المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من الجهمية: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٦

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌بديع الزمان الهمذاني (398 ه

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من ابن يونس المنجم (399 ه

- ‌موقف السلف من أبي حيان التوحيدي (في حدود 400 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المؤولة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي (411 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسين السلمي الصوفي (412 ه

- ‌موقف السلف من الشيخ المفيد الرافضي (413 ه

- ‌علي بن عيسى (414 هـ سنة وفاة الباشاني)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌معمر بن أحمد الأصبهاني الصوفي (418 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من المسبحي الرافضي (420 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌الظاهر لإعزاز دين الله العبيدي الرافضي الخبيث الدعي (427 ه

- ‌موقف السلف من ابن سينا الفيلسوف وضلاله (428 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي ذر الهروي (434 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من المرتضى الشريف الرافضي الخبيث (436 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من القادسي الرافضي (447 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من أبي العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان (449 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القادسي الرافضي:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من فتنة ابن القشيري:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقف السلف من ابن العجوز محمد بن عبد الرحمن (474 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من البكري أبي بكر عتيق الأشعري (476 ه

- ‌موقف السلف من مسعود بن ناصر (477 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من مسلم بن قريش صاحب الموصل (478 ه

- ‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من أبي منصور بن شكرويه الأشعري (482 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هبة الله بن عبد الوارث (486 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من صاحب سمرقند الزنديق (487 ه

- ‌موقف السلف من المستنصر العبيدي الرافضي (487 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أبي يوسف القزويني المعتزلي (488 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أحمد بن غطاش الباطني (500 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والرافضة والمرجئة والقدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية والجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

الفصل: ‌موقفه من الجهمية:

‌موقفه من الصوفية:

- قال رحمه في الاستذكار: وفي حديث سويد بن النعمان (1) إباحة اتخاذ الزاد في السفر، وفي ذلك رد على الصوفية الذين يقولون: لا ندخر بعد، فإن غدا له رزق جديد. (2)

- وقال في التمهيد: وفي هذا الحديث دليل على أن الصالحين والفضلاء لا يستغنون عن الزاد في سفرهم، وهو يبطل مذهب الصوفية الذين لا يدخرون لغد. (3)

‌موقفه من الجهمية:

هذا الإمام أجمع الناس على علمه وحفظه وتبحره في كل الفنون، وأصبح مرجعا لمن جاء بعده، وترك تراثا قيما شكره عليه الأولون والآخرون، لما فيه من جواهر غالية. وركز في كتابين له على بيان العقيدة السلفية: جامع بيان العلم وفضله وهو من أحسن المراجع في هذا الباب، وكتاب التمهيد ذكر فيه عقيدة كاملة بحججها وبراهينها، وشبه المبتدعة وردها والجواب عنها. وسألخص ما جاء في التمهيد حتى يكون أنموذجا ومثالا لما يقول. وذلك في سياق حديث أبي هريرة «ينزل ربنا إلى السماء

(1) وهو "أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إذا كانوا بالصهباء نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر، ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر به فثري، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا

".

أخرجه: أحمد (3/ 462) والبخاري (1/ 412/209) والنسائي (1/ 117/186) وابن ماجه (1/ 165/492).

(2)

الاستذكار (2/ 151).

(3)

فتح البر (3/ 379).

ص: 274

الدنيا

» الحديث). (1)

- قال أبو عمر: وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم: إن الله عز وجل في كل مكان، وليس على العرش. والدليل على صحة ما قاله أهل الحق في ذلك، قول الله عز وجل:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} (2) ثم ساق الآيات التي تدل على استواء الله على عرشه ثم قال: وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة، وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء وقولهم في تأويل استوى: استولى، فلا معنى له لأنه غير ظاهر في اللغة ومعنى الاستيلاء في اللغة: المغالبة والله لا يغالبه ولا يعلوه أحد وهو الواحد الصمد. ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك وإنما يوجه كلام الله عز وجل إلى الأشهر والأظهر من وجوهه، ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات، وجل الله عز وجل عن أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم وهو العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه. قال أبو عبيدة في قوله تعالى:{استوى} قال: علا، قال: وتقول العرب: استويت

(1) تقدم من حديث أبي هريرة ضمن مواقف حماد بن سلمة سنة (167هـ).

(2)

طه الآية (5).

ص: 275

فوق الدابة واستويت فوق البيت وقال غيره: استوى أي انتهى شبابه واستقر فلم يكن في شبابه مزيد.

قال أبو عمر: الاستواء: الاستقرار في العلو وبهذا خاطبنا الله عز وجل وقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} (1) وقال: {واستوت عَلَى الْجُودِيِّ} (2) وقال: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} (3) وقال الشاعر:

فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة

وقد حلق النجم اليماني فاستوى

وهذا لا يجوز أن يتأول فيه أحد: استولى: لأن النجم لا يستولي. وقد ذكر النضر بن شميل وكان ثقة مأمونا جليلا في علم الديانة واللغة قال: حدثني الخليل وحسبك بالخليل قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح فسلمنا فرد علينا السلام وقال لنا: استووا! فبقينا متحيرين ولم ندر ما قال. قال: فقال لنا أعرابي إلى جنبه: إنه أمركم أن ترتفعوا. قال الخليل: هو من قول الله عز وجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} (4) فصعدنا إليه فقال: هل لكم في خبز فطير ولبن هجير وماء نمير؟ فقلنا الساعة فارقناه فقال: سلاما فلم ندر ما قال، فقال الأعرابي: إنه

(1) الزخرف الآية (13).

(2)

هود الآية (44).

(3)

المؤمنون الآية (28).

(4)

فصلت الآية (11).

ص: 276

سالمكم متاركة لا خير فيها ولا شر قال الخليل: هو من قول الله عز وجل: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)} (1). (2)

شبه الجهمية والجواب عليها:

وأما نزع من نزع منهم بحديث يرويه عبد الله بن واقد الواسطي عن إبراهيم بن عبد الصمد عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} (3): على جميع بريته، فلا يخلو منه مكان فالجواب عن هذا: أن هذا حديث منكر عن ابن عباس ونقلته مجهولون ضعفاء، فأما عبد الله بن داود الواسطي وعبد الوهاب بن مجاهد فضعيفان، وإبراهيم بن عبد الصمد مجهول لا يعرف وهم لا يقبلون أخبار الآحاد العدول، فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بمثل هذا من الحديث لو عقلوا أوأنصفوا؟ أما سمعوا الله عز وجل حيث يقول:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} (4)، فدل على أن موسى عليه السلام كان يقول: إلهي في السماء وفرعون يظنه كاذبا.

(1) الفرقان الآية (63).

(2)

التمهيد (7/ 129 - 132) وانظر فتح البر (2/ 7 - 10).

(3)

طه الآية (5).

(4)

غافر الآيتان (36و37).

ص: 277

فسبحان من لا يقدر الخلق قدره

ومن هو فوق العرش فرد موحد

مليك على عرش السماء مهيمن

لعزته تعنو الوجوه وتسجد

وهذا الشعر لأمية بن أبي الصلت وفيه يقول في وصف الملائكة:

فمن حامل إحدى قوائم عرشه

ولولا إله الخلق كلوا وأبلدوا

قيام على الأقدام عانون تحته

فرائصهم من شدة الخوف ترعد

قال أبو عمر: فإن احتجوا بقول الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} (1) وبقوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} (2) وبقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} (3). وزعموا أن الله تبارك وتعالى في كل مكان بنفسه وذاته تبارك وتعالى قيل لهم: لا خلاف بيننا وبينكم وبين سائر الأمة: أنه ليس في الأرض دون السماء بذاته فوجب حمل هذه الآيات على المعنى الصحيح المجتمع عليه وذلك أنه في السماء إله معبود من أهل السماء وفي الأرض إله معبود من أهل الأرض وكذلك قال أهل العلم بالتفسير. فظاهر التنزيل يشهد على أنه على العرش، والاختلاف في ذلك بيننا فقط وأسعد الناس به من ساعده الظاهر، وأما قوله في الآية الأخرى:{وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} فالإجماع والاتفاق قد بين المراد بأنه معبود من أهل الأرض فتدبر هذا، فإنه قاطع إن شاء الله. ومن

(1) الزخرف الآية (84).

(2)

الأنعام الآية (3).

(3)

المجادلة الآية (7).

ص: 278

الحجة أيضا في أنه عز وجل على العرش فوق السماوات السبع: أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته، لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم للأَمَة التي أراد مولاها عتقها إن كانت مؤمنة فاختبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن قال لها:«أين الله؟» فأشارت إلى السماء ثم قال لها: «من أنا؟» قالت: رسول الله قال: «أعتقها، فإنها مؤمنة» (1) فاكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها برفعها رأسها إلى السماء

ثم قال: وأما احتجاجهم: لو كان في مكان لأشبه المخلوقات لأن ما أحاطت به الأمكنة واحتوته مخلوق فشيء لا يلزم ولا معنى له لأنه عز وجل ليس كمثله شيء من خلقه ولا يقاس بشيء من بريته، لا يدرك بقياس ولا يقاس بالناس، لا إله إلا هو كان قبل كل شيء، ثم خلق الأمكنة والسماوات والأرض وما بينهما، وهو الباقي بعد كل شيء وخالق كل شيء لا شريك له. وقد قال المسلمون وكل ذي عقل: إنه لا يعقل كائن لا في مكان ما وما ليس في مكان فهو عدم. وقد صح في المعقول وثبت بالواضح من الدليل أنه كان في الأزل لا في مكان، وليس بمعدوم فكيف يقاس على شيء من خلقه؟ أو يجري بينه وبينهم تمثيل أو تشبيه؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا الذي لا يبلغ من وصفه إلا إلى ما وصف به نفسه، أو وصفه به نبيه ورسوله، أو اجتمعت عليه الأمة الحنيفية عنه. فإن قال قائل منهم: إنا وصفنا ربنا أنه

(1) تقدم تخريجه صمن مواقف أبي عمرو عثمان السهروردي سنة (458هـ).

ص: 279

كان لا في مكان ثم خلق الأماكن فصار في مكان وفي ذلك إقرار منا بالتغيير والانتقال، إذ زال عن صفته في الأزل وصار في مكان دون مكان، قيل له: وكذلك زعمت أنت أنه كان لا في مكان وانتقل إلى صفة هي الكون في كل مكان، فقد تغير عندك معبودك وانتقل من لا مكان إلى كل مكان، وهذا لا ينفك منه لأنه إن زعم أنه في الأزل في كل مكان كما هو الآن فقد أوجب الأماكن والأشياء موجودة معه في أزله وهذا فاسد. فإن قيل: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان؟ قيل له: أما الانتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه لأن كونه في الأزل لا يوجب مكانا وكذلك نقله لا يوجب مكانا، وليس في ذلك كالخلق لأن كون ما كونه يوجب مكانا من الخلق ونقلته توجب مكانا، ويصير منتقلا من مكان إلى مكان والله عز وجل ليس كذلك لأنه في الأزل غير كائن في مكان وكذلك نقلته لا توجب مكانا وهذا ما لا تقدر العقول على دفعه ولكنا نقول: استوى من لا مكان إلى مكان ولا نقول انتقل وإن كان المعنى في ذلك واحدا.

ألا ترى أنا نقول: له عرش ولا نقول له سرير ومعناهما واحد: ونقول: هو الحكيم ولا نقول: هو العاقل ونقول: خليل إبراهيم ولا نقول: صديق إبراهيم وإن كان المعنى في ذلك كله واحدا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم ذكرنا له من وصفه لنفسه لا شريك له، ولا ندفع ما وصف به نفسه لأنه دفع للقرآن وقد قال الله عز

ص: 280

وجل: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} (1) وليس مجيئه حركة ولا زوالا ولا انتقالا لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسما أو جوهرا، فلما ثبت أنه ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه حركة ولا نقلة ولو اعتبرت ذلك بقولهم: جاءت فلانا قيامته وجاءه الموت وجاءه المرض وشبه ذلك. مما هو موجود نازل به ولا مجيء، لبان لك وبالله العصمة والتوفيق.

فإن قال: إنه لا يكون مستويا على مكان إلا مقرونا بالتكييف؛ قيل: قد يكون الاستواء واجبا والتكييف مرتفع وليس رفع التكييف يوجب رفع الاستواء ولو لزم هذا لزم التكييف في الأزل لأنه لا يكون كائن في لا مكان إلا مقرونا بالتكييف، وقد عقلنا وأدركنا بحواسنا أن لنا أرواحا في أبداننا ولا نعلم كيفية ذلك، وليس جهلنا بكيفية الأرواح يوجب أن ليس لنا أرواح، وكذلك ليس جهلنا بكيفيته على عرشه يوجب أنه ليس على عرشه

قال أبو عمر: وأما احتجاجهم بقوله عز وجل: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (2) فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التآويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش، وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله.

(1) الفجر الآية (22).

(2)

المجادلة الآية (7).

ص: 281

ثم قال أبو عمر بعد كلام وسياق لأحاديث بعض الصفات: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة. وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه وهم عند من أثبتها نافون للمعبود. والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله. ثم قال أبو عمر بعد سياق لمجموعة من الصفات: الذي أقول: إنه من نظر إلى إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعد وعبد الرحمن وسائر المهاجرين والأنصار، وجميع الوفود الذين دخلوا في دين الله أفواجا، علم أن الله عز وجل لم يعرفه واحد منهم إلا بتصديق النبيين بأعلام النبوة ودلائل الرسالة لا من قبل حركة ولا من باب الكل والبعض ولا من باب كان ويكون. ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجبا في الجسم ونفيه والتشبيه ونفيه لازما، ما أضاعوه ولو أضاعوا الواجب ما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم ولو كان ذلك من عملهم مشهورا أو من أخلاقهم معروفا لاستفاض عنهم ولشهروا به كما شهروا بالقرآن والروايات.

ثم قال أبو عمر بعد سوق رواية أحاديث الرؤية: وأهل البدع المخالفون لنا في هذا التأويل يقولون: إن من جوز مثل هذا وأمكن عنده فقد كفر، فيلزمهم تكفير موسى نبي الله صلى الله عليه وسلم وكفى بتكفيره كفرا وجهلا. (1)

(1) التمهيد (7/ 132 - 155) وانظر فتح البر (2/ 10 - 31).

ص: 282

التعليق:

ما أدري ماذا يقول متعصبة الأشاعرة المنتسبون إلى المالكية خصوصا والأشاعرة عموما في كلام هذا الإمام، هل سيعدونه مشبها أو حنبليا متعصبا أو حشويا متبلدا، أو سيضعون الرمال فوق هذه الوديان والبحار المنسابة بالحق ونور النبوة المتوارث، فلا أدري كم يكفيهم من مقدار لسد ذلك وتغطيته، أو سيقولون إن أبا عمر لم يكن في العلم والحفظ بذلك. أو سيقولون: إن حافظ المشرق والمغرب أعلم بمذاهب الناس وأكثرهم فهما لها، فالحق معه وهذا الذي قرره ينبغي لكل مسلم يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم أن يتبعه وهذا هو الظن بهم إن شاء الله وبأمثالهم ممن يطلب الحق ويبحث عنه.

بقية آراء ومواقف أبي عمر:

- جاء في جامع بيان العلم وفضله بعد أن ساق قول مالك في بدعة الكلام قال: والذي قاله مالك رحمه الله، عليه جماعة الفقهاء والعلماء قديما وحديثا من أهل الحديث والفتوى، وإنما خالف ذلك أهل البدع -المعتزلة وسائر الفرق- وأما الجماعة على ما قال مالك رحمه الله، إلا أن يضطر أحد إلى الكلام فلا يسعه السكوت إذا طمع برد الباطل وصرف صاحبه عن مذهبه أو خشي ضلال عامة أو نحو هذا. (1)

- وفيه قال رحمه الله: أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في طبقات الفقهاء وإنما

(1) جامع بيان العلم وفضله (2/ 938).

ص: 283

العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم. (1)

- وجاء فيه عنه قال رحمه الله: وتناظر القوم وتجادلوا في الفقه ونهوا عن الجدال في الاعتقاد لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين. ألا ترى مناظرة بشر في قول الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} (2) قال: هو بذاته في كل مكان فقال له خصمه: فهو في قلنسوتك وفي حشك وفي جوف حمارك، تعالى الله عما يقولون. حكى ذلك وكيع.

وأنا والله أكره أن أحكي كلامهم قبحهم الله. (3)

- وفيه قال رحمه الله: في الكلام على الصفات: رواها السلف وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علما وأوسعهم فهما وأقلهم تكلفا ولم يكن سكوتهم عن عي فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر. (4)

- وجاء فيه عند الكلام على الصفات: ليس في الاعتقاد في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه. (5)

(1) جامع بيان العلم وفضله (2/ 942).

(2)

المجادلة الآية (7).

(3)

جامع بيان العلم وفضله (2/ 948).

(4)

جامع بيان العلم وفضله (2/ 946).

(5)

جامع بيان العلم وفضله (2/ 943).

ص: 284