المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌14 - باب جامع في البعث والشفاعة - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان - ت حسين أسد - جـ ٨

[نور الدين الهيثمي]

فهرس الكتاب

- ‌21 - باب ما يقول إذا ركب الدابة

- ‌38 - كتاب الأدعية

- ‌2 - باب الصلاة على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب حسن الظن بالله تعالى

- ‌4 - باب ما جاء في فضل الدعاء

- ‌5 - باب لا يتعاظم على الله تعالى شيء

- ‌6 - باب سؤال العبد جميع حوائجه

- ‌7 - باب الإِشارة في الدعاء

- ‌8 - باب في دعوة المظلوم والمسافر في الطاعة والصائم وغيرهم

- ‌9 - باب إعادة الدعاء

- ‌10 - باب النهي عن دعاء الإنسان على نفسه وعلى غيرها

- ‌11 - باب في الجوامع من الدعاء

- ‌12 - باب أدعية رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌13 - باب

- ‌14 - باب

- ‌15 - باب فيمن منع الخير عن أكثر المسلمين

- ‌16 - باب في سؤال الجنة والاستجارة من النار

- ‌17 - باب فيمن همته للآخرة

- ‌18 - باب

- ‌19 - باب الاستعاذة

- ‌39 - كتاب التوبة

- ‌1 - باب ما جاء في الذنوب

- ‌2 - باب إلى متى تقبل التوبة

- ‌3 - باب المؤمن يسهو ثم يرجع

- ‌4 - باب في الندم على الذنب والتوبة منه

- ‌5 - باب فيمن أذنب ثم صلى واستغفر

- ‌6 - باب فيما يكفر الذنوب في الدنيا

- ‌7 - باب ما جاء في الاستغفار

- ‌8 - باب فيمن عمل حسنة أو غيرها أو هم بشيءٍ من ذلك

- ‌9 - باب في عمر المسلم والنهي عن تمنيه الموت

- ‌10 - باب أعمار هذه الأمة

- ‌11 - باب فى حسن الظن

- ‌40 - كتاب الزهد

- ‌1 - باب فتنة المال

- ‌2 - باب فيمن يحرص على المال والشرف

- ‌3 - باب فيمن أحب دنياه أو آخرته

- ‌4 - باب إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا

- ‌5 - باب منه

- ‌6 - باب فيما قل وكفى

- ‌7 - باب فيمن تفرغ لطاعة الله تعالى

- ‌8 - باب فيما يكفي من الدنيا

- ‌9 - باب فيمن يأكل نصيب الفقراء وهو غني

- ‌10 - باب لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب

- ‌11 - باب فيما لابن آدم من الدنيا

- ‌12 - باب الدنيا سجن المؤمن

- ‌13 - باب مثل الدنيا

- ‌14 - باب المواعظ

- ‌15 - باب

- ‌16 - باب الخوف من الله تعالى، وأنه سبحانه يعذب من يشاء ويرحم من يشاء

- ‌17 - باب اجتناب المحقرات

- ‌18 - باب فيما كرهه الله تعالى من العبد

- ‌19 - باب ما جاء في الرياء

- ‌20 - باب فيمن أصبح آمنا معافى

- ‌21 - باب في المتقين

- ‌22 - باب محبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌23 - باب المرء مع من أحب

- ‌24 - باب في المتحابين لله

- ‌25 - باب إعلام الحب

- ‌26 - باب علامة حب الله تعالى

- ‌27 - باب فيمن يسر بالعمل

- ‌28 - باب ما جاء في الشهرة

- ‌29 - باب فيمن جاهد نفسه

- ‌30 - باب الغنى غنى النفس

- ‌31 - باب فيمن يصلح للصحبة

- ‌32 - باب في الخوف والرجاء

- ‌باب فضل الفقراء يأتي في آخر الزهد

- ‌33 - باب ماجاء في عيش السلف

- ‌34 - باب في القناعة

- ‌35 - باب ما جاء في اللسان

- ‌36 - باب ما جاء في التوكل

- ‌37 - باب في الورع

- ‌38 - باب قرب الأجل

- ‌39 - باب ذكر الموت

- ‌40 - باب ما جاء في الفقراء ومن لا يؤبه له

- ‌41 - كتاب البعث

- ‌1 - باب ما جاء في الصور

- ‌2 - باب قيام الساعة

- ‌3 - باب ما جاء في عجب الذنب

- ‌4 - باب كيف يبعث الناس

- ‌5 - باب في مقدار يوم القيامة

- ‌6 - باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم-وأمته

- ‌7 - باب كيف يبعث الذين يكون أموال اليتامى ظلماً

- ‌8 - باب كيف ينصب للكافر

- ‌9 - باب دُنُوّ الشمس وعرق الناس

- ‌10 - باب ما جاء في الحساب

- ‌11 - باب شهادة الأرض

- ‌12 - باب حساب الفقراء

- ‌13 - باب عرض المؤمنين والكافرين

- ‌14 - باب جامع في البعث والشفاعة

- ‌15 - باب شفاعة إبراهيم صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم

- ‌16 - باب في شفاعة الصالحين

- ‌17 - باب في شفاعة الملائكة والنبيين

- ‌18 - باب في حوض النبي-صلى الله عليه وسلم

- ‌19 - باب صفة جهنم

- ‌20 - باب

- ‌21 - باب عرض مقاعدهم عليهم من الجنة والنار

- ‌22 - باب صفة الكافر في جهنم

- ‌23 - باب في أهون أهل النار عذاباً

- ‌42 - كتاب صفة الجنة

- ‌1 - باب صفة أبواب الجنة

- ‌2 - باب فيما في الجنة من الخيرات

- ‌3 - باب في أنهار الجنة

- ‌4 - باب في شجر الجنة

- ‌5 - باب فرش أهل الجنة

- ‌6 - باب في نساء أهل الجنة وفضل موضع القدم من الجنة على الدنيا وما فيها

- ‌7 - باب فيمن يشتهي الولد في الجنة

- ‌8 - باب في أكل أهل الجنة وشربهم

- ‌9 - باب في أدنى أهل الجنة منزلة

- ‌10 - باب في كثرة من يدخل الجنة من هذه الأمة

- ‌11 - باب تفاضل منازل أهل الجنة

- ‌12 - باب فيمن يدخل الجنة (218/ 1) بغير حساب

- ‌13 - باب عرض الزيادة على أهل الجنة

الفصل: ‌14 - باب جامع في البعث والشفاعة

فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اخْزِهِ. فَيَقُولُ: أَبْعَدَكُمُ اللهُ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هذَا" (1).

‌14 - باب جامع في البعث والشفاعة

(2)

2589 -

أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي بخبر غريب، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا أبو نعامة العدوي، حدثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل، حدثنا والان العدوي، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ،

(1) إسناده حسن من أجل إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، ووالده عبد الرحمن بن أبي كريمة بسطنا القول فيه عند الحديث المتقدم برقم (777)، والحديث في الإحسان 9/ 222 برقم (7305).

وأخرجه أبو يعلى في المسند 11/ 3 - 4 برقم (6144) من طريق الحارث بن سريج، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وهذا معناه أن لأبي يعلى شيخين في هذا الحديث: الحارث بن سريج، وهو هذا الذي تقدم، وسريج بن يونس ولعله في المسند الكبير لأبي يعلى، والله أعلم.

وأخرجه الحاكم 2/ 242 - 243 من طريق سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا إسرائيل، به. وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي.

وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 414 - 417 وقال: "رواه الترمذي، وابن حبان في صحيحه واللفظ له، والبيهقي في البعث".

ولتمام تخريجه انظر مسند الموصلي، وجامع الأصول 2/ 213، وتحفة الأشراف " 10/ 151 برقم (13616).

(2)

الشفاعة: هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم؟ ولكن {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبا: 23]، وقال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ =

ص: 285

عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدّيقِ رضي الله عنه قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْم فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَسَ، حَتَّى إِذَا كَانَ من الضُّحَى، ضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَجَلَسَ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى الأولَى وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ، كُلُّ ذلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الأخِرَةَ، ثُمَّ قَامَ إلَى أَهْلِه، فَقَالَ النَّاسُ؟ لأبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ (212/ 2) عَنْهُ.-: سَلْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَا شَأْنُهُ؟ صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئاً لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ. فَقَالَ: نَعَمْ، فَسَألَهُ، فقَالَ: "عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِن مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالأخِرَةِ، فَجُمعَ الأَولُونَ وَالآخِرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ حَتَّى انْطَلَقُوا إلَى آدَمَ عليه السلام وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ، فَقَالُوا: يَا آدَم أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ اصطفاك اللهُ، اشْفَعْ لَنَا إلَى رَبِّكَ، فَقَالَ: قَدْ لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمْ، انْطَلِقُوا إلَى أَبيكُمْ بَعْدَ

= ارْتَضَى) [الأنبياء:28]،و {لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26].

فالشفاعة سبب من أسباب رحمة الله عبادَهُ، وأحق الناس برحمته تعالى الذين صفا توحيدهم لله، وتنامى إخلاصهم في طاعته. وكل من كان أكمل في تحقيق إخلاص (لا إله إلا الله) علماً، وعقيدة، وعملاً، وبراءة، وموالاة، ومعاداة، كان أحق بالرحمة.

وسبب الشفاعة إذاً: توحيد الله، وإخلاص الدين لله، والانكباب على العبادة بأنواعها، فمن الله مبدؤها، وعلى الله تعالى تمامها، كلا يشفع أحد إلا بإذنه، وهو الذي يأذن للشافع، وهو الذي يقبل شفاعته في المشفوع له أو لهم.

فليس في الشفاعة تراجع عن إرادة أرادها الله تعالى، لأجل الشافع، وإنما هي إظهار لكرامة الشافع بتنفيذ الإرادة الأزلية عقيب دعاء الشافع- انظر أحاديث الباب- وليس فيها أيضاً ما يقوي غرور المغرورين الذين يتهاونون بأوامر الدين، ويتساهلون بنواهيه اعتماداً على شفاعة الشافعين، بل فيها أن الأمر كله لله وأنه لا ينفع أحداً في الآخرة إلا طاعة الله ورضاه {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} ؟!، وانظر فتح الباري 11/ 419 - 444.

ص: 286

أَبِيكُمْ، إلَى نُوحٍ {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33]. فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إلَى رَبِّكَ، فَإِنّهُ اصْطَفَاكَ اللهُ وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ، فَلَمْ يَدَعْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ ديَّاراً، فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، فَانْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَإِن الله اتَخَذَهُ خَلِيلاً. فَيَنْطَلِقُونَ إِلِى إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، فَانْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى، فَإِن الله قَدْ كلَّمَهُ تَكْلِيماً. فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، فَإِنّهُ يُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُحْيي الْمَوْتَى. فَيَقُولُ عِيسَى: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ فَإِنّهُ أوَّلُ مَنْ تَنْشَق عَنْهُ الأرْضُ يَوْمَ الْقيَامَةِ، انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَلْيَشْفَعْ لَكُمْ إلَى رَبِّكُمْ. قَالَ فَيَنْطَلِقُونَ، وَآتِي جِبْرِيلَ، فَيَأْتِي جِبْريلُ رَبّهُ فَيَقُولُ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ فَيَنْطَلِقُ بِهِ جِبْرِيلُ فَيَخِرُّ سَاجِداً قَدْرَ جُمُعَةٍ، ثُمَّ يَقُولُ الله تبارك وتعالى: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفعْ. فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى رَبِّهِ، خَرَّ سَاجِداً قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَيَقُولُ الله: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفعْ، فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجِداً فَيَأخُذُ جِبْرِيلُ بِضَبْعَيْهِ وَيَفْتَحُ اللهُ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ مَا لَم يَفْتَحْ عَلَى بَشَرٍ قَطُّ، فَيَقُولُ: أيْ ربِّ جَعَلْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخْرُ، وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَق عَنْهُ الأرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرُ، حَتى إنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ أكثَرُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ. ثُمَّ يُقَالُ: ادْعوا الصِّدِّيقينَ فَيَشْفَعُونَ، ثُمّ يُقَالُ ادْعُوا

ص: 287

الأنْبِيَاة فَيَجيءُ النَّبِيُّ مَعَهُ الْعِصَابَةُ، والنَّبِيُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتةُ، والنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُوا الشُّهَدَاءَ فَيَشْفَعُونَ فِيمَنْ أرَادُوا. فَإذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذلِكَ، يَقُولُ الله- جل وَعَلَا-: أنَا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لا يُشْرِكُ بِي شَيْئاً، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَقُولُ الله تَعَالَى: انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْراً قَطُّ؟. قيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلاً، فَيُقَالَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْراً قَطُّ؟. فَيَقُولُ: لَا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ. فَيَقُولُ اللهُ: اسمحوا لِعَبْدِي كإسْمَاحِهِ (1) إِلَى عَبِيدِي. ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ آخَرُ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْراً قَطُّ؟ فَيَقُولُ (213/ 1): لا، غَيْرَ أَنَي أمَرْتُ وَلَدي (2) إذَا مت فَاحْرِقُونِي بالنَّارِ ثُم اطْحَنُونِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ، اذْهَبُوا بِي إِلَى الْبَحْرِ فَذَرُّونِي فِي الرِّيح. فَقَالَ اللهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذلِكَ؟ قَالَ: مِنْ مَخَافَتِكَ. فَيَقُولُ: انْظُرْ إلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ فَإنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةَ أمْثَالِهِ. فَيَقُولُ: لم تَسْخَرُ بي وَأنْتَ الْمَلِكُ؟. فَذلِكَ الَّذِي ضَحِكْتُ بِهِ مِنَ الضُّحَى". قَالَ إِسحاق هذا مِنْ أَشْرَفِ الْحَدِيثِ (3).

(1) أَسْمَحَ: سَمَحَ، إذا لان وسهل، ويقال: أَسْمَحَتْ نفسه إذا ذلت وأطاعت وخضعت.

(2)

الوَلَدُ يكون واحداً وجمعاً، وكذلك الوُلد- وزان قُفْل-، وقد يكون الوُلد جمع ولد مثال: أسَدٌ، وأُسْدٌ. والوِلد- بكسر الواو، وسكون اللام- لغة في الوُلْد.

(3)

إسناده صحيح، والان هو ابن بيهس العدوى، ويقال: والان بن قرفة، ترجمه =

ص: 288

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= البخاري في الكبير 8/ 185 ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأورد ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 43 بإسناده إلى ابن معين أنه قال:"والان بن قرفة بصري، ثقة". وأورد ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" ص (248) برقم (1512) قول يحيى بن معين هذا. وذكره ابن حبان في الثقات 5/ 497، كما وثقه الهيثمي أيضاً.

وأبو هنيدة هو البراء بن نوفل ترجمه البخاري في الكبير 2/ 399 ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأورد ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 399 - 400 بإسناده إلى ابن معين قال:"البراء بن نوفل، بصري، ثقة". وقد ذكر ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" ص (46) برقم (114) قول ابن معين هذا. ووثقه الهيثمي، وذكره ابن حبان في الثقات 6/ 110، وقال الدوري في تاريخ ابن معين 4/ 85 برقم (3260):"سمعت يحيى يقول: البراء- يحدث عنه البصريون- ثقة". وصحح حديثه ابن خزيمة.

وأبو نعامة هو عمرو بن عيسى وثقه مطلقاً غير إمام، وأخرج له مسلم في صحيحه في الإيمان (37)، وفي الذكر (2701) باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن.

والحديث في الإحسان 8/ 134 - 136 برقم (6442).

وأخرجه أبو يعلى في المسند 1/ 56 - 59 برقم (56) من طريق أبي موسى إسحاق بن إبراهم، بهذا الإسناد. وهناك استوفينا تخريجه وذكرنا ما يشهد له.

وأخرجه أبو يعلى أيضاً برقم (57) من طريق زهير بن حرب، حدثنا إبراهيم أبو إسحاق البناني، حدثنا النضر بن شميل، به.

ونضيف هنا: أخرجه البزار 4/ 168 برقم (3465) من طريق خلاد بن أسلم المروزي، أنبأنا النضر بن شميل، بهذا الإسناد. وفيه أكثر من تحريف.

وأخرجه أبو عوانة 1/ 175 - 178 من طريق عيسى بن أحمد العسقلاني البلخي، ومحمد بن رجاء بن السندي، وسعيد بن مسعود المروزي، وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم (751، 812) من طريق هدية بن عبد الوهاب أبي صالح ثقة، وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" ص (310 - 312) من طريق أحمد بن سعيد =

ص: 289

وَقَدْ رَوَى هذَا الْحَديثَ عِدَّة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بنحو هذَا، مِنْهُمْ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مَسْعُودٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَغَيْرُهُمْ (1).

= الدارمى، وأحمد بن منصور،

جميعهم: حدثنا النضر بن شميل، به.

وقال ابن خزيمة: "إن صح الحديث". ثم قال في نهاية الحديث: "إنما استثنيت صحة الخبر في الباب لأني في الوقت الذي ترجمت الباب لم أكن أحفظ في ذلك الوقت عن والان غير هذا الخبر

". يعني- مال إلى تصحيحه بعد أن علم ما كان جاهلاً.

وأورده صاحب الكنز فيه 14/ 628 - 630 ونسبه إلى أحمد، وابن المديني، والدارمي، وابن راهويه، والحارث، والبزار، وابن أبي عاصم في السنة، وأبي يعلى، والشاشي، وأبى عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطنى في العلل، والأصبهاني في الحجة.

وأخرجه- مختصراً جداً- البخاري في الكبير 8/ 185 من طريق علي، حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا عمرو بن عيسى، بهذا الإسناد.

وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 437 - 440 وقال: "رواه أحمد، والبزار، وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه وقال: .... " وذكر ما قاله هنا عقب الحديث.

ويشهد لفقرات الشفاعة: حديث ابن عباس برقم (2328)، وحديث أَنس برقم (2899)، وحديث أبي هريرة وحذيفة برقم (6216) جميعها في مسند الموصلي.

وانظر جامع الأصول 10/ 482 - 485، والترغيب والترهيب 4/ 431 - 448. ويشهد لما يتعلق بالسماحة في البيع، وفي الدين وانظار المعسر حديث أبي هريرة عند البخاري في البيوع (2078) باب: من انظر معسراً، وفي الأنبياء (3480)، وعند مسلم في المساقاة (1562) باب: فضل إنظار المعسر.

ويشهد للفقرة المتعلقة بمن أحرق نفسه خوفاً من الله تعالى حديث الخدري برقم (1001)، وحديث ابن مسعود برقم (5056) كلاهما في مسند الموصلي. وانظر جامع الأصول 8/ 41 - 42. وفتح الباري 11/ 432 - 441.

(1)

انظر التعليق السابق. والحديث التالي.

ص: 290

2590 -

أخبرنا أبو خليفة، حدثنا علي بن المديني، حدثنا روح ابن عبادة، حدثنا أبو نعامة حدثنا أبو هنيدة، قال: بِإِسْنادِهِ نَحْوَهُ (1).

2591 -

أخبرنا أبو خليفة، حدثنا علي بن المديني، حدثنا كثير ابن حبيب الليثي أبو سعيد حدثنا ثابت البناني.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْبَراً مِنْ نُورٍ، وَإِنِّى لَعَلَى أَطْوَلِهَا وَأَنْوَرِهَا، فَيَجِيءُ مُنَادٍ يُنَادِي: أَيْنَ النَّبِيُّ الأُمَيُّ؟.

قَالَ: فَيَقُولُ الأنْبَياءُ: كُلُّنَا نَبِيّ أمي، فَإِلَى أَيِّنَا أَرْسَلَ؟. فَيَرْجِعُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ: أَيْنَ النَّبِيُّ الأُمِّي الْعَرَبِيُّ؟. قَالَ: فَيَنْزِلُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَأْتِيَ بَابَ الْجَنَّةِ فَيَقْرَعُهُ فَيَقُولُ: مَنْ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ أوْ أَحْمَدُ- فَيُقَالُ: أوَ قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيَدْخُلُ، فَيَتَجَلَّى لَهُ الرَّبُّ تبارك وتعالى وَلا يَتَجَلَّى لِشَيْءٍ قَبْلَهُ. فَيَخِرُّ للهِ سَاجِداً وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ مِمنْ كان قَبْلَهُ، وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أحَدٌ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، تَكَلَّمْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ" (2).

(1) إسناده صحيح، وهو في الإحسان 8/ 136 بدون رقم.

وأخرجه البخاري في الكبير 8/ 185 من طريق علي بن المديني، بهذا الإسناد.

ولتمام تخريجه انظر سابقه.

(2)

إسناده جيد، كثير بن حبيب الليثي فصلنا القول فيه عند الحديث المتقدم برقم

(1915)

.

ْوالحديث في الإحسان 8/ 137 - 138 برقم (6446). =

ص: 291

قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

2592 -

أخبرنا شباب بن صالح بواسط، حدثنا وهب بن بقية، أنبأنا خالد، عن خالد، عن أبي قلابة،

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَانْتَبَهْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمْ أرَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَكَانِهِ، وَإذَا أصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وَإِذَا الإبِلُ قَدْ وَضَعَتْ جِرَانَهَا.

= وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 440 وقال: "رواه ابن حبان في صحيحه".

وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" 3/ 403: " كثير بن حبيب الليثي، عن ثابت البناني. وثقه ابن أبي حاتم. وقال أبو خليفة: حدثنا علي بن المديني

" وذكر هذا الحديث ثم قال: "هذا حديث غريب جداً في الرواية لأبي نعيم". كذا قال دون أن يذكر عن أحد تضعيفه. ولم يدخله أحد في الضعفاء فيما نعلم والله أعلم. وانظر كنز العمال 11/ 443 برقم (32081)، و 14/ 404 برقم (39086).

وحديث أَنس في الشفاعة متفق عليه، وقد خرجناه في مسند الموصلي برقم (2899) مطولاً، ولتمام تخريجه انظر الحديث (6786) في المسند المذكور. وانظر جامع الأصول 10/ 477.

(1)

تمامه: "وسل تعطه. فيقال له: أخرج من كان في قلبه مثقال برة.

ثم يرجع الثالثة فيخر لله ساجداً، ويحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبله، ولن يحمده أحد ممن كان بعده، فيقال له: أخرج من كان في قلبه مثال خردلة.

ثم يرجع فيخر ساجداً ويحمده بمحامد لم يحمده بها أحد ممن كان قبله، ولن يحمده بها أحد ممن كان بعده، فيقال له: محمد ارفع رأسك، تكلم تسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه. فيقول: يا رب، من قال لا إله إلا الله، فيقال له: محمد، لست هناك، تلك لي وأنا اليوم أجزي بها".

ص: 292

قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِخَيال، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَدْ نَظَرَ إِلَيّ، فَقُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم؟.

قَالَ: وَإذَا أَنَا بِخَيَال، وَإِذَا هُوَ أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ، فَقُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟

قَالَ: وَرَائِي. فَحَدَّثَنِي جَميلُ بْنُ هِلال عَنْ أَبى بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ عَوْفِ بْن مالك قَالَ: فَسَمِعْتُ خَلْفَ أبِي مُوسَى هَرِيراً (1) كَهَرِيرِ الرَّحَى، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُول الله، إِنَّ النَّبِيَّ إَذَا كَانَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، كَانَ عَلَيْهِ حَرَسٌ؟، فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"أتَانِي آتٍ فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أنْ يَدْخَلَ نِصْفُ أُمَّتِيَ الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ".

فَقَالَ مُعَاذ: بأَبِى أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُول الله، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَتِي فَاجْعَلْنِي مِنْهُمْ، قَالَ:"أنْتَ مِنْهمْ".

قَالَ عَوْفٌ بنُ مَالِكٍ (213/ 2) وَأَبُو مُوسَى: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّا تَرَكْنَا أَمْوَالَنَا وَأَهْلِينَا وَذَرَارِيَنَا نُؤْمِنُ بالله وَرَسُولِهِ، فَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ، قَالَ:"أنْتُمَا مِنْهُمْ". قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ وَقَدْ نَادَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أنْ يُدْخِلَ نِصْفَ أُمَّتِيَ الْجَنَّةَ، وَبَيْنَ الشَفَاعَةِ فَاخْتَرْتُ الشَفَاعةَ".

(1) قال ابن فارس في "مقاييس اللغة" 6/ 8: "الهاء، والراء، أُصَيْل صحيح يدل على صوت من الأصوات

". والهرير: صوت الكلب، وهرير الرحى: صوتها.

ص: 293

فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُول الله اجْعَلْنَا مِنْهُمْ، فَقَالَ:"أَنْصِتُوا"، فَأَنْصَتُوا حَتَّى كَأَنَّ أَحَداً لَمْ يَتَكَلَّمْ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هِي لِمَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِالله شَيْئاً"(1).

2593 -

أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد، حدثنا قتيبة بن

(1) شيخ ابن حبان ما وجدت له ترجمة، وباقي رجاله ثقات، خالد الأول هو ابن عبد الله الطحان، وخالد الثاني هو الحذاء، وأبو قلابة هو عبد الله بن زيد الجرمي. والحديث في الإحسان 9/ 167 - 168 برقم (7163).

وأخرجه الحاكم 1/ 67 من طريق إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد. وقال:"وهذا صحيح من حديث أبي قلابة على شرط الشيخين".

ووافقه الذهبي.

نقول: إسناده صحيح إذا كان أبو قلابة سمعه من عوف بن مالك.

وأخرجه الطبراني في الكبير 18/ 75 برقم (138) من طريق مسدد، حدثنا حماد ابن زيد، عن أيوب وخالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق 11/ 413 برقم (20865) من طريق معمر، عن قتادة وعاصم، عن أبي قلابة، به.

ومن طريق عبد الرزاق السابقة أخرجه الطبراني في الكبير 18/ 74 - 75 برقم (136).

وأخرجه الطبراني أيضاً برقم (137) من طريق حجاج بن نصير، حدثنا هشام الدستوائي، عن قتادة، بالإسناد السابق.

وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 434 - 435 وقال: "رواه الطبراني بأسانيد، أحدها جيد، وابن حبان في صحيحه بنحوه إلا أن عنده الرجلين: معاذ بن جبل وأبا موسى، وهو كذلك في بعض روايات الطبراني، وهو المعروف. وقال ابن حبان في حديثه: .... ".

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 369 - 370 باب: ما جاء في الشفاعة، وقال:"روى الترمذي، وابن ماجه طرفاً منه- رواه الطبراني بأسانيد، ورجال بعضها ثقات".

ولتمام تخريجه انظر الحديث التالي.

ص: 294

سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أبي المليح.

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: عَرَّسَ بِنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَرَشَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ، فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَاذا نَاقَةُ رَسُولِ الله-صلى الله عليه وسلم-لَيْسَ قُدَّامَهَا أَحَدٌ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُب رَسُول الله-صلى الله عليه وسلم فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعَبْدُ الله بْنُ قَيْس قَائِمَانِ، قَالَ: قُلْتُ: أيْنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالا: مَا نَدْرِي، غَيْرَ أنَّا سَمِعْنَا صَوْتاً بِأَعْلَى الْوَادِي فَإذَا مِثْلُ هَرِيرِ الرَّحَى. فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَاّ يَسِيراً حَتَّى أتَانَا ....

قُلْتُ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ (1).

(1) إسناده صحيح، وهو في الإحسان 8/ 132 - 133 برقم (6436).

وأخرجه الترمذي في صفة القيامة (2443) ما بعده بدون رقم، باب: شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمن لا يشرك بالله شيئاً، من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 6/ 28 من طريق بهز، وأخرجه الطبراني في الكبير 18/ 73 - 74 برقم (134) من طريق خالد بن خداش، ومحمد بن عيسى الطباع، جميعهم: حدثنا أبو عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي 2/ 229 برقم (2802) من طريق همام، عن قتادة، به.

وأخرجه أحمد 6/ 29، والترمذي (2443) - ومن طريقه أورده ابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 312 - 313 - والحاكم 1/ 67 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به.

وأخرجه الحاكم 1/ 67 من طريق محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، به. وقال "جديث قتادة هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه".

وأخرجه أحمد 6/ 29 من طريق حسين- تحرف عند أحمد إلى حيس- في تفسير شيبان، عن قتادة قال: حدثنا صاحب لنا أظنه أبا المليح الهذلي، عن عوف بن مالك، به. =

ص: 295

2594 -

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا عبد الواحد بن غياث، حدثنا أبو عوانة

فَذَكَرَ بِإسْنَادِهِ نَحْوَهُ (1).

2595 -

أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا حرملة بن

= وقال الترمذي: "وقد روي عن أبي المليح، عن رجل آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-عن النبي- صلى الله عليه وسلم-ولم يذكر عن عوف بن مالك. وفي الحديث قصة طويلة".

وأخرجه ابن ماجه في الزهد (4317) باب: ذكر الشفاعة، والطبراني في الكبير 18/ 68 برقم (126) من طريق هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا ابن جابر قال: سمعت سليم بن عامر يقول: سمعت عوف بن مالك، به. وصححه الحاكم 1/ 66 فقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بسليم بن عامر، وأما سائر رواته فمتفق عليهم ولم يخرجاه".

وأخرجه أحمد 6/ 23 - 24، والطبراني في الكبير 18/ 74 برقم (135) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا محمد بن أبي المليح، حدثنا زياد بن أبي المليح، عن أبيه، عن أبي بردة، عن عوف بن مالك، به.

وأخرجه الطبراني في الكبير 18/ 57 - 58 برقم (106)، والفسوي في المعرفة والتاريخ 2/ 337 من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، حدثنا جابر بن غانم، عن سليم بن عامر، عن معدي كرب بن عبد قال، عن عوف بن مالك، به.

وأخرجه الحاكم 1/ 67 من طريق حماد أبي بكر الواسطي، حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن حميد بن هلال، عن أبى بردة، عن أبي موسى، عن عوف بن مالك

وقال: "وقد روي هذا الحديث عن أبي موسى الأشعري، عن عوف بن مالك بإسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.

وانظر "تحفة الأشراف" 8/ 217 برقم (10920)، وجامع الأصول 10/ 477، وسير أعلام النبلاء 2/ 490، وكنز العمال 14/ 631 - 632 برقم (39752)، والحديث السابق، والحديث اللاحق.

(1)

إسناده صحيح، وهو في الإحسان 8/ 128 برقم (6432). ولتمام تخريجه انظر الحديثين السابقين.

ص: 296

يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير (1)، عن سالم بن أبي سالم الجيشاني (2)، عن معاوية بن معتب (3).

عَنْ أبى هُرَيْرَةَ أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَاذَا ردَّ إِلَيْكَ رَبُّكَ فِي الشَّفَاعَةِ؟. قَالَ: "والذى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّك أوَّلُ مَنْ يَسْألُنِي عَنْ ذلِكَ مِنْ أُمَّتِي لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ، والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَا يُهِمُّنِي مِن انْقِصَافِهِمْ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنّةِ أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شَفَاعَتِي لَهُمْ، وَشَفَاعَتِي لِمَنْ شَهِدَ

(1) قال ابن حبان في الثقات 6/ 409 ترجمة سالم بن أبي سالم: "روى عنه عبيد الله بن أبي جعفر، ويزيد بن أبي حبيب، عن أبى الخير اليزنى، عنه"، وانظر مصادر التخريج.

(2)

في أجل (م): "الخلقاني" وعليها إشارة نحو الهامش حيث كتب: "صوابه الجيشاني. وكذا هو في أصل صحيح ابن حبان". وقد تقدم التعريف بهذه النسبة عندالحديث (1276).

(3)

مُعَتِّب- بضم الميم، وفتح العين المهملة، والتاء المثناة من فوق مشددة بالكسر، في آخرها الباء الموحدة من تحت- اقتصر عليها البخاري في الكبير 7/ 331، وابن حبان في الثقات 5/ 413 - 414.

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 379: "معاوية بن عتبة الهذلي، مصري، ويقال: ابن معتب".

وانظر المؤتلف والمختلف 4/ 4075، والمشتبه 2/ 607، وتبصير المنتبه 4/ 1308.

وقال الحسيني في الإكمال (الورقة 90/ 1): "معاوية بن معتب، ويقال: ابن مغيث، ويقال: ابن عتبة".

وقال الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص (407): "ولم أر من ضبط أباه بالغين المعجمة ثم المثلثة".

ص: 297

أَنْ لا إله إِلَاّ الله مُخْلِصاً، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله يُصَدِّقُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ، وَقَلْبُهُ لِسَانَهُ" (1).

(1) إسناده صحيح، وهو من المزيد في متصل الأسانيد. سالم بن أبي سالم الجيشاني ترجمه البخاري في الكبير 4/ 111 ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وتبعه على ذلك ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 182 - 183، وذكره ابن حبان في الثقات 6/ 408 - 409، وصحح الحاكم حديثه، ووافقه الذهبي، ووثقه الهيثمي، وقال الذهبي في كاشفه:"ثقة".

ومعاوية بن معتب ترجمه البخاري في الكبير 7/ 331 ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وتبعه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 379، وذكره ابن حبان في الثقات 5/ 413 - 414، وقال العجلي في "تاريخ الثقات" ص (432)، "بصري، تابعي، ثقة". ووثقه الهيثمي، وصحح الحاكم حديثه، ووافقه الذهبي. وأبو الخير هو مرثد بن عبد الله اليزني.

والحديث في الإحسان 8/ 131 برقم (6432).

وأخرجه أحمد 2/ 307، والحاكم 1/ 69 - 70، والبخاري في الكبير 4/ 111 من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سالم بن أبي سالم، بهذا الإسناد.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، فإن معاوية بن معتب مصري من التابعين". ووافقه الذهبي.

وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 437 وقال: "رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه".

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 404 باب: في كثرة من يدخل الجنة من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -وقال: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير معاوية بن

معتب، وهو ثقة".

ونسبه صاحب الكنز فيه 14/ 413 - 414 برقم (39113) إلى الحاكم، والطبراني في الكبير. وقد ذكر الحافظ في "فتح الباري"11/ 443 طرفاً من هذه الرواية، ونسبها إلى أحمد، وابن حبان.

وأخرجه أحمد 2/ 373، والبخاري في العلم (99) باب:. الحرص على الحديث، وفي الرقاق (6570) باب: صفة الجنة والنار، من طريق عمرو بن أبي =

ص: 298

2596 -

أخبرنا [أحمد بن محمد الشرقي- وكان من الحفاظ المتقنين وأهل الفقه في الدين- قال: حدثنا](1) أحمد بن الأزهر، وأحمد بن يوسف السلمي، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن ثابت.

عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "شَفَاعَتِي لأهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمَّتِي"(2).

= عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة أنه قال: "قيل: يا رَسُول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامه؟.

قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث. أَسْعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه- أو نفسه". وهذا لفظ الرواية الأولى للبخاري.

وانظر جامع الأصول 9/ 369.

والانقصاف: الازدحام والتجمع. يقال: انقصف القوم، إذا اجتمعوا وازدحموا، وانقصف الناس على الشيء: تتابعوا.

وقال ابن الأثير 4/ 73 شارحاً هذه العبارة: "يعني: استسعادهم بدخول الجنة، وأن يتم لهم ذلك أهم عندي من أن أبلغ أنا منزلة الشافعين المشفعين، لأن قبول شفاعته كرامة له، فوصولهم إلى مبتغاهم آثر عنده من نيل هذه الكرامة لفرط شفقته على أمته".

(1)

ما بين حاصرتين ساقط من الأصل، واستدركناه من الإحسان.

(2)

إسناده صحيح، وهو في الإحسان 8/ 132 برقم (6434).

وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم (832) من طريق المقدمي، حدثنا محمد ابن عبيد الله القطان، وأخرجه البزار 4/ 172 برقم (3469) من طريق عمرو بن علي، حدثنا أبو داود، حدثنا الجراح بن عثمان، وأخرجه أبو يعلى 6/ 40برقم (3284) من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي، =

ص: 299

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حدثنا محمد بن ثابت بن عبيد الله العصري، جميعهم: حدثنا ثابت، بهذا الإسناد.

وقال البزار: "لا نعلم رواه عن ثابت إلا الجراح".

نقول: لقد رواه عن ثابت غير واحد، وقد تحرف عند البزار "خزرج بن عثمان" إلى "الجراح بن عثمان". وانظر تاريخ البخاري 3/ 229، وثقات ابن حبان 6/ 277 - 278. وانظر "مجمع الزوائد"10/ 378.

وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة أيضاً برقم (831) من طريق أبي بكر بن عياش، حدثنا حميد، عن أَنس

وأخرجه الطبراني في الكبير 1/ 258 برقم (749) من طريق ابن المبارك، عن عاصم الأحول، عن أَنس

وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب 1/ 166 برقم (236) من طريق بسطام بن حريث الصدفي، عن أشعث الحداني، عن أَنس

وأخرجه القضاعي أيضاً برقم (237) من طريق أبي جناب، سمع زياداً النمري، سمع أَنس بن مالك

وهو في تحفة الأشراف 1/ 152 برقم (481)، وجامع الأصول 10/ 476.

ولتمام تخريجه انظر مسند الموصلي (3284، 4105، 4115، 4304). وهناك

ذكرنا حديث جابر شاهداً له. وحديث جابر عند الطيالسي 2/ 228 برقم (2801) أيضاً.

وأورد المنذري حديث أَنس في "الترغيب والترهيب" 4/ 446 وقال: "رواه أبو داود، والبزار، والطبراني، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي.

ورواه ابن حبان أيضاً، والبيهقي من حديث جابر".

وقال ابن كثير في التفسير 2/ 268: "وقد روى ابن مردويه من طرق عن أَنس، عن جابر مرفوعاً:(شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)، ولكن في إسناده من جميع طرقه ضعف، إلا ما رواه عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أَنس قال: قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

فإنه إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وقد رواه أبو عيسى الترمذي منفرداً به من هذا الوجه عن عباس العنبري، عن عبد الرزاق. ثم قال: هذا حديث حسن صحيح

".

ص: 300