الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكالذي جاء من البيان
…
في الحوض والصراط والميزان
والعرش والكرسى والحساب
…
والعرض والثواب والعقاب
والكتب والسؤال والشفاعة
…
في كل عاص تارك للطاعة
من الموحدين أهل القبلة
…
إذ كلهم مستمسك بالملة
فيتمتعون في الجنان
…
بعد خروجهم من النيران
كما أتى ذلك في الأنباء
…
بعدا لأهل الزيغ والأهواء
ماذا يردون من الآثار
…
فهم كما جاء كلاب النار
يعطلون شرعة الاسلام
…
وما لهم في الدين من إمام
كم أحدثوا من بدعة في الدين
…
وأنكروا من خبر يقين
وحرفوا من محكم التنزيل
…
واخترعوا من باطل التأويل
وزخرفوا من كذب وزور
…
واستهزءوا بالوارد المسطور
عن النبي وعن الكرام
…
أصحابه في العقد والأحكام
قد أنكروا سخفا نزول عيسى
…
وشأنه تعسا لهم وبؤسا
وأنكروا الدجال والاشراطا
…
وأسقطوا جميعها اسقاطا
فالحمد لله الذي هدانا
…
لواضح السنة واجتبانا
فهذه عقود أهل السنة
…
فالتزمنها وارجون الجنة (1)
موقفه من القدرية:
له فصل جيد في 'الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات
(1) أطروحة دكتوراه للشيخ الحسن وجاج (2/ 347 - 366 مخطوط).
وأصول الديانات' تحدث فيه عن القدر على مذهب أهل السنة فقال: ومن قولهم: إن الأقدار كلها خيرها وشرها، حلوها ومرها: قد علمها تبارك وتعالى وقدرها، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا. وكذا جميع الأعمال قد علمها وكونها وأحصاها وكتبها في اللوح المحفوظ، فكلها بقضائه جارية وعلى من سعد أو شقي في بطن أمه ماضية، لا محيص لخلقه عن إرادته، ولا عمل من خير ولا شر إلا مشيئته.
وقال عز من قائل: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ} (1). ومشيئته تبارك وتعالى، ومحبته، ورضاه، ورحمته وغضبه، وسخطه، وولايته، وعداوته هو أجمع راجع إلى إرادته.
والإرادة صفة لذاته غير مخلوقة، وهو يريد بها لكل حادث في سمائه وأرضه، مما ينفرد سبحانه بالقدرة على إيجاده.
وما يجعله منه كسبا لعباده من خير وشر، ونفع وضر، وهوى وضلال، وطاعة، وعصيان، ولا يكون حادث إلا بإرادته، ولا يخرج مخلوق عن مشيئته. وما شاء كونه كان. وما لم يشأ لم يكن. يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، لا مضل لمن هداه، ولا هادي لمن أضله، كما أخبر عن نفسه في قوله:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (2)، وقال: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ
(1) يس الآية (12).
(2)
الكهف الآية (17).
فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} (1). وقال: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37)} (2)، وقال:{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (3)، وقال:{وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (4) وقال: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (5) وقال: {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يتكبرون فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (6) عن الإيمان بها بالخذلان المانع منه.
وقال مخبرا عن موسى عليه السلام: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} (7)، وقال:{فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} (8)، وقال:{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} (9) الآية، وقال: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ
(1) الزمر الآيتان (36و37).
(2)
النحل الآية (37).
(3)
المدثر الآية (31).
(4)
إبراهيم الآية (27).
(5)
الأنعام الآية (39).
(6)
الأعراف الآية (146).
(7)
الأعراف الآية (155).
(8)
الفتح الآية (11).
(9)
المائدة الآية (41).
يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} (1) الآية. وقال مخبرا عن نوح عليه السلام: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ} (2) أي: يضلكم. وقال: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ} في آي كثيرة. فهو جل جلاله موفق أهل محبته وولايته لطاعته، وخاذل أهل معصيته، وذلك كله عدل من تدبيره وكلمته.
وكذا ما يبتليهم به ويقضيه عليهم من خير وشر، ونفع وضر، وغنى وفقر، وألم ولذة، وسقم وصحة، وضلال وهداية، هو عدل منه في جميعهم:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (3){فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (4){وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (5){وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} (6) وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} (7) الآية.
وقال: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} (8) الآية. فجعل تبارك وتعالى
(1) الأنعام الآية (125).
(2)
هود الآية (34).
(3)
الأنبياء الآية (23).
(4)
الأنعام الآية (149).
(5)
يونس الآية (99).
(6)
الأنعام الآية (35).
(7)
السجدة الآية (13).
(8)
يونس الآية (25).
الدعاء عموما، والهداية خصوصا. وقال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (1) أي: للحال اليسرى، وهي العمل بالطاعة. {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (2) أي: للحال العسرى، وهي العمل بالمعصية. وقال صلى الله عليه وسلم:«كل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة» ثم تلا الآيتين. (3)
فالمؤمنون بالتوفيق آثروا الإيمان، وأقدرهم الله عزوجل عليه، وعلى ترك الكفر. والكافرون بالخذلان آثروا الكفر وأقدرهم الله تعالى عليه وعلى ترك الإيمان. ومعنى قوله:{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} (4) إن قوما من ثمود آمنوا ثم ارتدوا فاستحبوا العمى على الهدى، أي: اختاروا الكفر على الإيمان.
ومعنى قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (5) الخصوص يريد بعضهم وهم الذين علم أنهم يعبدونه، لأنه قال في آية أخرى: {وَلَقَدْ
(1) الليل الآيات (5 - 7).
(2)
الليل الآيات (8 - 10).
(3)
سيأتي تخريجه في مواقف عبد الرحمن بن ناصر السعدي سنة (1376هـ).
(4)
فصلت الآية (17).
(5)
الذاريات الآية (56).
ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} (1) ومن ذرأه لجنهم لم يخلقه لعبادته.
وقال مجاهد: معنى {ليعبدون} ليعرفون. أي: ليعرفوا أن لهم خالقا ورازقا، وقوله عزوجل:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} (2) الحسنة هاهنا: الخصب والغنيمة، والسيئة: الجدب والنكبة، لأنهم كانوا يتشاءمون بالأنبياء عليهم السلام كما أخبر بذلك في قوله:{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ} يعني الرخاء والعافية {قَالُوا لَنَا هَذِهِ} أي: بحق أصابتنا {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} يعني بلاء وشدة {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} فقال الله تعالى رادا عليهم متعجبا من قولهم: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (3){مَا أَصَابَكَ} أي: يقولون: ما أصابك {مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (4)، وإضمار القول في القرآن والكلام كثير. قال الله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ
(1) الأعراف الآية (179).
(2)
النساء الآية (78).
(3)
الأعراف الآية (131).
(4)
النساء الآية (79).
كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} (1) أي: يقولون: سلام عليكم. ومثله: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} (2) أي: يقولون: {وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} (3) أي: يقولون: أخرجوا. ومثله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} (4) أي: يقولون: ما نعبدهم، فكذلك ما تقدم سواء. (5)
عبيد الله أبو نصر السِّجْزِي (6)(444 هـ)
الإمام العالم، شيخ السنة، أبو نصر، عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري، نزيل مصر. سمع من أبي عبد الله الحاكم وأبي أحمد الفرضي وطبقتهما. وحدث عنه أبو إسحاق الحبال وسهل بن بشر الإسفراييني وخلق. كان متقنا مكثرا بصيرا بالحديث والسنة، واسع الرحلة. قال محمد بن طاهر: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر السجزي، وأبي عبد الله
(1) الرعد الآيتان (22و23).
(2)
آل عمران الآية (191).
(3)
الأنعام الآية (93).
(4)
الزمر الآية (3).
(5)
الرسالة الوافية (ص.63 - 68).
(6)
السير (17/ 654 - 657) وتذكرة الحفاظ (3/ 1118 - 1120) والعقد الثمين (5/ 307 - 308) وشذرات الذهب (3/ 271 - 272).