الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد تضاعف الخوف واشتد الفزع وركضت القلوب بين الجُنُوب (رعبًا وهلعًا) حتى بلغت الحناجر، وأخذ المنافقون -في تلك الليالى المخيفة التي تحالفت فيها (على المسلمين) البلايا وتقاطرت فيها ضدهم الخطوب والرزايا- أخذ هؤلاء المنافقون يتسللون (هربًا) من مواقعهم داخل صفوف الجيش الإسلامي، تاركين هذا الجيش الصغير لمصيره في مهب العاصفة التي تنوشه رياحها الهُوج بعنف وقسوة تنخلع لها القلوب.
ثبات العصبة المؤمنة
وظلت الصفوة المختارة من صحابة محمد صلى الله عليه وسلم الأبرار بجانب الرسول القائد العظيم، صامدة ثابتة، في تلك الليالى الحاسمات المثقلات بالمحن والكروب، في انتظار ما ستتمخض عنه هذه الليالى من أحداث خطيرة مقلقة، لا يعلم مداها إلا الله، وخاصة ما يتوقعه المسلمون من هجوم تقوم به قريظة الغادرة على الجيش الإسلامي من الخلف، كما هي الخطة المتفق عليها بين اليهود والأحزاب.
نقطة التحول في المعركة عسكريًا
وبعد نقض قريظة العهد وانضمامها إلى الأحزاب، دخلت (فعلًا) الحرب في مراحل أكثر جدية من ذي قبل. فقد كانت مفاجأة قيادة المدينة لقيادة الأحزاب بحفر الخندق (كخط أول للدفاع عن المدينة) صدمة عنيفة جعلت قادة الأحزاب يفقدون الأمل في سحق المسلمين عن طريق الالتحام بهم في معركة فاصلة كما هي الخطة المرسومة للمعركة والمتفق عليها من الأساس.
ولكن الأمل في سحق المسلمين عن طريق الالتحام بهم في معركة فاصلة أخذ يعود إلى نفوس قادة الأحزاب، بعد أن تبلغوا من يهود بنى قريظة (رسميًا) انحيازهم إليهم واستعدادهم لضرب المسلمين من الخلف.
فأخذوا لذلك يضاعفون من تحفزاتهم ومحاولاتهم لاقتحام الخندق وعبوره نحو المسلمين، وضاعفوا من دورياتهم الاستفزازية على طول الخندق لإرهاب المسلمين وتحطيم معنوياتهم تمهيدًا للخطة الحاسمة التي يشنون فيها الهجوم العام المرتقب عليهم بالإشتراك مع يهود بنى قريظة.
ولذلك فقد اتفق قادة قريش (أبو سفيان بن حرب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب الفهرى وعكرمة بن أبي جهل وهيبرة بن أبي هبيرة، ونوفل بن عبد الله) اتفقوا على أن يقودوا عملية مناوشة المسلمين وإزعاجهم بأنفسهم.
فقد اتفق هؤلاء القادة على أن يكون لكل واحد منهم يوم، يقود فيه عمليات الاستفزاز والمناوشات على طول مشارف الخندق، فصار رجال كل قائد من هؤلاء القادة يقوم بهذه العمليات لمدة يوم وليلة دونما انقطاع. (1)
(1) قال ابن سعد في طبقاته الكبرى .. وكان عباد بن بشر على حرس قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غيره من الأنصار يحرسونه كل ليلة، فكان المشركون يتناوبون بينهم، فيغدوا أبو سفيان بن حرب في أصحابه يومًا ويغدو خالد بن الوليد يومًا، ويغدو عمرو بن العاص يومًا ويغدو هيبرة بن أبي وهب يومًا ويغدو ضرار بن الخطاب الفهرى يومًا، فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون أخرى ويناوشون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدمون رماتهم فيرمون.