المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من الخوارج: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٦

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌بديع الزمان الهمذاني (398 ه

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من ابن يونس المنجم (399 ه

- ‌موقف السلف من أبي حيان التوحيدي (في حدود 400 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المؤولة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي (411 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسين السلمي الصوفي (412 ه

- ‌موقف السلف من الشيخ المفيد الرافضي (413 ه

- ‌علي بن عيسى (414 هـ سنة وفاة الباشاني)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌معمر بن أحمد الأصبهاني الصوفي (418 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من المسبحي الرافضي (420 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌الظاهر لإعزاز دين الله العبيدي الرافضي الخبيث الدعي (427 ه

- ‌موقف السلف من ابن سينا الفيلسوف وضلاله (428 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي ذر الهروي (434 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من المرتضى الشريف الرافضي الخبيث (436 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من القادسي الرافضي (447 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من أبي العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان (449 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القادسي الرافضي:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من فتنة ابن القشيري:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقف السلف من ابن العجوز محمد بن عبد الرحمن (474 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من البكري أبي بكر عتيق الأشعري (476 ه

- ‌موقف السلف من مسعود بن ناصر (477 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من مسلم بن قريش صاحب الموصل (478 ه

- ‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من أبي منصور بن شكرويه الأشعري (482 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هبة الله بن عبد الوارث (486 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من صاحب سمرقند الزنديق (487 ه

- ‌موقف السلف من المستنصر العبيدي الرافضي (487 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أبي يوسف القزويني المعتزلي (488 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أحمد بن غطاش الباطني (500 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والرافضة والمرجئة والقدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية والجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

الفصل: ‌موقفه من الخوارج:

الأخبار: أمروها كما جاءت، فحملوها على ظاهرها في أنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين. (1)

‌موقفه من الخوارج:

- قال: وقد اختلف الناس في الفاسق الملي، فذهب الخوارج إلى أن الفاسق يكون كافرا بكل معصية، ومنهم من يكفره بالكبائر دون غيرها.

وحكي عن الحسن وعمرو بن عبيد أنه يكون منافقا.

وقالت المعتزلة: "لا يكون مؤمنا ولا كافرا، ولكن يكون فاسقا"، فسلبوه اسم الإيمان في الجملة وجعلوا له منزلة بين المنزلتين، وقيل: إن أول من قال هذا عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وبه سموا معتزلة.

وقالت الأشعرية: "هو مؤمن كامل الإيمان"، وبنوا هذا على أن الإيمان عندهم هو التصديق، وأن ترك الطاعات وارتكاب المحظورات لا يؤثر في التصديق.

فالدلالة على بطلان قول الخوارج في قولهم: "يكون كافرا" أشياء، منها: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2)، فأثبت أن غير الشرك مغفور، فلو كانت الكبائر كفرا لم تكن مغفورة لأنها كفر. وأيضا قوله تعالى: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ

(1) إبطال التأويلات (1/ 43 - 44).

(2)

النساء الآيتان (48) والآية (116).

ص: 231

وَالْعِصْيَانَ} (1)، فجعل المعاصي ضروبا وعطف بعضها على بعض فوجب أن يكون بعضها ليس بكفر، وإلا لم يكن للعطف معنى ويكون تكرارا وعطف الشيء على نفسه. وقال تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كبائر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (2)، وقوله تعالى:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} (3)، وهذا يدل على أنه يغفر له ما دون الكبائر، وعند بعضهم هو كافر بجميع ذلك.

وأيضا فإن الله تعالى أوجب على القاذف الجلد إذا لم يأت بالشهود، وأوجب رد شهادته وسماه فاسقا، ولو كان ذلك كفرا لم ينه عن رد شهادته لأن ذلك من الأحكام التي لا تصح إلا مع الحياة، والكفر يمنع بقاء الحياة.

وكذلك أمر الله تعالى من يرمي زوجته باللعان، ولو كان ذلك كفرا لم يصح ذلك من جهات:

أحدها: أنه كان يجب أن لا يكون راميا لزوجته لأنها إن كانت زانية فقد بانت منه على قولهم وإن لم تكن كذلك فقد بانت برميه لها وذلك كفر، فكان يجب أن يكون راميا لأجنبية.

الثاني: ما كان يجب أن تقف الفرقة بينهما على اللعان لأن أحدهما قد كفر وارتد على قولهم، فكان يجب أن تكون قد بانت منه وفي ذلك خروج

(1) الحجرات الآية (7).

(2)

النساء الآية (31).

(3)

النجم الآية (32).

ص: 232

عن الإجماع.

الثالث: أن القصد باللعان إذا لم يكن ولد إزالة الفراش وقد زال على قولهم فلا وجه للتعبد باللعان.

وأيضا الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون، ولكن أناس تمسهم النار بذنوبهم -أو قال- بخطاياهم، ليميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فيلقون على أنهار الجنة فيقال: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة في حميل السيل» . (1)

وأيضا فإنه إجماع الصحابة وذلك أنهم نسبوا الكفر إلى مانع الزكاة وقاتلوه وحكموا عليه بالردة، ولم يفعلوا مثل ذلك بمن ظهر منه الكبائر، ولو كان الجميع كفرا لسووا بين الجميع.

وأيضا فإن القول بالكفر في جميع المعاصي يوجب تكفير الأنبياء صلوات الله عليهم، لأنه قد وجد منهم وقوع الصغائر.

وأيضا فإن الكفر يختص بأحكام لا توجد في مرتكب الكبائر منها انقطاع التوارث بين المسلم والكافر، ومنها امتناع المناكحة ولا يثبت ذلك بين مرتكب الكبائر وبين من لم يرتكبها. فإن منعوا ذلك وقالوا أثبت ذلك فالإجماع يحجهم لأنه قد كان في أيام الخلفاء من يقدم على الشراب والفسق فيقام عليه الحد ولم يفرق بينه وبين امرأته، ولا منعوه من التوارث وظهر

(1) أخرجه أحمد (3/ 11،20،79) ومسلم (1/ 172/184) وابن ماجه (2/ 1441/4309). وأصله عند البخاري (1/ 98 - 99/ 22).

ص: 233

ذلك في أيام علي عليه السلام ولم يقض بذلك فدل على فساد قولهم.

واحتجوا في ذلك بأشياء، منها: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} (1)، فدل على أن كل مكلف ليس بمؤمن فهو كافر.

والجواب: أن الآية تدل على أن بعضا من خلقه كافر وبعضه مؤمن، وهذا لا يمنع أن يكون هناك ثالث كما قال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} (2)، ولم يمنع ذلك أن يكون فيهم من يمشي على أكثر من ذلك وهو الشنظان، وعلى أنا نقول بظاهرها وأن الخلق مؤمن وكافر، وعندنا هذا مؤمن في الحقيقة لكنه ناقص الإيمان ونقصانه لا يسلبه الاسم لأن إقدامه على المعاصي لا يخرجه من كونه مؤمنا بإيمانه لأن أحد الأمرين لا ينفي الآخر.

واحتج بقوله تعالى: {وهل نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)} (3) فدل على أن الذي يجازى بالنار هو الكفور وهذا ممن يجازى به.

والجواب: أنه محمول على الجزاء الذي تقدم ذكره وهو قصة سبأ لأنه

(1) التغابن الآية (2).

(2)

النور الآية (45).

(3)

سبأ الآية (17).

ص: 234

جل وعز قال: {فأرسلنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)} (1). وقد أجرى سبحانه العادة بأنه لا يجازي بالجزاء المعجل في دار الدنيا على جهة الاستئصال إلا من كفر وكذب بالرسل.

واحتج بقوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)} (2)، فدل على أنه لا منزلة للمكلف إلا هذين وكذلك قوله تعالى:{قال هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} (3).

والجواب: أن الفاسق لا يمتنع أن يكون شاكرا، فليس هو بخارج عن هذين الأمرين، لأن إقدامه على الزنا والقتل لا يخرجه من كونه شاكرا لنعمه لأن أحد الأمرين لا ينافي الآخر.

واحتج بقوله تعالى: {ولله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} (4)، فدل على أن ترك الحج كفر.

(1) سبأ الآيتان (16و17).

(2)

الإنسان الآية (3).

(3)

النمل الآية (40).

(4)

آل عمران الآية (97).

ص: 235

والجواب: أنه محمول على جحد الإيجاب للحج، وهذا هو الظاهر، لأن الذي تقدم إيجابه فوجب أن يكون ذلك كفرا بما أوجب عليه، يبين صحة هذا أنه لا فائدة لتخصيصه الحج بذلك وغيره من الطاعات إذا تركه كفرا عنده.

واحتج بقوله تعالى: {ومن لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} (1) وظاهر هذا يوجب إكفار أئمة الجور وهذا قولنا.

والجواب: أن المراد بتلك اليهود، يبين ذلك أنه جل وعز ذكر اليهود فقال:{فإن جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} إلى قوله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} ثم قال بعد: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} ثم لم يقطع ذكرهم بل قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} {وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} (2). فإذا كانت القصة أولها وآخرها في اليهود حملت عليهم.

واحتج بقوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ

(1) المائدة الآية (44).

(2)

المائدة الآيات (42 - 46).

ص: 236

الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)} (1) دل على أن كل من يدخل النار لابد من أن يكون كافرا.

والجواب: أنه محمول على من خفت موازينه بكفره أنهم في جهنم خالدون.

واحتج بقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2). فنرى أن كل من يسود وجهه لابد من أن يكون كافرا، لأن أهل النار لابد أن يكون هذا وصفهم.

والجواب: أنا لا نسلم أن أهل الكبائر لابد أن تسود وجوههم لأنهم معرضون للغفران. وهكذا الجواب عن قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)} (3).

وذلك أنا لا نقطع عليهم بالغبرة والقترة حتى يدخلوا تحت اسم الكفر.

(1) المؤمنون الآيات (102 - 105).

(2)

آل عمران الآية (106).

(3)

عبس الآيات (38 - 42).

ص: 237

واحتج بقوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)} (1)، فدل على أن كل من يدخل النار من الفساق لا يكون إلا كافرا.

والجواب: أن المراد بالفاسق ها هنا الكافر، لأن الفاسق الملي لا يأوي النار عندنا.

واحتج بقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)} (2).

والجواب: أنا لا نسلم أنه معرض عن ذكر ربه لوجود الإيمان الذي فيه، فعلم أن المراد به الكافر.

واحتج بقوله: {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} (3) فدل أنه لا فاسق إلا كافر.

(1) السجدة الآيات (18 - 20).

(2)

طه الآية (124).

(3)

النور الآية (55).

ص: 238

والجواب: أن الآية واردة فيمن ارتد، لأنه قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ثم قال: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} (1). ومن هذه حاله فهو كافر.

واحتج بقوله تعالى مخبرا عن إبليس: {فبعزتك لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)} (2). فدل على أن من لم يكن مخلصا فهو كافر.

والجواب: أنه لا يدل على ذلك، بل يجوز أن يكون مؤمنا فاسقا.

واحتج بأنه إذا كان عز وجل قد أمر بالصلاة والزكاة كأمره بالمعرفة والتوحيد وتصديق الرسول ثم كان مضيع هذه الأمور كافرا، كذلك مضيع الفرائض، ولأن منكر أحدهما يكفر كما يكفر منكر الآخر.

والجواب: أن هذه المعرفة وتصديق الرسل هو أصل الإيمان وبه كان مؤمنا في صدر الإسلام وإنما زيد فيه بالعبادات فهو أعظم من غيره من المأمورات فلا يجب أن يلحق بما دونه كما لم يجب أن تلحق الكبائر بالصغائر في باب التأثم والوعيد، ومن قال أن قدرهما في العقاب سواء لزمه أن يقول أن قدرهما في الثواب سواء، ولوجب أن لا يتفاضل المطيعون في الطاعات

(1) النور الآية (55).

(2)

ص الآيتان (82و83).

ص: 239

وقد قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} (1).

واحتج بأن جميع المعاصي طاعة لإبليس، لأنه يدعو إلى جميعها وطاعته عبادة له ولا يكون ذلك إلا كفرا.

والجواب: أنه ليس إذا كان طاعة له كان عبادة لأن العبادة هي الخضوع والتعظيم والإجلال، وهذا غير موجود ممن أطاع إبليس يبين صحة هذا أنه ليس كل طاعة لله هي عبادة له كالنظر في معرفة الله قبل لزومها، ولأن هذا يوجب أن تكون طاعة الولد لوالده عبادة له لأنه قد أطاعه، وأحد لا يقول هذا.

واحتج بأن ولاية الله تعالى من جهة الدين لابد أن تكون إيمانا وجب أن تكون كل عداوة من جهة الدين لابد من أن تكون كفرا والفسق عداوة من جهة الدين.

والجواب: إنا لسنا نقول في كل طاعة أنها ولاية، ولا في كل معصية أنها عداوة، ولهذا لا نقول في معاصي الأنبياء الصغائر أنها عداوة لله ولا في طاعة الكافر أنها ولاية، وإنما صار بذلك من أهل الثواب والعقاب من جهة الدين.

واحتج بأنه قد ثبت أن سلم النبي صلى الله عليه وسلم سلم للمؤمنين وحربه حرب للمؤمنين، ثم ثبت أن سلمه إيمان كذلك سلم المؤمنين فيجب أن يكون

(1) الحديد الآية (10).

ص: 240