الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالرغم من أن يهود بنى قريظة هم من سكان يثرب ومواطنون ملزمون (بموجب المعاهدة المعقودة بينهم وبين المسلمين) بالمشاركة في حفر الخندق، كعمل من أعمال الدفاع عن المدينة، فإن هؤلاء اليهود لم يشارك منهم أحد في عملية حفر الخندق، وكان هذا أول عمل (غير ودى) ومخالفًا لنصوص المعاهدة قام به يهود بنى قريظة.
ومن أجل إنجاز حفر الخندق (قبل وصول جيوش الأحزاب) أجهد الجيش نفسه في العمل، فكانوا يعملون في الحفر طيلة النهار ولا يستريحون إلا في الليل، وكان النبي القائد * يشرف بنفسه على أعمال الحفر، ويحفر بيده الكريمة مع المسلمين حتى تم إنجاز الخندق.
ظروف صعبة
وبالإضافة إلى أن عملية حفر الخندق (الذي لا يقل طوله عن خمسة آلاف ذراع) كانت -في حد ذاتها- عملية شاقة لغاية، فإن الظروف المعيشية التي قام المسلمون فيها بحفر الخندق، كانت ظروفًا صعبة جدًّا.
فقد كان ذلك العام (بالنسبة للمسلمين) عام مجاعة، فكان أكثر المسلمين الذين يقومون بأعمال حفر لا يجدون القوت الضرورى الذي يسدون به جوعتهم، بما في ذلك النبي الأعظم * الذي كان (وهو يقوم بأعمال الحفر) يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع، وكان الطعام الرئيسى، للذين يجدونه، هو التمر فقط.
ومما يدل على أن المسلمين كانوا عند حفر الخندق في ظروف معيشية صعبة، وفي حالة مجاعة شديدة ما رواه ابن إسحاق عن سعيد بن مينا أنه حدث: أن ابنة لبشير بن سعد -أخت النعمان بن بشير- قالت دعتنى أمى عمرة بنت رواحة، فأعطتنى حفنة من تمر في ثوبى، ثم قالت: أي بنية، أذهبى إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما.
قالت: فأخذتها، فانطلقت بها فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي وخالى فقال: تعالى يا بنية ما هذا معك؟ قالت: فقلت: يا رسول الله، هذا تمر بعثتنى به أمى إلى أبي بشير بن سعد، وخالى عبد الله بن رواحة يتغديانه.
قال: هاتيه، قالت: فصببته في كفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له، ثم دعا بالتمر عليه، فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: أصرخ في أهل الخندق: أن هلم إلى الغداء، فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد، حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
وبالإضافة إلى حالة المجاعة الشديدة التي كان عليها المسلمون عند حفر الخندق، كان البرد قارصًا والرياح شديدة مزعجة.
قال البخاري روايًا عن سهل بن سعد قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على أكتافنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
…
فاغفر للأنصار والمهاجرة.