الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعفر المُسْتَغْفِرِي (1)(432 هـ)
أبو العباس، جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح النسفي، الإمام، الحافظ، العلامة، صاحب التصانيف الكثيرة، كان مولده بعد الخمسين والثلاثمائة بيسير. حدث عن زاهر بن أحمد السرخسي، وإبراهيم بن لقمان، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وخلق كثير. وحدث عنه الحسن بن عبد الملك النسفي، والحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، وآخرون. وكان محدث ما وراء النهر في زمانه. مات بنسف سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة عن ثمانين سنة، رحمه الله.
موقفه من الجهمية:
جاء في الأنساب للسمعاني: عنه قال: لا أستجيز الرواية عنه، لأنه كان داعية إلى الاعتزال -يريد شيخ المعتزلة عبد الله بن أحمد الكعبي-. (2)
موقف السلف من أبي ذر الهروي (434 ه
ـ)
دخول علم الكلام إلى بلاد المغرب والأندلس:
قدمنا غير ما مرة أن العقيدة السلفية هي عقيدة الصدر الأول، ولا يعرفون غيرها لأنها هي المتلقاة عن صاحب الشرع. ولذا كانت البلاد التي
(1) السير (17/ 564 - 565) وتذكرة الحفاظ (3/ 1102 - 1103) والوافي بالوفيات (11/ 149 - 150) وشذرات الذهب (3/ 249 - 250) ومعجم المؤلفين (3/ 150) وكشف الظنون (1/ 296 - 308).
(2)
الأنساب (1/ 444).
يفتحونها أو يدخلونها ويسلم أهلها لا ينشر فيها إلا العقيدة السلفية. ولكن بعد دخول طاغوت الكلام الذي عكر الجو، وأفسده وجد له دعاة ينشرونه في البلاد التي كانت لا تعرف إلا العقيدة السلفية. وبلاد المغرب والأندلس من البلاد التي فتحها الصدر الأول ونشر فيها عقيدة السلف.
- يقول المؤرخ الكبير الذهبي في كتاب السير في ترجمة أبي ذر الهروي: أخذ الكلام ورأي أبي الحسن عن القاضي أبي بكر بن الطيب، وبث ذلك بمكة، وحمله عنه المغاربة إلى المغرب والأندلس، وقبل ذلك كانت علماء المغرب لا يدخلون في الكلام؛ بل يتقنون الفقه أو الحديث أو العربية، ولا يخوضون في المعقولات وعلى ذلك كان الأصيلي وأبو الوليد بن الفرضي وأبو عمر الطلمنكي ومكي القيسي وأبو عمرو الداني وأبو عمر بن عبد البر والعلماء. (1)
قلت: وهذا ما يؤكده المؤرخ المغربي الكبير؛ أبو العباس أحمد الناصري في كتاب الاستقصا وهو يتحدث عن حال أهل المغرب قال: وأما حالهم في الأصول والاعتقادات، فبعد أن طهرهم الله تعالى من نزعة الخارجية أولا والرافضية ثانيا، أقاموا على مذهب أهل السنة والجماعة مقلدين للجمهور من السلف -يعني متبعون لهم- رضي الله عنهم في الإيمان بالمتشابه وعدم التعرض له بالتأويل مع التنزيه عن الظاهر، وهو والله أحسن المذاهب وأسلمها ولله در القائل:
(1) السير (17/ 557).
عقيدتنا أن ليس مثل صفاته
…
ولا ذاته شيء، عقيدة صائب
نسلم آيات الصفات بأسرها
…
وأخبارها للظاهر المتقارب
ونؤيس عنها كنه فهم عقولنا
…
وتأويلنا، فعل اللبيب المراقب
ونركب للتسليم سفنا، فإنها
…
لتسليم دين المرء خير المراكب
واستمر الحال على ذلك مدة إلى أن ظهر محمد بن تومرت مهدي الموحدين في صدر المائة السادسة فرحل إلى المشرق وأخذ عن علمائه مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري ومتأخري أصحابه من الجزم بعقيدة السلف مع تأويل المتشابه من الكتاب والسنة، وتخريجه على ما عرف في كلام العرب من فنون مجازاتها وضروب بلاغتها، مما يوافق عليه النقل والشرع ويسلمه العقل والطبع ثم عاد محمد بن تومرت إلى المغرب، ودعا الناس إلى سلوك هذه الطريقة وجزم بتضليل من خالفها بل بتكفيره، وسمى أتباعه الموحدين تعريضا بأن من خالف طريقته ليس بموحد وجعل ذلك ذريعة إلى الانتزاء على ملك المغرب حسب ما تقف عليه مفصلا بعد إن شاء الله، لكنه ما أتى بطريقة الأشعري خالصة بل مزجها بشيء من الخارجية والشيعية حسبما يعلم ذلك بإمعان النظر في أقواله وأحواله وأحوال خلفائه من بعده، ومن ذلك الوقت أقبل علماء المغرب على تعاطي مذهب الأشعري وتقريره وتحريره درسا وتأليفا إلى الآن وإن كان قد ظهر بالمغرب قبل ابن تومرت فظهورا ما والله أعلم. (1)
(1) الاستقصا (1/ 140 - 141).