الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حمود بن مشيقح الأول:
وقلنا الأول حتى يخرج بذلك من اسمه (حمود) ممن أتوا بعده من ذريته ولأن أول من عرفناه سمي (حمود المشيقح) من أسرة المبيريك هو هذا.
ووالده هو رأس الأسرة (مشيقح) الذي لا مشيقح غيره في القديم فهو حمود بن مشيقح بن عبد الله المبيريك.
وهو والد الثري الزعيم الذي سيأتي ذكره عبد العزيز بن حمود المشيقح.
مات حمود الأول هذا 1289 هـ وهو تاجر وصاحب عقار، أقام مدة في التجارة بين بغداد إلى دير الزور وعاد إلى بريدة ومعه خمسون حملًا من البضائع واشترى بيتًا في غرب بريدة.
ومات حمود وعمر ابنه عبد العزيز الحمود 9 سنين ابنه الذي هو الثري الكبير، فأوصى عليه خاله الشيخ محمد بن عمر بن سليم، لأن أمه هي لطيفة بنت عمر بن سليم أول من جاء من آل سليم إلى بريدة كما قدمت ذلك عند ذكر (السليم) في حرف السين.
هذه وثيقة مبايعة تخص (المشيقح) تتضمن أن مزنة الحمود بن جليدان زوجة مشيقح ولم تكمل الوثيقة اسمه لأنه معروف ولا يشتبه به مع غيره، وإلا فإن اسمه الكامل هو مشيقح بن عبد الله المبيريك، قد باعت علي حمود بن مشيقح وعبد الله بن مشيقح نصيبها لأبيها أي مما ورثته من أبيها، وقد يفهم من هذا أنها ليست أمًا لهما ونصيبها من ابنتها منه، والمبيع عشر ملك مشيقح إلا ثمن عشره مشاع، وثمن عشره هو نصف ربع عشره الذي هو جزء من عشرة أجزاء.
وهو ملكه المعروف الكاين في الحُمُر بأرضه وبئره وأثله، ومن الطريف تعريفه للحُمُر بأنها بليدة الحُمُر - تصغير بلدة - والثمن ريالان فرانسة إلَّا ربع ريال فرانسي.
وتاريخها في 25 رجب سنة 1273 هـ.
والشاهد: هو الثري الشهير في وقته حمد آل محمد بن حُضير وعبد الله بن حمد بن سليم، وإبراهيم آل محمد بن مبيريك، وهذا من أبناء عم المشيقح.
الكاتب هو الشيخ القاضي الشهير محمد بن عبد الله بن سليم.
وأسفل منها مبايعة بين عائشة بنت مشيقح وبين أخويها عبد الله وحمود وهما المذكوران في المبايعة التي قبلها نصيبها من أبيها مشيقح أي مما ورثته من أبيها مشيقح، ويدل هذا على أن (مشيقح) كان قد مات قبل عقد هذه المبايعة كما في التي قبلها.
ونصيبها هو مما ورثته من أبيها من (هملان (الحُمُر).
والثمن ريالان فرانسة.
وخط الوثيقة غير واضح بسبب تقادم الحبر الذي كتبت به، وكاتبها هو كاتب التي قبلها وهو الشيخ القاضي محمد بن عبد الله بن سليم.
تدل الوثائق التي وصلت إلينا عن حمود بن مشيقح هذا وبخاصة وصيته أنّه ثري حقًّا وأنه يملك عقارات وأراضي زراعية عديدة لا يتخيل أن شخصًا واحدًا يملك مثلها، وبخاصة أنها كلها يشملها ثلث ماله الذي أوصى به، فما بالك بها إذا ضوعفت مرتين؟
ووصيته حافلة وقد وصل إلي منها ثلاث نسخ، بل ثلاث صيغ لثلاثة من الكتاب.
أحدهم عبد الله بن شومر وقد ضرب على كلمات منها.
والثاني محمد آل مهيد وهو من (آل أبي عليان) ومن أسلاف أسرة الطرباق، وتاريخها في النصف من رجب سنة خمس وستين (بعد المائتين والألف).
والثالث: الشيخ العلامة الشهير القاضي إبراهيم بن حمد الجاسر، وتاريخها في 13 محرم من عام 1330 هـ وهي نقل بلا شك عن النسخة التي كان كتبها عبد الله بن شومر أو قريبة من ذلك، وقد صرح الشيخ ابن جاسر بأنه كتبها من خط كاتبها عبد الله ولم يذكر اسم أسرته ولا أدري لم كتبت كل هذه المرات، وقد رأيت أن أصورها كلها أمام القارئ الكريم لأهمية الإطلاع عليها.
وأما الاختلاف في صيغ الوصية، والتغيير فيها فهو أمر كثير عندهم، لأن الشخص قد يوصي ثم يبدو له تغيير وصيته فيفعل ذلك، وقد نقلنا نص الوصية المكتوبة بخط محمد آل مهيد.
وكتابة الكاتب جيدة وأظن أن القارئ يستطيع أن يقرأها من دون مشقة.
ولكن فيها عبارات أو كلمات قليلة تحتاج إلى أن توضح للقارئ العصري.
ذكرت الوصية أنّه أوصى بثلث ماله في أعمال البر له ولوالديه، فإن اعتازوا عيالي فهم أحق فيه، يعني إذا احتاج أولاده إلى شيء من ثلث ماله فهم أحق بذلك من غيرهم.
قال ذلك لأنه لم يعرف أن عياله وبخاصة ابنه عبد العزيز وأبناءه سيكونون أغنى أسرة في بريدة ثم قال:
وفيه ثلاث ضحايا الدوام له ولوالديه، ومعنى الدوام أنها تذبح في كل عيد الضحى مدى الدهر، وذكر أن تلك الضحايا له ولوالديه، ثم قال: وثلاث قرب يظهرن أربعة أشهر ومعنى القرب أن تملًا القربة بالماء في أشهر الحر الأربعة وتجهز ليشرب منها من يحتاج إلى الشرب بالمجان، وذكر أنهن أي القرب له ولوالديه بمعنى أن ثوابها له ولوالديه.
ثم قال: وأيضًا خمسين وزنة (تمر) من الثلث خمس وعشرين للسيال، وهم السائلون الذين كانوا يطرقون أبواب البيوت يسألون النّاس أن يعطوهم شيئًا من التمر، ولو ثلاث تمرات أو شيئًا من الطعام المطبوخ، مهمًا كان نوعه، وخمس وعشرين فطرات أي الإفطار الصائمين إنّ أراد عياله أن يضعوها في المسجد يفطر بها من يحضرون إلى المسجد من الغرباء أو الفقراء والمراد بذلك الفطور في رمضان بعد غروب الشمس وليس الفطور الذي هو الوجبة الأولى في اليوم.
ثم قال: وإن أرادوا يحطونهن بالقهوة، أي في مكان الاستقبال من البيت، وكان من عادة بعض الأثرياء والوجهاء أن يجعلوا الإفطار بالتمر في رمضان في مكان القهوة من بيوتهم حتى يشرب الصائمون القهوة مع الفطور، وإذا كان الوقت باردا اصطلوا بالنار.
ثم تطرق إلى الدور والمخازن التي هي الدكاكين وأحدها: مخزن بمعني دكان، وسبق لنا شرح مثل هذه الكلمة، فقال: وهن البيتين القبليات وحقي من أربعة المخازن الدارجة وهنا اسقط الكاتب اسم الشخص الذي درجت عليه منه، يصرف كالثلث وهو وقف بأعمال البر.
ثم قال: وإن اعتاز من الذكر والأنثى من عيالي ينزل ولا حرج عليه أي ينزل بالمجان.
ثم انتقل إلى ذكر النخل فقال: ومقطر الهاشل اللي على ساقي الطلاسي - بفتح السين: جمع طلاسي بكسرها.
والهاشل هم أبناء عمه الآتي ذكرهم في حرف الهاء إنّ شاء الله، حقّ منه يحسب من الثلث، ونخلتين على ساقي النصار، والنصار أسرة من آل أبو عليان يسكنون في الصباح في فلائح لهم فيود مبارك الهاشل، ومعنى فيود: أملاك حقّ منهم، وهذه معناها حقي منهن بأعمال البر.
وثلاث نخلات متواليات اللي جن من إبراهيم الروق يريد التي دخلت في ملكه من إبراهيم الروق بالبيع أو المبادلة، والأول أقرب يصيرن من ها الثلث المذكور بأعمال البر.
ثم أجمل الأمر فقال: وما ذكرنا بها الورقة فهو بأعمال البر وقف، والذي يعتاز من عيالي ذكر أو أنثى فأنا محلله يأكل منه، ومن طرف ثلاث الشقر وهي النخلات الشقر التي بفيد أي ملك محمد المبيريك عمي، التي قسم عبد الله فهي
الأختي عايشة فهي سبيل له - لها - ولذريته - لذريتها - ووكيلي على ها الثلث المذكور أخوي عبد الله ينفذه على ما ذكرت ويفعل به فيما يشاء، فإلى أرشدوا العيال أي إذا بلغ العيال وهم أولاده سن الرشد فيفيض عبد الله على الصالح منهم الوكالة.
يفيض بمعنى يعطي ويسلم الصالح من عياله أي ينقل الوصاية على هذا الثلث إليه.
والشاهدان على هذه الوصية هما محمد الصالح البييبي وعبد الله بن شومر وكلاهما من أسرة معروفة، وعبد الله بن شومر هو إمام مسجد تقدم ذكره في حرف الشين.
ومن دراسة هذه الوصية المكتوبة بخط محمد آل مهيد تبين أنها مختصرة وأن في الوصية الأخرى أشياء كثيرة لم تذكر فيها، ولذا رأيت أنّه يتعين إيراد صورة الوصية التي كتبها الشيخ القاضي إبراهيم بن جاسر بخطه لأنها مبسوطة وواضحة.
وهذا نصها:
ومع أنها مبسوطة فقد تبين من تأملها أنها مجرد ملحق لوصية مبسوطة أكثر منها بدليل قوله في أولها:
أيضًا، أوصي حمود وسَبّل وأبدَّ بيت طرباق الخ، ولكن الوصية الأساسية لم تصلنا.
وقد رأيت إثبات صورة الوصية التي هي أصل المكتوبة بخط الشيخ ابن جاسر، وهي بخط عبد الله بن شومر.
ولم يقتصر حمود بن مشيقح على ما أوقفه وسبَّله في وصيته تلك، وإنما وجدنا له أوقافًا وأسبالًا أخرى أهمها مذكورة في هاتين الوثيقتين، ومعظمها مؤرخ في عام 1283 هـ.
ونظرًا لوضوح الخط الذي كتبتا فيه وهو خط الشيخ عبد الله بن شومر لم أرني محتاجًا إلى نقلها لحروف الطباعة ولا حتى للكلام عليها اختصارًا.
وهاتان صورتهما:
وهذه طائفة من مشتريات حمود بن مشيقح من العقارات اخترتها من بين وثائق لكونها مكتوبة بخط واضح أو لكون الذي كتبها عالم أو كاتب مشهور.
وأولها هذه التي فيها دين لحمود المشيقح في ذمة عثمان بن حميدان كبير هو عشر آلاف وزنة تمر شقر ومكتومي مؤجلة عشرة آجال أول حلول الأجال في سنة 1275 هـ.
وهذه الوثيقة التي ذيل عليها أمير القصيم عبد العزيز آل محمد (آل أبو عليان) في عام 1265 هـ بقوله:
"يعلم من يراه أني أنا يا عبد العزيز آل محمد أشرفت على مشترى حمود المشيقح المذكور بالورقة من ناصر العلي بن طويان، وأنا أمضيت لحمود وعبد الله ها المشتري المذكور المعلومة برواق شهد على ذلك عبد الله آل عبد العزيز آل أبو عليان) وسليمان الصقعبي وناصر الجربوع.
ويريد بقوله، وعبد الله، عبد الله بن مشيقح أخا حمود وهو الآتي ذكره.
ومما يدل على ثروة حمود بن مشيقح أنّه لم يقتصر على المداينات أو شراء العقار، وإنما كان أيضًا يبضع غيره، بمعنى أن يعطيه مالًا على طريقة المضاربة وهي المسماة عندهم البضاعة.
وقد حكم الفقهاء عندنا أن حكمها حكم شركة المضاربة، أو قالوا: إنّها تلحق بشركة المضاربة يسمونها بضاعة جمعها بضائع.
ويعطي من عنده مال أشخاصًا ثقاة لديهم خبرة بتنمية المال، ولا يكون بينهما مكاتبة كما يكون بين المتداينين لأن البضاعة مبنية على الثقة.
هكذا أدركناهم وأدركنا القضاة يحكمون بأنها مثل الوديعة أو الأمانة التي إذا تلفت لم يضمنها من هي عنده.
ولذلك قالت العامة: (البضايع، مال ضايع) يعنون هذه، ولا يعنون البضائع التي تباع وتشترى.
وجدت في دفتر الثري المعروف في وقته سليمان بن صالح السالم من أسرة السالم الكبيرة القديمة السكني في بريدة بيانا بالبضائع التي عنده للناس في عام 1260 هـ. وفي عام 1261 هـ.
وقد عنون ذلك بقوله:
(ثبات خير إن شاء الله البضاعة سنة ستين).
أي سنة 1260 وثبات خير: إثبات خير وهو المحافظة على حقوق الآخرين في السطر الأول من ذلك البيان أن عنده لحمود المشيقح خمسين ريالًا، وبعده ذكر الذين لديه لهم بضائع ومنهم جد والدي عبد الكريم آل عبود وهو ثري معروف في وقته، والخمسون ريالًا ثروة كبيرة في تلك العصور، وهي تكفي ثمنًا لبيت متوسط.
وفي الإثبات الثاني الذي كتبه بعد الأول بسنة يذكر في أول سطر أن الحمود المشيقح لديه ثلاثين ريالًا.