الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يؤذنوا بالحرب. (1)
باب أهل البغي إذا فاؤوا لم يتبع مدبرهم ولم يقتل أسيرهم ولم يجهز على جريحهم ولم يستمتع بشيء من أموالهم. (2)
باب الرجل يقتل واحدا من المسلمين على التأويل أو جماعة غير ممتنعين يقتلون واحدا كان عليهم القصاص. (3)
باب القوم يظهرون رأي الخوارج لم يحل به قتالهم. (4)
باب الخوارج يعتزلون جماعة الناس ويقتلون واليهم من جهة الإمام العادل قبل أن ينصبوا إماما ويعتقدوا ويظهروا حكما مخالفا لحكمه كان في ذلك عليهم القصاص. (5)
باب المقتول من أهل البغي يغسل ويصلى عليه. (6)
موقفه من المرجئة:
جاء في كتاب الاعتقاد: باب: القول في الإيمان. قال الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ
(1) السنن الكبرى (8/ 178 - 181).
(2)
السنن الكبرى (8/ 181 - 183).
(3)
السنن الكبرى (8/ 183).
(4)
السنن الكبرى (8/ 184).
(5)
السنن الكبرى (8/ 184 - 185).
(6)
السنن الكبرى (8/ 185).
الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} (1). فأخبر أن المؤمنين هم الذين جمعوا هذه الأعمال التي بعضها يقع في القلب، وبعضها باللسان، وبعضها بهما وسائر البدن، وبعضها بهما أو بأحدهما وبالمال، وفيما ذكره الله من هذه الأعمال تنبيه على ما لم يذكره، وأخبر بزيادة إيمانهم بتلاوة آياته عليهم، وفي كل ذلك دلالة على أن هذه الأعمال وما نبّه بها عليه من جوامع الإيمان، وأن الإيمان يزيد، وإذا قَبِلَ الزيادة قبل النقصان.
وبهذه الآية وما في معناها من الكتاب والسنة ذهب أكثر أصحاب الحديث إلى أن اسم الإيمان لجميع الطاعات فرضها ونفلها، وأنها على ثلاثة أقسام:
فقسم يُكفَّر بتركه، وهو اعتقاد ما يجب اعتقاده، والإقرار بما اعتقده.
وقسم يُفسَّق بتركه أو يعصي ولا يكفر به إذا لم يجحده، وهو مفروض الطاعات كالصلاة والزكاة والصيام والحج واجتناب المحارم.
وقسم يكون بتركه مخطئاً للأفضل غير فاسق ولا كافر، وهو ما يكون من العبادات تطوعاً.
واختلفوا في كيفية تسمية جميع ذلك إيماناً.
فمنهم من قال: جميع ذلك إيمان بالله تبارك وتعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، لأن الإيمان في اللغة هو التصديق، وكل طاعة تصديق لأن أحداً لا يطيع من لا
(1) الأنفال الآيات (2 - 4).
يُثبِتُهُ ولا يثبت أمره.
ومنهم من قال: الاعتقاد والإقرار إيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبسائر الطاعات إيمان لله ولرسوله، فيكون التصديق بالله إثباته والاعتراف بوجوده، والتصديق له قبول شرائعه واتباع فرائضه على أنها صواب وحكمة وعدل، وكذلك التصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم، والتصديق له، وقد ذكرنا بيانه ودليله في كتاب الإيمان، وفي كتاب الجامع، ونحن نذكر هاهنا طرفاً من ذلك.
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو عامر، عن إسرائيل، عن سِماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (1). (2)
ورواه أيضا البراء بن عازب أتمّ منه. (3)
وفي هذا دلالة على أنه سمّى صلاتهم إلى بيت المقدس إيماناً، وإذا ثبت ذلك في الصلاة، ثبت ذلك في سائر الطاعات، وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور إيماناً. فقال في حديث أبي مالك الأشعري عنه: «الطُّهور شطر
(1) البقرة الآية (143).
(2)
أخرجه أحمد (1/ 295) وأبو داود (5/ 59 - 60/ 4680) والترمذي (5/ 192/2964).
(3)
أخرجه: أحمد (4/ 283) والبخاري (1/ 128 - 129/ 40) ومسلم (1/ 374/525) والترمذي (2/ 169 - 170/ 340) والنسائي (1/ 262 - 263/ 487) وابن ماجه (1/ 322 - 323/ 1010).
أخرجه: أحمد (5/ 342 و343 - 344) ومسلم (1/ 203/223) والترمذي (5/ 501/3517) وقال: "هذا حديث صحيح". والنسائي (5/ 8/2436) وفي الكبرى (2/ 5/2217) وابن ماجه (1/ 102 - 103/ 280).
الإيمان)
…
» (1) ثم ساقه بسنده. (2)
وقال: والأحاديث في تسمية شرائع الإسلام إيماناً، وأن الإيمان والإسلام عبارتان عن دين واحد إذا كان الإسلام حقيقة، ولم يكن بمعنى الاستسلام، وأن الإيمان يزيد وينقص سوى ما ذكرنا كثيرة، وفيما ذكرنا هاهنا كفاية.
وقد روينا في ذلك عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم عن عبد الله بن رواحة، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وعمّار بن ياسر، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وعثمان بن حُنيف، وعُمير بن حبيب، وجندب، وعقبة بن عامر رضي الله عنهم.
ثم من التابعين وأتباعهم، عن جماعة يكثر تعدادهم.
وهو قول فقهاء الأمصار رحمهم الله: مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة، وحمّاد بن زيد، وحمّاد بن سلمة، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وغيرهم من أهل الحديث.
ورويناه عن قتيبة بن سعيد، عن أبي يوسف القاضي.
وكل ذلك مذكور في كتاب الإيمان. (3)
وقال أيضا: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثني الزبير بن
(1) أخرجه: أحمد (5/ 342 و343 - 344) ومسلم (1/ 203/223) والترمذي (5/ 501/3517) وقال: "هذا حديث صحيح". والنسائي (5/ 8/2436) وفي الكبرى (2/ 5/2217) وابن ماجه (1/ 102 - 103/ 280).
(2)
الاعتقاد للبيهقي (ص.287 - 290).
(3)
الاعتقاد للبيهقي (ص.295 - 296).
عبد الواحد الحافظ بأسدآباد قال: حدثني يوسف بن عبد الأحد قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
قال الشيخ رحمه الله: وأما الاستثناء في الإيمان، فقد كان يستثني جماعة من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وإنما رجع استثناؤهم إلى كمال الإيمان وإلى بقائهم على إيمانهم في ثاني الحال، فأما أصل الإيمان، فكانوا لا يشكون في وجوده في الحال، وبأن يتغير حال إنسان في الإيمان، ولم يمنع كونه مؤمن بأنه في الحال قبل التغير، والله أعلم.
وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني أبو أحمد الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن شادل الهاشمي، حدثنا أحمد بن نصر المقرئ الزاهد، حدثنا عبد الله بن عبد الجبار الحمصي، حدثنا بقية بن الوليد، عن تمام بن نجيح قال: سأل رجل الحسن البصري عن الإيمان فقال: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار والبعث والحساب فأنا مؤمن، وإن كنت تسألني عن قول الله عز وجل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} (1). فوالله ما أدري منهم أنا أم لا؟
(1) الأنفال الآيات (2 - 4).
فلم يتوقف الحسن في أصل إيمانه في الحال، وإنما توقف في كماله الذي وعد الله عز وجل لأهله الجنة بقوله:{لهم دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} (1).
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، أخبرنا بشر بن أحمد المهرجاني، حدثنا داود بن الحسين البيهقي، سمعت محمد بن مقاتل المروزي وسعيد بن يعقوب، قالا: حدثنا المؤمل بن إسماعيل قال: سمعت الثوري يقول: قد خالفنا المرجئة في ثلاث: نحن نقول: الإيمان قول وعمل، وهم يقولون: الإيمان قول بلا عمل.
ونحن نقول: يزيد وينقص، وهم يقولون: لا يزيد ولا ينقص.
ونحن نقول: أهل القبلة عندنا مؤمنون وأما عند الله فالله أعلم، وهم يقولون: نحن عند الله مؤمنون.
فسفيان الثوري رحمه الله أخبر عن أهل السنة أنهم لا يقطعون بكونهم مؤمنين عند الله يعني: في ثاني الحال، لأن الله تعالى يعلم الغيب، فهو عالم بما يَصير إليه حال العبد ثم يموت عليه، ونحن لا نعلمه فَنَكِل الأمر فيما لا نعلمه إلى عالمه خوفاً من سوء العاقبة، ونستثني على هذا المعنى، ونرجو من الله تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، والأحاديث التي وردت في جريان القلم بما هو كائن، ورجوع كل إنسان إلى ما كتب له من الشقاوة والسعادة، وموته عليه، مانعة من قطع القول بما يكون في العاقبة،
(1) الأنفال الآية (4).