المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ موقفه من المرجئة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٦

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌بديع الزمان الهمذاني (398 ه

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من ابن يونس المنجم (399 ه

- ‌موقف السلف من أبي حيان التوحيدي (في حدود 400 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المؤولة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي (411 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسين السلمي الصوفي (412 ه

- ‌موقف السلف من الشيخ المفيد الرافضي (413 ه

- ‌علي بن عيسى (414 هـ سنة وفاة الباشاني)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌معمر بن أحمد الأصبهاني الصوفي (418 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من المسبحي الرافضي (420 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌الظاهر لإعزاز دين الله العبيدي الرافضي الخبيث الدعي (427 ه

- ‌موقف السلف من ابن سينا الفيلسوف وضلاله (428 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي ذر الهروي (434 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من المرتضى الشريف الرافضي الخبيث (436 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من القادسي الرافضي (447 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من أبي العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان (449 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القادسي الرافضي:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من فتنة ابن القشيري:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقف السلف من ابن العجوز محمد بن عبد الرحمن (474 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من البكري أبي بكر عتيق الأشعري (476 ه

- ‌موقف السلف من مسعود بن ناصر (477 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من مسلم بن قريش صاحب الموصل (478 ه

- ‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من أبي منصور بن شكرويه الأشعري (482 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هبة الله بن عبد الوارث (486 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من صاحب سمرقند الزنديق (487 ه

- ‌موقف السلف من المستنصر العبيدي الرافضي (487 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أبي يوسف القزويني المعتزلي (488 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أحمد بن غطاش الباطني (500 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والرافضة والمرجئة والقدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية والجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

الفصل: ‌ موقفه من المرجئة:

•‌

‌ موقفه من المبتدعة:

روى القاضي أبو الحسين في الطبقات عن محمد بن إسحاق قال: كتبت عن ألف شيخ وسبعمائة شيخ. وقال: طفت الشرق والغرب مرتين، فلم أتقرب إلى كل مذبذب. ولم أسمع من المبتدعين حديثا واحدا. (1)

•‌

‌ موقفه من الجهمية:

له من الآثار السلفية:

1 -

كتاب التوحيد: وقد ذكر فيه ما يتعلق بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات. وقد طبع ولله الحمد.

2 -

الرد على الجهمية: وقد طبع بتحقيق الشيخ علي ناصر.

3 -

الرد على اللفظية: ذكره في سير أعلام النبلاء. (2)

4 -

السنة، ذكره الكتاني في الرسالة المستطرفة. (3)

•‌

‌ موقفه من المرجئة:

له كتاب الإيمان: ويعتبر من أهم الكتب في هذا الباب وأوسعها وأحسنها، وقد أفاض في الرد على المرجئة والخوارج، وذكر كل ما يتعلق بالإيمان وشعبه. وقد طبع والحمد لله رب العالمين بتحقيق الشيخ علي ناصر، وهو رسالته العلمية في مرحلة الدكتوراه، وقد أورد رحمه الله في مستهل بعض الأبواب كلاما جيدا منه:

(1) طبقات الحنابلة (2/ 167).

(2)

السير (17/ 41).

(3)

(ص.38).

ص: 2

- ذكر ما يدل على أن اسم الإيمان يقع ما ذكر جبريل عليه السلام وأن شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت أصل الإيمان وأساسه وأنها بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان.

قال الله تبارك وتعالى: {* لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ والسائلين وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} (1) وقال عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} (2).اهـ (3)

(1) البقرة الآية (177).

(2)

المؤمنون الآية (1).

(3)

الإيمان (1/ 294).

ص: 3

- ذكر معنى الإيمان ومن وصف الرسول صلى الله عليه وسلم وأنها بضع وسبعون شعبة وبيان ذلك من الأثر.

قال الله عز وجل: {آَمَنَ الرَّسُولُ} (1) معناه صدق الرسول اهـ. وقوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (2) يصدقون اهـ. وقوله: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} (3) لن نصدقك اهـ. وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ} (4) لنا يعني بمصدق لنا اهـ. ليكسر أول وآخر فأوله الإقرار وآخره إماطة الأذى عن الطريق كما صلى الله عليه وسلم.اهـ

والعباد يتفاضلون في الإيمان على قدر تعظيم الله في القلوب والإجلال له والمراقبة لله في السر والعلانية، وترك اعتقاد المعاصي فمنها قيل يزيد وينقص. اهـ وذكر عثمان بن عطاء بن أبي مسلم عن أبيه قال: ضرب مثل الإسلام كمثل بعير؛ فرأسه بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، والإيمان بما هو كائن من بعد الموت والبعث والحساب والجنة والنار والصلاة والزكاة وصوم رمضان والحج قايمة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، وقد يحمل البعير وهو مجبوب والمجبوب الذي لا سنام له. قال: وقد يحمل البعير الوسق وهو ظالع. اهـ فإن قطع رأس أو كسرت قايم برك البعير فلم ينهض، وأن الفرائض لا تقبل إلا جميعا، لا يقبل الله منها شيء دون شيء.

(1) البقرة الآية (285).

(2)

البقرة الآية (3).

(3)

الإسراء الآية (90).

(4)

يوسف الآية (17).

ص: 4

قال: وكان ابن مسعود يقول: لا يقبل نافلة حتى يؤدوا فريضتها. اهـ (1)

- ذكر الأخبار الدالة على الفرق بين الإيمان والإسلام ومن قال بهذا القول من أئمة أهل الآثار.

قال الزهري: الإسلام هي الكلمة، والإيمان العمل. اهـ روى أحمد بن حنبل عن منصور بن سلمة أن حماد بن زيد كان يفرق بين الإسلام والإيمان؛ فيجعل الإيمان الموطأ والإسلام عاما. يعني: أن معرفة الإيمان عند الله دون خلقه خاص له، والإسلام عام. قال: وكذلك قال الله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} (2).اهـ

وقال عبد الملك الميموني: سألت أحمد بن حنبل أتفرق بين الإيمان والإسلام؟ فقال لي: نعم. قلت له: بأي شيء تحتج؟ فقال لي: قال الله عز وجل: {* قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (3). قال: وأقول مؤمن إن شاء الله، وأقول مسلم ولا أستثني. اهـ وقال بهذا القول جماعة من الصحابة والتابعين؛ منهم عبد الله بن عباس والحسن ومحمد بن سيرين. اهـ

وقال أبو جعفر محمد بن علي -ووصف الإسلام فدور دائرة واسعة-: فهذا الإيمان، ودور دائرة صغيرة وسط الكبيرة، فإذا زنا وسرق خرج من

(1)(1/ 300 - 301).

(2)

فصلت الآية (33).

(3)

الحجرات الآية (14).

ص: 5

الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام إلا الكفر بالله عز وجل. اهـ وهذا مذهب جماعة من أئمة الآثار. (1)

- ذكر الأخبار الدالة والبيان الواضح من الكتاب أن الإيمان والإسلام اسمان لمعنى واحد، وأن الإيمان الذي دعا الله العباد إليه وافترضه عليهم هو الإسلام الذي جعله الله دينا وارتضاه لعباده ودعاهم إليه، وهو ضد الكفر الذي سخطه ولم يرضه لعباده.

فقال الله عز وجل: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (2) وقال: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (3) وقال: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} (4) وقال: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} (5)، فمدح الله الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان، وجعله اسم ثناء وتزكية، وأخبر أن من أسلم فهو على نور من ربه وهدى، وأخبر أنه دينه الذي ارتضاه، ألا ترى أن أنبياء الله ورسله رغبوا فيه إليه وسألوه إياه، فقال إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم وإسماعيل صلى الله عليه وسلم سألا فقالا: {وَاجْعَلْنَا

(1)(1/ 311 - 312).

(2)

الزمر الآية (7).

(3)

المائدة الآية (3).

(4)

الأنعام الآية (125).

(5)

الزمر الآية (22).

ص: 6

مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} (1) وقال يوسف عليه السلام: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)} (2) وقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (3) وقال: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (4) وقال عز وجل: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} إلى قوله: {فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (5) وقال: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا} (6) وقال في موضع: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} (7)

فحكم الله عز وجل بأن من أسلم فقد اهتدى، ومن آمن فقد اهتدى، فسوى بينهما. وقال في موضع آخر:{الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69)} (8) وقال في قصة لوط: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا

(1) البقرة الآية (128).

(2)

يوسف الآية (101).

(3)

آل عمران الآية (85).

(4)

آل عمران الآية (19).

(5)

البقرة الآية (136).

(6)

آل عمران الآية (20).

(7)

البقرة الآيتان (136و137) ..

(8)

الزخرف الآية (69).

ص: 7

غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36)} (1) وقال: {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)} (2) وقال: {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53)} (3) فدل ذلك على أن من آمن فهو مسلم، وأن من استحق أحد الاسمين استحق الآخر إذا عمل بالطاعات التي آمن بها، فإذا ترك منها شيئا مقرا بوجوبها كان غير مستكمل، فإن جحد منها شيئا كان خارجا من جملة الإيمان والإسلام، وهذا قول من جعل الإسلام على ضربين: إسلام يقين وطاعة، وإسلام استسلام من القتل والسبي، قال الله عز وجل:{* قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} . (4)

- ذكر ما يدل على أن الإيمان هو الطاعات كلها، وأن الله سمى الصلاة في كتابه إيمانا. قال الله عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (5).

قال أهل التأويل: صلاتكم إلى القبلة الأولى وتصديقكم نبيكم صلى الله عليه وسلم

(1) الزخرف الآيتان (35و36).

(2)

القصص الآية (53).

(3)

النمل الآية (81).

(4)

(1/ 321 - 323).

(5)

البقرة الآية (143).

ص: 8

واتباعه إلى القبلة الأخرى، أي ليعطيكم أجرهما جميعا. {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)} (1) قاله علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما. اهـ وقال عز وجل:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ} (2) يعني بما أمر الله أن يؤمن به من الطاعات التي سماها على لسان جبريل عليه السلام إيمانا وإسلاما، وكذلك من يكفر بمحمد أو بالصلاة أو بالصوم فقد حبط عمله. اهـ وما فسره على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم لوفد عبد قيس (3) فقال:«أتدرون ما الإيمان؟ ثم فسره فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت» .اهـ وقال محمد بن نصر: الإيمان هاهنا عبادة العابدين لله؛ قال الله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} (4).اهـ وقال: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)} (5) فالمؤمن هو العابد لله، والعبادة لله هو فعله وهو الإيمان، والخالق هو المعبود الذي خلق المؤمن وعبادته وكل شيء منه، فالخالق بصفاته الكاملة خالق غير مخلوق ولا شيء منه مخلوق. والعباد بصفاتهم وأفعالهم وكل شيء منهم مخلوقون

وقال عز وجل: {إِنَّنَا

(1) البقرة الآية (143).

(2)

المائدة الآية (5).

(3)

تقدم تخريجه ضمن مواقف ابن بطة سنة (387هـ).

(4)

البينة الآية (5).

(5)

الزمر الآية (2).

ص: 9

سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} (1) قال بعض أهل التأويل: يعني القرآن. قال: وإنما أراد أن المنادي هو القرآن ليس يعني أن الإيمان هو القرآن، يعنون أنهم سمعوا القرآن يدعو إلى الإيمان فآمنا، فالله هو الداعي إلى الإيمان بكلامه، وهو القرآن.

فالله الخالق وكلامه صفة له دعا الناس بكلامه إلى الإيمان؛ أي دعاهم إلى أن يؤمنوا بربهم. اهـ فهذا تأويل ما تقدم، لأن مذهب أهل العلم أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. اهـ (2)

ذكر اختلاف أقاويل الناس في الإيمان ما هو؟

فقالت طائفة من المرجئة: الإيمان فعل القلب دون اللسان. وقالت طائفة منهم: الإيمان فعل اللسان دون القلب، وهم أهل الغلو في الإرجاء. اهـ وقال جمهور أهل الإرجاء: الإيمان هو فعل القلب واللسان جميعا. اهـ وقالت الخوارج: الإيمان فعل الطاعات المفترضة كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح. اهـ وقال آخرون: الإيمان فعل القلب واللسان مع اجتناب الكبائر. اهـ وقال أهل الجماعة: الإيمان هو الطاعات كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح غير أن له أصلا وفرعا؛ فأصله المعرفة بالله والتصديق له وبه وبما جاء من عنده بالقلب واللسان، مع الخضوع له والحب له والخوف منه، والتعظيم له مع ترك التكبر والاستنكاف والمعاندة. فإذا أتى بهذا الأصل فقد دخل في الإيمان، ولزمه اسمه وأحكامه، ولا يكون مستكملا له حتى يأتي بفرعه وفرعه المفترض عليه أو الفرائض، واجتناب المحارم. وقد

(1) آل عمران الآية (193).

(2)

(1/ 327 - 328).

ص: 10

جاء الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الإيمان بضع وسبعون -أو ستون- شعبة أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» (1) فجعل الإيمان شعبا بعضها باللسان والشفتين، وبعضها بالقلب، وبعضها بسائر الجوارح. اهـ فشهادة أن لا إله إلا الله فعل اللسان تقول: شهدت أشهد شهادة. اهـ والشهادة فعله بالقلب واللسان لا اختلاف بين المسلمين في ذلك، والحياء في القلب، وإماطة الأذى عن الطريق فعل سائر الجوارح. اهـ (2)

- ذكر المثل الذي ضربه الله والنبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن والإيمان.

قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (3) فضربها مثلا لكلمة الإيمان، وجعل لها أصلا وفرعا وثمرا تؤتيه كل حين، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن معنى هذا المثل من الله فوقعوا في شجر البوادي، فقال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هي النخلة» (4). ثم فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بسنته إذ فهم عن الله مثله: فأخبر أن الإيمان ذو شعب؛ أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، فجعل أصله الإقرار بالقلب واللسان، وجعل شعبه الأعمال. فالذي سمى الإيمان

(1) تقدم تخريجه ضمن مواقف أبي إسحاق الفزاري سنة (186هـ).

(2)

(1/ 331 - 332).

(3)

إبراهيم الآيتان (24و25).

(4)

أخرجه: أحمد (2/ 1) والبخاري (1/ 193/61) ومسلم (4/ 2164 - 2165/ 2811).

ص: 11

التصديق، هو الذي أخبر أن الإيمان ذو شعب؛ فمن لم يسم الأعمال شعبا من الإيمان كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم، ويجعل له أصلا وشعبا كما جعله الرسول صلى الله عليه وسلم كما ضرب الله المثل به كان مخالفا له، وليس لأحد أن يفرق بين صفات النبي صلى الله عليه وسلم للإيمان فيؤمن ببعضها ويكفر ببعضها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان بدأ بالشهادة، وقال لوفد عبد قيس:«أتدرون ما الإيمان؟» فبدأ بالشهادة -وهي الكلمة- أصل الإيمان، والشاهد بلا إله إلا الله هو المصدق المقر بقلبه يشهد بها لله بقلبه ولسانه، يبتدئ بشهادة قلبه والإقرار به، ثم يثني بالشهادة بلسانه والإقرار به بنية صادقة يرجع بها إلى قلب مخلص، فذلك المؤمن المسلم ليس كما شهد به المنافقون إذ قالوا:{نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} (1)

قال الله: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} فلم يكذب قولهم، ولكن كذبهم من قلوبهم فقال:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} كما قالوا، ثم قال:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} فكذبهم؛ لأنهم قالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم. فالإسلام الحقيقي ما تقدم وصفه؛ وهو الإيمان والإسلام الذي احتجز به المنافقون من القتل والسبي هو الاستسلام، وبالله التوفيق. اهـ (2)

(1) المنافقون الآية (1) ..

(2)

(1/ 350 - 351).

ص: 12

- ذكر الأبواب والشعب التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم أنها الإيمان، وأنها قول باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالأركان، التي علمهن جبريل عليه السلام الصحابة وكذلك روي عنه من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين المصطفى مجملها.

فمن أفعال القلوب: النيات والإرادات، والعلم والمعرفة بالله وبما أمر به، والاعتراف له والتصديق به وبما جاء من عنده، والخضوع له ولأمره، والإجلال والرغبة إليه والرهبة منه، والخوف والرجاء والحب له ولما جاء من عنده، والحب والبغض فيه، والتوكل والصبر والرضاء، والرحمة والحياء،، والنصيحة لله ولرسوله ولكتابه، وإخلاص الأعمال كلها مع سائر أعمال القلب. اهـ

ومن أفعال اللسان: الإقرار بالله وبما جاء من عنده، والشهادة لله بالتوحيد، ولرسوله بالرسالة ولجميع الأنبياء والرسل، ثم التسبيح والتكبير، والتحميد والتهليل، والثناء على الله والصلاة على رسوله، والدعاء وسائر الذكر. اهـ

ثم أفعال سائر الجوارح: من الطاعات والواجبات التي بني عليها الإسلام؛ أولها: إتمام الطهارات كما أمر الله عز وجل، ثم الصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، والزكاة على ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم حج البيت من استطاع إليه سبيلا. وترك الصلاة كفر، وكذلك جحود الصوم والزكاة والحج، والجهاد فرض على كفاية مع البر والفاجر. وسائر الأعمال التطوع التي يستحق بفعلها اسم زيادة الإيمان، والأفعال المنهي عنها التي بفعلها

ص: 13