الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1425 خمس سنوات، وأشهر ومازال متصلا، وأكثر علينا الناس في طلب تسجيلاته فكانوا يسألون عن الحصول على تسجيلات لحلقاته فأخبرهم أنني لا أعتني بذلك، ولا أهتم به، وهذا هو الواقع، وأحيلهم على الدكتور المشوح.
وأذكر أن الدكتور محمد المشوح بني له بيتًا واسعًا، بل قصرًا في شمال الرياض، وجعل فيه ما يشبه الندوة في مساء الثلاثاء من كل أسبوعين، وقد حضرت إحداها، وكان ضيفه الذي تكلم فيها هو الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وقد تكلم الوزير في الندوة التي حضرها جمع من العلماء والأدباء والإذاعة ورجال الصحافة.
ثم صرت ضيفًا على إحدى جلساتها بعد ذلك.
ثم تواصلت جلساتها واستمرت سنوات، وعرفت باسم (ثلوثية) المشوح، إضافة إلى كونها في مساء الثلوث وهو الثلاثاء.
ولم تكن مجرد مجلس علمي، بل كانت مجلسًا أشبه بمجالس الملوك يذبح فيها الأستاذ المشوح في كل ليلة (ثلوثية) أربع ذبائح إلى ست ذبائح، مع جميع ما يتبعها من فاخر الطعام، وغالي الشراب، مما تعجز عن السخاء به نفوس كثير من الأغنياء بل الأثرياء.
ثلوثية محمد بن عبد الله المشوح - الرياض 1421 ه
ـ:
لا شك في أن المنتديات العلمية لها نتائج طيبة عميقة في مد الجسور بين العلماء، وفي اجتماع طلبة العلم، وكان أسلافنا العرب لهم في ذلك القدح المعلي، فكان للوزير المهلبي مجلس علمي رائد كان من نتيجته تأليف كتاب (الأغاني)، ومنها مجالس سيف الدولة الحمداني التي تخرج منها المتنبي وأبو فراس والفارابي وابن خالويه وغيرهم من علماء اللغة والأدب.
وعرفت كتب الأدب والمسامرات العديد من تلك المجالس والمحاورات التي كان لها أثر بارز في إثراء تراث الأمة علمًا وثقافة وأدبًا.
وقد حظيت الرياض بنصيب وافر من المجالس العلمية تلك نظرًا لما تحتضنه من كنوز علمية وثقافية كبرى، ومن يقطنها من الأدباء والعلماء والمثقفين والمفكرين.
أما المشهد الأدنى القريب فقد عرفت منتديات مي زيادة وندوة العقاد، وكانت هناك مجالس عدة في القاهرة والشام والعراق وبعض دول الخليج، التي تعرف لدى بعضهم بالديوانيات تعج برواد الأدب وقمم المثقفين، بل إن مجلس (مي زيادة) الشهير يوم الثلاثاء بالقاهرة كان محضنا لعدد من الرموز الأدبية والروَّاد الكبار آنذاك.
وقد جاءت ثلوثية الدكتور محمد بن عبد الله المشوح وتنعقد كل أسبوعين في دارته في حي الغدير الواقع في شمال الرياض وهيئت الأسباب والإمكانات اللازمة لحضورها وضيوفها الكرام بالمكان والزمان مسهمة في تشكيل رافد من روافد الثقافة في بلادنا.
وقد كانت الفكرة في بدايتها هي إقامة مجلس ثقافي عام تستضاف فيه إحدى الشخصيات الثقافية والفكرية المعروفة من الذين لهم اهتمام أو مشاركة في العلم والأدب والفكر والثقافة متحدثا عن تجربته العلمية أو سيرة حياته الشخصية أو يتم اختيار موضوع سهل التناول والاستماع إليه من قبل الحضور.
ذلك أن التباين في الحضور من الضيوف يستلزم مراعاة الفوارق الفكرية والثقافية بعيدًا عن المحاضرات العلمية المتخصصة التي قد يكون روَّادها من المهتمين في ذلك الجانب العلمي فقط.
كما عنيت (الثلوثية) بالمستجدات الثقافية العامة والشأن والحدث الاجتماعي وسعت إلى استضافة بعض أولئك من لهم مشاركة أو الإسهام في تلك الشؤون.
وتسعى التلوثية إلى منحى آخر يتضمن رمزية الاحتفال والتكريم للشخصية التي تستضيفها عبر تقديمه للحضور وبيان سيرته الذاتية، وجهوده العلمية، وفي نهاية اللقاء يتم تقديم درع تذكاري له، بهذه المناسبة وتناول طعام العشاء.
كما دأبت الثلوثية على إتاحة أكبر قدر ممكن من المداخلات والتعليقات من قبل الحاضرين، إضافة إلى الاستماع إلى الأسئلة وعدم التردد في الطرح الجاد والمفيد.
مؤكدة - كما يقول الدكتور محمد المشوح على الأهداف التالية:
- السعي إلى تقديم وإعطاء الحضور زادًا معرفيا وثقافيا سهلًا، وعمارة المجالس العامة بتلك الفوائد والقلائد التي ينثرها الضيوف خلال حواراتهم ونقاشاتهم.
- لفت نظر المهتمين إلى عدد من المبرزين في العلوم الثقافية والاحتفاء بإنتاجهم وتكريم وتقدير جهودهم وخصوصًا من جيل الروَّاد الكبار.
- بث روح الحوار وتقريب وجهات النظر المتباينة حول بعض الرؤى والطروحات وتعويد الأجيال الناشئة على حسن الاستماع إلى الآخر وحسن الظن به وتلمس موضوع الصواب عنده وعدم التعالي عن قبول الحق وسماع المخالف.
- إشاعة روح الحراك العلمي والثقافي خصوصًا بين (المثقف) والشباب من خلال اللقاء الشخصي المباشر والمفتوح في جو تسوده روح الود والنقاش العلمي المؤصل وإبعاد أوهام الحساسية والندية والانكفاء.
- التأكيد على الهوية الثقافية الأصيلة لبلادنا المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع مدّ الجسور والتواصل مع الثقافات الأخرى والاستفادة منها بما يتماشى مع هويتنا ومبادئنا.