الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصدر (كما هي عادته) مرسومًا عين بموجبه عثمان بن عفان حاكمًا على المدينة ينوب عنه مدة غيابة في هذه الغزوة.
وفي شهر جمادى الأول من السنة الرابعة للهجرة تحركت القوات الإسلامية من المدينة (بسرعة) في اتجاه غطفان بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم.
ويظهر أن قبائل غطفان هذه المرة كانت أسرع في التحشد، وذلك أن الجيش الإسلامي لم يكد يصل إلى مكان يقال له (نخلا) وعلى مرحلتين فقط من المدينة حتى وجد قوات غطفان قد استعدت له بجمع عظيم.
فتقارب الفريقان إلا أنهم تواقفوا حيث خاف الناس بعضهم بعضًا، ولم يحدث اشتباك وإنما ظل الفريقان متواقفين مدة من الزمن دون أن يبدأ أحدهم بالهجوم على الآخر.
إلا أن قبائل غطفان في النهاية فضلت الانسحاب من مكان التلاقى فانهزمت وتفرق رجالها في رؤوس الشعاب، ويظهر أن المسلمين لم يتعقبوهم في انهزامهم وإنما اكتفوا بتشتيتهم، وبهذا حققوا الغرض الرئيسى الذي تحركت قوات المدينة من أجله، ولم يغنم المسلمون شيئًا من أموال غطفان ولم يقع أحد منهم في أسر المسلمين اللهم إلا بعض نسائهم وقعن سبايا كما هو العرف السائد بين المتحاربين في ذلك الظرف.
صلاة الخوف في هذه الغزوة
وفي غزوة ذات الرقاع صلى المسلمون (ولأول مرة صلاة الخوف)
وذلك بسبب تواقف الفريقين مدة من الزمن واضطرار المسلمين إلى مواجهة العدو وعليهم السلاح مدة غير قصيرة.
وكان مشركو غطفان يعلمون أن المسلمين يقومون بأداء الصلاة جماعة في أوقات مختلفة، فكانوا يترقبون محاولين أخذهم على حين غرة وكبسهم ساعة أداء فروض الصلاة.
فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الصدد وبين له الخطة التي بها يتمكن هو وأصحابه من أداء الصلاة في حالة الحرب مع الاستمرار في مواجهة العدو والاستعداد له وحراسة معسكر الإسلام ساعة أداء الصلاة.
والقرآن الكريم هو الذي رسم للمسلمين صفة الصلاة ساعة مواجهة العدو وهي المسماة في الفقة الإسلامى بصلاة الخوف، فقال تعالى:
{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيكُمْ مَيلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (1) وقد ظلت هذه الخطة التي رسمها القرآن لصلاة المجاهدين الذين هم في حالة تهيؤ للحرب هي الأصل الذي يسير عليه المؤمنون في صلاتهم (ساعة الحرب) في كل العصور.
وفي هذه الغزوة، لما كان العدو في غير جهة القبلة فرق النبي صلى الله عليه وسلم
(1) النساء 102.