الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانت أم محمد تدعو وتقول (بالله جاك محمد وأمه، وخديجة بنت عمه
…
) وتكمل أهزوجتها بالدعاء له بطول العمر والإمامة والتمكين.
وقد حقق الله دعاءها فعاش رحمه الله أكثر من مئة عام حافلة بالبر والخير والعطاء، وكان وفيًا لمن حوله، فقد كان يضحي لخاله عبد الله كل عام منذ وفاته في عام 1402 هـ، وحتى العام الماضي، وكان منارة تبعث في جنباتها خيوط النور والإيمان والإخلاص للمحيطين به، ينطلق كل هذا من الزهد في الدنيا والبعد عن سلوكيات المصالح لألوانها وتشابكاتها المريبة والغريبة.
كما نشرت الجزيرة أيضًا مقالًا بعنوان:
(الشيخ محمد المشيقح كما عرفته عابدا زاهدا)
بقلم مشيقح بن حمود بن عبد العزيز المشيقح المشرف على مكتب مكافحة السحر والشعوذة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة القصيم، وذلك بتاريخ 4/ 27 / 2007 م هذا نصه:
الشيخ محمد المشيقح كما عرفته عابدًا زاهدًا:
هو الورع الفقيه الزاهد محمد بن عبد العزيز بن حمود المشيقح كبير أسرة آل مشيقح، ولد في بريدة عام 1328 هـ، نشأ بين أحضان والديه وإخوانه الكبار عبد الله وصالح وحمود - رحمة الله عليهم وتربى تربية صالحة، وفي سن التمييز تلقى القرآن الكريم وجوده على يد الشيخ صالح بن محمد الصقعبي والشيخ عبد العزيز بن صالح الفرج - رحمهما الله - وقد منَّ الله عليه بحفظه، ولما شب شرع في طلب العلم، فكان من أبرز مشايخه الشيخ عبد الله بن سليم، والشيخ عمر بن سليم والشيخ عبد العزيز العبادي، ثم الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد - رحمة الله عليهم أجمعين.
أما فيما يتعلق ببرنامج الشيخ اليومي فقد كان رحمه الله يبدأ يومه من بعد صلاة الفجر، حيث كان يجلس لتدريس الطلبة إلى ما بعد طلوع الشمس، ثم
يصلي ما كتب له ويعود لمنزله ويتناول الإفطار، ثم يرقد إلى الساعة الحادية عشرة تقريبًا، ثم ينشغل بالإطلاع بمكتبته إلى صلاة الظهر، وبعد صلاة العصر يحدث الشيخ جماعته في المسجد بما تيسر من أحاديث كتاب رياض الصالحين، ثم يذهب لمجلسه بمنزله لتبدأ القراءة عليه بأمهات الكتب، فقد لازمته بهذا الدرس قرابة الخمسة عشر عامًا حفظت عليه من خلالها القرآن الكريم، وقرأت عليه تفسير ابن كثير رحمه الله وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتابي زاد المعاد والجواب الكافي لابن القيم رحمه الله والبداية والنهاية لابن كثير رحمه الله وذلك إلى قبيل آذان المغرب.
ثم يذهب الشيخ للصلاة وقبيل صلاة العشاء يحدث الناس كعادته في المسجد إلى أن تقام الصلاة، ثم يذهب لمجلسه ويستقبل زائريه لتبدأ القراءة في السيرة النبوية العطرة من قبل ابن أخيه الشيخ المعروف علي بن عبد الله المشيقح إمام وخطيب جامع السادة، وكان رحمه الله يتأثر كثيرًا بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح، علما أن هذه القراءة مستمرة ومألوفة بمنزل الأسرة منذ أكثر من خمسين عامًا.
وكان الشيخ رحمه الله تهجد في كل ليلة منذ أن بلغ الحلم إلى أن مات رحمه الله فقد لازمته بالحضر والسفر ما رأيت مثله، كان مدرسة في الزهد، وكان رحمه الله مشتاقًا للقاء ربه عازفا عن الدنيا، مداومًا علي طاعة الله، جل همه العبادة لا يفتر لسانه عن ذكر الله، إمامًا لمسجد المشيقح بعد أخيه عبد الله منذ عام 1391 هـ - أي قرابة سبع وثلاثين سنة، قلبه معلق بالمساجد، يفكر في أوقات الصلوات الخمس، لا يكاد ينتهي من فرض إلَّا ويستعد للفرض الآخر، يختم القرآن بأكمله كل ثلاثة أيام، مجالسه عامرة بالذكر والقراءة والعلم، يكره الغيبة والنميمة في مجلسه.
يصوم الاثنين والخميس وأيام البيض، ولم يسافر إلَّا لحج أو عمرة وللرياض فقط لزيارة مشايخ أو أقارب، أو علاج، محبًا لولاة أمره ويدعو لهم كثيرًا ويقول: بصلاحهم تصلح البلاد والعباد.
وكان رحمه الله صاحب الكرم المعروف والباب المفتوح، يقدم إليه الزائر من الأسرة وغيرها، يأتي إليه بمجلسه أعيان ومشايخ المنطقة كما يستضيف الفقراء والمساكين وذوي الحاجة، قال عنه الأمير ممدوح بن عبد العزيز أثناء زيارة سموه له بمنزله:(لا أصدق أنه يوجد في هذا العصر مثل هؤلاء) - يقصد الشيخ محمد المشيقح والشيخ عبد الله الحسين.
وكان سماحة الوالد عبد العزيز بن باز رحمه الله أثناء زيارته لمدينة بريدة يصلي خلفه ويسمع لحديثه ويثني عليه كثيرًا، وقد أحبه فضيلة الشيخ صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى كثيرًا وزاره في منزله، وكان من المتابعين لصحته أثناء مرضه، وأنس بزيارته الشيخ عائض القرني وأهدى له كتبه.
وقد أثنى الشيخ سلمان العودة على زهده وورعه، وزاره الشيخ سعود الشريم إمام الحرم ودعا له، وتوفي رحمه الله بعد صراع مع المرض دام قرابة العام، وتوفي مساء يوم الأحد الساعة السادسة والنصف، وصلي عليه ظهر يوم الاثنين ربيع الأول بجامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليدفن بمقبرة الموطأ ببريدة، وحضر جنازته جمع غفير من أهل الخير ومحبيه، فرحم الله الجميع.
وقد رثاه الشيخ محمد بن حمد بن إبراهيم العويد بمرثية مطولة، قال:
فهذه مرثية في الشيخ: محمد بن عبد العزيز بن حمود المشيقح، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته، أنشأها الفقير إلى الله تعالى، محمد بن حمد بن إبراهيم بن محمد العويد، غفر الله له ولوالديه ولمشائخه ولجميع المسلمين .. آمين.
وفقت في طلل جنب الأثيلات
…
أكفكف الدمع من وجد ولوعات
عهدت في الحي آراما لعبن به
…
والخود تسحب ذيلا في مسرات
واليوم أضحت يبابًا في مساكنها
…
يصوت البوم في تلك البنايات
دع ذكر دعد وميّ والتي ذكروا
…
خود برهومة تلك النسيبات
واذكر فراق أولي التحقيق من فقدوا
…
فينا تباعًا فيا عظيم المصيبات
واذكر مصاب أولي التحقيق في
…
رجل نال المكانة فينا والمودات
أذري الدموع على الخدين من لهف
…
لحادث هالني وقت العشيَّات
فالدمع يجري على خدي من وله
…
والقلب مضطرم يُكوى بجمرات
أبيت في الليل في هم وفي حزن
…
على فقيد كريم في المهمات
سهرت في سهد وقمت في فزع
…
مسترجعًا قائلًا نص الدلالات
إنا إلى الله إنا راجعون له
…
في كل أمر وذا نص السنيات
يا رب فاجبر مصابًا في محبته
…
قال الرثاء بمأمون السريرات
محمد مات نرجو الله يرحمه
…
يا رب بوئه في الجنات غرفات
شيخ مضى طاهر الأخلاق متبهلًا
…
يدعو إله الوري دوم الضراعات
لا تعذلن محبًا في مودته
…
بكى عويلًا على أهل الكرامات
فالخطب جل ورب الناس يجبرنا
…
على فراق الذي حاز الدرايات
رزءٌ عظيم هوت كل القلوب له
…
يا رب فالطف بنا في جمع أشتات
قلبي يذوب ونفس الصبّ يا أسفي
…
على رحيل الذي يروي الروايات
فاسمع قراءته إن كنت جاهلة
…
فالقلب يخشع في تلك التلاوات
وطاهر الثوب فيه عفة وتقي
…
لم ينتظر مدحة من ذي الخليقات
يا رب أنزله في الفردوس منزلة
…
أكرمه أسكنه في أعلى المقامات
قد كان صابر للرحمن محتسبًا
…
يردد الحمد في كل المجالات
يبشّ عند اللقا تلقاه متبهجًا
…
أصفى لأهل الهدى من دون إعنات
وهيّن لين لا الغش يعزفه
…
والمكر يبغضه حسن السجيات
ومن قروم لهم في الخير منزلة
…
بالأصل قد عرفوا أهل الديانات
فيا سليل العُلا نسل الهمام فما
…
يخفى على الكل وقاب الجزيلات
عبد العزيز الذي فاقت خلائقه
…
نسل المشيقح معروفًا بهمّات
فكان للعلما ردءًا وللأمرا
…
نصحا ويدعو لأرباب الولايات
وكان للفقراء عونًا وللغربا
…
أنسًا وكان وصولًا للقرابات
بمجلس الشيخ تلقاه يؤنسهم
…
فمن حديث وأوصاف حميدات
مواليا لأهيل الحق قاطبة
…
يا رب أعقبه دومًا بالمسرَّات
بني لكم طود مجد شاده سلفًا
…
تعاهدوه بأعمال جليلات
آل المشيقح قد كانت أوائلكم
…
يولون أهل التقى من كل خيرات
سيروا على نهجهم أحيوا لدرسهم
…
توجهوا نحو علم الشرع نجدات
لا ترغبوا عنه إن العلم أشرف ما
…
سعى له المرء في كل المجالات
فيه النجاة وفيه العز مرتهنّ
…
فاطلبه مجتهدًا دع البطالات
آل المشيقح إن الله خصكموا
…
بالفضل دوموا على خير وطاعات
الدين قدمكم والله سائلكم
…
عن كل أمر فقوموا بالمشورات
بالله فاعتصموا لله فاجتمعوا عليه
…
فاتكلوا أهل الإرادات
أما الفقيد فإن الله سلمّه
…
من كل سوء نراه رهن أوقات
قد كان بدرًا منيرًا في مساجدنا
…
فالله يسكنه في وسط جنَّات
إن شئت أن تلقه في وسط مسجده
…
عمارة الوقت في ذكر وطاعات
ابكي على الذاكر القوام في سحر
…
أبكي على القارئ التالي لآيات
أبكي على القانت الصوام مجتهدًا
…
يبادر الوقت من قبل المنيّات
ومن تلاميذ أعلام النا سلفوا
…
آل سليم لهم أعلى المقامات
فشيخه الشيخ عبد الله من شهدت
…
له الخليقة في علم وإخبات
وشيخه عمرٌ من كسان ذا ورع
…
وفي فصاحته علم بإثبات
ملازمًا لدروس العلم يعمرها
…
لم تلهة الدار عن ذكر المنيَّات
قد كان بالعلم موصوفًا ومتصفًا
…
دون ادعاء ودعوى للجهالات
العلم مع عمل والزهد مع ورع
…
والحلم مع فطن في كل ساعات
كذا العبادي من كانت بصيرته
…
أربى على كل أرباب الفصاحات
شهم سُميدع لم يحفل بطائلها
…
وهمه العلم تحصيل الإفادات
يا شيخ أثكلتنا من ذا يؤنسنا
…
ومن يسائل عنا في المغيبات
تلقى التواضع مع لين لجانبه
…
لا الكبر يعرفه ولا الممارات
يا شيخ إني لأبكي حين أفقدكم
…
وأنت في رحلة تبقى سويعات
فكيف لما رحلتم مثل سابقكم
…
أبقيتموني رهينًا وسط حسراتي
أبكي عليك ودمع العين يغلبني
…
والهم يحرق قلبي مع حشاشاتي
أبكي عليك وكل الصحب قد نشجوا
…
دمع المحاجر مشفوعًا بآهاتي
كانت مجالسنا بالأنس عامرة
…
واليوم أضحت خلاءً من قراءات
هذا وحدثني شيخ له قدم
…
عنه باول عمر في الهدايات
أيضًا وأثنى عليه الشيخ عالمنا
…
فهد العبيد بأخلاق مضيئات
شيخي وحبي الذي لازمت حضرته
…
عقدين زادت بخير في الزيادات
يحب أهل التقى يبغض لضدّهم
…
فمن ظلوم جهول مجرم عاتي
سليم قلب من الأضغان أو حَقد
…
يدعو لمن ندّ دومًا بابتهالات
إني لأذكره دومًا فاشكره
…
أفادني عن شيوخ العلم مرَّات
معمر في التقى لا الهزل يملكه
…
بالجد عاش ولا يرضى الإهانات
وخاشعًا ضارعًا تجري مدامعه
…
من خشية الله في وقت المناجاة
وطاهر القلب من غش ومن دغل
…
سلامة عرفت منذ البدايات
إذا ذكرت له في العلم فائدة
…
تلقي حريصًا على كل الإفادات
سبحان من خصَّه بالفضل في زمن
…
تكالبت فيه أرواح المجارات
شيخ بهيّ وقور في تقشفه
…
تري به القوم من أهل الحكايات
زهد وعلم وتوحيد ومعرفة
…
ودعوة وهدى تلقى البصيرات
فيه التقى والصفا مع حسن معتقد
…
مع الوفاء وأخلاق بهيّات
لهفي على الشيخ من وجد ومن كمد
…
لهف المحب على أهل الكمالات
فشيخنا الشيخ من كانت مودته
…
لله أعني به بدر الدجنَّات
فهد العبيد الذي ما كنت أذكره
…
حتى تسيل دموعي من صباباتي
فشيخنا عجب في كل سيرته
…
في الصبر يحنو على كل القرابات
يملي المواعظ عن علم ومعرفة
…
يمضي بحدث عن أهل المصافات
أما إذا ذكر الأشياخ من سلفوا
…
تراه ينشج شوقًا للمنيرات
يا لوعتي من فراق الصحب كلهم
…
أبكي على طلل دون الثنيات
أبكي على زمن كنا نسامرهم
…
في العلم والذكر تارات وتارات
إني لأذكرهم جمعا فأندبهم
…
لما رأيت سواهم في البطالات
فليلهم مشرق في حسن بهجتهم
…
لما خلوا فيه حقًّا بالمناجاة
أما النهار تراهم في تعاملهم
…
في الصوم والوعظ حقًّا والزيارات
فكلهم قد مضى والعلم ديدنه
…
ما كان يشغل إلَّا بالعبادات
يا لهف نفسي عليهم قمت أندبهم
…
أمسي وحيدًا أنادي باستغاثاتي
يا رب ألحق محبًا في محبتهم
…
يرجوك ترحمه عند الموافاة
وأن تمتعه دهرًا تثبَّته
…
على الصراط إلهي بالمعافاة
يا رب أسكنهم الفردوس عاليهُ
…
وارفع منازلهم في وسط روضات
ثم الصلاة على المختار سيدنا
…
محمد المصطفى من ذي البرايات
والآل الصحب ما ناحت مطوقة
…
تبكي على الإلف في أفنان إيكات
ومنهم الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد العزيز بن حمود المشيقح، إمام مسجد السليم في بريدة.
ولد في عام 1326 هـ.
وطلب العلم في أول عهده كما هي حال أكثر أبناء المشيقح، ثم سافر إلى البحرين وعاد إلى المملكة فصار من كبار رجال المال والأعمال الذين يتلقون البضائع من خارج بريدة فيبيعونها، وبالعكس فصار عنده عمل تجاري كبير، وصاهر أسرة القصيبي.
وكان مترفًا متمتعًا بالحياة.
حدثني أحمد بن محمد العبدان، قال: كنت كاتبا في أول أمري وأنا صغير عند سليمان بن عبد الله المشيقح فكنت أكل معه من أجل كتابة ما يحتاج إلى كتابة في تعامله وتجارته، ومراسلاته التجارية في مدن المملكة الأخرى.
ولم يكن بيني وبينه عقد أو ما يشبه العقد كالمعتاد، وإنما كان عيشه عيشًا رخيًا فكان غداؤه الذي أتناوله معه رزًا وسمكًا وعشاؤه مطازيز علي لحم غنم، وفقع.
ولكن الذي أقلقني أنني ليس لي راتب معروف، وقد فاتحته بالأمر، فقال لي: هذا الذي عندي، إذا لم يعجبك هذا تقدر تترك العمل عندي.
قال: فلم أستطع أن أترك هذا العيش الرغيد عنده، حتى سافرت إلى الرياض.
قال: كان ذلك في حدود عام 1357 هـ.
وكان سليمان بن عبد الله المشيقح كريمًا لا يستطيع أن يمسك النقود، لذلك تفرقت تجارته، فالتحق موظفًا بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برئاسة الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ في الرياض وقد توفي في 29 من شعبان عام 1419 هـ.
قال الشيخ إبراهيم العبيد في تاريخه:
وممن توفي فيها الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد العزيز المشيقح وعمره حين وفاته 87 عامًا في مدينة بريدة، أخذ عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم، وأخذ عن الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي، وكان تأليا لكتاب الله، جهوري الصوت، ونال وظائف في خدمة الدولة آخرها إمامة مسجد ابن سليم في جنوبي بريدة، وكان شجاعا كريمًا، غفر الله له وعفا عنه.