الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناسبة، وكان ابن عمتي عبد الله بن محمد العبدان قد أهدى إليَّ مشلحًا ولوالدي مشلحًا منه منذ 4 سنين، ولكن مشلحي قد صار قديمًا قد فسد زريه.
ولم أكن أملك آنذاك شيئًا عدا قطعة أرض في نفود الخبيب الشرقي، كان الأمير ابن فيصل قد أقطعني إياها قبل سنتين.
فذهبت إلى المشيقح في دكانهم وطلبت منهم أن يدينونني طاقة خام ثمنها في السوق نحو أربعين ريالًا، مع فائدتها التي هي 10% يصبح نحو 44 ريالًا على أن أرهن عندهم الأرض التي أملكها، فامتنعوا من قبول ذلك.
وقال لي عبد الله المشيقح: الأرض ما نبيها ولا ندينك إلَّا إذا كفلك أبوك إنك إذا ما دفعت المال بعدما يحل عقب سنة يدفعه هو.
فأخبرت والدي بذلك فكفلني واستدنت منهم طاقة الخام وبعتها واشتريت بثمنها مشلحًا.
وبعد فترة قصيرة جاءني من شيخنا الشيخ عبد الله بن حميد ريالات ستة، وهي مخصص شهري من الملك عبد العزيز لطلبة العلم، ثم عرض عليَّ أستاذنا عبد الله بن إبراهيم بن سليم وظيفة مدرس في بريدة فأوفيت المشيقح دينهم القليل، ولم أستدن غيره بعد ذلك ولله الحمد.
حديث صحفي:
أجرت مجلة الدارة حديثًا شيقًا مع حمود بن عبد العزيز المشيقح، بل هو مفيد لأنه يذكر أمورًا لم تسجل ولا يعرفها إلَّا مثل حمود بن عبد العزيز المشيقح هذا.
ومما يجدر ذكره أن (آل مشيقح) يعتبرون من أقرب المقربين للملك عبد العزيز من أهالي نجد لأن الجميع كانوا مع المشايخ ضد ابن رشيد، وكان (آل مشيقح) أثرياء فكانوا يقرضون الملك عبد العزيز كلما احتاج إلى دراهم ويعوضهم عنها، من ذلك صارت لهم معرفة به خاصة.
ويوم أن خرج أمير بريدة محمد بن عبد الله المهنا عن طاعة الملك عبد العزيز في عام 1326 هـ. وأعلن أنه سوف يستقل بالقصيم وحارب الملك عبد العزيز كان الأمر مشكلًا على ابن مشيقح، فلا يمكن أن يحارب عبد العزيز بن سعود ولا يمكن أن يحارب جماعته أهل بريدة، قال لي ابنه عبد الله: اختار أبي البعد عن هذه الفتنة فانتقل إلى عنيزة طيلة الحرب، واعتزل فيها حتى انتهت وعادت بريدة إلى الملك عبد العزيز بمساعي جماعة أهل بريدة المخلصين له مثل الشريدة والجربوع، وكان قائد ذلك كله الزعيم محمد بن عبد الرحمن الشريدة رحمه الله، كما تقدم.
وقد رأيت أن اللقاء الذي أجرته مجلة (الدارة) دارة الملك عبد العزيز جدير بأن يذكر ملخصه هنا:
قال حمود بن عبد العزيز المشيقح:
عندكم تمر؟
جاءنا الملك عبد العزيز سنة 1322 هـ، ونزل في هذا البيت الذي نحن الآن فيه، جاء من ناحية الصباخ لأنه ما كان يقدر أن يجيء من شرق القصر ومن جهة رجال ابن رشيد وابن رفعه، وكان الرجال هنا ينتظرونه للغداء، ولما جاء وصل متأخرًا وإذا الناس قد تغدوا.
قال له الحاضرون: يا طويل العمر نحن، والله، قد تغدينا.
فقال عبد العزيز: عندكم تمر؟ نحن منذ طلعنا ما شبعنا تمرًا.
قالوا: عندنا تمر.
وجلس هنا، وابتاعه، كان كلامه يوسع الصدر، وبعد هذه الزيارة توطدت معرفتنا معه.
لا يبتغي شيئًا:
معاملة الملك عبد العزيز هي الدافع وراء المساعدات التي قدمها له بعض الناس، فنحن قد أعطينا بعض بني أخيه وأخاه محمدًا غفر الله له وغيره، ومنهم من كان يتأخر، أما الملك عبد العزيز فيسدد ويسوق السداد عنهم، وكان يقول: كل ما تعطونه لهم فهو علي، إن معاملته طيبة فهو ما يبتغي شيئًا من أحد.
وفي سنة من السنين جاءنا راعي أبها من آل عايض سنة 1338 هـ. وجاء الملك عبد العزيز وقال للوالد: سلفونا ثلاثة آلاف (3000) ليرة وأحولكم على الكويت.
قال الوالد: وايش تبغي بها؟
قال عبد العزيز: ألف ابتغيها للعائض، وألف أعطيها لشلهوب لينقضي (1) بها حاجاتنا، وألف أعطيها لابن رميح ثمن أباعر اشتريتها منه.
قال الوالد: من جهة منصور الرميح فهو قد يمم الكويت، ومن جهة الألفين الأخرين فسأعطيك إياهما.
وقال أبي: عندما جئت بها له أخذها وحطها تحت مركاة (2)، ويقول صالح بن عذل راعي الرس - وهو رجل طيب: عندما دخلت على عبد العزيز رفع عن المبلغ وقال: شف اليوم أنا تاجر.
يستأنس في بريدة:
كان الملك عبد العزيز يتردد على بريدة، ويبطئ فيها لأنه يستأنس في بريدة، ثم إنه تزوج عدة زوجات، ناسب ابن دخيل، ثم ناسب الربدي، وناسب الخيلة (أبا الخيل) في مرة كان يحكي عند الشيخ عمر مع الجماعة، والتفت فإذا
(1)(قضى) حاجته بالنقود اشتراها بها، وشلهوب هو محمد بن صالح بن شلهوب المسئول عن التموين للملك عبد العزيز آنذاك.
(2)
المركاة التي يتكي الجالس عليها.
ابنه سعود يحكي مع أحد الصغار، فقال الملك عبد العزيز لسعود: أنا الآن أحكي عليكم، والذي أحكي عليهم معي يعرفون الذي أحكي به، فأنا وهم واحد لكن أبغى منكم أنتم أن تفهموا.
تركي:
وأول ما جاءنا تركي بن عبد العزيز جاء ومعه مكتوب لوالدي من الملك عبد العزيز، يقول فيه: يا أبا حمود انظر سيرة الابن تركي، وأبغي منك ألا تخفي علي شيئًا، فإن كانت سيرته زينة فهي لنا، وإن كانت شينة فهي علينا.
وقد كتبنا له أن سيرة تركي طيبة وما مثلها سيرة، ثم إن تركي تزوج في بريدة ثم جاءنا ثانية وتزوج أي أنه تزوج مرتين.
نسيبي أزين من نسيبك:
ناسب عبد الله بن جلوي ابن عيدان إذ تزوج ابنته، وأما الملك عبد العزيز فكان قد ناسب ابن دخيل، والطرفان أجاود أخيار.
وفي مرة قال الملك: نسيبي ازين من نسيبك؟
فرد عبد الله بن جلوي: لا، لا، نسيبي أنا أزين من نسيبك.
قال الملك: لا، لا، نسيبي أزين من نسيبك.
وفي أثناء هذا الكلام دخل عليهم سليمان بن عيسى وهو مدفع (1)، وحديثه جذاب، فقالوا: هذا ابن عيسى رجل سوي (2)، فليكن واسطة بيننا، ثم سألوه وقالوا: يا سليمان: أيهما أطيب ابن عيدان أم ابن دخيل؟
(1) رجل مدفع، أي مقدام.
(2)
السوي: العدل.