المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المُطْلَق: بضم الميم فطاء ساكنة فلام مفتوحة وآخره قاف. من أهل بريدة - معجم أسر بريدة - جـ ٢٠

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌المْشَوِّح:

- ‌ثلوثية محمد بن عبد الله المشوح - الرياض 1421 ه

- ‌ضيوف الثلوثية:

- ‌العود إلى ذكر الثلوثية:

- ‌شعراء من المشوِّح:

- ‌المِشْوط:

- ‌المْشَيطي:

- ‌عائلة المشيطي:

- ‌وثائق للمشيطي:

- ‌المشيقح:

- ‌انتقال الأسرة إلى بريدة:

- ‌أصل المشيقح:

- ‌رحيل أوائل (المشيقح) من أشيقر إلى عنيزة:

- ‌أبناء عم المشيقح:

- ‌معنى اسم (مشيقح):

- ‌شخصيات المشيقح:

- ‌حمود بن مشيقح الأول:

- ‌أنموذج من مداينات حمود بن مشيقح الأول:

- ‌عبد الله بن مشيقح الأول

- ‌نهاية الكلام على عبد الله بن مشيقح الأول:

- ‌إبراهيم بن عبد الله بن مشيقح (الأول)

- ‌سليمان بن علي المشيقح

- ‌عبد العزيز بن حمود المشيقح:

- ‌وطالب العلم:

- ‌كثرة أمتلاك العقارات:

- ‌رسائل إلى عبد العزيز بن حمود المشيقح:

- ‌الشيخ عبد العزيز الحمود المشيقح:

- ‌دائن يتنازل عن دينه:

- ‌وصية الشيخ عبد العزيز بن حمود المشيقح:

- ‌المشيقح وطلبة العلم:

- ‌ مسجد المشيقح

- ‌عبد الله بن عبد العزيز بن مشيقح:

- ‌أنموذج من خط الشيخ عبد الله بن عبد العزيز المشيقح:

- ‌ذكر شيء من نباهة المترجم وسياسته:

- ‌ترجمة الشيخ عبد الله بن مشيقح بقلم ابنه:

- ‌الشيخ عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله:

- ‌حمود بن عبد العزيز بن مشيقح

- ‌حديث صحفي:

- ‌كفرنا بك وآمنا بالله:

- ‌متوكل على الله في الأرض والسماء:

- ‌الحمار والسيارة:

- ‌ما من علم:

- ‌دقائق حاسمة:

- ‌مع روزفلت:

- ‌الجهاد والمالية:

- ‌المكائن:

- ‌البرقية والقرش والريال:

- ‌خاتمة:

- ‌كتاب عن حمود بن عبد العزيز المشيقح:

- ‌صالح بن عبد العزيز بن حمود المشيقح

- ‌الشيخ صالح بن عبد العزيز:

- ‌لقاء مع الشيخ علي بن إبراهيم المشيقح:

- ‌لقاء مع فضيلة الشيخ علي بن إبراهيم المشيقح:

- ‌وفاة الشيخ علي بن إبراهيم المشيقح:

- ‌الشيخ المشيقح إلى رحمة الله:

- ‌محمد بن عبد العزيز بن حمود بن مشيقح:

- ‌عميد أسرة المشيقح إلى رحمة الله:

- ‌(الشيخ المشيقح، نجم أنطفأ من سماء بريدة)

- ‌(الشيخ محمد المشيقح كما عرفته عابدا زاهدا)

- ‌تأثير المال والجاه:

- ‌جوار المشيقح:

- ‌شعراء من المشيقح:

- ‌قصيدة في آل مشيقح:

- ‌المؤلفون من أسرة المشيقح:

- ‌أئمة المساجد من المشيقح:

- ‌علي بن عبد الله بن عبد العزيز المشيقح:

- ‌سليمان بن حمود بن عبد العزيز المشيقح:

- ‌ حلق العلم

- ‌محمد بن عبد العزيز بن حمود المشيقح:

- ‌المصارع:

- ‌المْصَلَّط:

- ‌المصيطير:

- ‌المِضْحي:

- ‌المْضرِس:

- ‌المْضَيَّان:

- ‌معلومة:

- ‌الشيخ عثمان بن حمد بن مضيان:

- ‌الشيخ عثمان المضيان:

- ‌الشيخ عبد العزيز المضيان:

- ‌رحلة العلم الشريف:

- ‌ترجمة الشيخ عبد العزيز بن محمد المضيان:

- ‌وثائق للمضيان:

- ‌وثائق تتعلق بالمضيان:

- ‌إحسان عبد الله بن مضيان من أهالي بريدة:

- ‌كرم وإحسان شامل:

- ‌المُطْرِفي:

- ‌المُطْلَق:

- ‌المرثية:

- ‌وثائق المطلق:

- ‌ المطلق

- ‌ المطلق

- ‌ المطلق

- ‌المْطَلِّق:

- ‌المْطَوَّع:

- ‌وثائق المطوع:

- ‌الشيخ محمد بن صالح بن سليمان المطوع:

- ‌محمد الصالح المطوع من بريدة:

- ‌ المطوع

- ‌المطوع:

- ‌المطوع:

- ‌المطيري:

- ‌المطيويع:

- ‌أحد المكرمين في مهرجان بريدة الترويحي:

- ‌الشبكة ريحت الناس:

- ‌بئر العزيزية:

- ‌عين الجردة:

- ‌آبار في الخضر:

- ‌منيرة المطيويع في ذمة الله:

- ‌المْطَيِّع:

- ‌المظهور:

- ‌المعارك:

- ‌أسرة المعارك:

- ‌الشيخ عثمان بن الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن معارك:

- ‌عثمان بن عبد الله بن معارك من بريدة:

- ‌معالم الدار:

- ‌المربي الشيخ عبد الله البراهيم المعارك:

- ‌نساء شهيرات من آل معارك:

- ‌وثائق المعارك:

- ‌أئمة مسجد:

- ‌المعْتَق:

- ‌قصة والدي مع سعفاء ذلوله الغالية:

- ‌شعراء من المعتق:

- ‌وصية علي بن محمد بن معتق:

- ‌المِعْتق:

- ‌المْعَثَم:

- ‌المِعْجل:

- ‌المعلى:

- ‌المعيلي:

- ‌المعيوف:

- ‌المْعَيِّي:

- ‌المْغَيْص:

الفصل: ‌ ‌المُطْلَق: بضم الميم فطاء ساكنة فلام مفتوحة وآخره قاف. من أهل بريدة

‌المُطْلَق:

بضم الميم فطاء ساكنة فلام مفتوحة وآخره قاف.

من أهل بريدة وكانوا قبل ذلك في خب الخضر جنوب بريدة كما كانوا من أهل القصيعه.

وكنت فهمت أن نسبها يرجع إلى عنزة، إلَّا أنهم أكدوا لي أنهم من شمر، وهم أعلم بهذا وأمثاله من غيرهم.

وذكر نسبها هي وأمثالها هنا مهم لأنه ينفع في التعريف بها إذ هناك مطلق آخرون من شمر ومن غيرهم، فيفيد التعريف بالقبيلة التي ينتسبون إليها هنا كما قال الله تعالى {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} .

منهم الشيخ الشهير والسخي الكبير بل الذي سارت بسخائه الركبان، وصار حديث أبناء الزمان علي بن محمد بن صالح المطلق الذي شغل مناصب عديدة منها وظيفة (المدير العام) لهيئات الأمر بالمعروف في نجد والمنطقة الشرقية.

اشتغل بتجارة الأراضي فكسب شيئًا طيبًا ثم كسدت الأراضي مرة فخسر كل ما لديه من دون أن يبيعها، ولأنها أصبحت لا تساوي رأس مالها ثم عادت إلى القيمة وظلت في ارتفاع فكسب منها مكاسب كثيرة.

وقد استعمل ثروته في الكرم المتمثل بإغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج والكرم في الضيافة الذي لا يكاد يتصوره الإنسان.

أذكر أنني زرت الرياض مرة وكنت آنذاك في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة فدعاني إلى الغداء في ذلك اليوم فاعتذرت بموعد سابق فقال: بعد غد، وأرسل إليَّ سيارة حملتني من فندق كنت فيه في الرياض، وكان قال لي: إن الغداء سيكون في بستان لي خارج الرياض، فقلت: هذا جيد.

ص: 381

وكنا في الصيف وأوان نضج العنب.

عندما وصلت إلى بستانه استقبلني هاشا باشًا ولكنني لاحظت أن هناك العشرات من الناس معهم أطفالهم، ولم أفهم أن يحضروا بأطفالهم، وقد عرفت السر بعد ذلك إذ صاروا يأخذون عناقيد العنب من البستان بالعشرات وصاروا هم وأولادهم يقطفونها (كل يده له)، وقال لي زميلنا في الجامعة الأستاذ عبد الله الباحوت، وكان عمل مع الشيخ علي المطلق: إن بعض الناس يأخذون أيضًا من العنب أو من الثمرة الموجودة كالرطب والتمر إلى بيوتهم بمقادير معينة، ولا أحد يعترض على ذلك لا من الشيخ علي ولا من الذين يعملون معه، سواء أكانوا خدمًا له، أو أقارب له من جهة الأسرة.

والشيخ علي المطلق قلت في حاله وكرمه ما قلته في حال أبي سليمان السفير محمد الحمد الشبيلي وكرمه وهو أنهما يعطيان دليلًا ملموسًا على أن ما كنا قرأناه في الأدب العربي عن كرم الكرماء وعطائهم هو حقيقة لم يمحها الزمن.

الآن بعض الناس لا يتصور الكرم كما كان عند القدماء حتى يرى ما يكون عند المعاصرين.

ومع كرم الشيخ علي المطلق فإنه طالب علم معروف كان من طلبة العلم المعروفين المشهورين قبل أن يعمل بالتجارة وكانت له صلات قوية بالمشايخ وبخاصة آل الشيخ في الرياض، وأخصهم به هو الشيخ عمر بن حسن رحم الله الجميع.

وجده صالح المطلق كان من أصدق الأصدقاء لوالدي رحمه الله، وكنت أذكره يقضي مع والدي وقتا طويلًا في الأحاديث الغريبة والأخبار والنوادر.

توفي في عام 1367 هـ فيما أذكر الآن.

ص: 382

ولديه قصص ونوادر كان يحكيها لوالدي رحمهما الله في المناسبات منها: أنه مرة رأي نملة تأتي على قطعة صغيرة من الطعام ملقاة في الأرض لا تستطيع حملها قال: فتركتها وذهبت فخيل إليَّ أنها ستعود فأخفيت قطعة الطعام ثم عادت النملة بالفعل ومعها نملتان أخريتان فدارت معهما في مكان القطعة قليلًا ثم رجعت النملات الثلاث جميعًا.

قال: فوضعت قطعة أكبر منها قليلًا فعادت نملة واحدة أظنها هي النملة الأولى ودارت حولها ولم تستطع حملها فتركتها وذهبت ثم عادت ومعها ثلاث نملات أخريات وفهمت من ذلك أنها أحضرت النملات الثلاث من أجل معاونتها على حمل هذه القطعة من الطعام ولا أدري أنا المؤلف أقال: إنها تمرة أو قطعة من الطعام غيرها.

قال: وكنت أخفيت القطعة من الطعام بعد ذهابها، فأخذت النملات الأربع يذهبن ويجنن كأنهن يبحثن عن قطعة الطعام، فلما لم يجدنها أقبلن على إحداهن وأظنها هي نملتي الأولى وقطعنها تقطيعا، وفهمت أنهن فعلن ذلك لكونها كذبت على رفيقاتها من النمل.

ورآني صالح المطلق وأنا صغير أحمل قثّا وهو البرسيم وقد تناثرت منه أعواد فأخذ يجمعها وهو يقول: يا ولدي، لا يطيح منه شيء ترى الله سبحانه وتعالى خلقه عود، عود، أي كل عود ينبت وحده.

سمعت من صالح الملطق يحدث والدي عن أول زوجة له، ثم رأيت الأستاذ ناصر العمري ذكرها، فقال:

قال الشيخ علي بن محمد المطلق: أردت أن أتزوج وأنا صغير السن بعد عودتي من الحجاز حيث كنت أعمل هناك، فعلم جدي صالح المطلق البراك المطلق بعزمي على الزواج فقال لي: يا ابني أنت تريد الزواج وأنت صغير،

ص: 383

والصغير لا يعرف الأمور الزوجية، فقد تزوجت وأنا صغير وكادت زوجتي تضيع من ذمتي بأسباب صغري لأنني لا أحب زوجتي وأردت السفر للشام في أواخر القرن الثالث عشر الهجري لأتزوج بنت رجل من أهل بريدة يقيم في الشام وتهيأت للسفر وأوصلت زوجتي لأهلها الحميدان في العكيرشة الضاحية الواقعة شرقي بريدة وركبت مطيتي واتجهت لتوديع زوجتي وأصهاري في منزلهم وأنا في طريقي إلى الشام وودعتهم وركبت راحلتي وأخذت طريقي، وبعد أن بعدت عن بستان أصهاري ومنزلهم التفت إلى بيتهم وكنت بعيدًا عنه والمطية تسير في دربها فإذا أنا المح زوجتي واقفة في السطح تنظر إليَّ ومضيت في طريقي وهي تنظر إليَّ حتى بعدت عنها وصرت لا أراها لبُعد المسافة فتأكدت أنها تحبني وتحركت مشاعر حبي نحوها وصرت أحبها احترامًا لحبها وهي لا شك أنها كانت تحبني لكنني لم أدرك ذلك فلم يقع قبل حبها في قلبي وسبب هذا صغر سني وجهلي بالأمور الزوجية.

وسافر الرجل إلى الشام للتجارة وعاد عادلًا عن الزواج بفتاة أحلامه التي حل محلها زوجته الأولى وعاش طول حياته معها ولم يتزوج غيرها، وفاة لحبها، وقد عمر وسافر إلى إيران والعراق والشام وتجول في كثير من الأقطار داخل جزيرة العرب، وكان حاد البصر ويسافر بمفرده لشجاعته ومعرفته بالطرق.

وقد عمر صالح المطلق البراك وعاش أكثر من مائة سنة، وقد مرض ولازمه ولده محمد في مرضه وانقطع عن الكسب وبر لولده، وقد استدان المصاريف بيته وله قصيدة وجهها لوالده علي يشكو إليه وضعه المالي ولملازمته لوالده وكثرة الدين عليه، ويطلب من ولده علي إسعافه بالدراهم، وقد وفي ولده علي فبعث إليه بما يحتاجه من المال (1).

(1) ملامح عربية، ص 130، ممم 140 ممم.

ص: 384

وكتب إليَّ الشيخ سليمان بن إبراهيم المزيني من أهل القصيعة ما يلي عن الشيخ علي بن محمد المطلق رحمه الله:

أسرة المطلق: سكنوا القصيعة قديمًا، وقد عرفوا بالكرم والشجاعة ومساعدة الآخرين، وإطعام الجائعين.

ومن رجالات هذه الأسرة: الشيخ علي بن محمد المطلق، ولد في القصيعة عام 1332 هـ، كان أبوه محمد ممن سافر مع العقيلات إلى الشام ومصر، وبقي هناك إحدى عشر سنة، اكتسب خلالها بعض العلوم والتدريبات العسكرية بمختلف فنونها، ولما عاد إلى وطنه اختاره الملك عبد العزيز بتوصية من ابنه الملك فيصل مديرًا لشرطة الطائف عام 1350 هـ.

ابتدأ الشيخ علي حياته العلمية بتعليم القرآن والقراءة والكتابة، ثم تلقي تعليمه على يد علماء بريدة، ومن أبرزهم: الشيخ محمد بن صالح بن سليم، والشيخين عبد الله وعمر ابني الشيخ محمد بن سليم، والشيخ عبد العزيز العبادي، والشيخ محمد بن صالح المطوع، وغيرهم، ثم سافر إلى مكة وجالس العلماء وطلبة العلم، وأخذ عن علمائها، ومنهم الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ، والشيخ سليمان الحمدان، رحمهما الله، ثم عاد إلى بريدة وواصل تعليمه على الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في عنيزة، ثم انتقل إلى الرياض عام 1359 هـ، وعين إمامًا لأحد المساجد، وواصل تعليمه على الشيخين: محمد بن إبراهيم، وعبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، وعين مديرًا لمدرسة العزيزية بالرياض، ثم مديرًا عامًا للهيئات الدينية بنجد عام 1372 هـ.

والشيخ له أعمال تجارية واسعة ومزارع وعقار، وقد سخر معظم هذه التجارة في الأعمال الخيرية، فكان له مساهمات في بناء المساجد، وله ديوانية مفتوحة للقريب والبعيد، والمسكين وابن السبيل، وله أيادي بيضاء في قضاء الديون ومساعدة

ص: 385

المتزوجين، وكان قد اشتهر بإصلاح ذات البين، وكان ينفق على بيوت كثيرة في القصيم والرياض، وكان معروفًا بحبه للفقراء والمساكين وملاطفتهم.

وكان له مكتبة علمية قيمة، وكان مغرمًا بالقراءة، وقد أوصى بأن يعني بهذه الكتب بعد وفاته، وأن توضع في مكان يرتاده القراء، وقد تم تنفيذ وصيته هذه، فوزعت مكتبته على: مكتبة الحرم المكي، ومكتبة المسجد النبوي، وبعض مكتبات المساجد في الرياض، توفي رحمه الله عام 1403 هـ.

ومن وصيته: أنه أوصى بمبلغ كبير لأعمال البر، وأوصى لما يقرب من ثمانين رجلًا وامرأة من أقربائه وأصدقائه ومشايخه وطلبة العلم، وأوصى ببناء وترميم مائة مسجد، وأوصى بمائة حجة له ولوالديه، وأوصى بعشرة آلاف مصحف، وعشرة آلاف نسخة من الأصول الثلاثة، رحمه الله رحمة واسعة.

توفي الشيخ علي بن محمد المطلق رحمه الله يوم الثلاثاء 13 رجب 1403 هـ في دمشق وحمل جثمانه إلى الرياض فوصلها يوم الأربعاء التالي ودفن في الرياض.

والشيخ علي بن محمد المطلق ترجم له صديقه الشيخ صالح بن سليمان العمري في كتابه (علماء آل سليم وتلامذتهم) وهو من أعرف الناس بحاله، فقال:

الشيخ علي المحمد الصالح المطلق:

ولد رحمه الله في بريدة عام 1332 هـ، وتعلم القراءة والكتابة وأجادهما، ثم بدأ يطلب العلم فقرأ على علماء بريدة، ومنهم:

- الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم.

- الشيخ عمر بن محمد بن سليم.

- الشيخ عبد العزيز العبادي.

ص: 386

- الشيخ محمد بن صالح بن سليم.

- الشيخ محمد الصالح المطوع.

- الشيخ سليمان بن محمد بن طويان.

وغيرهم من العلماء وكان له مع الشيخ سليمان بن طويان مجالس بحث مفيدة حضرت بعضها أكثر من مرة ثم سافر إلى مكة فجالس العلماء وطلبة العلم، فأخذ عن عدد من علماء مكة المكرمة ومنهم:

- الشيخ عبد الله بن حسن رئيس القضاة.

- الشيخ سليمان بن حمدان.

ثم عاد إلى بريدة فقرأ على علمائها ممن سبق ذكرهم.

وفي عام 1359 هـ نزح للرياض فلازم العلماء وطلبة العلم، فقرأ على:

- الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

- الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ وغيرهم.

وكان منزله كالمدرسة منذ أن كانت أحواله المادية متوسطة موئلًا لطلبة العلم والغرباء والضعفة والمساكين لا يستأثر بشيء من لذيذ الطعام دونهم، ولما وسع الله عليه ورزقه صار في بيته أمكنة للغرباء، وكنت أجد عنده كلما أزور منزله العشرات من الفقراء والمساكين والمعوزين، وكان يقربهم ويتواضع لهم ويعطيهم، ويبقى بعضهم عنده الأيام الطويلة، بل الأشهر وربما بقي عنده بعضهم السنة والسنتين، وقد يخصص لبعضهم مرتبات شهرية، واستمر على ذلك حتى توفي رحمه الله.

وله مائدة تقدم ثلاث مرات في اليوم والليلة في حضوره وغيابه، وإذا سافر من بلد إلى بلد كالمدينة ومكة وبريدة والشام ومصر يصحب معه بعض هؤلاء الفقراء، ولم أر في زمننا مثله في التواضع للفقراء والمساكين والعطف عليهم.

ص: 387

قال له مرة أحد خواصه: يا شيخ علي إنك تدعو بعض الكبراء فلماذا لا تضع طعامًا وسفرة خاصة لهؤلاء الفقراء؟ فقال: إن هذه عادة لا يمكن أن نغيرها، وعلى الذي لا يرغب الأكل معهم عدم إجابة دعوتنا.

وقال له مرة أحد أبنائه عندما زاد عليه السكر: يا والدي ألا نضع لك طعامًا خاصًّا خال من النشويات التي لا تتلاءم مع مرض السكر؟ فقال: يا بني لا يمكن أن أنفرد بطعام خاص عن هؤلاء فتنكسر خواطرهم، ويظنوا أن في طعامي ميزة عن الذي يأكلون! ! !

وكان جوادًا كريمًا يعطي من المال ما لا يتصوره إلَّا من يجالسه، فلا تمضي ساعة من ليل أو نهار هو فيها جالس إلَّا ويأتيه من يسأل فيعطيه على قدر حاله، وكان يعطي لبعض المستحقين عشرات الألوف من الريالات، وقد دخل عليّ مرة رجل معه شيك فقال لي هذه وريقة أعطانيها الشيخ علي المطلق، ولا أدري ما فيها ولم أطلع عليها أحدًا غيرك، فقرأت الشيك فإذا فيه حوالة بمائة ألف ريال على أحد البنوك، ولما أخبرت الرجل كاد أن يغمى عليه من الفرح لأنه لم يصدق ولم يتصور ما في هذه الورقة، وقال إنني ذكرت له أنني قد اشتريت بيتًا فأعطاني هذه الورقة ولم أكن أعلم ما فيها حتى أخبرتني.

وكل من دخل عليه تصور أنه أعز الناس عنده فهو يرحب بكل زائر ويسأله عن حاله ومع ذلك فقد كان رحمه الله صبورا محتسبا يحسن إلى بعض الناس فيسيئون إليه فيتحمل ويتناسى أذاهم.

فإذا دخل عليه إنسان قد آذاه بشيء رحب به كأنه لم يكن منه عليه شيء، وقد بنى عدة مساجد قيل إنها تزيد على ثلاثين مسجدا، وشارك في بناء عشرات المساجد، وقد وسع الله عليه في الرزق، إذ قد باع واشترى في العقار، ففاز وارتفعت أقيامة، ومن هذا كان ينفق هذه النفقة الكثيرة، وربما باع على

ص: 388

بعض الناس العقار وأمهلهم السنة والسنتين والثلاث، وربما بلغت عشر سنوات، ولا يلح بالمطالبة إلَّا بالمعروف والحسنى وعند الحاجة، وربما بلغت به الحاجة مبلغًا وليس عنده نقود فاستدان وأقرض بعض ذوي الحاجة، وعلى وجه العموم فخصاله نادرة ولا يمكن حصرها.

وله عشرات المزارع فيها النخيل والثمار يأكل منها الناس وربما أكلوا وحملوا فلا يمنع أحدًا من ذلك.

وكان أحد الناس مرة في مزرعة الشيخ علي فأكل وحمل معه فقال له إنسان حاضر لماذا تأكل وتحمل بدون إذن صاحب المزرعة؟ فقال: إنها سبيل وكان يظن ذلك، لترك الشيخ الناس يدخلون فيها ويأكلون من ثمارها.

حدثني محمد بن عبد الله بن عامر من أهل حوطة بني تميم قال: اشتريت مزرعة نخل بقيمة مؤجلة فحل الأجل، وليس عندي ما أسدد لأهلها فشكوني، وضاقت علي الدنيا فلم أجد من استنجد به في حل مشكلتي، فأشار عليّ إنسان بأن أذهب للشيخ علي المطلق، فقلت: إني لا أعرفه ولا هو يعرفني فكيف أذهب إليه في مثل هذه المشكلة؟

فألح عليَّ الرجل وحسن لي الذهاب إليه وقال لي مؤكدا: ستجد عنده الحل، فأخذت معي رطبًا في سطل قيمته عشرين ريالًا فسألت عن بيت الشيخ علي فدللت عليه، فوجدت الباب مفتوحا وإذا هو جالس بين الحاضرين، فقام وسلم عليَّ وكأنه يعرفني، فناولته السطل فهش وبش ورحب.

وجلست معه وهو يتحدث ويستمع لأحاديث الآخرين، ولم يكن يظن أنني سأخرج فاستحييت وخرجت ولم أعد إليه إلَّا بعد شهر، فلما عدت قابلني مقابلة أحسن من الأولى، وقال يا أخي كيف ذهبت دون علمي؟ ثم دعا أحد الخدم عنده فأحضر السطل (الإناء) وناولني ألف ريال فأخذتها وشكرته ولكنه لاحظ

ص: 389

أنني غير مرتاح، فأخذ بيدي وهو لا يعرف اسمي، ولا من أنا غير أنه عرف من لهجتي أنني من أهل الحوطة، فلما بعد عن الناس قال: يا أخي أخبرني عن أمرك ما الذي قد شغل بالك؟

فسكت حياء فأقسم بالله لأخبرنه، فأخبرته خبر المزرعة وحلول أجل قيمتها، فقال: كم المبلغ؟ فقلت: كذا، فقال هل هناك مشكلة أخرى غير هذه تشغل بالك قلت: لا، قال، رحمه الله تعالى هذا موضوع بسيط واعتبره منتهيًا.

فلم أكد أصدق ثم قال: حولهم علينا أو خذ المبلغ أنت منا وادفعه لهم، وذلك هبة منه، وليس بقرض، ففاضت عيناي بالبكاء وقلت فيه هذه الأبيات:

با الله يا اللي للمهمات حلال

يا فارج الشطات عن كل ميله

يا سامك سبع السموات الاثقال

يا محصي الأيام يوم وليله

أنت الذي يا الله علام الآجال

يا الله ما يخفاك منا وسيله

إفرج لمن قلبه بدا فيه ولوال

كثرت هواجيسه ويا عزتي له

أسباب ما هيض غرامي بالأمثال

نخلي شريته والهقاوي قليله

ما طعت نصاح ولا قول عذال

ما كتب للمخلوق لازم يجي له

الكد نكد وفيه هم وغربال

وراع الفلاحه تاعب من طويله

أشكي على الله قبل راحل ونزال

هو الذي ما غيره حدٍ نسيله

أشكي على اللي لا رتكا للحمل شال

نقال شيال الحمول الثقيله

راعي الصفا والطيب مضاي الأفعال

راع المراجل والعلوم الجميلة

علي بن مطلق طيب الجد والخال

جعله مجار من العنا والفشيله

زبن الركايب وإن حداها أشهب اللال

يشكون أهلها والركايب هزيله

يبدي لهم بتحية سامح البال

ما قال قولوا راح يبغي عميله

يفرح بهم لي جوا من البعد هِشال

افرح من الزابن إبل جا دخيله

له مجلس كنه على العد نزال

في القيظ لامه تقاطر نزيله

ص: 390

للجار والضيفان مرمي ومدهال

انا أشهد إنه مجلسه ينعني له

ما طاع في درب الصخا هرج الأنذال

ولي يحسِّب دقها والجليه

به من كرم حاتم ومن طيب هذال

وابن فهيد مكرم اللي يجي له

ريف الضعيف اللى صفق راسه الجال

لي تعب من حمله أهو يرتكي له

للدين قوام وللطيب فعَّال

يبذل حلاله ما يدور بديله

والله ما مثله ظهر في ذا الأجيال

ولا نشا بالطيب مثله بجيله

المدح ما يزهي وهو ماله أفعال

مثل الذي في القيظ ينثر صميله

جعله موفق عند تقسيم الأعمال

لي كل مخلوق تشاوي حصيله

وعساه في دنياه في زود واقبال

والآخرة في جنة مستطيله

يقطف من أثمار بها الغصن ميال

والحور من خلفه وقدمه تجي له

وصلاة ربي عد ماهل همَّال

وعداد ما حقت حقوق المخيله

على النبي اللي على الدين ما زال

محمد اللي وضح الله دليله

وهذه القصة ليست الأولى ولا الأخيرة من جود الشيخ علي وإحسانه إلى الفقراء والمساكين، فكم أخرج أناسا من السجون بكفالته، أو سدد عنهم ديونهم، وذات مرة كان لأحد أبنائه مبلغ على رجل فطلبه منه، فقال: ليس عندي شيء الآن، وأشار عليه أحد أصدقائه بإخبار والده الشيخ علي فذكر له ذلك، فكتب لابنه بقيد المبلغ عليه وشطبه عن الرجل.

وحدثني أحد وكلائه قال:

وكلني القبض بعض حقوق لدى الناس فإذا طلبت من أحد مبلغًا وكدت أنهي الموضوع ذهب للشيخ علي فأخبره بوضعه ثم قال لوكيله أتركه فأتركه، قال الوكيل فقلت له: لماذا توكلني ما دمت تعمل هكذا؟ فقال: لا يسعنا إلَّا هذا.

ص: 391