الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان والد الأسرة عبد العزيز بن حمود بن مشيقح يبذل مساعدات للأجانب الذين في ذلك المسجد وكان من جملة الذين يدرسون على الشيخ عمر بن سليم بعد صلاة العشاء الآخرة في بيتهم وجد واجتهد حتى نال الثقة من والده وإخوانه بحيث كان هو صاحب الدفاتر والصندوق المالي وقبيل وفاة والده فقد بصره وأسف والده لذلك أسفًا شديدًا، ولكنه موضع التقدير من أهله ومن أمته وأهل بلده، ولما أقعد كانت الملوك من آل سعود كالملك فيصل والملك خالد والملك فهد يتناوبون في بيته للسلام وزيارته إذا ما قدموا إلى القصيم، وكان بالرغم من كونه محمولًا في محمل ويسعى بين المروة والصفا راكبًا عربة ولم يمنعه أن أسن وكبر وثقل عن حضور الجمع والجماعات فكانوا يذهبون به إلى المساجد على عربة وكان صابرًا ومحتسبًا.
ولما أن علم الله حسن نيته رزقه من إخوانه وأبنائه وأبناء إخوانه حسن عناية فكانوا ينتابون زيارته كل ليلة بعد العشاء الآخرة ويجتمعون به ويتبادلون الحديث معه، وكان راوية للقصص وذا خبرة بالتاريخ عن وعي ومعرفة أضف إلى ذلك أنه كان بصيرًا في أمور دينه ومواليًا لأولياء الله ومعاديًا أعداءه في حسن معتقد ولين معركة مع الكبير والصغير وما زال على الاستقامة حتى وفاه أجله المحتوم في يوم الجمعة 13/ 6/ 1409 هـ فصلى عليه المسلمون بعد صلاة العصر وحضر للصلاة عليه خلق كثير وجمع غفير في الجامع الكبير ببريدة وشيعة إلى قبره ومثواه الأخير (1).
كتاب عن حمود بن عبد العزيز المشيقح:
ألف ابن حمود المشيقح وهو عبد العزيز بن حمود المشيقح كتابًا ترجم فيه والده عنوانه: (الشيخ حمود بن عبد العزيز المشيقح) رحمه الله طبعه في عام 1412 هـ في 33 صفحة، على الآلة الناسخة.
(1) تذكرة أول النهى والعرفان، ج 7، ص 376 - 377 (الطبعة الثانية).
صدره بقوله: إهداء:
إلى أجيال الشباب ورجال الغد، لعلهم يجدون في سيرة الآباء القدوة لمواصلة السير على الدرب نفسه والحفاظ على منجزات جيل الجهاد والكفاح والعلم، وقفة وفاء من الخلف إلى السلف.
والكتاب يحتوي على معلومات قيمة، إضافة إلى كونه من النوادر أن يؤلف أحد ترجمة في حياة والده، إلا أن فيه هنات لغوية من لحن ونحوه.
وفي آخره ص 30 و 31 ما سمي بقصيدتي رثاء فيهما اختلال في الوزن ولحن في اللغة.
وذكر مشايخه الذين طلب العلم عليهم، لأنه مثل أبناء عبد العزيز المشيقح كلهم طالب علم.
وقد ذكر المؤلف أن (حمود المشيقح) تزوج خمس نساء في أوقات متفرقة وخلف ثمانية أبناء وست بنات.
كما ألف الشيخ عبد العزيز بن حمود بن عبد العزيز المشيقح كتابًا مختصرًا في 64 صفحة طبع عام 1414 هـ (لم يذكر اسم المطبعة) وعنوانه: (دليل أسرة المشيقح) ذكر الإهداء في أوله: إلى من دفعني لحب رحمي، ووصلهم، إلى والدتي الغالية أهدي هذا الكتاب.
وإليك أنت يا من قدر لك أن تحمل كتابي هذا بين يديك الكريمتين، إني لأرجو أن تجد فيه ما ينفعك، فإن أصبت خيرًا فلا تبخل عليَّ بدعوة في ظهر الغيب، وإن وجدت غير ذلك فاستغفر لي الله العظيم، إنه هو الغفور الرحيم.
وقال في المقدمة: (لما كانت أسرتي: أسرة المشيقح ذات أعداد كبيرة يلقى صاحب المناسبات العناء في الإتصال بهم، ومعرفة أعمالهم، وأرقام
هواتفهم لذا رأيت عليَّ لزامًا أن أمضي في هذا الجهد الذي بين يديك - أخي القارئ - لتخفيف ذلك العناء، وربط الصلة إنْ أمكن.
وذكر بعد ذلك في هذا الكتاب أشياء لم نعرفها، ولا هي متفقة مع ما كنا عرفناه، منها أنه ذكر أن (مشيقح) جد الأسرة هو مشيقح بن عبد الله بن أحمد بن علي بن عزام بن شعلان بن زبن بن صبيح بن حفير الخالدي الخ.
وهذا يسقط (مبيريك) الذي ينتمي إليه مشيقح حتى في الوثائق الموجودة فهو فيها (مشيقح بن عبد الله المبيريك) وبعضهم يقول ابن مبيريك.
ويتفق الناس الذين عرفناهم من المشيقح وغيرهم أنهم من المبيريك، وأن هذا اللقب العائلي يجمعهم بعدة أسر أخرى منها واحدة باقية على اسم (المبيريك) وهي أسرة كبيرة ذات ماض عريق ذكرتها في حرف الميم.
كما أنه جعل (عزام) جدًّا لمشيقح ليس بينه وبينه إلَّا ثلاثة أجداد.
مع إن (عزام) جد (آل أبو عزام) أي الذين يجمعهم كلهم في أوشيقر في القصيم كان موجودًا قبل أن ينتقل أسلاف آل مشيقح من أوشيقر إلى عنيزة، وكان انتقالهم حسبما يقول المؤلف إلى عنيزة في القرن التاسع الهجري ولذا ينبغي أن يكون بينه وبين مشيقح أربعة عشر جدًّا، وليس ثلاثة، لأن العلماء ذكروا أن كل قرن من الزمان له ثلاثة أجداد في المتوسط، ومشيقح من أهل القرن الثالث عشر وعزام من أهل القرن الثامن أو التاسع كما هو مذكور هنا وإلا فإنني أعتقد أنه قبل ذلك.
وإن قيل إن (عزام) القريب هذا هو (عزام) آخر وليس الجد البعيد للأسرة فأين (عزام) البعيد؟ ولم لم يذكر في عمود نسب الأسرة، والصحيح عندي عن أصل الأسرة هو ما ذكرته في الكلام عليها في أول المادة.
ولقد أحسن الأخ الكريم في ذكر الشخصيات من المشيقح الذين تلوا مشيقح مباشرة، لمن لا يعرفهم من أهل هذا الزمان وذكر وفياتهم.
وذلك مثل الذين سماهم الجيل الأول وهم مشيقح بن عبد الله وأولاده والجيل الثاني وهم أحفاد مشيقح.
ومجموع الكل 13 شخصًا ثم ترجم لكل واحد منهم وهذا مفيد، وبدأ بذكر مشيقح رأس الأسرة فذكر أنه ولد في بريدة عام 1150 وأنه توفي بالحُمُر (من قرى بريدة) عام 1250 هـ أي إنه عمر مائة سنة وهذا ليس ببعيد، إذا عرفنا أن عددًا من المشيقح الذين عرفناهم قد تجاوزوا التسعين، ومنهم الوجيه الثري عبد العزيز بن حمود بن مشيقح الذي عمر 92 سنة، ولا يزال ابنه محمد بن عبد العزيز حيًّا بل هو إمام مسجد حتى الآن 1423 هـ وكان أخوه الشيخ حمود رحمه الله قد أخبرني أن ولادة محمد هذا كانت في عام 1326 هـ فهو الآن قد ناهز المائة سنة من عمره ولا يزال إمامًا لمسجد.
إلا أن الذي يسترعي الانتباه ما ذكره عن مشيقح بأن حالته المادية جيدة ونحن نعرف مما وصل إلينا من أوراق أنه فوق ذلك، وأنه كان يملك عقارات وأشياء ذات قيمة.
ثم توسع الأستاذ عبد العزيز بن حمود المشيقح في كتابه فطبعه بعنوان: (أسرة آل مشيقح في الماضي والحاضر) 1180 - 1420 هـ. وطبع بمطابع السلمان للأوفست ببريدة، وذلك في عام 1421 هـ في 138 صفحة ووضع ترجمته أي ترجمة المؤلف على الغلاف الخارجي الأخير للكتاب، ولم يزد في مقدمته كثيرًا وإنما زاد بأن وسع قوائم تتضمن معلومات سريعة وعناوين لرجال الأسرة ووضع لكل شخص منهم رقمًا معينًا، وهذا عمل جيد، لأن الأسماء تتكرر وتتشابه وأحيانًا تتماثل فلا يعرف صاحب الإسم الصحيح إذا ترك بدون إيضاح.
وقد ترجم ابنه الدكتور إبراهيم بن حمود بن عبد العزيز المشيقح له، فقال:
للحديث عن سير الرجال المتميزين والذين سطروا أروع المثل في أخلاقهم وأدائهم وحسن تعاملهم لذة لدى الكتاب والمؤلفون إلا أن ذلك يجبرهم أن يقفوا حائرين في كتاباتهم أيتناولون شخصية أولئك الرجال بتعاملهم وأخلاقهم الرائعة أم يتناولون سلوكهم الديني وتبتلهم لربهم أم يتناولون تصدرهم للثقافة والأدب والسير أم يتناولون نجاحاتهم التجارية والحسابية أم يتناولون تعاملهم الأسري، ومن أولئك الرجال الشيخ الوجيه والعالم حمود بن عبد العزيز المشيقح رحمه الله والتي تحققت فيه كل هذه الصفات أحد أبرز وجهاء مدينة بريدة وأعيانها في زمانه.
ولد الشيخ حمود عام 1316 هـ في مدينة بريدة ونشأ في بيت والده عبد العزيز، وكان محبوبًا لديه، حفظ القرآن الكريم في صغره وتعلم القراءة والكتابة والحساب وأجادهما ودرس على يد الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم والشيخ عمر بن محمد بن سليم ولازمهما.
يقول الشيخ إبراهيم بن عبيد العبد المحسن رحمه الله في كتابه تذكرة أولي الله والعرفان، الجزء السابع صفحة 376: (من جملة ما درس على الشيخ عمر بن سليم فتح الباري شرح صحيح البخاري وإذا أخذ بالقراءة فإنها خفيفة على لسانه لأن سليقته قوية كأنما تخرج الكلمات من أكبر نحوي فهو صاحب بديهة وقليل لحنه وأخذ عن الشيخ العبادي في كتب الفقه والحديث.
نال الشيخ حمود ثقة والده وإخوانه بحيث فكان هو المؤتمن على الدفاتر والصندوق المالي لتجارة الأسرة.
يقول الشيخ إبراهيم العبيد كان الشيخ حمود موضع التقدير من أهله ومن أمته وأهل بلده فتناوبت عليه ملوك آل سعود بالسلام عليه إبان زياراتهم للقصيم
فزاره الملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبد الله وولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز وبقية أبناء الملك عبد العزيز وأمراء المنطقة.
وفي لقائه مع الملك خالد طيب الله ثراه وبحضور الملك فهد بن عبد العزيز غفر الله له وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظه الله والأمراء والوزراء فقال: (باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ولا عقاب) وأنتم حققتم التوحيد ونصرتم الدين وأهله).
ثم دار حديث ودي مع ولاة الأمر أمر الملك خالد مباشرة وزير الإعلام بإجراء لقاء تلفزيوني مطول مع الشيخ حمود والموثق لدى وزارة الإعلام.
تمتع الشيخ حمود بعاطفة جياشة تمثلت بمحبته الشديدة لأسرته وأخوانه إغمي عليه حين تبلغ أثر وفاة أخيه ورفيق دربه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله.
وقصة حدثت في مقتبل عمره عندما حفظ القرآن عملوا له زفة ليحمل على أعناق وهي عادة عند أهل بريدة قديمًا رفض أن يزف وطلب تقديم أخيه صالح
…
عنه حبًّا وتقديرًا له وما عرف عن المحبة الخاصة بأخيه محمد بن عبد العزيز رحمه الله والتي تمثلت بأروع المثل.
بل الأعجب من ذلك حينما يروي أبنائه قصص إخوته ووالده تنهال دموعه توقف عن الحديث لما يكن لهم من وفاء وإخلاص.
لازم الاعتكاف كعادة اشتهر بها والحج والعمرة سنويًا مع كبر سنه ولم يثقل عن حضور الجمع والجماعات ولم تفته تكبيرة حرام على الرغم من كونه آخر عمره محمولًا على عربة وكان صابرًا محتسبًا.
لما علم الله حسن نيته رزقه الله من إخوانه وأبناءه وأبناء إخوانه حسن عناية، وكانوا يتناوبون زيارته كل ليلة بعد العشاء يجتمعون به ويتبادلون الحديث معه حيث كان راوية للقصص وذا خبرة واسعة تاريخ عن وعي ومعرفة.
وأن من الصفات التي تميز بها الشيخ حمود إدراكه ومعرفته بأنساب أسر مدينة بريدة فما زاره أحد إلا تبادل معه سيرة أهله وأنسابهم وتاريخهم حتى كأنه منهم.
كان حاسمًا في كثير من الأمور فقد كان له تأثير كبير على المشايخ في السمع والطاعة لولاة الأمر ومسموع الكلمة ومثال ذلك عندما تقاعد الشيخ صالح بن أحمد الخريصي رئيس محاكم القصيم رحمه الله عن العمل رفض الشيخ حمود واتصل شخصيًا بوزير العدل وطلب رفض ذلك فوافق الوزير مباشرة وأعيد الشيخ إلى عمله.
قال عنه سماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله: (لو لم يدخل الشيخ حمود المشيقح عالم التجارة لفاق زمانه في العلم وأصبح علامة هذه البلاد).
لدى الشيخ حمود يد سخية في البذل والعطاء تمثلت في الصدقات وإهداء من يزوره من أبناء أسرته وبناتهم مالا كعادة غلبت عليه بما تجود به نفسه.
هذا ولنعرض بعض من مقتطفات سيرة هذا الشيخ الجليل:
أولًا: ذكاءه وسرعة بديهته وملكة حفظه.
ثانيًا: إجادته لعلوم الحديث والفقه وحفظه للقرآن والنحو.
ثالثًا: كان مرجعًا أساسيًا لجميع مؤرخي المنطقة فنقل عنه العلامة محمد بن ناصر العبودي والشيخ إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن والشيخ صالح العمري.
رابعًا: حفظ التاريخ وسيره خاصة البداية والنهاية وتاريخ الصحابة.
خامسًا: أجاد المعاملات الحسابية حتى أصبح مرجعًا مهمًا في حسابات والده.
سادسًا: تعلم الفرائض وأجادها.
سابعًا: تميز بدماثة خلقه وتواضعه حتى أصبح مصدر ربط للصلات بين أسرته وإخوانه فكم من إشكالات كان هو أحد أسباب حلها.
ثامنًا: اعتمد عليه والده بجميع معاملاته التجارية لدقته وأمانته.
تاسعًا: ثقافته الواسعة جعلته يأخذ من الصغير والكبير.
عاشرًا: أحبه الناس فزاره الملوك والأمراء والوزراء والأعيان والمشايخ، وعامة الناس تابعًا إلى مجلسه.
أحد عشر: تعامله مع أسرته وأبناءه مثالًا يحتذى به مما انعكس على أبناءه لتواصلهم وتوددهم فيما بينهم.
إثنا عشر: تعامله مع نسائه وتودده لهن أحد وأبرز أخلاقياته رحمه الله.
ثلاثة عشر: حبه لأهل الخير ومناصرتهم فكان أهم أعوان المشايخ وطلبة العلم.
أربعة عشر: قيامه وتهجده في آخر الليل فله شجون غريب في مناجاته.
خمسة عشر: تعلمه آداب المجالس باستماعه للمتحدث وعدم مقاطعته، حتى لو أن القصة يعرفها احترامًا للمتحدث مما حبب الناس في مجالسته.
ستة عشر: كتب عنه المؤرخون وتناولوا سيرته ومنهم:
- معالي الشيخ العلامة محمد بن ناصر العبودي في معجمه الجغرافي (بلاد القصيم).
- الشيخ إبراهيم بن عبيد العبد المحسن في كتابه تذكرة أولي النهى والعرفان.
- معالي الدكتور عبد الرحمن السبيت في كتابه كنت مع عبد العزيز الحرس الوطني.
- الشيخ صالح بن سليمان العمري في كتابه علماء آل سليم وتلامذتهم.
- الأستاذ عبد العزيز بن حمود المشيقح في كتابه أسرة آل مشيقح الماضي والحاضر.
- والأستاذ عبد العزيز بن حمود المشيقح في كتابه من وجهاء وأعيان القصيم الشيخ حمود بن عبد العزيز المشيقح.
- توفي الشيخ حمود رحمه الله صبيحة يوم الجمعة الموافق 13/ 6/ 1409 هـ، وصلي عليه العصر جمع عظيم وجم غفير في الجامع الكبير ببريدة عن عمر يناهز 93 عامًا.
- فرحم الله الشيخ حمود بن عبد العزيز رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله عنا خير الجزاء.