المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٦

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌بديع الزمان الهمذاني (398 ه

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من ابن يونس المنجم (399 ه

- ‌موقف السلف من أبي حيان التوحيدي (في حدود 400 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المؤولة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي (411 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسين السلمي الصوفي (412 ه

- ‌موقف السلف من الشيخ المفيد الرافضي (413 ه

- ‌علي بن عيسى (414 هـ سنة وفاة الباشاني)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌معمر بن أحمد الأصبهاني الصوفي (418 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من المسبحي الرافضي (420 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌الظاهر لإعزاز دين الله العبيدي الرافضي الخبيث الدعي (427 ه

- ‌موقف السلف من ابن سينا الفيلسوف وضلاله (428 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي ذر الهروي (434 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من المرتضى الشريف الرافضي الخبيث (436 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من القادسي الرافضي (447 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من أبي العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان (449 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القادسي الرافضي:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من فتنة ابن القشيري:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقف السلف من ابن العجوز محمد بن عبد الرحمن (474 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من البكري أبي بكر عتيق الأشعري (476 ه

- ‌موقف السلف من مسعود بن ناصر (477 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من مسلم بن قريش صاحب الموصل (478 ه

- ‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من أبي منصور بن شكرويه الأشعري (482 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هبة الله بن عبد الوارث (486 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من صاحب سمرقند الزنديق (487 ه

- ‌موقف السلف من المستنصر العبيدي الرافضي (487 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أبي يوسف القزويني المعتزلي (488 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أحمد بن غطاش الباطني (500 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والرافضة والمرجئة والقدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية والجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

الفصل: ‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه

أنطاكية، فقتل مسلم وله بضع وأربعون سنة. وقيل: بل خنقه خادم في الحمام. وملكوا أخاه إبراهيم، وله سيرة طويلة وحروب وعجائب. (1)

‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه

ـ)

كان هذا الإمام سدا منيعا في وجوه المبتدعة، برز ذلك في شخصه وكتبه ومناظراته، لقد عرض على السيف خمس مرات ومع ذلك رزقه الله الصمود في وجه من أراد أن يجعله أشعريا أو كلابيا. ولأبي إسماعيل أخطاء تمنينا وتمنى أهل العلم قبلنا عدم صدورها من الشيخ يتمثل ذلك في كتابه: 'منازل السائرين' ذكر فيه أشياء يتبرأ السلف منها، وربما فيه ما يؤدي إلى الحلول. وقد قال الإمام الذهبي في 'منازل السائرين': فيه أشياء مطربة وفيه أشياء مشكلة ومن تأمله لاح له ما أشرت إليه. (2)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد كلام له على إبطال أن الله في كل مكان: وإن قالوا بحلوله بذاته في قلوب العارفين كان هذا قولا بالحلول الخالص وقد وقع في ذلك طائفة من الصوفية حتى صاحب: 'منازل السائرين' في توحيده المذكور في آخر المنازل في مثل هذا الحلول. (3)

وقال الذهبي: ورأيت أهل الاتحاد يعظمون كلامه في منازل السائرين ويدعون أنه موافقهم، ذائق لوجدهم، ورامز لتصوفهم الفلسفي، وأنى يكون

(1) السير (18/ 482 - 483).

(2)

السير (18/ 509).

(3)

مجموع الفتاوى (5/ 230).

ص: 350

ذلك وهو من دعاة السنة وعصبة آثار السلف؟. (1)

وقال أيضاً:

فإن طائفة من صوفة الفلسفة والاتحاد يخضعون لكلامه في منازل السائرين وينتحلونه، ويزعمون أنه موافقهم، كلا بل هو رجل أثري، لهج بإثبات نصوص الصفات، منافر للكلام وأهله جداً. (2)

وقال ابن رجب: وقد اعتنى بشرح كتابه منازل السائرين جماعة، وهو كثير الإشارة إلى مقام الفناء في توحيد الربوبية، واضمحلال ما سوى الله تعالى في الشهود لا في الوجود. فيتوهم فيه أنه يشير إلى الاتحاد حتى انتحله قوم من الاتحادية، وعظموه لذلك. وذمه قوم من أهل السنة، وقدحوا فيه بذلك. وقد برأه الله من الاتحاد. وقد انتصر له شيخنا أبو عبد الله ابن القيم في كتابه الذي شرح فيه المنازل، وبين أن حمل كلامه على قواعد الاتحاد زور وباطل. (3)

وإليك نماذج من مواقف شيخ الإسلام الهروي من الجهمية:

محن الشيخ:

- قال شيخ الإسلام الهروي: ثم إني لا أعلم أني سمعت في عمري بشرا واحدا في بلدتنا يقر على نفسه بذلك المذهب أو يصرح بشيء من الكلام، وهو يعرفه أو يظهر شيئا من كتبهم إلا من أحد وجوه أربعة:

أحدها: أن يكون رجل عُلِم منه أنه قرأ الكلام فهو يحلف أنه إنما قرأه ليصول به على خصم لا ليدين به دينا.

(1) تذكرة الحفاظ (3/ 1183).

(2)

سير أعلام النبلاء (18/ 510).

(3)

ذيل طبقات الحنابلة (1/ 67).

ص: 351

والثاني: رجل أخذ عن أستاذ متهم به فهو يحلف بالله أنه إنما أخذ عنه الفقه لا الكلام.

والثالث: قوم لحقهم داء من الصحبة حتى لحظتهم الأعين بالهوان بصحبة أهل التهمة والركون إليهم، فهم إذا خلوا يتناجون، وإذا برزوا يتهاجون.

والرابع: رجل ظهر عليه شيء من كتب الكلام بخطه أو قراءته أو أخذه حيا أو ميتا، فكلهم يحمل من أعباء الذل والهجران والطرد ما لا يحمل عيار ولا يعالجه ماجن ولا مخنث، ولا مريضهم يعاد ولا جنائزهم تشيع، على أنك لا تعدم منهم قلة الورع وقسوة القلب، وقلة الورد وسوء الصلاة والاستخفاف بالسنة والتهاون بالحديث والوضع من أهله وترك الجماعات والشماتة بفواجع أهل السنة والهزوء بهم. وقد سمعت بعض المتهمين يقول: وما الكلام كل ما خرج من الفم من النطق فهو كلام، فهو والله حمق ظاهر أن يكون يلبسه بالشافعي الإمام المطلبي باعترائه الكاذب إليه، وزعمه الباهت عليه، وهو من أشد خلق الله تعالى على المتكلمين وأثقلهم عليه، كما نظمنا عنه من أقاويله الغر في ذمهم، ثم هذا المراوغ يدعي أنه لا يدري ما الكلام، وهؤلاء أئمة الإسلام. وكل هذا التحذير وإيذانه قديما بالضرر الكبير، فليبرزوا به إذا من الخباء، وليخرجوا الطبل من الكساء ويقيموا الخطأ على أولئك السادة الهداة، وليشيروا بنا إلى كل مسلم أدركه في الكلام رشد، أو لقي به خيرا، فلا والله لا دين المتناجين دين، ولا رأي

ص: 352

المتسترين متين. (1)

- قال ابن تيمية: وشيخ الإسلام، وإن كان رحمه الله من أشد الناس مباينة للجهمية في الصفات، وقد صنف كتابه 'الفاروق في الفرق بين المثبتة والمعطلة' وصنف كتاب 'تكفير الجهمية'وصنف كتاب 'ذم الكلام وأهله' وزاد في هذا الباب، حتى صار يوصف بالغلو في الإثبات للصفات، لكنه في القدر على رأي الجهمية، نفاة الحكم والأسباب. (2)

- جاء في سير أعلام النبلاء: قال ابن طاهر: سمعته يقول: عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي ارجع عن مذهبك، لكن يقال اسكت عمن خالفك. فأقول لا أسكت. (3)

وقال الحافظ أبو النضر الفامي: كان شيخ الإسلام أبو إسماعيل بكر الزمان وواسطة عقد المعاني وصورة الإقبال في فنون الفضائل وأنواع المحاسن منها، نصرة الدين والسنة من غير مداهنة ولا مراقبة لسلطان ولا وزير، وقد قاسى بذلك قصد الحساد في كل وقت وسعوا في روحه مرارا وعمدوا إلى إهلاكه أطوارا، فوقاه الله شرهم، وجعل قصدهم أقوى سبب لارتفاع شأنه. (4)

- وسمعت خادمه أحمد بن أميرجه يقول: حضرت مع الشيخ للسلام على الوزير نظام الملك، وكان أصحابنا كلفوه الخروج إليه وذلك بعد المحنة ورجوعه إلى وطنه من بلخ -يعني أنه كان قد غرب- قال: فلما دخل عليه

(1) ذم الكلام (4/ 425 - 428 الأنصاري).

(2)

المنهاج (5/ 358).

(3)

السير (18/ 509) وطبقات الحنابلة (1/ 53 - 54).

(4)

السير (18/ 510).

ص: 353

أكرمه وبجله وكان هناك أئمة من الفريقين فاتفقوا على أن يسألوه بين يدي الوزير فقال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ الإمام أن يسأل؟ قال: سل؟ قال: لم تلعن أبا الحسن الأشعري؟ فسكت الشيخ وأطرق الوزير. فلما كان بعد ساعة قال الوزير: أجبه؟ فقال: لا أعرف أبا الحسن وإنما ألعن من لم يعتقد أن الله في السماء وأن القرآن في المصحف ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم ليس بنبي. ثم قام وانصرف فلم يمكن أحدا أن يتكلم من هيبته فقال الوزير للسائل: هذا أردتم، أن نسمع ما كان يذكره بهراة بآذاننا وما عسى أن أفعل به؟ ثم بعث إليه بصلة وخلع فلم يقبلها وسافر من فوره إلى هراة. (1)

- قال: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته اجتمع مشائخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي إسماعيل وسلموا عليه، وقالوا ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج ونسلم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطؤوا على أن حملوا معهم صنما من نحاس صغيرا وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ وخرجوا وقام الشيخ إلى خلوته ودخلوا على السلطان واستغاثوا من الأنصاري وأنه مجسم وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله تعالى على صورته وإن بعث السلطان الآن يجده. فعظم ذلك على السلطان وبعث غلاما وجماعة فدخلوا وقصدوا المحراب فأخذوا الصنم فألقى الغلام الصنم فبعث السلطان من أحضر الأنصاري فأتى فرأى الصنم والعلماء وقد اشتد غضب السلطان فقال له السلطان: ما هذا؟ قال: صنم يعمل من الصفر شبه اللعبة. قال: لست عن ذا

(1) السير (18/ 511) وذيل طبقات الحنابلة (1/ 54 - 55).

ص: 354

أسألك. قال: فعم يسألني السلطان؟ قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا وأنك تقول: إن الله على صورته. فقال شيخ الإسلام بصولة وصوت جهوري: سبحانك هذا بهتان عظيم. فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه فأمر به فأخرج إلى داره مكرما وقال لهم: اصدقوني وهددهم فقالوا: نحن في يدي هذا في بلية من استيلائه علينا بالعامة فأردنا أن نقطع شره عنا. فأمر بهم ووكل بهم وصادرهم وأخذ منهم وأهانهم. (1)

التعليق:

هكذا مكائد المبتدعة في كل زمان ومكان، لا يراقبون الله ولا يخافونه، فالرجل ينافح عن مذهب السلف ويدافع عنه، وهم يتهمونه بالتشبيه والتمثيل وتصل بهم الوقاحة إلى ما فعلوا. ولكن الله لطيف بعباده وهو للظالمين بالمرصاد مهما علا شأنهم وارتفع.

مناظرات الشيخ وفحمه للخصم:

- قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا، أن السلطان ألب أرسلان قدم هراة ومعه وزيره نظام الملك، فاجتمع إليه أئمة الحنفية وأئمة الشافعية للشكوى من الأنصاري ومطالبته بالمناظرة، فاستدعاه الوزير فلما حضر قال: إن هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك فإن يكن الحق معك رجعوا إلى مذهبك، وإن يكن الحق معهم رجعت أو تسكت عنهم، فوثب الأنصاري وقال: أناظر على ما في كمي قال: وما في كمك؟ قال: كتاب الله -وأشار إلى كمه

(1) السير (18/ 512) وذيل طبقات الحنابلة (1/ 55 - 56).

ص: 355

اليمين- وسنة رسوله -وأشار إلى كمه اليسار- وكان فيه: الصحيحان فنظر الوزير إليهم مستفهما لهم؟ فلم يكن فيهم من ناظره من هذا الطريق. (1)

- وجاء في ذيل طبقات الحنابلة: وذكر الرهاوي أن الحسين بن محمد الكتبي، ذكر في تاريخه أن مسعود ابن محمود بن سبكتكين قدم هراة سنة ثلاثين وأربعمائة فاستحضر شيخ الإسلام وقال له: أتقول: إن الله عز وجل يضع قدمه في النار؟ فقال: أطال الله بقاء السلطان المعظم إن الله عز وجل لا يتضرر بالنار والنار لا تضره، والرسول لا يكذب عليه وعلماء هذه الأمة لا يتزيدون في ما يروون عنه، ويسندون إليه فاستحسن جوابه ورده مكرما. (2)

التعليق:

كان السلاح عند علماء السلف الكتاب والسنة. فما وافقهما استعانوا به، وما خالفهما نبذوه وراءهم ظهريا. والأمر إلى يومنا هذا كذلك، فمن تمسك بالكتاب والسنة وطلب الحجة منهما تجده دائما هو القوي والغالب مهما كان شأن المناظر، ومن قصر فيهما يكون كل واحد بحسبه، فعلمه بهما يفيده بقدر ذلك وجهله بهما يجعله مذموما مدحورا.

- جاء في السير: قال المؤتمن وسمعته يقول: تركت الحيري لله، قال: وإنما تركه لأنه سمع منه شيئا يخالف السنة.

قال الإمام الذهبي: كان يدري الكلام على رأي الأشعري وكان شيخ الإسلام أثريا قحا، ينال من المتكلمة فلهذا أعرض عن الحيري، والحيري فثقة

(1) السير (18/ 510 - 511) وذيل طبقات الحنابلة (1/ 54).

(2)

ذيل طبقات الحنابلة (1/ 57).

ص: 356

عالم. (1)

- وجاء في طبقات الحنابلة: وكان شديدا على الأشعرية. (2)

ولشيخ الإسلام قصيدة نونية طويلة مشهورة ذكر فيها أصول السنة. (3)

آثار الشيخ السلفية:

1 -

'الفاروق في الصفات': نقل منه ابن القيم في اجتماع الجيوش (4)، وشيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (5) والمنهاج (6)، وقال فيه الإمام الذهبي: غالب ما رواه في كتاب 'الفاروق' صحاح وحسان وفيه باب إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه، من الكتاب والسنة

(7)

2 -

'ذم الكلام': وهو من خيرة المصادر السلفية، وتوجد منه نسخة في الجامعة الإسلامية، ونسخة أخرى في تركيا، وقد سجل رسالة علمية بالجامعة الإسلامية: قسم العقيدة من قبل الطالب عبد الرحمان الشبلي، في مرحلة الماجستير -وقد نفعنا الله به في هذا البحث المبارك- وأكثر من النقل عنه العلماء في كتبهم. ولخصه السيوطي في صون المنطق وهو أشهر من أن يعرف به.

3 -

'الأربعون في أصول الدين'، وقد طبع الكتاب بحمد الله بتحقيق الشيخ علي ناصر فقيهي.

(1) السير (18/ 506) وتذكرة الحفاظ (3/ 1186) وذيل طبقات الحنابلة (1/ 51).

(2)

ذيل الطبقات (2/ 247).

(3)

ذيل الطبقات (1/ 53).

(4)

(ص.253 - 254).

(5)

(5/ 49).

(6)

(5/ 358).

(7)

السير (18/ 514).

ص: 357

4 -

'الرد على الجهمية'، ذكره شيخ الإسلام في المنهاج. (1)

السنة الثانية والثمانون بعد الأربعمائة

فضائح الشيعة وموقف المسلمين منهم (482 هـ)

جاء في البداية والنهاية: ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وأربعمائة، وفيها كانت فتن عظيمة بين الروافض والسنة ورفعوا المصاحف، وجرت حروب طويلة وقتل فيها خلق كثير، نقل ابن الجوزي في المنتظم من خط ابن عقيل، أنه قتل في هذه السنة قريب من مائتي رجل قال: وسب أهل الكرخ الصحابة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم. فلعنة الله على من فعل ذلك من أهل الكرخ. وإنما حكيت هذا ليعلم ما في طوايا الروافض من الخبث والبغض لدين الإسلام وأهله ومن العداوة الباطنة الكامنة في قلوبهم لله ولرسوله وشريعته. (2)

التعليق:

لا أدري ماذا يقول دعاة التقارب في مثل هذه الوقائع المؤلمة، وماذا يقولون في تعبير الإمام ابن كثير هذا: هل هو جاهل بالوقائع التاريخية أو بالأحكام الشرعية، أو لا يعرف الفرق بين السنة والشيعة ومدى إمكانية التقارب بينهما. كل هذه أسئلة ينبغي لها أن توضع، ويجد دعاة التقارب لها جوابا حتى يقنعونا بفكرتهم الفاشلة التي منطلقها الضعف والخور، أو الأغراض الشخصية والمذهبية

(1)(5/ 358).

(2)

البداية والنهاية (12/ 144).

ص: 358