المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دقة موقف المسلمين - من معارك الإسلام الفاصلة = موسوعة الغزوات الكبرى - جـ ٣

[محمد بن أحمد باشميل]

فهرس الكتاب

- ‌ 3 -غزوة الأحزاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول

- ‌الأثر السييء بعد معركة أحد

- ‌حملة حمراء الأسد

- ‌الحركات العسكرية ضد الأعراب

- ‌نشاط الاستخبارات النبوية

- ‌عدد الحملات العسكرية بين أحد والأحزاب

- ‌1 - تأديب بني أسد

- ‌2 - سرية عبد الله بن أنيس

- ‌الفتك بقائد الحشد الهذلي

- ‌استدراج قائد هزيل لقتله

- ‌فاجعة بئر معونة .. (صفر سنة أربع من الهجرة)

- ‌مكان الكارثة

- ‌إبادة رجال الوفد عن آخرهم

- ‌وقع الكارثة في المدينة

- ‌الضمري يغتال رجلين من بني عامر

- ‌توالي الامتحان على المسلمين

- ‌نازلة أخرى .. حادثة الرجيع (شهر صفر من السنة الرابعة للهجرة)

- ‌الغدر برجال البعثة

- ‌القتلي من رجال البعثة

- ‌هذيل تبيع الأسيرين لقريش

- ‌كيف أعدمت قريش الأسيرين

- ‌كيف قتل المشركون خبيبًا

- ‌من آثار تلك الجريمة

- ‌سرور اليهود والمنافقين بالنكبة

- ‌3 - غزوة بنى النضير .. (ربيع الأول سنة أربع من الهجرة)

- ‌بنو النضير يحاولون اغتيال الرسول في ديارهم

- ‌النبي في ديار بني النضير

- ‌مخطط اليهود لاغتيال النبي

- ‌كيف نجا النبي من المؤامرة

- ‌براعة الرسول السياسية

- ‌إنذار اليهود بالجلاء عن المدينة

- ‌اليهود يرفضون الإنذار

- ‌ضرب الحصار على بني النضير

- ‌عملية إحراق نخيل اليهود

- ‌عدم جدية إحراق النخيل

- ‌احتجاج اليهود على حرق النخيل

- ‌مفاوضة اليهود للتسليم

- ‌قتلى اليهود في الحصار

- ‌اتفاقية الجلاء

- ‌كيف تم إجلاء بني النضير

- ‌مظاهرة اليهود عند الجلاء

- ‌نموذج لحرية العقيدة

- ‌وجهة اليهود بعد الجلاء

- ‌مصير غنائم بني النضير

- ‌تألم المنافقين لجلاء اليهود

- ‌القرآن وجلاء بنى النضير

- ‌4 - غزوة ذات الرقاع

- ‌أمير المدينة بالنيابة

- ‌صلاة الخوف في هذه الغزوة

- ‌تحقيق الحملة أغراضها

- ‌محاولة اغتيال النبي للمرة الرابعة

- ‌حادثة مثيرة

- ‌عودة النبي إلى المدينة

- ‌5 - غزوة بدر الآخرة

- ‌مناورة أبي سفيان لتفادي المعركة

- ‌أبو سفيان يستأجر نعيم بن مسعود للإرجاف

- ‌تأثر المسلمين بالإرجاف

- ‌الأمير النائب علي المدينة

- ‌جيش مكة ينكل عن المعركة

- ‌أبو سفيان يخطب في الجيش

- ‌محو آثار هزيمة أُحد

- ‌6 - غزوة دومة الجندل

- ‌أمير المدينة بالنيابة

- ‌نجاح الحملة

- ‌المغزى البعيد للحملة

- ‌مدة الحملة

- ‌7 - غزوة بني المصطلق

- ‌أمير للمدينة بالنيابة

- ‌المنافقون في الجيش

- ‌نشوب المعركة وانهزام العدو

- ‌الأسرى والغنائم

- ‌إطلاق سراح جميع الأسرى

- ‌المنافقون يثيرون الفتنة داخل الجيش

- ‌رأس الفتنة يتكلم

- ‌حكمة الرسول تنقذ الموقف

- ‌خطوة حكيمة حاسمة

- ‌هو والله الذليل وأنت العزيز

- ‌هكذا تصنع العقائد الرجال

- ‌يمنع أباه من دخول المدينة

- ‌مقالة ابن أبي في القرآن

- ‌المعركة الكبرى .. حديث الإفك

- ‌الشرارة الأولى

- ‌عائشة تروي القصة المؤلمة

- ‌النبي يطلب كف أذى رأس النفاق

- ‌كادت الفتنة أن تنشب بين الأوس والخزرج

- ‌نزول الوحي ببراءة عائشة

- ‌آيات التبرئة

- ‌القضاء على الفتنة

- ‌إقامة الحد على المفترين

- ‌أضخم معركة يخوضها الرسول

- ‌وصف محنة الصديق الأكبر وأهل بيته

- ‌ابن المعطل يضرب حسانًا بالسيف

- ‌الفصل الثاني

- ‌حقد اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفكير اليهود في تحزيب الأحزاب

- ‌وفد اليهود يطوف بين الأعراب

- ‌الوفد اليهودي في مكة

- ‌اليهود في برلمان مكة

- ‌الوفد اليهودي في ديار غطفان

- ‌نجاح اليهود في إنشاء الاتحاد ضد المسلمين

- ‌اتفاقية الاتحاد وشروطها

- ‌الأحزاب يتجهزون

- ‌تحالف قريش عند أستار الكعبة

- ‌قادة جيوش غطفان

- ‌الموقف في المدينة

- ‌خطة الدفاع عن المدينة

- ‌المشكلة الكبرى

- ‌صاحب فكرة الخندق

- ‌الخندق أعظم خط للدفاع عن المدينة

- ‌تفاصيل خطة الدفاع

- ‌استراتيجية موقع الجيش الإسلامي

- ‌كيف وأين حفر الخندق

- ‌الجيش هو الذي حفر الخندق

- ‌ظروف صعبة

- ‌النبي يحمل التراب في الخندق

- ‌الصخرة التي حطمها الرسول

- ‌أبو رقاد

- ‌عمل المنافقين التخريبي في الخندق

- ‌تنديد القرآن بالمنافقين

- ‌طول الخندق

- ‌فعالية الخندق في الدفاع عن المدينة

- ‌الفصل الثالث

- ‌النبي يستعرض جيشه

- ‌أمير المدينة بالنيابة

- ‌تحركات الأحزاب نحو المدينة

- ‌القائد العام لجيوش الأحزاب

- ‌حقيقية عدد قوات المسلمين

- ‌أول شهيدين من المسلمين

- ‌أين عسكر الأحزاب

- ‌خطة الأحزاب لاحتلال المدينة

- ‌الحلف بين المسلمين واليهود

- ‌الخندق يحبط خطة الأحزاب

- ‌تجيمد نشاط جيوش الأحزاب

- ‌مكيدة ما كنت العرب تكيدها

- ‌خوف المسلمين من غدر اليهود

- ‌كيف نقض اليهود العهد

- ‌شيطان خيبر في صفون بني قريظة

- ‌ممانعة سيد قريظة في نقض العهد

- ‌المناقشة بين الزعيمين اليهودين

- ‌أحد زعماء اليهود يحذر من نقض العهد

- ‌إعلان قريظة الغدر بالمسلمين

- ‌تمزيق صحيفة المعاهدة

- ‌وفد النبي إلى بني قريظة

- ‌المشادة بين الوفد النبوي وبنى قريظة

- ‌سعد بن معاذ ينصح حلفاءه من اليهود

- ‌كلمة السر بين النبي والوفد

- ‌الموقف بعد نقض اليهود العهد

- ‌تدهور الحالة عند المسلمين

- ‌بلوغ القلوب الحناجر

- ‌ظهور النفاق داخل جيش المدينة

- ‌مقالة المنافقين

- ‌القوة الثالثة ضد المسلمين

- ‌انسحاب المنافقين من الجيش

- ‌محاولة النبي عقد صلح منفرد مع غطفان

- ‌اتصال النبي بقيادة غطفان

- ‌بنود الصلح المقترح

- ‌استشارة الأنصار

- ‌سادة الأنصار يرفضون الصلح

- ‌والله لا نعطيهم إلا السيف

- ‌موقف رائع

- ‌توتر الحالة ومضاعفة التيقظ

- ‌ثبات العصبة المؤمنة

- ‌نقطة التحول في المعركة عسكريًا

- ‌اللغز العسكري في المعركة

- ‌نقل المعركة إلى معسكر المسلمين

- ‌مصرع فارس قريش

- ‌إنهزام الفرسان الفدائيين

- ‌قريش تطلب جثة فارسها

- ‌رد فعل الهزيمة في نفوس الأحزاب

- ‌توقف قريش عن مغامرات القفز بالخيل

- ‌الفقر والجوع في الجيش الإسلامي

- ‌مصادرة قافلة للعدو

- ‌نشاط خيل المشركين

- ‌النبي يقوم بأعمال الدورية

- ‌خالد بن الوليد واقتحام الخندق

- ‌أبو سفيان يقود الخيل بنفسه

- ‌المحاولة الأخيرة لاحتلال المدينة

- ‌تفاصيل الخطة الجديدة

- ‌أشد ليالي الخندق

- ‌دعاء الرسول وقت الشدة

- ‌قريظة تتحرش بالمسلمين

- ‌هجوم اليهود على النساء

- ‌محاولة اليهود الهجوم على نساء الناس

- ‌شدة الحصار تمنع المسلمين من الصلاة

- ‌الهجوم على مقر قيادة الرسول

- ‌وقفة ففهية

- ‌درجة الإنهيار

- ‌ليالى الرعب المخيفة

- ‌ليالي الخندق الأخيرة

- ‌حذيفة يصف ليالي الكرب والشدة

- ‌الفصل الرابع

- ‌التحول الخطير في الموقف

- ‌الرجل الذي غير مجرى الأحداث

- ‌نعيم بن مسعود في المعسكر النبوي

- ‌داهية الخندق عند بني قريظة

- ‌كيف انخدعت قريظة بداهية الخندق

- ‌نعيم الداهية في قيادة الأحزاب

- ‌انخداع الأحزاب بداهية الخندق

- ‌وفد الأحزاب إلي بني قريظة

- ‌الأحزاب تطلب الهجوم وقريظة تطلب الرهائن

- ‌ظهور الخلاف بين الأحزاب واليهود

- ‌الأحزاب يرفضون إعطاء الرهائن

- ‌شيطان بني النضير يحاول رأب الصدع

- ‌بنو قريظة يفاوضون الناس في الصلح

- ‌إنهيار الاتحاد الوثني اليهودي

- ‌أبو سفيان يأمر بالإنسحاب

- ‌أبو سفيان يخطب في الجيش

- ‌فك الحصار عن المدينة نهائيًا

- ‌الأحزاب تنظم انسحابها

- ‌أبو سفيان يكتب إلى النبي عند الإنسحاب

- ‌آخر غزوة يقوم بها العدو

- ‌الفصل الخامس

- ‌عدد شهداء المسلمين

- ‌قتلى لم يعرف عددهم

- ‌قتلى المشركين

- ‌حديث القرآن عن المعركة

- ‌حديث القرآن عن تدهور الحالة

- ‌حديث القرآن عن المنافقين

- ‌حديث القرآن عن مواقف المسلمين المشرفة

- ‌الابتلاء والإختبار

- ‌الفصل السادس

- ‌دقة موقف المسلمين

- ‌أسباب فشل الأحزاب

- ‌الأسباب الرئيسية

- ‌التذمر في صفوف الأحزاب

- ‌السبب الثاني .. خديعة نعيم بن مسعود

- ‌السبب الثالث .. العقيدة

- ‌الخواء العقائدي عند الأحزاب

- ‌مقارنة بين الأحزاب والمسلمين

- ‌حصيلة الغزو العكسية

- ‌سمعة المسلمين بعد غزوة الأحزاب

- ‌السبب الرئيسي

الفصل: ‌دقة موقف المسلمين

‌دقة موقف المسلمين

لقد كان كل شيء مادى يوحى (على نحو ساحق) بأن الغلبة ستكون للأحزاب على المسلمين وأن نهايتهم في (حساب التقدير العسكري المجرد) أمر مفروغ منه، وذلك للأسباب الآتية:

1 -

قوة العدو الساحقة المتفوقة في كل شيء مادي:

فقد أطبقت على المدينة عشرة آلاف مقاتل من العرب القرشيين والغطفانيين، مجهزين أحسن تجهيز، وكلهم غيظ وحنق على المسلمين يساند هذه القوات العسكرية الضخمة رأس المال اليهودى الطاغى ويخطط لها الفكر الإسرائيلى الماكر الخبيث.

يقابل كل هذه القوات الضخمة في الجانب الآخر (المسلمين) ألف مقاتل فقط هم دون هذه القوة في كل شيء مادى سوى الإيمان.

2 -

نقض اليهود للعهد:

- وبالإضافة إلى الخطر المدمر الذي وقف جيش الإسلام بأكمله لمواجهته، والمتمثل في هذه الحشود القرشية والنجدية الهائلة، تعرض هذا الجيش لوجة مزلزلة مخيفة وهي غدر يهود بنى قريظة، بنقضهم العهد وانضمامهم (وهم وراء خطوط جيش الإسلام) إلى الغزاة في تلك الساعات الرهيبة الحاسمة.

فقد كانت هناك معاهدة دفاع مشترك بين المسلمين ويهود بنى قريظة كان المفروض أن يكون اليهود (بموجبها) جزءًا من الجيش المدافع عن المدينة.

ص: 252

ولكن اليهود بدلًا من أن يشدوا من أزر حلفائهم المسلمين فيقفوا بجانبهم ضد الغزاة المعتدين، إنضموا إلى هؤلاء الغزاة وصاروا (وهم حوالي ألف مقاتل) قوة معادية للجيش الإسلامي تتحفز للانقضاض عليه من الخلف، فكان هذا العمل الشائن من اليهود ضربة موجعة وتهديدًا خطيرًا لا تقل فعاليته عن فعالية القوات الرئيسية الغازية.

لأن التهديد المفاجئ من الخلف لأى جيش (وهو في حالة مواجهة للعدو) قد يكون أشد خطرًا عليه من القوة الرئيسية التي يواجهها.

وفعلًا لقد كان لنقض اليهود العهد وانضمامهم إلى الغزاة أسوأ الأثر بين صفوف جيش المدينة الصغير، حيث تأزمت الحالة، واستحكمت المحنة وتحرج الموقف إلى درجة فكر معها النبي القائد صلى الله عليه وسلم في أن يعقد صلحًا منفردا مع قادة غطفان ينصرفون بموجبه عن المدينة على أن يعطى لهم مقابل ذلك ثلث ثمار المدينة، وذلك سعى من النبي صلى الله عليه وسلم لتخفيف الضغط العسكري الخانق الذي يتعرض له جيش الإسلام.

3 -

عنصر المنافقين والمرحفين الموجودين داخل جيش الإسلام كجزء منه:

فقد كان هذا العنصر من أشد البلايا على جيش الإسلام المدافع عن المدينة، حيث ظهر هذا العنصر الخبيث على حقيقتة والمسلمون في أقصى درجات المحنة.

فبعد أن نقض اليهود العهد، وآذنوا المسلمين بالحرب تحركت عوامل الخسة والدناءة المتأصلة في نفوس هؤلاء المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، فأخذوا - في تلك الساعات الرهيبة التي يجتازها

ص: 253

الكيان الإسلامي - ينسحبون من الجيش، على شكل تسلل، واستئذان مشبوه (أحيانًا)، محدثين بذلك تصدعات خطيرة في معنويات الجند المدافع عن المدينة.

ولم يكتف المنافقون بذلك بل راحوا يشيعون روح الهزيمة في الجيش ويعملون (علنًا) على إشاعة الخوف والفزع داخل صفوفه، حتى أخذ عدده يتناقص إلى أن وصل في الليالى الأخيرة من المعركة إلى ثلاثمائة مقاتل (فقط)(1)، الأمر الذي ضاعف من متاعب قيادة المدينة إلى درجة لا مزيد عليها.

4 -

العوز وحالة الفقر مع برودة الطقس وشدة الرياح:

وبالإضافة إلى هذه الأمور الخطيرة المخيفة التي واجهتها قيادة المدينة، كان عام الأحزاب عام مجاعة وجدب بالنسبة للمسلمين، وكان الفصل فصل برد قارص ورياح هوج، وقد روى الثقاة من المؤرخين أن كثيرًا من المسلمين، يمر بهم اليوم واليومان لا يذوقون فيهما طعامًا وأن النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري كان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع.

بينما كانت جيوش الأحزاب - من الناحية الأخرى - مزودة بكل المؤن الغذائية اللازمة، ويقف - مع هذا - من ورائها اليهود (وهم ملوك المال) يسدون بما لديهم من ثروات طائلة أي نقص يحدث في تموين جيوش الغزاة.

(1) انظر في هذا الكتاب حديث حذيفة وقصة دخوله معسكر الأحزاب في آخر ليلة من ليالى الغزو.

ص: 254