الإله بحجة

ووالى لمن والى فيا حسن ما فعل

وصابر ما يلقى وقام بجهده

على نصرة الدين الحنيفي وما نكل

فما زال هذا دأبه وجهاده

إلى أن أتاه الحق في الفعل لم يزل

إلى أن قال:

بأي دليل تستبيح لعرضه

لدى كل ناد تجتليه بلا خجل

ستعلم يوم الحشر ما قلت نادمًا

وتخرج مما قلت يا ويل من خذل

فربك بالمرصاد لا تستهن به

ثكلتك فاستعتب هديت ولا تمل

إلى آخر القصيدة التي بلغت خمسة وثمانين بيتًا، وله قدس الله روحه ونور مرقده وضريحه كتاب رد فيه على بعض المنافقين وغير ذلك، وجمع كتبًا كثيرة وغالبها أوقفها على إخوته، وله رسائل مثبتة في خط يده، ومات ولم يتزوج لاشتغاله بالعلم، ولأن المنية لم تمهله (1).

انتهى.

وذكره الشيخ صالح العمري في تلاميذ الشيخ عمر بن محمد بن سليم، فقال:

الشيخ عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن آل عبيد (2):

ولد رحمه الله في بريدة عام 1311 هـ تقريبًا وتعلم القراءة والكتابة، ثم

(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 3، ص 372 - 375.

(2)

علماء آل سليم، ص 287 - 288.

ص: 433

لازم الشيخ عمر بن سليم فقرأ عليه في الوقت الذي كان الشيخ عبد الله بن سليم قاضيًا في البكيرية، ولما عين الشيخ عبد الله على قضاء بريدة ووصل إليها وجلس للتدريس قرأ عليه الشيخ عبد الرحمن، وكان ملازمًا للشيخين عبد الله وعمر، كما أخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن مفدا حتى عد رحمه الله من العلماء وهو شاعر مجيد، وهذه نماذج من شعره رحمه الله قالها جوابًا لبعض إخوانه:

لك الحمد اللهم في كل حالة

على نعم تسمو على عد حاسب

ومن بعده أزكي صلاة على الذي

أقام منار الدين في كل جانب

كذا آله مع صحبه ثم تابع

على المنهج الأسني عليّ المراتبِ

وسار على قصد عن الميل معرضا

ولم يثنه قول العداة الكواذب

وبعد فقد عم الفتور مع المنى

كذا العجز والتسويف في كل جانب

نقضي زمانًا بالمني ثم نرتجي

ونبغي ارتقاء للذرى والمراتب

وما ذاك إلا كالسراب بقيعة

يراه الذي يهواه عذب المشارب

وأسباب جلب العلم يعلم أنها

بعيد على أهل الفتور الخوالب

وأسباب حفظ العلم ليست خفية

فمن شاءها يلقى وليست غوارب (1)

فمنها الذكا والحرص مع ذا اجتهاده

كذا نصح استاذٍ وبلغة صاحب

وآفاته ضحك جدال مع المراء

كذا اغتصاب للهوى والمناصب

كما قد نهى المختار في غير موضع

فلا تعترض للنهي والمزحَ جانبِ

وقد جاءت الآثار في حظ فعله

فلا سيما منهم علي بن طالب

وليس به بأس إذا قيل قد روي

هداة عن المعصوم أزكى الأطائب

فسل ربك التوفيق والمن والهدى

لينجيك من نار عظيم اللهائب

* * * *

ويا راكبًا إن ما لقيت فبلغن

سلامًا على أهل النهى والمناقب

(1) هذا البيت فيه إقواءٌ.

ص: 434

ومن بعده أبلغه عني وصية

ونفسي وإخواني وكل مصاحبِ

على العلم فاحرص دائمًا في اقتنائه

فما بعده إلا الردى في العواقب

وأفن جميع العمر في غرس كرمه

ولازم تقى الرحمن والشر جانب

بمدح وحفظ للعلوم مع التقى

فتبًّا لعبد للعلوم مجانب

يحن إلى الدنيا ولذات أهلها

يري زهرة الدنيا عليَّ المناصب

ينافس مشتاقًا إليها وإنه

لفي غفلة قد غره فعل ناكب

حريصًا على جمع التلاد وكنزه

ويمنع حق الله في كل نائب

يرى فعل هذا من كثافة جهله

سلوكًا على نهج الهداة الأطائب

ويبغض أهل الحق والعلم دائبًا

ويمدح أهل الكفر من كل خائب

فلا تنتظر من قد سما عنك رتبة

وأعني به في المال لا في المراتب

كذلك اقنع بالرزق لا تطلب المرا

فإن الغنى بالنفس لا في المطالب

وأسأل رب العرش ذا المن والهدى

سلوكًا على سير الهداة الأطائب

أعني على الشيطان والنفس والهوى

وكل أمور الشر خبث المآرب

ومنهم الشيخ العالم الزاهد عبد المحسن بن عبيد العبد المحسن، نشأ نشأة صالحة، متفرغًا لطلب العلم، بل زاهدًا فيما سوى ذلك، فكان لا يعرف إلا المسجد له غرفة فيه وهو مسجد عودة الرديني الذي كان يعرف إبان أن أدركنا الأمور بمسجد الحميدي إضافة إلى الشيخ محمد بن صالح المطوع لأنه ظل يؤم الناس فيه نحوًا من ستين سنة.

وجدت لعبد المحسن العبيد ترجمة كتبتها بخطي عام 1364 هـ. بعد وفاته بقليل، وهي من تقييدات تاريخية ونقولٍ مختصرة وهذا هو نصها:

وفيها توفي الشيخ عبد المحسن بن عبيد بن عبد المحسن آل عبيد وكان أصوليًّا نبيهًا معتزلًا عن الناس جملة، دائمًا يقرأ ويطالع ويكتب في حجرته في

ص: 435

مسجد عودة الرديني، ولد رحمه الله سنة ألف وثلثمائة وسبعة عشر تقريبًا في بريدة وقرأ القرآن ولم يلعب كلعب غيره مع الصبيان، ثم أجلس على الشيخين الكريمين القاضيين عبد الله وعمر ابني الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، رحمهما الله تعالى، فقرأ عليهما بعض رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتاب التوحيد ثم نشأ مع الإخوان يبحث ويقرأ ويطالع ولما بلغ عمره تقديرًا 19 سنة أولع بالنسخ والنقل وتحرير الفوائد وتقييد الشوارد، فمن جملة ما نسخ من كتب المذهب الهداية لأبي الخطاب مجلدين، التنقيح للمرداوي مجلد، المحرر للمجد بن تيمية مجلد طبقات الحافظ بن رجب مجلدان، القواعد الفقهية لابن رجب، إلا قليلًا منها مجلدان، القواعد الأصولية لابن اللحام مجلد، الرعاية الصغرى لابن حمدان، مجلد، فيه إلى العتق، وغير ذلك من الرسائل والفوائد شيء كثير مثل كتاب النساء لابن الجوزي، والصواعق المرسلة وشرح الطحاوية، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، وجعلها خمسة وسبعين بابًا فقط.

وألف الهداية والإرشاد وهي جواب سؤال سأله عنه فهد بن عيسى.

وله رحمه الله تعالى نظم وقد حفظ القرآن عن ظهر قلب.

توفي رحمه الله في 17 ذي القعدة من سنة 1364 هـ ببريدة وصلي عليه بالجامع وكثر الجمع على جنازته، توفي وقت الضحى في أوله وصلي عليه الظهر بالجامع وشيعه من الخلق الكثير وصلي عليه بالمقبرة مرتين رحمه الله وقد رثيته بمرثية.

وكان عبد المحسن العبيد إلى ذلك شاعرًا وشعره من شعر الفقهاء، ولكنه من أفضل الشعر في عصره، لأن مستوى الشعر كان متدنيًا، ولا ينظمه وهو من الشعر الفصيح إلا طالب علم، ولابد من أن يكون طالب العلم متدينًا.

وقد نقلت من خطه طائفة من شعره منه هذه القصيدة التي نظمها قبيل

ص: 436

وفاته في عام 1364 هـ بأشهر قليلة:

تقضت ليالينا وضاعت حياتنا

فيا ضيعة الأعمار في غير حاصل

فوا أسفًا للعمر يمضي سبهللًا

بلا عمل يجدي على غير طائل

فآها على التفريط في زمن الصبا

وآها على فوت العلا والفضائل

ويا حسرتا كيف اطمأنت نفوسنا

إلى الميل للدنيا وكسب الرذائل

فذا الغبن كل الغبن يا قوم فاعلموا

ألا تعجبوا من ذا الردى والتكاسل؟

* * * *

فيا معشر الإخوان يا زينة الورى

ويا أنجم السارين من كل فاضل

ويا عصبة الإسلام هُبُّوا توكلوا

على الملك الأعلى لسرد الدلائل

ولا تدنسوا العلم الشريف بريبة

ولا تسئموا بث الهدى في القبائل

ولا تنفرط أيامكم بخسارةٍ

وميل إلى الدنيا على غير حاصل

ولا تعدلوا بالعلم والفضل والحجى

ولا تركنوا صحبي إلى كل باطل

ولا تركنوا يومًا إلى نحل الردى

ولا تسأموا تكرار درس المسائل

ولا تثقوا يومًا بصاحب بدعة

ولو حل في أعلى الذرى والفضائل

وإياكم الأهوا وكل رذيلة

وحب الثنا والمدح بين المحافل

عليكم بتقوى الله تنجو وترتجوا

ولا يثنكم في العلم بعض الشواغل

وأدوا حقوق العلم لله وحده

ولا تركنوا نحو الثنا والمآكل

فما أقبح التفريط من كل عاقل

وما أقبح الإعراض من كل فاضل

فجدوا عباد الله في طلب العلى

وهبوا من التفريط مع ذا التغافل

هلموا إلى علم الشريعة وانهضوا

ولا يثنكم عجز ولا عذل عاذل

هلموا إلى درس العلوم وحفظها

فدرس علوم الدين أسنى الفضائل

* * * *

ألا أيها الإخوان يا أنجم الدجى

ويا قدوة الأقوام بين المحافل

ص: 437

لقد خصكم ربي بخير فضيلة

فقوموا بها بين الملا في القبائل

فقوموا بها صحبي وأدوا لشكرها

وخلوا التواني مع فضول التكاسل

وما جاء عن خير الورى فاعملوا به

تنالوا غدًا صحبي رفيع المنازل

أليس من الخسران تضييع وقتنا

على غير ما تقوى، على غير حاصل

وحب الغواني واللذائذ، إنها

سفاه وتضييع لدى كل عاقل

أما آن أن نصغي إلى طلب العلى

ونعمر أطلال العلى والمسائل

نسرِّح أفكارًا لنا وفهومنا

ونبحث في علم الهدى بالمحافل

ولا سيما التوحيد أزكى علومنا

وننهض في كسب العلى والفضائل

ونعمر أطلالًا لقول مليكنا

كذا شرعة المختار بين القبائل

نشمِّر عن ساق ونصغي جميعنا

إلى طلب العليا بغير تكاسل

نقول بقال الله قال رسوله

وأهل الهدى والخير من كل فاضل

ولا ننثني إن لام باللوم عاذل

ولا نخش إرجاف الغواة الأباطل

فما العيش إلا طاعة الله وحده

وما الفضل إلَّا خوض بحر الفضائل

وما العلم إلا خشية الله والتقى

وما الفخر إلا بحثنا في المسائل

بجد وعزم واجتهاد ورغبة

لدى كل وقت في الضحى والأصائل

حياة بلا علم وفقه وحكمة

حياة بلا عز كحال الأراذل

وعلم بلا خوف وتقوى وخشية

وبال على الإنسان يوم التعامل

به يصعد الإنسان مجدًا وسؤددًا

به ينزل الإنسان أعلى المنازل

فطوبى لعبد جرَّد الصدقَ مخلصًا

وعام بحار العلم عذب المناهل

ولا سيما في ذا الزمان الذي به

بدت غربة الإسلام بين القبائل

به أظلمت أرجاؤها وترادفت

فنون البلايا والشقا والزلازل

وبادت رواة العلم من كل فاضل

وحل بها إحدى الدها والبلابل

وقد كسدت سوق العلوم بمرة

فعاد نسيًا بالبدور الأوافل

ودارت رحى الإسلام شاما ويمنة

بكى شجوه الإسلام بين القبائل

فلا آمر بالعرف لله مخلصًا

ولا زاجر عن ساقطات الرذائل

ص: 438

ولا صادع بالحق يرجو ثواب من

تقدس عن ظلم وعن كل باطل

* * * *

سلوا أيها الإخوان شرقًا ومغربًا

كذاك جنوبًا مع جهات الشمائل

أما في بلاد الله داع موفق

يجدد أعلام الهدي بالدلائل

أما قدرات عيناك قط مجددًا

يقيم اعوجاج الدين غير مماطل

ويعمر للسمحا ربوعًا تهدمت

ويكسو محياها جميل الشمائل

نؤم إلى واد ثوى فيه جهدنا

سراعًا على الأقدام نحو الفضائل

فيا مبدع الأكوان يا فالق النوى

ويا سامع النجوى بغير مماثل

بأسمائك الحسنى، بأوصافك العلى

بتوحيدك الأسنى أجل الوسائل

تفضل بنصر منك يا رب منجد

وغوث سريع عاجل غير آجل

وصَلِّ وسَلِّم كل حين ولحظة

على السيد المعصوم من كل باطل

كذا آله مع صحبه، ثم مَنْ قفا

على إثرهم من كل حَبْر وفاضل

ونقلتها من خطه رحمه الله، وكان أنشأها قريبًا من وفاته.

وهذه القصيدة للشيخ عبد المحسن العبيد شَطَّر فيها قصيدة الشيخ سليمان بن سمحان في غربة الدين:

على الدين فليبكي ذووا العلم والهدى

وأهل النهى والفضل من كل عالم

ويهموا دموعًا وكفها الدهر ماطر

فقد طمست أعلامه في العوالم

وقد صار إقبال الورى واحتيالهم

على جيفة الدنيا كشبه البهائم

فهمتهم طرًا جميعًا وركضهم

على هذه الدنيا وجمع الدراهم

وإصلاح دنياهم بإفساد دينهم

بما ليس يبقى أو يدوم لرائم

لهم همم مقصورة لبطونهم

وتحصيل ملذوذاتها والمطاعم

عادون فيها بل يوالون أهلها

من الحضر والأعراب بل والأعاجم

لقد هجروا الفرقان لا يعرفونه

سواء لديهم ذو التقى والجرائم

ص: 439

إذا انتقص الإنسان فيها بما عسى

يكفر يومًا ما جنى من مآثم

ويبقى له أجر عظيم مؤفر

يكون له ذخرًا آتى بالعظائم

وأبدى أعاجيبًا من الحزن والأسى

وباح بما يلقاه بين العوالم

يكاد يعض الكف من فرط غيظه

على قلة الأنصار من كل حازم

وناح عليها آسفًا متظلما

أيشكو آله العرش جزل المكارم

إذا ما ابتلاه الله رضى لسانه

وباح بما في صدره غير كاتم

فإما على الدين الحنيفي والهدى

وسنة خير المرسلين الأكارم

وما حل في هذا الزمان وقبله

وملة إبراهيم ذات الدعائم

فليس عليها حين اقفر رسمها

مصاب حزين نادبٌ بالمآتم

وليس عليها والذي فطر الوري

من الناس من باك وآس ونادم

وقد درست منها المعالم بل عفت

وحل بها إحدى الدها والقواصم

بكى شجوه الإسلام من بين أهله

ولم يبق إلا الاسم بين العوالم

فلا أمر بالعرف يعرف بيننا

ولا قامع للبغي من كل حازم

ولا غائر لله يبغى ثوابه

ولا زاجر عن معضلات الجرائم

فملة إبراهيم غودر نهجها

ومال الورى نحو اجتناء الدراهم

وطرق الهدى مهجورة ظل ربعها

عفاء فأضحت طامسات المعالم

وقد فقدت فينا وكيف سفت

عليها رياح الهجر بين العواصم

فكيف النجا كيف الخلاص إذا سفت

عليها السوافي في جميع الأقالم

وما الدين إلا الحب والبغض والولا

على منهج المعصوم صفوة أدم

لأهل التقى والخير من كل مسلم

كذاك البرا من كل غاوٍ، وأثم

وليس لها من سالك متمسك

ولا غائر يسطو بصولة عازم

يدين، بقال الله قال رسوله

بدين النبي الأبطحي ابن هاشم

فلسنا نرى ما حل في الدين وانمحت

رسوم الهدى من كيد أهل الجرائم

وقد حل فينا من وهى البين ما وهت

به الملة السمحاء إحدى القواصم

فنأسى على التقصير منا ونلتجي

إلى ربنا الرحمن أرحم راحم

ص: 440

فيا ليتنا قمنا بصدق ورغبةٍ

إلى الله في محو الذنوب العظائم

فنشكو إلى الله القلوب التي قست

فلا الوعظ يثنيها ولا لوم لائم

لقد سودت نار المعاصي بياضها

وران عليها كسب تلك المآثم

ألسنا إذا ما جاءنا متضمخ

خبيث خسيس من جفاة العوالم

جهول غبي معرض متلطخ

باوضار أهل الشرك من كل ظالم

نهش إليهم بالتحية والثنا

كأنهموا لم يرتعوا في المحارم

ونجلسهم أبهى المجالس

رفعة ونهرع في اكرامهم بالولائم

* * * *

وقد برئ المعصوم من كل مسلم

مقيم لدى الكفار تبًا لظالم

فيا ويل عبد قد تمرد واعتدى

يقيم بدار الكفر غير مصارم

ولا مظهر للدين بين ذوي الردى

وأهل الخنا والكفر من كل آثم

يبادر بالإنكار والبغض والقلي

فهل كان منا هجر أهل المآثم؟

ولكنما العقل المعيشيّ عندنا

مصانعة الفساق من كل ظالم

نري ضلة منا وجهلًا سياسة

مسالمة العامين من كل آثم

فيا محنة الإسلام من كل جاهلٍ

فآها على الأعلام من كل حازم

ويا قلة الأعوان من كل فاضلٍ

ويا قلة الأنصار من كل عالم

فهذا أوان الصبر إن كنت حازمًا

فيا غربة الإسلام بين العوالم

فإن كنت ذا عقل وقلبك مغرم

على الدين فاصبر صبر أهل العزائم

فمن يتمسك بالحنيفية التي

أتى مدحها بالذكر سامي الدعائم

فكم من حديث جاء في السُّنن التي

اتتنا عن المعصوم صفوة آدم

له أجر خمسين امرء من ذوي الهدى

بنص رسول الله صفوة هاشم

وأعني بهم أهل التقى قادة الوري

من الصحب أصحاب النبي الأكارم

فنح وابك واستنصر بربك راغبًا

لينصر هذا الدين من كل ظالم

وقم داعيًا، وانهض لكفك رافعًا

إليه، فإن الله أرحم راحم

ص: 441