الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملموسًا كنتيجة حتمية لانتكاستهم العسكرية الموجعة في موقعة أحد.
- فقد انخفضت نسبة هيبتهم في نفوس القبائل العربية الباقية على الوثنية وفي نفوس اليهود والمنافقين الذين كانوا قد امتلأت نفوسهم رعبًا وفزعًا من المسلمين بعد انتصارهم الساحق في معركة بدر الكبرى الشهيرة.
ولم تخف على المسلمين هذه الحقيقة المُرة، فصار المسلمون يبذلون قصارى جهدهم (عسكريا وسياسيا) ليثبتو عمليا) لهؤلاء الأعداء بأنهم مخطئون جدًّا، إذ يظنون أن المسلمين - بعد معركة أحُد - من الضعف بحيث يقدرون على النيل منهم.
وليثبتوا لهم أنهم (أي المسلمين) قادرون على سحق كل من تحدثه نفسه بالاعتداء عليهم قاموا بحركات عسكرية سريعة ناجحة أنزلوا فيها بالأعداء ضربات زلزلت معنوياتهم زلزالًا شديدًا وجعلتهم يصححون مفاهيمهم الخاطئة عن مدى قوة المسلمين العسكرية وترابطهم السياسى والمعنوى، وخاصة المعسكر القرشى واليهودى الذين شهد و (قبل غيرهم) أول حركة عسكرية بارعة رائعة ناجحة قام بها المسلمون ليثبتوا للأعداء أن وجودهم العسكرى والسياسى والعقائدى لا يزال على ما كان عليه من القوة والمتانة، وأن أحداث الانتكاسة في موقعة أُحد لم يكن لها أي تأثير على هذا الوجود.
حملة حمراء الأسد
وكانت هذه الحركة التي نعنى هي حملة حمراء الأسد التي قام بها
النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة اليوم الذي دارت فيه معركة أُحد، فطارد جيش مكة الذي وصله خبر هذا الحملة وهو معسكر في فج الروحاء يعتزم الرجوع إلى المدينة لاستئصال شأفة المسلمين، فدبَّ الفزع في نفوس قادته لحركة المطاردة الجريئة هذه، فلم يعدلوا عن الزحف على المدينة فحسب، بل لقد انتابهم الخوف فجبنوا عن ملاقاة جيش المدينة الذي خرج لمطارتهم والذي ظنوه قد تحطم تحطيمًا كاملًا في معركة أُحد.
فقد اجتمع قادة قريش في الرَّوحاء وتدارسوا الأمر فيما بينهم فقرروا مواصلة الانسحاب إلى مكة بالرغم من علمهم بوجود جيش المدينة (الذي خرج لمطاردتهم) على بعد عدة أميال منهم.
فانسحبوا إلى مكة مفضلين عار الفرار على الاشتباك مع هذا الجيش المدني الحانق الذي كانوا على يقين بأنه (على صغره) سيكون إذا ما اصطدموا به كالإعصار الذي يحطم كل ما يلاقى.
وهكذا نجح النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحملة العسكرية السريعة (حملة حمراء الأسد) نجاحًا باهرًا فسجل نصرًا عسكريًا سريعًا عظيمًا، ظفر المسلمون على أثره بنصر سياسى أعظم في المحيط اليثربى خاصة، وفي الجزيرة العربية عامة. حيث صحح هذا النصر النظرة الخاطئة التي كان اليهود والمنافقون ينظرونها إلى الجيش الإسلامي بعد انتكاسته في معركة أُحد.
فقد تأكد لدى اليهود والمنافقين في المدينة (خاصة) بعد نجاح المسلمين في حملة حمراء الأسد أن هؤلاء المسلمين هم من القوة والصلابة