المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الحج وحديث جَابِرٍ فِي صِفَةُ حَجِّ اَلنَّبِيِّ صلى الله - منهج السالكين وتوضيح الفقة في الدين

[عبد الرحمن السعدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌المقدمة

- ‌ترجمة المؤلف:

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ [فِي الْمِيَاهِ]

- ‌[بَابُ الآنِيَةِ]

- ‌باب آداب الاستنجاء وآداب قضاء الحاجة

- ‌بَابُ صِفَةِ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ نَوَاقِضِ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ مَا يُوجِبُ الغُسْلَ وَصِفَتُهُ

- ‌بَابُ التَيَمُّمِ

- ‌بَابُ الحَيضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلاةِ

- ‌[شُرُوطُ اَلصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ والتِّلاوَةِ والشُّكْرِ

- ‌باب: مفسدات الصلاة ومكروهاتها

- ‌بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ، [صَلاةُ الكُسُوفِ]

- ‌[صَلاةُ الوِتْرِ]

- ‌[صَلَاةِ اَلِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[أَوْقَاتُ اَلنَّهْيِ]

- ‌بَابُ صَلاةِ الجَمَاعَةِ والإمَامَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ

- ‌[صلاة المسافر]

- ‌[صلاة الخوف]

- ‌بَابُ صَلاةِ الجُمُعَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ العِيدَينِ

- ‌كِتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌[زَكَاةُ السَّائِمَةِ]

- ‌زكاة ألأثمان والخارج من الأرض

- ‌زَكَاةَ عُرُوضٍ اَلتِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ

- ‌بَابُ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَنْ تُدْفَعُ لَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌كتاب الحج وحديث جَابِرٍ فِي صِفَةُ حَجِّ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌أَرْكَانُ اَلْحَجِّ وَوَاجِبَاتُهُ

- ‌أَنْسَاكُ اَلْحَجِّ

- ‌محظورات الإحرام

- ‌شروط الطواف وأحكامه

- ‌شُرُوطُ اَلسَّعْيِ:

- ‌بَابُ الْهَدْي والأُضْحِيَةِ والعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ البُيُوعِ

- ‌[شُرُوطُ اَلْبَيْعِ]

- ‌بَابُ بَيعِ الأُصُولِ والثِّمَارِ

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وغَيرِهِ

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ والضَّمَانِ والكَفَالَةِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ لِفَلَسٍ أَوْ غَيرِهِ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ

- ‌بَابُ الوَكَالَةِ والشَّرِكَةِ والْمُسَاقَاةِ والْمُزَارَعَةِ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌بَابُ الْجَِعَالَةِ والإِجَارَةِ

- ‌بَابُ اللُّقَطَةِ واللَّقِيطِ

- ‌بَابُ الْمُسَابَقَةِ والْمُغَالَبَةِ

- ‌بَابُ الغَصْبِ

- ‌بَابُ العَارِيَةِ والوَدِيعَةِ

- ‌بَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ الوَقْفِ

- ‌بَابُ الْهِبَةِ والعَطِيَّةِ والوَصِيَّةِ

- ‌كتاب المواريث

- ‌مدخل

- ‌بَابُ العِتْقِ

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌بَابُ شُرُوطِ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَابُ العُيُوبِ فِي النِّكَاحِ

- ‌كتاب الصداق

- ‌مدخل

- ‌بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌كتاب الطلاق

- ‌مدخل

- ‌فصل الطَّلاقِ البَائِنِ والرَّجْعِي

- ‌بَابُ الإيلاءِ وَالظِّهَارِ واللِّعَانِ

- ‌كِتَابُ العِدَدِ والاسْتِبْرَاءِ

- ‌مدخل

- ‌بَابُ النَّفَقَاتِ للزَّوجَاتِ والأَقَارِبِ والْمَمَالِيكِ وَالْحَضَانَةِ

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌باب الزكاة والصيد

- ‌باب الأيمان والنذور

- ‌كِتَابُ اَلْجِنَايَاتِ

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌حد الزنا

- ‌حد القذف

- ‌حد السرقة

- ‌حد الحرابة:

- ‌حد البغاة

- ‌بَاب حُكْمُ اَلْمُرْتَدِّ

- ‌كتاب القضاء والدعاوي، والبينات وأنواع الشهادات

- ‌مدخل

- ‌بَابُ اَلْقِسْمَةِ

- ‌باب الإقرار

- ‌باب الفهارس

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الحديث

- ‌فهرس القواعد والضوابط الفقهية

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌ ‌كتاب الحج وحديث جَابِرٍ فِي صِفَةُ حَجِّ اَلنَّبِيِّ صلى الله

‌كتاب الحج وحديث جَابِرٍ فِي صِفَةُ حَجِّ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

‌مدخل

كِتَابُ الحَجِّ

269-

والأصل فيه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]1.

270-

وَالِاسْتِطَاعَةُ أَعْظَمُ شُرُوطِهِ، وَهِيَ مِلْكُ اَلزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، بَعْدَ ضَرُورَاتِ اَلْإِنْسَانِ وَحَوَائِجِهِ اَلْأَصْلِيَّةِ.

271-

وَمِنْ اَلِاسْتِطَاعَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ إِذَا اِحْتَاجَ لِسَفَرٍ2.

272-

وَحَدِيثُ جَابِرٍ3 فِي حَجِّ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يشتمل على أعظم

1 فائدة: قرر الشيخ، أن العبد إذا حج بعد بلوغه وقبل حريته، أن حجته هي حجة الإسلام، ولا يلزمه إعادتها بعد حريته. كما قرر الشيخ أن النائب في الحج لا يلزمه أن يكون من بلد المنوب عنه. "المختارات الجلية، ص: 64".

2 في "ط": "احتاجت"، وفي "ب، ط": "إلى سفر".

3 في نسخة "أ" ما نصه: وقد ذكر في الأصل المنقول منه هذا، حديث جابر بكماله الذي رواه مسلم، وهو يشتمل على معظم أحكام الحج فليرجع إليه. اهـ. ولم يذكر حديث جابر، وهذا يبين أن النسخة التي بأيدينا قد نقلها الشيخ رحمه الله بِخَطِّهِ عن نسخة سابقة، هي أصل الكتاب.

ص: 117

أَحْكَامِ اَلْحَجِّ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رضي الله عنهما،

1-

أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَكَثَ فِي اَلْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي اَلنَّاسِ فِي اَلْعَاشِرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ حَاجٌّ، فَقَدِمَ اَلْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ (كُلُّهُمْ يلتمس أن يأتم الناس بِرَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَعْمَلُ مثله)2.

2-

فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا: ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: "اِغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي3 بثوب، وأحرمي".

1 مسلم "1218". قال النووي "170/8" عن هذا الحديث: "وهو حديث عظيم، مشتمل على جمل من الفوائد، ونفائس من مهمات القواعد، وهو من أفراد مسلم، لم يروه البخاري في صحيحه، ورواه أبو داود كرواية مسلم، قال القاضي: وقد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءا كبيرا، وخرج فيه من الفقه مائة ونيفا وخمسين نوعا، ولو تقصّى لزيد على هذا القدر قريب منه

".

2 ليست في: "ب".

3 استثفار المرأة، أن تشد على وسطها شيئا، ثم تأخذ خرقة عريضة تجعلها في محل الدم، وتشدها من ورائها وقدامها؛ ليمنع الخارج، وفي معناها: الحفائظ الآن. "توضيح الأحكام: للبسام، 322/3".

ص: 118

3-

(فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي اَلْمَسْجِدِ) 1، ثُمَّ رَكِبَ اَلْقَصْوَاءَ2 حَتَّى إِذَا اِسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى اَلْبَيْدَاءِ3 أهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ:"لَبَّيْكَ4 اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ".

4-

وأهلَّ5 اَلنَّاسُ بِهَذَا اَلَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ،

5-

وَلَزِمَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ.

6-

قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا اَلْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ اَلْعُمْرَةَ.

7-

حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا اَلْبَيْتَ مَعَهُ اِسْتَلَمَ الركن،

8-

فطاف سبعًا6،

1 ليست في: "ط".

2 اسم لناقة النبي صلى الله عليه وسلم وذكرت باسم العضباء والجدعاء. وقيل: وهي التي هاجر عليها.

3-

البيداء: الفلاة، جمعها: بِيد.

4-

لبيك، أي: إجابة لك بعد إجابة، وإقامة على طاعتك دائمة، والتثنية للتأكيد والتكثير.

5-

الإهلال: رفع الصوت بالتلبية.

6-

في هامش "ب" ليس في مسلم "فطاف سبعا" وما بعدها يغني عنها.

ص: 119

9-

فرمل ثلاثًا1، ومشى أربعًا،

10-

ثُمَّ نَفَذَ2 إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى} [اَلْبَقَرَةِ: 125] .

11-

فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَجَعَلَ اَلْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اَلْبَيْتِ.

12-

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ قَرَأَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .

13-

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ وَاسْتَلَمَهُ،

14-

ثُمَّ خَرَجَ مِنْ اَلْبَابِ إِلَى اَلصَّفَا،

15-

فَلَمَّا دَنَا مِنْ اَلصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [اَلْبَقَرَةِ: 158] .

16-

فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى اَلْبَيْتَ،

17-

فَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ،

18-

فَوَحَّدَ الله وكبره، قال:"لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ اَلْمُلْكُ وَلَهُ اَلْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ اَلْأَحْزَابَ وَحْدَهُ". ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هذا ثلاث مرات.

1 الرمل: الإسراع في المشي مع مقاربة الْخُطا.

2 في "ب": "تقدم".

ص: 120

19-

ثم نزل ومشي إلى المروة،

20-

حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى،

21-

حتى إذا صعدتا مشى،

22-

حَتَّى أَتَى اَلْمَرْوَةَ1، فَفَعَلَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى اَلصَّفَا،

23-

حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى اَلْمَرْوَةِ، فَقَالَ:"لَوْ أَنِّي اِسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اِسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ اَلْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هدي فليحل وليجعلها عمرة".

24-

فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا، أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي اَلْأُخْرَى، وَقَالَ:"دَخَلَتْ اَلْعُمْرَةُ فِي اَلْحَجِّ -مَرَّتَيْنِ- لَا، بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ".

25-

وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ اَلْيَمَنِ بِبُدْنِ اَلنَّبِيِّ2 صلى الله عليه وسلم (فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، وليست ثيابًا3 صبيغًا واكتحلت،

1 ذكر في هامش "ب": في الأصل مكان هذه الزيادة: "فنادى وهو على المروة والناس تحته" ولا أصل لها في مسلم ولا في غيره.

2 في المطبوع "للنبي"، والمثبت من مسلم، ونسخة "ب".

3 ليست في المطبوع، وأثبته من مسلم.

ص: 121

فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم محرشًا على فاطمة للذي صنعت، مستفتيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت عليها، فقال:"صَدَقَتْ، صَدَقَتْ) 1، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ اَلْحَجَّ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أهلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: فَإِنَّ مَعِيَ اَلْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ.

26-

قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ اَلْهَدْيِ اَلَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنْ اَلْيَمَنِ، وَاَلَّذِي أَتَى بِهِ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِائَةً.

27-

قَالَ: فَحَلَّ اَلنَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا، إِلَّا اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.

28-

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ اَلتَّرْوِيَةِ2 تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى،

29-

فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ.

30-

وَرَكِبَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ،

31-

ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ اَلشَّمْسُ،

1 ليست هذه القطعة من الحديث مذكورة في نسخة "ب" وهي في "ط".

2 هو اليوم الثامن من ذي الحجة.

ص: 122

32-

وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مَنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ1، فَسَارَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكَّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ اَلْمَشْعَرِ اَلْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ2 رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ اَلْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا،

33-

حَتَّى إِذَا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له،

34-

فَأَتَى بَطْنَ اَلْوَادِي3 فَخَطَبَ اَلنَّاسَ: وَقَالَ: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ اَلْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ اَلْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا: دَمُ اِبْنِ رَبِيعَةَ بْنِ اَلْحَارِثِ -كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ- وَرِبَا اَلْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ مِنْ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنَ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اَللَّهَ فِي اَلنِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اَللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله، ولكم عليهم ألا يوطئن فرشكم

1 موضع بجنب عرفات، وليست من عرفات.

2 أي: جاوز المزدلفة ولم يقف بها، بل توجه إلى عرفات.

3 أي: وادي عُرَنة، يحد عرفة من الجهة الغربية، وليس من عرفة.

ص: 123

أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اِعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اَللَّهِ. وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِإِصْبُعِهِ اَلسَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى اَلسَّمَاءِ وَيَنْكُبُهَا1 إِلَى اَلنَّاسِ:"اَللَّهُمَّ اشهد، اللهم اشهد"، ثلاث مرات،

35-

ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى اَلظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى اَلْعَصْرَ،

36-

وَلَمْ يصلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.

37-

ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى اَلْمَوْقِفَ،

38-

فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ اَلْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ2، وَجَعَلَ حَبْلَ المشاة3 بين يديه، واستقبل القبلة،

1 في "ط" وكذلك في مسلم: "ينكتها". وقد بيَّن الشراح أن بعض الطرق وردت بالتاء وبعضها بالباء، والباء أقرب في المعنى.

2 هي صخرات ملتصقة بالأرض، تقع خلف جبل عرفات، فهي عنه شرقا، فالواقف عندها يستقبل الجبل "جبل الإل" الذي يسميه العامة "جبل الرحمة" والقبلة معا.

3 حبل المشاة بالحاء، هو الطريق الذي يسلكه المشاة، ويكون هذا الحبل أمام الواقف على الصخرات وبين يديه.

ص: 124

39-

فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص،

40-

وأردف أسامة بن زيد خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ اَلزِّمَامَ1، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا يصيب مَوْرِكَ رَحْلِهِ2،

41-

وَيَقُولُ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى: "أَيُّهَا اَلنَّاسُ، اَلسَّكِينَةَ، اَلسَّكِينَةَ"، كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا3 مِنْ اَلْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ،

42-

حَتَّى أَتَى اَلْمُزْدَلِفَةَ،

43-

فَصَلَّى بِهَا اَلْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ،

44-

وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا،

45-

ثُمَّ اِضْطَجَعَ حتى طلع الفجر4،

1 شنق: ضمَّ وضيق، والزمام: هو الخيط الذي يشد إلى الحلقة التي في أنف البعير ليقاد به ويمنع به.

2 المورك: الموضع من الرحل يجعل عليها الراكب رجله، والرحل: ما يوضع على ظهر البعير للركوب.

3 الحبل: بالحاء، التل اللطيف من الرمل الضخم.

4 صوَّب الشيخ: أنه لا يجوز الدفع من مزدلفة قبل الفجر، إلا لأهل العذر، فيرخص لهم قبيل الفجر. "المختارات الجلية، ص: 65".

ص: 125

46-

وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة،

47-

ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام،

48-

فاستقبل القبلة،

49-

فدعاه، وكبرَّه، وهَلَّلَهُ، ووحده،

50-

فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا،

51-

فدفع قبل أن تطلع الشمس،

52-

وَأَرْدَفَ اَلْفَضْلَ بْنَ اَلْعَبَّاسِ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّر1، فَحَرَّكَ قَلِيلًا،

53-

ثُمَّ سَلَكَ اَلطَّرِيقَ اَلْوُسْطَى اَلَّتِي تَخْرُجُ عَلَى اَلْجَمْرَةِ اَلْكُبْرَى،

54-

حَتَّى أَتَى اَلْجَمْرَةَ اَلَّتِي عِنْدَ اَلشَّجَرَةِ2، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ3،

55-

يكبر مع كل حصاة منها،

1 مُحَسِّر: وادٍ يقع بين مزدلفة ومنى، أسرع النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فكان الإسراع فيه سُنَّة.

2 كانت عند الجمرة الكبرى -جمرة العقبة- شجرة، لكنها أزيلت قديما.

3 بيَّن الشيخ أن الصواب، أن الرامي يستقبل الجمرة وقت الرمي؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم فيجعل البيت عن يساره، ومِنَىً عن يمينه في جمرة العقبة والوسطى، والبيت عن يمينه ومنى عن يساره في الجمرة الصغرى.

"المختارات الجلية، ص: 66".

ص: 126

56-

مثل حصى الْخَذْف،

57-

رمى من بطن الوادي،

58-

ثم انصرف إلى المنحر،

59-

فنحر ثلاثًا وستين بيده،

60-

ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه،

61-

ثم أمر من كل بُدنة بِبَضْعة، فجعلت في قدر، وطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها.

62-

ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ إِلَى اَلْبَيْتِ1،

63-

فَصَلَّى بِمَكَّةَ اَلظُّهْرَ،

64-

فَأَتَى بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ:"اِنْزِعُوا بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمْ اَلنَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ2.

273-

وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ اَلْمَنَاسِكَ، وَيَقُولُ لِلنَّاسِ:"خُذُوا عني مناسككم"3.

1 ردَّ الشيخ على القائلين بجواز تأخير طواف الإفاضة عن أيام منى "المختارات، ص: 65".

2 أخرجه مسلم "1218". وقد اختصره الشيخ هنا.

3 رواه أحمد "318/3، 332، 337، 367"، ومسلم "1297"، وغيرهما.

ص: 127