الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخواني وأصحابي ألا يزيغوا عن منارهم، ولا يتبعوا غير أقوالهم، ولا يشتغلوا بهذه المحدثات من البدع، التي اشتهرت فيما بين المسلمين، وظهرت وانتشرت، ولو جرت واحدة منها على لسان واحد في عصر أولئك الأئمة لهجروه، وبدعوه، ولكذبوه، وأصابوه بكل سوء ومكروه.
ولا يغرن إخواني -حفظهم الله- كثرة أهل البدع، ووفور عددهم، فإن ذلك من أمارات اقتراب الساعة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم قال:«إن من علامات الساعة واقترابها أن يقل العلم ويكثر الجهل» (1) والعلم هو السنة والجهل هو البدعة.
ومن تمسك اليوم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بها واستقام عليها، ودعا بالسنة إليها، كان أجره أوفر وأكثر من أجر من جرى على هذه الجملة، في أوائل الإسلام والملة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم قال:«له أجر خمسين» فقيل: خمسين منهم؟ قال: «بل منكم» (2). وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لمن يعمل بسنته عند فساد أمته. اهـ (3)
ومن أقواله رحمه الله: ما ترك أحد شيئا من السنة إلا لكبر في نفسه. (4)
موقفه من الرافضة:
- جاء في عقيدة السلف له أنه قال: ويشهدون ويعتقدون أن أفضل
(1) أحمد (3/ 213 - 214) والبخاري (1/ 235/80) ومسلم (4/ 2056/2671) والترمذي (4/ 426/2205) وابن ماجه (2/ 1343/4045) من حديث أنس.
(2)
تقدم تخريجه ضمن مواقف علي بن المديني سنة (234هـ).
(3)
عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص.307 - 318).
(4)
الاقتضاء (2/ 612).
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون، الذين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافتهم بقوله -فيما رواه سعيد بن جمهان عن سفينة-:«الخلافة بعدي ثلاثون سنة» (1) وبعد انقضاء أيامهم عاد الأمر إلى الملك العضوض، على ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويثبت أصحاب الحديث خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باختيار الصحابة واتفاقهم عليه، وقولهم قاطبة: رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فرضيناه لدنيانا، يعني أنه استخلفه في إقامة الصلوات المفروضات بالناس أيام مرضه -وهي الدين- فرضيناه خليفة للرسول صلى الله عليه وسلم علينا في أمور دنيانا.
وقولهم: قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا الذي يؤخرك وأرادوا أنه صلى الله عليه وسلم قدمك في الصلاة بنا أيام مرضه، فصلينا وراءك بأمره، فمن ذا الذي يؤخرك بعد تقديمه إياك؟.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم في شأن أبي بكر في حال حياته، بما يبين للصحابة أنه أحق الناس بالخلافة بعده، فلذلك اتفقوا عليه واجتمعوا، فانتفعوا بمكانه والله، وارتفعوا به وارتفقوا، حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه: والله الذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف لما عبد الله، ولما قيل له: مه يا أبا هريرة، قام بحجة صحة قوله فصدقوه فيه وأقروا به.
ثم خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه باستخلاف أبي بكر رضي الله عنه إياه، واتفاق الصحابة عليه بعده، وإنجاز الله سبحانه -بمكانه في إعلاء الإسلام وإعظام شأنه- وعده.
(1) تقدم تخريجه ضمن مواقف سفينة أبي عبد الرحمن (توفي بعد 70هـ).
ثم خلافة عثمان رضي الله عنه بإجماع أهل الشورى، وإجماع الأصحاب كافة، ورضاهم به، حتى جعل الأمر إليه.
ثم خلافة علي رضي الله عنه، ببيعة الصحابة إياه، عرفه ورآه كل منهم رضي الله عنهم أحق الخلق وأولاهم في ذلك الوقت بالخلافة، ولم يستجيزوا عصيانه وخلافه.
فكان هؤلاء الأربعة الخلفاء الراشدين، الذين نصر الله بهم الدين، وقهر وقسر بمكانهم الملحدين وقوى بمكانهم الإسلام، ورفع في أيامهم للحق الأعلام، ونور بضيائهم ونورهم وبهائهم الظلام، وحقق بخلافتهم وعده السابق في قوله عزوجل:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ} (1) الآية، وفي قوله:{أشداء عَلَى الْكُفَّارِ} (2).
فمن أحبهم وتولاهم ودعا لهم، ورعى حقهم وعرف فضلهم فاز في الفائزين، ومن أبغضهم وسبهم ونسبهم إلى ما تنسبهم الروافض، والخوارج، لعنهم الله، فقد هلك في الهالكين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي،
(1) النور الآية (55).
(2)
الفتح الآية (29).