الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في ميزان الاعتدال: قال ابن حزم: قالت فرقة عادية بنبوة المغيرة ابن سعيد وكان لعنه الله مولى بجيلة. وكان لعنه الله يقول: إن معبوده على صورة رجل على رأسه تاج وإن أعضاءه على عدد حروف الهجاء. وإنه لما أراد أن يخلق تكلم باسمه فطار فوقع على تاجه، ثم كتب بأصبعه أعمال العباد. فلما رأى المعاصي ارفض عرقا، فاجتمع من عرقه بحران ملح وعذب؛ وخلق الكفار من البحر الملح. تعالى الله عما يقول. وحاكي الكفر ليس بكافر؛ فإن الله تبارك وتعالى قص علينا في كتابه صريح كفر النصارى واليهود، وفرعون ونمرود، وغيرهم. (1)
موقفه من الرافضة:
- قال الذهبي في سيره: وكان في هذا الحين المتكلم البارع هشام بن الحكم الكوفي الرافضي المشبه المعثر، وله نظر وجدل، وتواليف كثيرة. قال ابن حزم: جمهور متكلمي الرافضة كهشام بن الحكم، وتلميذه أبي علي الصكاك وغيرهما يقولون بأن علم الله محدث، وأنه لم يعلم شيئا في الأزل، فأحدث لنفسه علما. قال: وقال هشام بن الحكم في مناظرته لأبي الهذيل: إن ربه طوله سبعة أشبار بشبر نفسه. قال: وكان داود الجواربي من كبار متكلميهم يزعم أن ربه لحم ودم على صورة الآدمي. قال: ولا يختلفون في رد الشمس لعلي مرتين. ومن قول كلهم: إن القرآن مبدل زيد فيه ونقص منه إلا الشريف المرتضى وصاحبيه. قال النديم: هو من أصحاب جعفر
(1) الميزان (4/ 162).
الصادق، هذب المذهب، وفتق الكلام في الإمامة. (1)
- قال في الملل والنحل: ومن قول الإمامية كلها قديما وحديثا أن القرآن مبدل زيد فيه ما ليس منه، ونقص منه كثير، وبدل منه كثير حاشا علي بن الحسن بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي ابن الحسن بن علي بن أبي طالب. وكان إماميا يظاهر بالاعتزال مع ذلك؛ فإنه كان ينكر هذا القول ويكفر من قاله، وكذلك صاحباه أبو يعلى ميلاد الطوسي وأبو القاسم الرازي.
قال أبو محمد: القول بأن بين اللوحين تبديلا كفر صحيح وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقالت طائفة من الكيسانية بتناسح الأرواح، وبهذا يقول السيد الحميري الشاعر لعنه الله؛ ويبلغ الأمر بمن يذهب إلى هذا إلى أن يأخذ أحدهم البغل أو الحمار فيعذبه ويضربه ويعطشه ويجيعه على أن روح أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيه، فاعجبوا لهذا الحمق الذي لا نظير له. وما الذي خص هذا البغل الشقي أو الحمار المسكين بنقله الروح إليه دون سائر البغال والحمير. وكذلك يفعلون بالعنز على أن روح أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيها
…
(2)
- ثم ذكر من سخافاتهم إلى أن قال: فهذه مذاهب الإمامية، وهي المتوسطة في الغلو من فرق الشيعة، وأما الغالية من الشيعة فهم قسمان: قسم أوجبت النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لغيره، والقسم الثاني أوجبوا الإلهية لغير الله عز
(1) السير (10/ 543 - 544).
(2)
الملل والنحل (4/ 182).
وجل فلحقوا بالنصارى واليهود وكفروا أشنع الكفر، فالطائفة التي أوجبت النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فرق؛ فمنهم الغرابية وقولهم إن محمدا صلى الله عليه وسلم كان أشبه بعلي من الغراب بالغراب، وإن الله عز وجل بعث جبريل عليه السلام بالوحي إلى علي فغلط جبريل بمحمد ولا لوم على جبريل في ذلك لأنه غلط. وقالت طائفة منهم بل تعمد ذلك جبريل، وكفروه ولعنوه لعنهم الله.
قال أبو محمد: فهل سمع بأضعف عقولا وأتم رقاعة من قوم يقولون إن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يشبه علي بن أبي طالب، فيا للناس أين يقع شبه ابن أربعين سنة من صبي ابن إحدى عشرة سنة حتى يغلط به جبريل عليه السلام، ثم محمد عليه السلام فوق الربعة، إلى الطول، قويم القناة، كث اللحية، أدلج العينين، ممتلي الساقين صلى الله عليه وسلم، قليل شعر الجسد، أفرع. وعليّ دون الربعة إلى القصر، منكب شديد الانكباب كأنه كسر ثم جبر، عظيم اللحية قد ملأت صدره من منكب إلى منكب إذ التحي (1) ثقيل العينين دقيق الساقين أصلع عظيم الصلع ليس في رأسه شعر إلا في مؤخره يسير، كثير شعر اللحية. فاعجبوا لحمق هذه الطبقة، ثم لو جاز أن يغلط جبريل -وحاشا لروح القدس الأمين-كيف غفل الله عز وجل عن تقويمه وتنبيهه؟ وتركه على غلطه ثلاثا وعشرين سنة، ثم أظرف من هذا كله، من أخبرهم بهذا الخبر؟ ومن خرفهم بهذه الخرافة وهذا لا يعرفه إلا من شاهد أمر الله تعالى لجبريل عليه السلام، ثم شاهد خلافه، فعلى هؤلاء لعنة الله ولعنة اللاعنين ولعنة الناس أجمعين ما دام لله في عالمه خلق. وفرقة قالت بنبوة علي، وفرقة قالت بأن
(1) كذا في الأصل.