الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشيقح:
بإسكان الميم المدغمة في اللام الشمسية التي أصلها لام قمرية، فشين مفتوحة فياء ساكنة فقاف مكسورة فحاء.
على لفظ تصغير مشقح وسوف يأتي الكلام على معنى هذه الكلمة فيما بعد.
وهم منسوبون إلى جدهم مشيقح بن عبد الله المبيريك الذي توفي في زمن حكم حجيلان بن حمد البريدة والظاهر أن وفاته كانت فيما بين عام 1220 هـ وعام 1225 هـ.
أسرة كبيرة من أهل بريدة بل هي من أشهر الأسر فيها، وكانت أسرة آل مشيقح في منتصف القرن الرابع عشر أغنى أسرة في بريدة، بل كانت أغنى أسرة في القصيم كله في ذلك الوقت.
منهم عبد العزيز بن حمود بن مشيقح كان في وقت من الأوقات أغنى رجل في بريدة على الإطلاق، وكان إلى ذلك دينًا طالب علم مشجعًا للعلم والعلماء وذا مكانة لدى الحكومة.
مات عام 1372 هـ عن 92 سنة، لأن ولادته كانت عام 1280 هـ.
وابنه عبد الله كان من الرجال الأذكياء الدهاة مات في 23/ 11/ 1391 هـ عن إحدى وثمانين سنة.
قال لي شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس محاكم القصيم وحسبك به دهاء ومعرفة بأقدار الرجال ووزنًا لهم: إن عبد الله المشيقح أكثر رجال القصيم دهاء وحيلة.
عندما عقلت الأشياء وصرت أعرف أقدار الأسر والرجال عند الناس
كانت سنوات القرن الرابع عشر قد جاوزت عشر الستين بقليل.
ولذلك ينبغي أن يعلم هنا أننا إذا أطلقنا الكلام على المشيقح فإنما نريد حالتهم في تلك الفترة وما سبقها أو لحقها بقليل.
كانوا أغنى الناس في بريدة، بل هم الذين بضرب بهم المثل في الغنى والجاه والمكانة، والتضامن في تسيير أعمالهم، وكثرة ما يملكون من عقارات ومزارع، وكثرة الذين يستدينون المال منهم، حتى سموا (العمومة) ولفظ العمومة هنا هو جمع عم بمعنى سيد، وذلك أن الناس قد درجوا على تسمية الدائن بعم المدين، وطالما سمعت الناس وبخاصة الفلاحين يقولون: نبي نروح لعمنا يريدون به الذي استدانوا منه المال.
وقد أعطوا من التعاون والتعاضد فيما بينهم ما لم تعط أسرة أخرى فكانوا حتى الفتيان والصبيان منهم أمثلة في الجد والعمل، وقد توزعوا الأعمال فالرجل الثاني من أبناء عبد العزيز بن حمود المشيقح، وهو (حمود) بمثابة وزير المالية والمشرف على الدفاتر والديون، وأخوه صالح قد وكلوا إليه كل ما يتعلق بالفلاحات من النخيل والمزارع، وباقي الأسرة من أبناء الأبناء ونحوهم هم الجهات المتحركة بسرعة لإنفاذ ما يأمر به المركز الإداري.
وأكبر الأبناء هو عبد الله، ولد في عام 1310 هـ وأعطي من وفرة العقل وسعة الحيلة، وحسن التصرف ما لم يعطه كثير من الناس، حتى قال لي شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضي بريدة، بل قاضي أكثر القصيم، ما رأيت في القصيم كله أكثر دهاءً من عبد الله المشيقح.
وقال لي مرة لا أعلم في القصيم كله رجلًا يستحق أن يطلق عليه الوصف بأنه داهية إلا عبد الله المشيقح كما سبق.
وهؤلاء الأبناء قد أعطوا من حسن المظهر وكمال الأجسام من جهة اللون والإدراك العقلي ما يعجب الباحث في الأمور.
فهم بيض الألوان، ذوو مظاهر جميلة، كما رزقوا وأبناؤهم من قوة الأجسام ما لم يرزق غيرهم من الأثرياء، من ذلك ما حكي أن عبد الله المشيقح كان في شبابه قد كسر بابًا برأسه من أبواب بيتهم.
وكما عرفنا أن بعض شبانهم أرادوا أن يذهبوا بحمار لهم إلى مكان لا يريد أهلهم أن يذهبوا إليه، ولذلك أغلقوا الباب على الجهة التي فيها الحمار من الحوش، فما كان من الشبان إلا أن أخذوا رشاء الدلو من الحسو، وربطوا به الحمار وأخرجوه من فوق الجدار أو الجدران إلى الشارع! ! ! وكان من أعمال شبان المشيقح استقبال الحملات وهي جمع حملة وتعني الإبل الكثيرة المحملة بالبضائع التي كانت ترسل إليهم من الخارج مثل مدن الخليج العربي والعراق والكويت تحمل بضائع وأحيانًا تحمل المؤن كالأرز والسكر بل والقمح، وذلك قبل أن يوجد النقل بالسيارات، فكانت الحملة الواحدة تتألف من ثمانين بعيرًا إلى مائة بعير، وقد شاهدناها آنذاك مرارا وهي تأتي إلى دورهم التي فيها مستودعاتهم أو غيرها من أماكن المستودعات لهم فيسارع شبان المشيقح إلى إنزال الأحمال عن الإبل بسرعة من أجل أن يفسحوا الطريق للإبل الأخرى ويدخلونها في المستودعات، ولا يستنكفون عن ذلك، أو يقولون: إنهم أغنياء وينبغي أن يعينوا أناسًا غيرهم لهذا العمل، وذلك لنشاطهم الجسماني.
وأذكر أن صالح الحفيتي وكان له دكان مجاور لدكان والدي في شرق السوق الكبير القديم في بريدة، فتأخر في فتح دكانه في صباح يوم ثم جاء يجر رجليه متثاقلًا ويئن فسأله والدي عما به، فقال: مررت من عند حارة المشيقح فوجدت عندهم حملتين عليها البضائع من السكر وطوائق الخام فقلت من باب المجاملة: نعاونكم؟
كما يقول غيري ذلك من باب المجاملة فقالوا: طيب.
قال: والطريقة لإدخال هذه الأحمال إلى المستودعات القريبة أن يتقابل شخصان ويحملا كيس السكر مثلًا كل واحد يحمل جانبًا منه فكنت قبل أن أتمكن من حمل الجانب الذي هو في ناحيتي أجد الواحد منهم قد قام قبلي يحمل الجانب الذي يليه بسرعة فيتضاعف ثقل الكيس عليَّ!
ومن شواهد القوة البدنية لشخص من المشيقح هو إبراهيم بن عبد الله المشيقح حفيد التاجر الثري عبد العزيز بن حمود المشيقح كان موظفًا عندنا في المعهد العلمي في بريدة في وظيفة مراقب في المعهد وكنا دعونا الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله في عام 1377 هـ لافتتاح مبنى المعهد الجديد بالمسلح الذي انتهى بناؤه حديثًا وأرسلنا الدعوة للملك بواسطة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ المفتي الأكبر للمملكة، ورئيس المعاهد العلمية فوافق عليها.
وصرنا نستعد لإقامة حفلة كبيرة للملك وتتضمن إقامة مائدة شاي وحلويات ومكسرات للملك ومن معه، وكان سليمان بن عبد الله الرواف صديقًا حميمًا لي فحضر إلى المعهد من أجل مساعدتنا على الحفلة وليس له عمل رسمي في المعهد ولكن أراد بذلك مساعدتي من جهة ومن أجل أن يظهر هذا الحفل بالمظهر اللائق عند الملك سعود ومن معه.
فقلت له ولمن معه من موظفي المعهد: إنني سوف أكون في صحبة الملك عندما ينصرف من الحفلة وحتى لو كنت متفرغًا فإنني لا أضمن أن تغلق الباب على مائدة الشاي هذه حتى نودع الملك ونعود ليجلس عليها موظفو المعهد وأساتذته وكبار الذين معنا من الأصدقاء.
وقال سليمان الرواف: سأحاول أن أتولى ذلك فأصدر أمرك إلى الفراشين وموظف من موظفي المعهد يكونون معي، قالوا: وعندما انصرف
الملك وخرجت أنا معه أقبل أناس من الدهماء أي عامة الناس من الذين كانوا حضروا من باب الفضول وليسوا من ذوي الأقدار الذين يسمح لهم بالدخول إلى المكان الذي فيه الملك، وكان الناس آنذاك ليسوا من السعة في المال ولا في القدر من الثقافة مما كانوا عليه الآن.
ولما ودعت الملك سعود ولم يكن يسير معه محيطا به إلا أنا وابن عمي العقيد محمد بن علي الذيب قائد الحرس الملكي وبقية الناس كانوا خلفنا. فأسرعت أسأل صديقي الأستاذ سليمان الرواف عما حصل فقال: لم يستطع الذين عينتهم معي ولا غيرهم أن يمنعوا الناس من الدخول إلى القاعة ولكن هذا الأسد الشجاع القوي إبراهيم بن عبد الله المشيقح هو الذي وقف دونهم وحده ولم يستطيعوا على كثرتهم التغلب عليه فأغلق القاعة ووقف عندها.
أكبر المشيقح سنا في الوقت الحاضر - 1406 هـ - حمود بن عبد العزيز بن حمود بن مشيقح بن عبد الله المبيريك ولد عام 1316 هـ ثم توفي عام 1407 هـ عن 91 سنة.
وكان أوائلهم يسكنون في (اشيقر) وكان يقال لهم (العزام) أو آل أبو عزام، وبقي هناك أبناء عم لهم يقال لهم (العبودي) وآخرون يقال لهم الحميد، انتقلوا من أشيقر إلى شقراء، ولم يبق منهم من يسمون آل أبو عزام الآن أحد.
حدثني الشيخ عبد الله العبودي وهو زميل كريم يشغل الآن وظيفة كبيرة في رئاسة الإفتاء والبحوث العلمية في الرياض، قال:
اسمنا (العبودي) ونعرف أن المشيقح أبناء عم لنا، ونشترك معهم في وقف لآل أبو عزام في أشيقر، تركوا حصتهم فيه لنا.
وقال: أما مشيقح فإنني كثيرًا ما سمعت بعض المشايخ المسنين ينادون والدي بقولهم يا ابن مشيقح؟ فيجيبهم بقوله: نعم، ولا أدري أهو اسم لنا قديم
يعرفونه، ولا نعرفه أم إنّ ذلك لكوننا أبناء عم للمشيقح أهل بريدة الأثرياء المشهورين في كل أنحاء نجد.
قال: والأخير هو الأظهر، قلت: وهذا هو الصحيح فاسم مشيقح حديث كما سيأتي.
قال: وحدثني عمي ووالدي أن الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى قال لهم: أنتم يا آل أبو عزام جدكم فلان وأخوه فلان، وكانا فرا من دم لحق بهما فنزل جدكم في أشيقر، وأما أخوه فذهب إلى القصب وتزوج من قبيلية وصار من العرب القبليين.
ولما بلغ أصهاره في القصب أن أخاه في أشيقر صاهر غيرهم، أرسلوا أناسًا يسألون عنه، فأخبرهم جماعة أنهم من القبليين فاستمروا على مصاهرتهم له، وذكر ذرية أهل القصب بانهم يقال لهم الآن (آل فلان) ولم أشأ ذكر اسمهم.
وأقول: انتقل أسلاف آل مشيقح من أوشيقر إلى عنيزة وأمضوا فيها وقتا طويلًا تملكوا أثناءه، أملاكًا عديدة في عنيزة وأوقفوا أوقافا لا تزال باقية لهم حتى الآن.
فمتى كان قدومهم من أشيقر إلى عنيزة؟ لا أحد يعرف بالضبط ولكن الذي أرجحه أنّه كان في القرن العاشر أو آخر القرن التاسع، كما سيأتي، وأنهم بعد ذلك انتقلوا من عنيزة إلى بريدة.
والدليل على أن انتقالهم إلى عنيزة من أوشيقر قديم أن وجودهم في أشيقر كان قديمًا يرقى إلى القرن السابع الهجري، ثم انتقلوا إلى عنيزة وبقوا مددا تكاثروا فيها وتغيرت أسماء أسرتهم، وملكوا عقارات من الأراضي والنخيل، وذلك يحتاج وبخاصة في تلك العصور إلى وقت طويل.
وذكر لي الدكتور عبد اللطيف الحميد من آل أبو عزام أهل شقراء الذين هم
أبناء عم للمشيقح وهو أستاذ في الجامعة ومن المهتمين بهذه الأمور أن أوائل آل أبو عزام كان يقال لهم آل ابن عرفة ويسمون آل أبو عزام بن عرفة.
وإن سليمان بن عرفة هو جد آل أبو عزام الذين في القصب، ومحمد بن إبراهيم بن عزام هو جد آل أبو عزام أهل أشيقر الذين تفرع منهم المشيقح.
وتعليقا على ما نقل إلينا عن الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى من أن آل أبو عزام في أوشيقر أصلهم رجلان جاءا إلى الوشم في القرن السادس الهجري.
أقول: إني سمعت من أكثر من مصدر شفهي عن الشيخ إبراهيم بن عيسى المذكور، أن الرجلين قدما من مكان اسمه (الملقي) أحدهما نزل القصب والثاني وهو جد المشيقح نزل في أشيقر.
ونحن لا نعرف مكانا يقال له في القرن السادس الهجري (الملقي لذلك تبادر إلى ذهني أنّه قد يكون (البلقا) فالبلقا في أطراف الشام، وهي مكان فيه قرى ومواضع معمورة.
أول من جاء منهم إلى عنيزة:
استخلصنا من المعلومات العامة الموجودة عند آل عزام من أهل أشيقر وشقراء، ومن الأحاديث الشفهية أن أول من جاء من آل عزام إلى عنيزة من أوشيقر وصار جد المبيريك الذين منهم المشيقح وجد أبناء عمهم الحلوة هو (محمد بن إبراهيم بن عزام) وأنه قدم إلى عنيزة وحده، فلم يكن قد وفد مع جماعة من أسرته، أو من أبناء عمه كما كان قدومهم إلى بريدة من عنيزة عندما قدموا وهم جماعة كبيرة.
وإن (محمد بن إبراهيم بن عزام) كثرت ذريته في عنيزة وتفرقوا إلى فرعين هما المبيريك الذي منهم (المشيقح) والحلوة الذين عمروا خب الحلوة، ونسب إليهم.
وقد وجدت ورقة من الأوراق القديمة لأهل أشيقر فيها ذكر ذلك الرجل الذي هو (محمد بن إبراهيم بن عزام) جد المشيقح وأبناء عمهم من المبيريك، والحلوة وغيرهم، والورقة تظهر من عباراتها والكلام الذي فيها أنها من مكتوبات أول القرن العاشر أو آخر القرن التاسع، وتاريخها ساقط، لكن يفهم ذلك من عباراتها ومن ذكر اسر معروف أنها قديمة السكني في أوشيقر، بل أن بعضها كآل عقبة معروفون، وأنها كانت تعيش في أوشيقر في القرن الثامن الهجري وما بعده، وهي الأسرة التي منها مولي (صبيح) صاحب وصية صبيح التي فيها تاريخها واضحا في القرن الثامن الهجري.
وقد أشارت الورقة المذكورة عدة إشارات إلى أسرة (آل عزام) في أوشيقر.
والورقة تتضمن قسمة أملاك، ونصيب مسايل وهي جمع مسيل بمعني الوادي، أو المجرى المائي الذي يسيل بماء المطر، فمن ذلك ما جاء فيها:
(لمحمد بن إبراهيم بن عزام) أيضًا عشرة أسهم، وهذه في ورقة رديفة، وفي الورقة الأصلية ما يلي، مما يتعلق بآل عزام وأبناء عمهم آل عرفة.
وبجفرة بن غضنفر أحد عشر وربع (سهم) وهن لشعابي (آل عزام) والظاهر أن المراد بالشعابي: جمع شعبة وهو الفرع الصغير للوادي الذي يجري من السيل.
ثم قالت:
(ولشعبي آل ابن عرفة) وهم أبناء عم لآل عزام وهو الشرقي أثنا عشر وربع (سهم) منها أربعة شاريهن تليعة من أحمد بن سليمان من سقي الجفرة.
والتليعة: تصغير تلعة وهي مجرى السيل الصغير الذي يصب في الوادي الذي أكبر منه.
ثم قالت: ولحايط راشد الأسفل منها خمسة عشر (سهما) فهن عشرة لابن عزام.
وقالت: ولحايط راشد الأسفل ثلاثون سهما الحريملي أحمد بن محمد خمسة عشر سهما، عشرة: أصله، وخمسة من سقي جفرة (آل عزام)، ابن عرفة.
وهذا يدل على قرابة (العزام) أصل المشيقح وأبناء عمهم وأنهم أبناء عم لآل عرفة وأنهم متفرعون منهم.
وقالت: ولحايط جميلة خمسة عشرة سهما، ولجفرة (آل ابن عرفة) عشرة أسهم، إلى أن قالت:
ولشعبي آل ابن عرفة أحد عشر سهمًا وله أيضًا من سقي حويط آل الخرافي سهم واحد.
وقالت بعد ذلك:
وللعويقيل أربعة أسهم لتليعة: ثلثها وهو لجفرة (لآل عرفة).
ثم ذكرت مكانًا مهمًا اسمه الحوطة، وقالت فيما هو ظاهر أن المراد به سقي هذه الحوطة، والأماكن المذكورة معها.
و(السليمان بن عرفة) منها ثمانية أسهم.
هذا وقد احتفى كاتب هذه الورقة بها فذكر اسمه مسلسلا ولكن آخره الذي يه اسم أسرته وهو المهم قد أصابته أرضة أو رطوبة، فقال:
شهد على ذلك حجي بن عقبة، وكتب ذلك كله علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله.
وهذه صورة الورقتين المهمتين ومعهما ثالثة هي جزء منهما أو مماثلة لذلك، وظني أنهما منقولتان من أصل لم نقف عليه.