الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما جرى في حالة قضائه في أبي عريش، أن بعض الأئمة الذين كانوا في معيته في أبي عريش أنكر على بعض المجامع التي تكون في أوقات الزواج هناك من اختلاط الرجال والنساء وأزال المنكر بيده فوافق أن ضرب امرأة بالعصا فقام أقرباؤها وبعثوا بشكاية إلى الحكومة بشأن ذلك الرجل فبعثت الحكومة هيئة للنظر في هذه المشكلة، وقد أعظم الخصماء الأمر بأن المرأة ألقت جنينها الذي في بطنها، وبعد ما وضعت الهيئة سؤالًا وجوابا وقدمته للمحاكمة أمام القاضي عثمان المذكور أخذ المعاملة فضيلته ومزقها وأجاب الهيئة بأنه إذا كانت الحكومة قد ارتضت هذا الإمام ووثقت به يسد هذا المقام فما فائدة الاعتراض عليه فانحل النزاع وقنعت الهيئة.
وقد أخذ المترجم عن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، وأخذ عن الشيخ الزاهد عبد الله بن محمد بن فدا ولازمه.
أما ولادته فإنها حوالي سنة 1291 فيكون له من العمر خمس وسبعون سنة رحمه الله وعفا عنه، ويعد من خيرة أهل زمانه ورعًا وزهدًا وعفةً ودينًا وعلمًا وكان له أخلاق وحسن معاشرة وليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا يمل جليسه محادثته أضف على ذلك تواضعًا ولين عريكة فالله المستعان (1).
وترجم له الأستاذ إبراهيم بن محمد بن ناصر بن سيف بقوله:
الشيخ عثمان المضيان:
نشأته ودراسته:
الشيخ عثمان بن حمد بن عثمان بن محمد آل مضيان، ولد سنة 1292 هـ، في بلد وهطان من قرى بُريدة في منطقة القصيم فنشأ عند والده نشأة صالحة، وقرأ على إمام جامع البلد القرآن الكريم حتى أتقنه وكان مفرطا في الذكاء.
(1) تاريخ ابن عبيد، ج 4، ص 250 - 251.
رحلاته العلمية:
ولقد كانت له رحمه الله رحلات لطلب العلم فسافر إلى الرياض، وجعل طريقه على بلدة المذنب من قرى القصيم، فوجد فيها الشيخ العلامة الشيخ عبد الله بن دخيل قد جلس للتدريس ولديه جملة من طلبة العلم من أهل القصيم وغيرهم، وكان الشيخ عبد الله عالمًا تقيا فقيهًا في علم الحديث مكرما لطلبة العلم والوافدين إليه طلبًا للعلم فأقام عنده سنة وقرأ عليه.
ثم بعد ذلك توجه إلى الرياض قاصدًا الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ مفتي نجد في وقته عميد أسرة آل الشيخ حفدة شيخ الإسلام المجدد المجاهد محمد بن عبد الوهاب عليهم رحمة الله فأقام الشيخ عثمان بالرياض وهي آنذاك آهلة بأهل العلم والعلماء الكبار وطلابه، فقرأ عليهم وزاحم طلبة العلم وكان أغلب قراءته على شيخه العلامة عبد الله بن عبد اللطيف، وكان زميله في الطلب الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري الذي كان بعد ذلك قاضيًا المنطقة سدير في قاعدة سدير مدينة المجمعة، وأطال الإقامة في مدينة الرياض، حيث بلغت نحو عشر سنين.
ثم رجع إلى وطنه ولازم الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم كما قرأ على الشيخ عبد الله بن مفدي ومدة طلبه بعد عودته بلغت سنتين ثم رحل إلى الرياض مرة أخرى طلبًا للعلم وكان طريقه على سدير قاصدًا زيارة زميله الشيخ عبد الله العنقري.
ثم قدم إلى حريملاء على الشيخ ابن مبارك فأقام عنده سنة يقرأ عليه ثم خرج من حريملاء وقدم إلى الرياض، وأقام فيها عند شيخه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف سنتين ثم رجع إلى وطنه وسكن بريدة ولازم شيخه الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
ولما لم يكتف بهذا القدر رأى أن يتوجه إلى جبل طيء جهة حائل، وهي رحلته الثالثة، وكان الشيخ صالح آل بنيان أحد علماء هذه البلاد يجلس للطلبة فقدم عليه ولازمه سنة ثم عاد إلى بريدة إلى شيخه الشيخ محمد بن سليم.
أعماله:
بعد عودته من منطقة حائل كان إمام الجامع الكبير في بلد وهطان الأستاذ المترجم له قد بلغ من الكبر عتيا، ورق عظمه، ولا يستطيع القيام بالإمامة، فقدم جماعة البلد وطلبوا من شيخه محمد بن سليم إلزامه بالإمامة والجلوس للإخوان للتدريس، فألزمه بذلك، فامتثل أمر شيخه والتزم بالإمامة والتدريس.
ولما قدم جلالة الإمام عبد العزيز آل سعود بريدة وقدمت للسلام على جلالته وفود الحاضرة والبادية كان ممن قدم الأمير تركي الضيط من أمراء عتيبة، وذلك عام 1336 هـ طلب من الإمام معلمًا لبلدهم في عالية نجد، فاستدعى الملك عبد العزيز المترجم له وألزمه أن يتوجه مع الأمير الضيط لتعليم عشيرته وإرشادهم، فلبى أمر الملك وتوجه معهم، وأقام عندهم ستة شهور.
ثم صدر الأمر عليه بالتوجه إلى بلد نفي لنفس المهمة، فنفذ الأمر وأخذ رحمه الله يتنقل بين وطنه وبين هذا البلد سنتين، ثم طلب إعفاءه والسماح له بالإقامة في بلده، فأجيبت رغبته ثم ابتعثه الملك عبد العزيز إلى جهة الجنوب عام 1353 هـ مع الإخوان الذين أرسلهم إلى هناك بمشورة من الشيخ عمر بن سليم، وقد تنقل في عدة وظائف في تهامة وجنوب المملكة، ثم مرض في أبها وتوفي فيها عام 1366 هـ (1).
(1) المبتدأ والخبر، ج 4، ص 396 - 398.