الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرغبة في السلب والنهب والسبى فحسب ثم العودة إلى ديارهم، كما هي العادة المتبعة لديهم في حووبهم منذ عشرات القرون.
فلم يكن هدفهم من الإغارة على المدينة احتلالها والتخلص من المسلمين نهائيًا كما هو الحال عند اليهود ومشركى مكة الذين كانوا يحاربون المسلمين (وفق مخططات عقائدية وسياسية)، كما حدث في غزوة الأحزاب التي خطط لها اليهود وحملوا بعض اعراب نجد على الاشتراك فيها عن طريق إغرائهم بالمال.
ولهذا فقد تمكن المسلمون (قبل معركة الأحزاب) من ضرب هذه القبائل وتشتيتها في مكان تجمعها، كل قبيلة على انفراد في ست حملات عسكرية قام بها الجيش الإسلامى وهي:
1 - تأديب بني أسد
(ذو الحجة سنة ثلاث للهجرة)
وأول حملة عسكرية تأديبية قام بها جيش المدينة ضد الأعراب هي دورية القتال التي بعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم لضرب قبيلة بنى أسد في منطقة نجد.
فقد تلقت القيادة في المدينة من استخباراتها العسكرية أن قبيلة بني أسد هذه قد أخذت في التحشد بقيادة المحارب الشهير (طليحة بن خويلد (1) وأخيه سلمة).
(1) قال في الأعلام .. هو طليحة بن خويلد الأسدي، من أسد بن خزيمة متنبيء، شجاع، من الفصحاء، يقال له طليحة الكذاب (لأنه أدعى النبوة)، كان من أشجع العرب، يعد بألف فارس -كما يقول النووي- قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بنى أسد، سنة تسعة من الهجرة وأسلموا، ولما رجعوا ارتد طليحة، وادعى النبوة في حياة رسول الله =
وأن هدف هذا التحشد هو الإغارة على المدينة، ولهذا سارع النبي صلى الله عليه وسلم إلى تجهيز قوة من المهاجرين والأنصار قوامها مائة وخمسون راكبًا، أعطى قيادتها لأبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي (1).
وقد كان ضمن هذه القوة، أبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص (2) وغيرهم من كبار المهاجرين والانصار، وقد كانت هذه الحملة في شهر ذي الحجة سنة ثلاث من الهجرة، أي بعد شهر واحد (تقريبًا) من غزوة أُحد.
وقد رسم الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الحملة خطة أمر قائد الحملة أبا سلمة أن يسير عليها، وأهم نقطة في الخطة هو الكتمان والسرعة وأخذ قبائل بنى أسد على حين غرة وقبل أن يتجمعوا.
وقد جاء في المرسوم النبوى الذي عين به القائد الأعلى أبا سلمة
= صلى الله عليه وسلم فوجه إليه ضرار بن الأزور، فضربه ضرار بالسيف يريد قتله، فنبا السيف، فشاع بين الناس أن السلاح لا يؤثر فيه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم فكثر أتباع طليحة: من أسد وغطفان، وطيئ، وكان يقول: إن جبريل يأتيه، وتلا على الناس أسجاعًا أمرهم فيها بترك السجود في المملاة، وكانت رايته حمراء، وطمع في امتلاك المدينة فهاجمها بعض أتباعه فردهم أهلها، وغزاه أبو بكر، وسير إليه خالد بن الوليد، فانهزم. طليحة إلى بزاخة (بأرض نجد) وكان مقدمه في سميراء (بين توز والحاجر - في طريق مكة) وقاتله خالد، ففر إلى الشام، ثم أسلم بعد أن أسلمت أسد وغطفان كافة ووفد على عمر، فبايعه وخرج إلى العراق، فحسن بلاؤه في الفتوح "فشهد القادسية، واستشهد في معركة نهاوند بأرض فارس، هو وفارس اليمن (عمرو بن معدى كرب الزبيدى).
(1)
أبو سلمة، اسمه عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومي، أحد السابقين الأولين إلى الإسلام، وكان ممن شهد معركة بدر مع النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
انظر ترجمتهما في كتابنا (غذوة بدر الكبرى).
لقيادة الحملة، قوله صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة القائد .. سر حتى تنزل أرض بنى أسد فأغر عليهم قبل أن تلاقى عليك جموعهم.
وفي حدود الخطة المرسومة تحركت قوات هذه الحملة في اتجاه ديار بنى أسد بأرض نجد، ونحو قطن - جبل لهم - بالذات وهو النقطة التي حددتها الخطة.
ولما كان الكتمان من لوازم هذه الدورية العسكرية صار القائد أبو سلمة يسير برجاله ليلًا وبأقصى سرعة، ويكمن بهم نهارًا، وكان يسلك برجًا له طريق غير مطروق حتى وصل منازل بنى أسد.
وكان القصد من هذا هو إخفاء خبر هذه الحملة بحيث لا يعلم بها أحد، حتى تصل ديار بنى أسد.
ولقد نجحت هذه الحملة (فعلًا) في تحقيق أهدافها حيث تمكن رجالها من مباغتة بنى أسد في ديارهم وأخذهم على حين غرة قبل أن يستكملوا تحشيدهم.
حيث فاجأتهم قوات المسلمين في ديارهم فجرًا وأخذت في تطويق منازلهم وهم على غير أهبة، فأخذتهم الدهشة فلم يستطيعوا الثبات، بل ولوا الأدبار دون أية مقاومة.
فسيطرت قوات المسلمين على ديارهم، وبعث أبو سلمة القائد مفرزتين من رجاله لمطاردة القوم فاستولى رجالها على عدد كبير من أغنام بنى أسد وإبلهم.
كما تمكن رجال إحدى المفرزتين من أسر ثلاثة مماليك من رُعاة