الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الدنو إلى الحق فصح أن التأويل يختلف؛ فأي طائفة تأولت في بغيتها طمسا لشيء من السنة كمن قام برأي الخوارج ليخرج الأمر عن قريش أو ليرد الناس إلى القول بإبطال الرجم أو تكفير أهل الذنوب أو استقراض المسلمين أو قتل الأطفال والنساء وإظهار القول بإبطال القدر أو إبطال الرؤية أو إلى أن الله تعالى لا يعلم شيئا إلا حتى يكون أو إلى البراءة عن بعض الصحابة أو إبطال الشفاعة أو إلى إبطال العمل بالسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الرد إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى المنع من الزكاة أو من أداء حق من مسلم أو حق لله تعالى فهؤلاء لا يعذرون بالتأويل الفاسد لأنها جهالة تامة. (1)
موقفه من المرجئة:
قال في 'الفصل': غلاة المرجئية طائفتان إحداهما الطائفة القائلة بأن الإيمان قول باللسان وان اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن عند الله عز وجل ولي له عز وجل من أهل الجنة، وهذا قول محمد بن كرام السجستاني وأصحابه وهو بخراسان وبيت المقدس، والثانية الطائفة القائلة أن الإيمان عقد بالقلب وإن أعلن الكفر بلسانه بلا تقية وعبد الأوثان أو لزم اليهودية أو النصرانية في دار الإسلام وعبد الصليب وأعلن التثليت في دار الإسلام ومات على ذلك فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عز وجل ولي لله عز وجل من أهل الجنة. وهذا قول محرز جهم بن صفوان السمرقندي مولى بني راسب كاتب الحارث ابن سريج التميمي أيام قيامه على نصر بن سيار بخراسان وقول أبي الحسن
(1) المحلى (11/ 97 - 98).
علي بن إسماعيل بن أبي اليسر الأشعري البصري وأصحابهما
…
-إلى أن قال رحمه الله
…
وقالت طائفة من الكرامية: المنافقون مؤمنون مشركون من أهل النار. وقالت طائفة منهم أيضاً: من آمن بالله وكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو مؤمن كافر معاً ليس مؤمناً على الإطلاق ولا كافراً على الإطلاق. وقال مقاتل بن سليمان وكان من كبار المرجئة: لا يضر مع الإيمان سيئة جلت أو قلت أصلا، ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلاً. (1)
أحداث السنة الثامنة والخمسين بعد الأربعمائة (458 هـ)
جاء في البداية والنهاية: ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة
في يوم عاشوراء أغلق أهل الكرخ دكاكينهم وأحضروا نساء ينحن على الحسين كما جرت به عادتهم السالفة في بدعتهم المتقدمة الخالفة، فحين وقع ذلك أنكرته العامة، وطلب الخليفة أبا الغنائم وأنكر عليه ذلك، فاعتذر إليه بأنه لم يعلم به، وأنه حين علم أزاله، وتردد أهل الكرخ إلى الديوان يعتذرون من ذلك، وخرج التوقيع بكفر من سب الصحابة وأظهر البدع. (2)
التعليق:
هذا حين كان عامة المسلمين لهم دين وعقيدة، أما الآن فلا دين ولا عقيدة، شغلهم الشاغل هو الانهماك في الملذات مهما كانت حراما أو حلالا، ففتن الناس في بيوتهم بأنواع الملاهي التي سلطها أعداء الله على المسلمين
(1) الفصل (4/ 204 - 205).
(2)
البداية والنهاية (12/ 99).
وشغلوهم بها فكيف يكون هؤلاء آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر فضلا عن الغيرة على عقيدتهم إلا من شاء الله إخلاصه فهو مخلص وقلبه يشتعل نارا لما يرى من منكرات.
الإمام القاضي أبو يعلى (1)(458 هـ)
محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد، أبو يعلى المعروف بابن الفراء البغدادي الحنبلي. ولد سنة ثمانين وثلاثمائة. حدث عن أبي القاسم بن حبابة وعلي بن معروف البزاز، وعلي بن عمر الحربي وخلق. وحدث عنه الخطيب البغدادي وأبو الوفاء بن عقيل وأبو علي الأهوازي.
قال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه وكان ثقة. قال ابن الجوزي: كان من سادات الثقات، وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله بن ماكولا والدامغاني، فقبلا شهادته وتولى النظر في الحكم بحريم دار الخلافة، وكان إماما في الفقه، له التصانيف الحسان الكثيرة، في مذهب أحمد، ودرس وأفتى سنين، وانتهى إليه المذهب. وكان متعففا، نزه النفس، كبير القدر، ذا عبادة وتهجد، وملازمة للتصنيف، مع الجلالة والمهابة، ولم تكن له يد طولى في معرفة الحديث.
توفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ودفن في مقبرة باب حرب.
(1) السير (18/ 89 - 92) وتاريخ بغداد (2/ 256) وطبقات الحنابلة (2/ 193 - 230) والأنساب (4/ 351 - 352) والكامل في التاريخ (10/ 52) والوافي بالوفيات (3/ 7 - 8) والبداية والنهاية (12/ 101) وشذرات الذهب (3/ 306 - 307).