الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد (أي تألم) على أحد ما وجد على أصحاب بئر معونة.
وكان الذي نقل نبأ الفاجعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو عمرو بن أُمية، الناجى الوحيد من المذبحة المروعة. وجاء في السيرة الحلبية أن وفد القراء لما أحاطت بهم خيل عامر بن الطفيل قالوا .. اللهم إنا لا نجد من يبلغ رسولك عنا السلام غيرك، فأقرئه منا السلام، فنزل الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فرقى المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال .. إن إخوانكم قد لقوا المشركين وقتلوهم.
وذكر ابن سعد في طبقاته الكبرى - راويًا عن أنس بن مالك أن الله أنزل في الذين قتلوا في بئر معونة قرآنًا وأنه نسخ فيما بعد وهو قول الله تعالى مبلغًا عن الشهداء المغدور بهم (بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه).
وقد تألم النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل بأصحابه من القتل حتى إنه (كما في الصحيحين) ظل يقنت في الصلوات الخمس شهرًا كاملًا يدعوا على قبائل رعل وذكوان وعصية الدين غدروا بأصحابه في بئر معونة.
الضمري يغتال رجلين من بني عامر
وأثناء عودة عمرو بن أمية الضمرى إلى المدينة التقى في وادي قناة بالقرب من المدينة برجلين من بنى كلاب - رهط عامر بن الطفيل - فاستدرجهما حتى قتلهما وهو يرى أنه أصاب بهما ثؤرة.
وقد فعل ذلك وهو لا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطاهما أمانا، ولذلك لما
أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتلهما قال .. بئس ما صنعت قد كان لهما مني أمان وجوار، لأدِينَّهما، ثم بعث صلى الله عليه وسلم، بديتهما إلى قومهما من المشركين تنفيذًا لقانون العهد والجوار السائد بين القبائل العرب.
وقد تألم أبو براء عامر بن مالك لما فعل ابن أخيه عامر بن الطفيل وشق عليه ما أصاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على يد هذا الغادر الطاغية، حتى إن أبا براء (كما يقول ابن برهان الدين) مات أسفًا على ما صنع ابن أخيه من الغدر الشنيع بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا في جواره وأمانه.
ولم يرو التاريخ أن رهط ملاعب الأسنة أبي براء قد ردوا اعتبار زعيمهم بالانتقام من عامر بن الطفيل وقومه اللهم إلا أن ابن أبي براء (واسمه ربيعة) قد حاول الانتقام لشرف أبيه من الطاغية الغادر عامر بن الطفيل فحمل عليه بالرمح في نادى قومه يريد قتله وقد طعنه فعلًا إلا أن الطعنة لم تكن قاتلة حيث جاءت في فخذه، فلم يمت منها، وقد حال رهط ابن الطفيل وبين ابن عمه من أن يسدد إليه طعنة اقتص منه فرفضى قائلاُ: إن أنا مت، فدمى لعمى - يعني ملاعب الأسنة أبا براء - ويروى أصحاب السير أن ربيعة بن مالك هذا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعرب عن أسفه لما أصاب أصحابه في جوار أبيه وقال له: أيغسل عن أبي هذه الغدرة أن أضرب عامر بن الطفيل ضربة أو طعنة؟ قال .. نعم فطعنه بالرمح كما هو مفصل فيما مضى.