الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي (411 ه
ـ)
بيان زندقته وتجبره وتسلطه:
- قال الذهبي: وكان شيطانا مريدا جبارا عنيدا، كثير التلون، سفاكا للدماء، خبيث النحلة، عظيم المكر جوادا ممدحا، له شأن عجيب، ونبأ غريب، كان فرعون زمانه، يخترع كل وقت أحكاما يلزم الرعية بها. أمر بسب الصحابة رضي الله عنهم، وبكتابة ذلك على أبواب المساجد والشوارع. وأمر عماله بالسب. (1)
- وقال: وأنشأ دارا كبيرة ملأها قيودا وأغلالا، وجعل لها سبعة أبواب، وسماها جهنم. فكان من سخط عليه، أسكنه فيها. ولما أمر بحريق مصر، واستباحها، بعث خادمه ليشاهد الحال. فلما رجع، قال: كيف رأيت؟ قال: لو استباحها طاغية الروم ما زاد على ما رأيت، فضرب عنقه. (2)
- وقال: وثم اليوم طائفة من طغام الإسماعيلية الذين يحلفون بغيبة الحاكم، ما يعتقدون إلا أنه باق، وأنه سيظهر. نعوذ بالله من الجهل. (3)
- وقال ابن كثير: ثم دخلت سنة إحدى عشرة وأربعمائة فيها عدم الحاكم بمصر، وذلك أنه لما كان ليلة الثلاثاء لليلتين بقيتا من شوال فقد الحاكم بن المعز الفاطمي صاحب مصر، فاستبشر المؤمنون والمسلمون بذلك،
(1) السير (15/ 174).
(2)
السير (15/ 177).
(3)
السير (15/ 183).
وذلك لأنه كان جبارا عنيدا، وشيطانا مريدا. ولنذكر شيئا من صفاته القبيحة، وسيرته الملعونة، أخزاه الله.
كان كثير التلون في أفعاله وأحكامه وأقواله، جائرا، وقد كان يروم أن يدعي الألوهية كما ادعاها فرعون، فكان قد أمر الرعية إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس على أقدامهم صفوفا، إعظاما لذكره واحتراما لاسمه، فعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين، وكان قد أمر أهل مصر على الخصوص إذا قاموا عند ذكره خروا سجدا له، حتى إنه ليسجد بسجودهم من في الأسواق من الرعاع وغيرهم، ممن كان لا يصلي الجمعة، وكانوا يتركون السجود لله في يوم الجمعة وغيره ويسجدون للحاكم، وأمر في وقت لأهل الكتابين بالدخول في دين الإسلام كرها، ثم أذن لهم في العود إلى دينهم، وخرب كنائسهم ثم عمرها، وخرب القمامة ثم أعادها، وابتنى المدارس. وجعل فيها الفقهاء والمشايخ، ثم قتلهم وأخربها، وألزم الناس بغلق الأسواق نهارا، وفتحها ليلا، فامتثلوا ذلك دهرا طويلا، حتى اجتاز مرة برجل يعمل النجارة في أثناء النهار فوقف عليه فقال: ألم أنهكم؟ فقال: يا سيدي لما كان الناس يتعيشون بالنهار كانوا يسهرون بالليل، ولما كانوا يتعيشون بالليل سهروا بالنهار فهذا من جملة السهر، فتبسم وتركه. وأعاد الناس إلى أمرهم الأول، وكل هذا تغيير للرسوم، واختبار لطاعة العامة له، ليرقى في ذلك إلى ما هو أشر وأعظم منه.
وقد كان يعمل الحسبة بنفسه فكان يدور بنفسه في الأسواق على حمار له -وكان لا يركب إلا حمارا- فمن وجده قد غش في معيشة أمر عبدا أسود معه يقال له
مسعود، أن يفعل به الفاحشة العظمى، وهذا أمر منكر ملعون، لم يسبق إليه، وكان قد منع النساء من الخروج من منازلهن وقطع شجر الأعناب حتى لا يتخذ الناس منها خمرا، ومنعهم من طبخ الملوخية، وأشياء من الرعونات التي من أحسنها منع النساء من الخروج، وكراهة الخمر، وكانت العامة تبغضه كثيرا، ويكتبون له الأوراق بالشتيمة البالغة له ولأسلافه في صورة قصص، فإذا قرأها ازداد غيظا وحنقا عليهم، حتى إن أهل مصر عملوا صورة امرأة من ورق بخفيها وإزارها، وفي يدها قصة من الشتم واللعن والمخالفة شيء كثير، فلما رآها ظنها امرأة، فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها فقرأها فرأى ما فيها، فأغضبه ذلك جدا، فأمر بقتل المرأة، فلما تحققها من ورق ازداد غيظا إلى غيظه، ثم لما وصل إلى القاهرة أمر السودان أن يذهبوا إلى مصر فيحرقوها وينهبوا ما فيها من الأموال والمتاع والحريم، فذهبوا فامتثلوا ما أمرهم به، فقاتلهم أهل مصر قتالا شديدا، ثلاثة أيام، والنار تعمل في الدور والحريم، وهو في كل يوم قبحه الله، يخرج فيقف من بعيد وينظر ويبكي ويقول: من أمر هؤلاء العبيد بهذا؟ ثم اجتمع الناس في الجوامع ورفعوا المصاحف وصاروا إلى الله عز وجل، واستغاثوا به، فرق لهم الترك والمشارقة وانحازوا إليهم، وقاتلوا معهم عن حريمهم ودورهم، وتفاقم الحال جدا، ثم ركب الحاكم لعنه الله ففصل بين الفريقين، وكف العبيد عنهم، وكان يظهر التنصل مما فعله العبيد وأنهم ارتكبوا ذلك من غير علمه وإذنه، وكان ينفذ إليهم السلاح ويحثهم على ذلك في الباطن، وما انجلى الأمر حتى احترق من مصر نحو ثلثها، ونهب قريب من نصفها، وسبيت نساء وبنات كثيرة وفعل
معهن الفواحش والمنكرات، حتى إن منهن من قتلت نفسها خوفا من العار والفضيحة، واشترى الرجال منهم من سبي
لهم من النساء والحريم. قال ابن الجوزي: ثم ازداد ظلم الحاكم حتى عَنَّ له أن يدعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد يا أحد يا محيي يا مميت قبحهم الله جميعا. (1)
أحمد بن أبي نصر الصوفي (2)(412 هـ)
الإمام، المحدث، الزاهد، الجوال، أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل، الأنصاري الهروي، الماليني الصوفي، الملقب بطاووس الفقراء. ارتحل في طلب العلم إلى الآفاق ولقي المشايخ وحَصَّلَ وجمع وصَنَّفَ الكتب الطوال والمصنفات الكبار.
حدث عن أبي أحمد بن عدي، وإسماعيل بن نجيد، وأبي بكر القطيعي، ومحمد بن عبد الله السليطي، وخلق كثير. وحدّث عنه أبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، وتمام الرازي وعبد الغني المصري، وغيرهم.
قال الخطيب: كان ثقة متقنا صالحا. وقال: أحد الرحالين في طلب الحديث، والمكثرين منه. وقال أبو إسحاق الحبال: كأن الإسناد، كان يمسك له في البلاد حتى يدركه.
توفي في السنة الثانية عشرة بعد المائة الرابعة.
(1) البداية (12/ 10 - 11).
(2)
تاريخ بغداد (4/ 371 - 372) وتذكرة الحفاظ (3/ 1070 - 1072) والوافي بالوفيات (7/ 330) والبداية والنهاية (12/ 11) وشذرات الذهب (3/ 195) والسير (17/ 301).