الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمح له بالنظر إلى سيفه وفحصه قائلًا .. يا محمد انظر إلى هذا؟ . قال نعم .. وكان السيف جميلًا باترًا ومحلى بفضة.
قال ابن هشام فأخذ السيف غورث ثم استله وجعل يهزه ويهم برسول صلى الله عليه وسلم فيدب الرعب في نفسه فيتخاذل وبعد أن كبته الله ورجع عن تنفيذ مخطط اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
يا محمد أما تخافنى؟ . قال .. لا، وما أخاف منبه؟ ، قال .. أما تخافنى وفي يدي السيف؟ قال لا .. يمنعنى الله منك.
وبعد ذلك أرجع غورث السيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم السيف قال لغورث .. من يمنعك منى؟
فقال (يا محمد) .. كن خير آخذ.
قال .. تشهد أن لا إله إلا الله، وأنِّي رسول الله.
قال .. أعاهدك على أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى النبي صلى الله عليه وسلم سبيله، فجاء إلى قومه، فقال جئتكم من عند خير الناس .. وأسلم بعد ذلك وكانت له صحبة.
حادثة مثيرة
وفي غزوة ذات الرقاع هذه حدثت حادثة لا بد من سرد ذكرها لأنها تعطى درسًا للشباب المسلم في الإيمان والرجولة والثبات على العقيدة والتمسك بالنظام، وتكشف للقارئ عن سر قيام الدولة الإسلامية وانتشار
العقيدة الإسلامية على أيدى أولئك الرجال من صحابة محمد بتلك السرعة التي أذهلت الدنيا.
ففي ليلة شاتية ذات ريح مزعجة من ليالى هذه الغزوة نزل النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه في شعب من شعاب نجد فطلب انتخاب من يقوم بالحراسة، فقال .. من يكلؤنا هذه الليلة؟ .
فقام عباد بن بشر (1) وعمار بن ياسر (2) رضي الله عنهما فقالا نحن نكلؤكم، ثم رابطًا على فم الشعب، فقال عباد بن بشر لعمار بن ياسر: أنا أكفيك أول الليل وتكفينى آخره. فنام عمار وقام عباد يصلى وكان أحد رجال العدو يتربص قريبًا من المعسكر (وكان قد حلف أن لا ينثنى حتى يصيب محمدًا أو يهريق في أصحابه دما) فلما رأى سواد عباد قال .. هذا ربيئة القوم (أي حرسهم) فضرب نحوه سهمًا فأصابه، فانتزعه عبدا فرماه دون أن يخرج من صلاته، فرماه بسهم آخر فانتزعه
(1) هو عباد بن بشر بن وقش بن زغبة الأشهلى الأنصاري، كان من السابقين الأولين الذين أسلموا على يد سفير الإسلام الأول إلى المدينة (مصعب بن عمير)، أسلم قبل سيد الخزرج سعد بن عبادة، آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي حنيفة بن عتبة بن ربيعة، كان في الذروة من الفضل والشرف، قالت عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلًا كلهم من بنى عبد الأشهل (أسيد بن حضير .. وعباد بن بشر وسعد بن معاذ). كان عباد بن بشر قائد الحرس النبوى ليلة الخندق، وقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كل المشاهد بدرا وأحدا والخندق وغيرها، وكان فيمن اشترك في قتل الطاغية كعب بن الأشرف، وكان عباد كذلك (قائد الحرس النبوى في غزوة تبوك) قال بن سعد في طبقاته، استشهد عباد بن بشر في معركة اليمامة عام أثنى عشر وهو ابن خمس وأربعين سنة، وكان عباد بن البشر في الذروة من الشجاعة والنجدة، قال أبو سعيد الخدري نظرت إلى عباد بن بشر يوم اليمامة وأنه ليصيح: أخلصوا أخلصوا، فأخصلوا أربعمائة رجل من الأنصار ما يخالطهم أحد، يقدمهم عباد بن بشر أبو دجانة، والبراء بن مالك حتى انتهوا إلى باب الحديقة (مقر قيادة مسيلمة الكذاب) فقاتلوا أشد القتال، وقتل عباد بن بشر رحمه الله، فرأيت بوجهه ضربًا كثيرا ما عرفته إلا بعلامة كانت في جسده.
(2)
انظر ترجمته في كتابنا (غزوة بدر الكبرى) طبعة ثانية.