الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن خيرة مثقفيهم، فقد كانوا يقولون لهم (القراء) لما يمتازون به بين قومهم من ثقافة عالية، بالإضافة إلى ميزتهم العسكرية.
ويكفى أن يفهم القارئ أن رجال هذا الوفد كانوا على مستوى ذلك المحارب الشهير البطل (الحارث بن الصمة)(1) الذي كان أحد الأفذاذ الذين ثبتوا يوم أحد، ودافعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعًا رائعًا ساعة انهزام المسلمين عنه بعد الانتكاسة، فقد كان هذا البطل المثقف الشجاع ضمن من لقى حتفه من القراء (غدرًا) في ديار نجد.
تحرك وفد الدعوة المسالم هذا وغادر المدينة في جوار سيد بنى عامر، عامر بن مالك، ولم يكن هذا الوفد (طبعًا) مستعدًا للحرب.
لأنه إنما جاء لدعوة القبائل إلى الإسلام وكان على ما يشبه اليقين بأن لن يلقى حربًا أثناء قيامه بمهمته السلمية التي أوكلت إليه، لا سيما وأنه في جوار سيد من سادات بنى عامر.
مكان الكارثة
واصل وفد الدعوة سيره حتى وصل إلى مكان بين منازل بنى عامر وديار بنى سليم يقال له (بئر معونة) وإذ وصل الوفد ذلك المكان بعث أحد أعضائه - حرام بن ملكان - (2) بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يحمله
(1) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة أحد).
(2)
هو حرام بن ملكان بن مالك بن خالد النجارى الأنصارى، من السابقين الأولين في الإسلام، شهد بدرًا وأحدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشهد في حادثة بئر معونة كما هو مفصل في هذا الكتاب.
الوفد إلى زعيم تلك القبائل، عامر بن الطفيل، وهو ابن أخي ملاعب الأسنة.
وكان عامر هذا رجلًا شرسًا شديد العداوة للإسلام، فلما جاءه الرسول بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لم ينظر فيه بل عدا على حامل الخطاب فقتله، بالرغم من أنه رسول، والرسول لا يقتل في عرف جميع البشر.
وبعد أن قتل هذا الغادر رسول وفد الدعوة استصرخ قبائل بنى عامر وطلب منهم مشاركته القضاء علي جميع أعضاء الوفد النبوى الثقافى المسالم.
إلا أن هذه القبائل (بالرغم من شركها) لم تستجب لهذا الغادر، فرفضت طلبه بعد أن أبلغته بأنه من العار عليها المشاركة في قتل قوم مسالمين، هم في جوار زعيم من زعمائها وهو عامر بن مالك ملاعب الأسنة.
ولما يئس عامر بن الطفيل من مساندة قومه بنى عامر له في الغدر بالمسلمين غضب ولجأ في الحال إلى قبائل رعْل وعُصية وذكوان وهم من بنى سليم فأجابوه إلى ذلك.
وعندها تحركت قوات الغدر والخيانة البالغ عددها حوالي الألف فارس فأخذت المسلمين على حين غرة، فقد كان رجال الوفد مطمئنين في رحالهم ينتظرون عودة رسولهم الذي أرسلوه بخطاب النبي على عامر بن الطفيل، وما كانوا يتصورون أن الغدر سيبلغ بهذه القبائل إلى درجة الاعتداء على الآمنين في جوارهم، الأمر الذي كان العرب جميعًا مسلمهم ووثنيهم يستهجنونه ويستبشعونه.