الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد أجّلوا تنفيذ حكم الإعدام في هذين الصحابيين الكريمين حتى تنقضى هذه الأشهر التي لا يسفك العرب فيها دمًا.
ولذلك فقد أودعت قريش هذين الأسيرين السجن في انتظار انقضاء أيام الأشهر الحرم، ولما انقضت أيام هذه الأشهر أعدم مشركوا مكة أسيريهما، وبطريقة هي غاية في الوحشية والبشاعة.
كيف أعدمت قريش الأسيرين
ولما كان المشركون (يوم ذاك) لا يستبيحون سفك الدم داخل حدود الحرم فقد خرجوا بهذين الصحابيين الكريمين إلى ما وراء حدود الحرم.
وهناك - وفي منطقة التنعيم بالذات - قتل المشركون زيد بن الدّثنة وخبيب بن عدي.
أما زيد بن الدثنة فقد سلمه صفوان بن أمية إلى مملوكه يقال له نسطاس (1) وأمره بقتله ففعل، وقد حضر تنفيذ هذه الجريمة البشعة زعماء مكة معهم النساء والصبيان والعبيد وفيهم أبو سفيان بن حرب.
ولقد أظهر هذان الصحابيان العظيمان ضروبًا من الشجاعة والثبات على العقيدة ما جعلهما في أعلى مستويات الصديقين والشهداء.
(1) نسطاس، مولى صفوان بن أمية الجمحى، شهد أحدًا مع المشركين وأنقذ مولاه صفوان من الموت إذ طعن بخنجر رجلًا من المسلمين كاد يقتل صفوان بن أمية هداه الله للإسلام.
ولا يعرف تاريخ إسلامه، ويظهر أنه أسلم عام الفتح.
فعندما قُدم زيد بن الدَّثنة للقتل قال له أبو سفيان ممتحنًا، أنشدك الله يا زيد، أتحب محمدًا الآن عندنا مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟ .
فكان الجواب من زيد رضي الله عنه .. لا والله ما أحب أن محمدًا الآن في المكان الذي هو فيه، تصيبه شوكة تؤذيه وأنى جالس في أهلى.
فقال أبو سفيان .. ما رأيت أحدًا يحب كحب أصحاب محمد لمحمد، وبعد ذلك تقدم نسطاس بتعذيب زيد رضي الله عنه حيث أوثقوه وصاروا يرمونه بالنبل في أماكن غير قاتلة لعله يفتن ويرجع عن دينه فما زاده ذلك إلا إيمانًا وتسليمًا لربه، فقتلوه يرحمه الله.
أما الشهيد حبيب فقد كان احتفال كفار مكة بقتله أكبر من احتفالهم بقتل زيد بن الدَّثنة، فقبل أن يقتلوه وبعد أن صلبوه على الخشبة استعدادًا لطعنه بالرمح ساوموه في دينه وحاولوا أن يزعزعوا من إيمانه، إذ عرضوا عليه إعفاءه من القتل إن هو رجع عن دينه وتبرأ من محمد صلى الله عليه وسلم حيث قالوا له ارجع عن دينك نخل سبيلك وإن لم ترجع لنقتلنك.
فكان جوابه ذلك المؤمن الصادق الذي يستعذب الموت في سبيل الله .. إن قتلى في سبيل الله لقليل .. ورفض المساومة.
وقبل تنفيذ القتل طلب خبيب من كفار مكة أن يهملوه حتى يصلى لله ركعتين، ففعلوا، فصلاهما وأحسنهما ثم أقبل على المشركين وقال لهم .. أما والله ولولا أن تظنوا أنى إنما طولَّت جزعًا من القتل لاستكثرت من