الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعندما توفي نشرت الجرائد وفاته بمكان بارز ورثاه عدد من الأشخاص بكلمات ومقالات عديدة من ذلك ما نشرته جريدة الرياض في عددها الصادر يوم 15/ 3 / 1428 هـ بعنوان:
عميد أسرة المشيقح إلى رحمة الله:
انتقل إلى رحمة الله تعالى عميد أسرة المشيقح الشيخ محمد بن عبد العزيز بن حمود المشيقح عن عمر يناهز (98) عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض حيث فارق الحياة على السرير الأبيض بمستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة، وسوف تؤدي الصلاة على الميت ظهر اليوم في مسجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بحي الخليج ببريدة، تعازينا لابنائه إبراهيم، وعبد العزيز، وعبد المحسن، ولكافة أسرة المشيقح.
الفقيد كان إمامًا لمسجد المشيقح الواقع بسوق خضار بريدة طيلة (50 عامًا) تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته (إنا لله وإنا إليه راجعون).
ونشرت جريدة الجزيرة التي تصدر في الرياض مقالًا في صفحة الرأي لصالح الصقعبي المقال التالي بعنوان:
(الشيخ المشيقح، نجم أنطفأ من سماء بريدة)
وذلك في 27/ 4 / 2007 م.
الشيخ المشيقح نجم انطفأ من سماء بريدة:
النجوم تسكن السماء ولا يستطيع رؤيتها وتقدير مكامن الجمال فيها ودرجة إشعاع نورها وارتباط هذا النور في إنارة العديد من الأحجام المنظمة المحيطة بها إلَّا من اعتاد على تأمل السماء ورصد حركة كواكبها ومستوى إنارتها.
وفائدة ذلك للمتأمل وللمتعلم وللمراقب في أبسط صورها هي علامة يهتدي بها لتحديد الاتجاه، ومن ثم مواصلة المسير.
ومثل هذا بلا شك لا يستطيع أن يميز بين نجم وآخر، بل قد يجهل مضمونها قبل مدلولها، إن كان هذا يحصل مع النجوم التي منحها الخالق نورًا ظاهرًا فما بالكم بالبشر الذين وإن حظوا من خالقهم بمكامن مضيئة يتم التعبير عنها بالأقوال والأفعال عبر مسيرة الحياة، إلَّا أن من يتابع مثل ذلك من المحيطين بهم أقل بكثير من الناظرين إلى السماء.
ولعل مشهد الوادع الأخير الذي حظي به هذا النجم الذي انطفأ من سماء بريدة وأعني به الشيخ الزاهد العالم الخطيب محمد بن عبد العزيز بن حمود المشيقح رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وقد شيعته بريدة يوم الأحد الموافق 13/ 3 / 1428 هـ في مشهد مهيب، كان لي شرف القرب من المرحوم بحكم النسب والجيرة وهذا جعلني أرصد بعض إضاءته الإنسانية والإيمانية، وهنا أقدم الشكر للكاتب عبد الله بن عبد الوهاب البريدي على ما خطه قلمه في الجزيرة الغراء عن هذا العالم العابد من حفظه للقرآن وحرصه على التدريس في مسجد المشيقح وغيره مما ورد في مقال الكاتب البريدي.
وبدوري أقول: كان الشيخ المشيقح رحمه الله يقوم بزيارة خاله الشيخ عبد الله المحمد الصقعبي بعد صلاة كل يوم جمعة، وقد تتكرر هذه الزيارة لأكثر من ثلاث مرات مساء في الأسبوع الواحد.
واعتدنا على رؤيته - رحمة الله عليه - ونحن نلهو بالعابنا بالحارة، يحمل العديد من أكياس الفاكهة ويقوم بتوزيعها بعناية، وكانت الفاكهة في أواخر الثمانينيات الهجرية وأوائل التسعينات نادرة الوجود لدى الأسر المتوسطة في بريدة، فما بالك بالأرامل والأسر المحتاجة، وكان يوزع هذه الفاكهة على الأسر الأكثر حاجة في الحارة.
كنت أرقب تحركاته رحمه الله لإعجابي الشديد لسيرته ومسيرته، وكان هو أيضًا من يستقبلني صوته وهو يؤم المصلين في مسجد المشيقح، كما أسميه أنا ومن هم في جيلي أو مسجد (عيسى) كما يسميه جدي، وكان الشيخ محمد إمام المسجد بعد وفاة أخيه الشيخ عبد الله، واستمر إمام وخطيب المسجد طيلة أربعين عامًا.
كان يؤم المصلين الفروض الخمسة بالإضافة لصلاة التراويح والقيام في رمضان، وقد اشتهر بالورع والخشوع حيث كان الكثير من الناس يحرصون على الصلاة خلفه، وحضور ختم القرآن في ليلة خمس وعشرين من رمضان.
حيث ظل يقرأ طيلة هذه السنين في ختم القرآن الدعاء الذي كتبه له خاله الشيخ محمد بن عبد الله الصقعبي، ولكون العم محمد إمامًا للمسجد ومعلمًا ومربيًا فقد كان يتعامل معنا نحن فئة (العيال) باللين والأبوة الصادقة، فقد صادف في مرات عديدة خروجه من المسجد ورؤيته لي ولعدد من أبناء الحارة نلعب كرة الطائرة أو ألعاب أخرى ولم نشهد الصلاة معه.
كان يلاطفنا ويعطينا الحلوى كعادته وقبل أن ينصرف يأخذ وعدًا منا جميعًا بأن نشهد الصلاة في الصف الأول، وكنا نفي بوعدنا أحيانًا.
وحول الاستشراقات الأولى لهذا النجم المليء بالروح الإيمانية الصادقة البعيدة عن حب الدنيا وهواها ذكر الأخ البريدي في مقالته التي نشرت في الجزيرة أن والدة العم محمد رأته في المنام وهي حامل به وهي تلبس عقدا متميزًا وفسَّر في حينه أنها سوف ترزق بمولود ذكر يعمر طويلًا، وفي هذا السياق ذكرت لي جدتي خديجة الصالح الصقعبي وهي ابنة عم والده الشيخ محمد وزوجة خاله عبد الله أنها كانت تذهب بصحبة ابنة عمها وابنها الوحيد محمد، وكان رضيعًا إلى مشارف مدينة بريدة من جهة الخبوب الغربية فوق حارة العجيبة بالقرب من أثل هناك،