المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من المبتدعة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٦

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌بديع الزمان الهمذاني (398 ه

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من ابن يونس المنجم (399 ه

- ‌موقف السلف من أبي حيان التوحيدي (في حدود 400 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المؤولة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي (411 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسين السلمي الصوفي (412 ه

- ‌موقف السلف من الشيخ المفيد الرافضي (413 ه

- ‌علي بن عيسى (414 هـ سنة وفاة الباشاني)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌معمر بن أحمد الأصبهاني الصوفي (418 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من المسبحي الرافضي (420 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌الظاهر لإعزاز دين الله العبيدي الرافضي الخبيث الدعي (427 ه

- ‌موقف السلف من ابن سينا الفيلسوف وضلاله (428 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي ذر الهروي (434 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من المرتضى الشريف الرافضي الخبيث (436 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من القادسي الرافضي (447 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من أبي العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان (449 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القادسي الرافضي:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من فتنة ابن القشيري:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقف السلف من ابن العجوز محمد بن عبد الرحمن (474 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من البكري أبي بكر عتيق الأشعري (476 ه

- ‌موقف السلف من مسعود بن ناصر (477 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من مسلم بن قريش صاحب الموصل (478 ه

- ‌شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من أبي منصور بن شكرويه الأشعري (482 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هبة الله بن عبد الوارث (486 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من صاحب سمرقند الزنديق (487 ه

- ‌موقف السلف من المستنصر العبيدي الرافضي (487 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أبي يوسف القزويني المعتزلي (488 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من أحمد بن غطاش الباطني (500 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والرافضة والمرجئة والقدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية والجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

الفصل: ‌موقفه من المبتدعة:

شيخ الشافعية، أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي، السمعاني، المروزي. ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة. سمع بمرو أباه، وأبا غانم أحمد ابن علي الكراعي، وأبا بكر محمد بن عبد الصمد الترابي وآخرين. وعنه أولاده، وعمر بن محمد السرخسي، ومحمد بن أبي بكر السنجي وأبو نصر الغازي وغيرهم.

قال عبد الغافر في تاريخه: هو وحيد عصره في وقته فضلا، وطريقة، وزهدا وورعا، من بيت العلم والزهد، تفقه بأبيه، وصار من فحول أهل النظر، وأخذ يطالع كتب الحديث، وحج ورجع، وترك طريقته التي ناظر عليها ثلاثين سنة، وتحول شافعيا. له تصانيف عديدة، وكان شوكا في أعين المخالفين وحجة لأهل السنة. وكان مناظرا فقيها. قال الإمام أبو علي بن الصفار: إذا ناظرت أبا المظفر، فكأني أناظر رجلا من أئمة التابعين، مما أرى عليه من آثار الصالحين. وقال حفيده في الأنساب: لا أقدر أن أصف بعض مناقبه، ومن طالع تصانيفه وأنصف، عرف محله من العلم.

توفي رحمه الله في ربيع الأول سنة تسع وثمانين بعد الأربعمائة.

‌موقفه من المبتدعة:

هذا الإمام ممن شاع صيته وبارك الله له في العمر وجعل من نسله العلماء، ألف تراثا عظيما سلفيا، يقول الذهبي عنه: تعصب لأهل الحديث والسنة والجماعة وكان شوكا في أعين المخالفين وحجة لأهل السنة. (1)

آثاره السلفية:

(1) السير (19/ 116).

ص: 369

1 -

'الانتصار لأهل الحديث'، ذكره حفيده في الأنساب (1) والذهبي في السير (2) وذكره السيوطي في صون المنطق ولخصه (3) وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (4) وابن الجوزي في المنتظم. (5)

2 -

'التفسير'، مطبوع متداول وذكره حفيده في الأنساب (6). وقد نحا فيه نحو السلف.

3 -

'منهاج أهل السنة'، ذكره حفيده في الأنساب. (7)

4 -

'تقويم الأدلة'، ذكره شيخ الإسلام في منهاج السنة (8) وقال: نقل فيه الإجماع من علماء السنة أن أبا بكر أعلم من علي.

وله من المواقف الطيبة والكلام البليغ الذي مَن قرأه عرف قيمة الرجل العلمية والسلفية منها على سبيل المثال ما ذكره في كتابه 'الانتصار لأهل الحديث':

قال السيوطي: قال في كتابه 'الانتصار لأهل الحديث': قد لهج بذم أصحاب الحديث صنفان: أهل الكلام، وأهل الرأي. فهم في كل وقت يقصدونهم بالثلب والعيب وينسبونهم إلى الجهل وقلة العلم، واتباع السواد

(1)(3/ 299).

(2)

(19/ 117).

(3)

(147 - 183).

(4)

(1/ 173).

(5)

(17/ 38).

(6)

(3/ 299).

(7)

(3/ 299).

(8)

(7/ 502).

ص: 370

على البياض، وقالوا غثاء وغثر، وزوامل أسفار، وقالوا أقاصيص وحكايات وأخبار، وربما قرأوا {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (1). وفي الحقيقة: ما ثلموا إلا دينهم ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم، وما للأساكفة وصوغ الحلي وصناعة البز، وما للحدادين وتقليب العطر والنظر في الجواهر. أما يكفيهم صدأ الحديد، ونفخ في الكير وشواظ الذيل والوجه وغبرة في الحدقة، وما لأهل الكلام ونقد حملة الأخبار، وما أحسن قول من قال:

بلاء ليس يشبهه بلاء

عداوة غير ذي حسب ودين

ينيلك منه عرضا لم يصنه

ويرتع منك في عرض مصون

لكن الحق عزيز، وكل مع عزته يدعيه. ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق. نعم إن على الباطل ظلمة وإن على الحق نورا، ولا يبصر نور الحق إلا من حشى قلبه بالنور {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)} (2) فالمتخبط في ظلمات الهوى والمتردي في مهاوي الهلكة، والمتعسف في المقال لا يوفق للعود إلى الحق، ولا يرشد إلى طريق الهدى ليظهر وعورة مسلكه وعز جانبه، وتأبيه إلا على أهله {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)} (3).

- ثم قال (باب الحث على السنة، والجماعة، والاتباع، وكراهة التفرق

(1) الجمعة الآية (5).

(2)

النور الآية (40).

(3)

الأنعام الآية (108).

ص: 371

والابتداع): اعلم أن الله تعالى أمر خلقه بلزوم الجماعة، ونهاهم عن الفرقة، وندبهم إلى الاتباع، وحثهم عليه، وذم الابتداع، وأوعدهم عليه، وذلك بين في كتابه وسنة رسوله، قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (1) وقال: {* شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (2). وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} (3) وأمر تعالى باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في آيات من كتابه. وقد وردت الأحاديث حاثة على لزوم سنته واجتناب كل بدعة. (4)

- ثم قال: فهؤلاء الأئمة هم المرجوع إليهم في أمر الدين وبيان الشرع ومن سلك طريقا في الاسلام بعدهم فإياهم يتبع وبهم يقتدى وموافقتهم تتحرى، فلا يجوز لمسلم أن يظن بهم ظن السوء وإنهم قالوا ذلك عن جهل وقلة علم وخبرة في الدين وما هذا إلا من الغل الذي أمر الله بالاستعاذة منه فقال:{وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا} (5) فتبين لنا أن الطريق عند

(1) آل عمران الآية (103).

(2)

الشورى الآية (13).

(3)

الأنعام الآية (153).

(4)

صون المنطق (ص.147 - 149).

(5)

الحشر الآية (10).

ص: 372

الأئمة الهادية اتباع السلف والاقتداء بهم دون الرجوع إلى الآراء. (1)

- ثم قال: واعلم أنك متى تدبرت سيرة الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح وجدتهم ينهون عن جدال أهل البدعة بأبلغ النهي، ولا يرون رد كلامهم بدلائل العقل، وإنما كانوا إذا سمعوا بواحد من أهل البدعة أظهروا التبري منه، ونهوا الناس عن مجالسته ومحاورته والكلام معه، وربما نهوا عن النظر إليه. وقد قالوا: إذا رأيت مبتدعا في طريق فخذ في طريق آخر. ولقد ظهرت هذه الأهواء الأربع التي هي رأس الأهواء، أعني القدر والإرجاء، ورأي الحرورية والرافضة في آخر زمان الصحابة. فكان إذا بلغهم أمرهم أمروا بما ذكرنا ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه جادلهم بدلائل العقل، أو أمر بذلك، وقد كانوا إلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرب. وقد شاهدوا الوحي والتنزيل وعدلهم الله في القرآن، وشهد لهم بالصدق وشهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية في الدين. وكانت طاعتهم أجل، وقلوبهم أسلم، وصدورهم أطهر، وعلمهم أوفر، وكانوا من الهوى والبدع أبعد. ولو كان طريق الرد على المبتدعة هو الكلام ودلائل العقل والجدال معهم لاشتغلوا به وأمروا بذلك وندبوا إليه، وإنما ظهرت المجادلات في الدين والخصومات بعد مضي قرن التابعين ومن يليهم، حين ظهر الكذب، وفشت شهادات الزور، وشاع الجهل، واندرس أمر السنة بعض الاندراس، وأتى على الناس زمان حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده. ولقد صدق إبراهيم النخعي حيث يقول: إن القوم لم يؤخر عنهم شيء خبي لكم لفضل عندكم، وإنما كان غايتهم

(1) صون المنطق (ص.151).

ص: 373

التبري، وإظهار المجانبة، والأمر بالتباعد، والمشهور عن ابن عمر أنه لما بلغه قول أهل القدر قال: أبلغوهم أنى منهم بريء، ولو وجدت أعوانا لجاهدتهم، وقال ابن عباس: لو رأيت بعضهم لضربت رأسه. وأتى رجل علي بن أبي طالب، فقال: أخبرني عن القدر، قال طريق مظلم فلا تسلكه، قال أخبرني عن القدر. قال بحر عميق فلا تلجه.

قال أخبرني عن القدر، قال سر الله فلا تكلفه، وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: يستتاب القدري، فإن تاب وإلا نفي من بلاد المسلمين. وقال عمر بن عبد العزيز: ينبغي أن نتقدم إليهم فيما أحدثوا من القدر، فإن كفوا وإلا استلت ألسنتهم من أقفيتهم استلالا. فهذا طريق القوم في أمر البدع وأهلها. قال رجل من أهل البدع لأيوب السختياني: يا أبا بكر أسألك عن كلمة، فولى وهو يقول ولا نصف كلمة. وقال ابن طاووس لابن له، وتكلم رجل من أهل البدع: يا بني أدخل أصبعيك في أذنيك، ثم قال اشدد اشدد، وقال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات، أكثر التنقل. وقال رجل للحكم بن عتيبة: ما حمل أهل الأهواء على هواهم؟ قال الخصومات. وقال معاوية بن قرة -وكان أبوه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم وهذه الخصومات فإنها تحبط الأعمال. وقال أبو قلابة وكان قد أدرك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجالسوا أصحاب الأهواء، أو قال: أصحاب الخصومات، ولا تكلموهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون. ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث. قال: لا. قالا نقرأ عليك آية من كتاب الله. قال لا لتقومان أو لأقومن.

ص: 374

وكانوا يقولون إن القلب ضعيف، وإنا نخاف إن استمعت منهم شيئا أن يميل قلبك إلى قولهم. وقال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: اعلموا أن اتباع الكتاب والسنة أسلم، والخوض في أمر الدين بالمنازعة والرد حرام. والاجتناب عنه سلامة. وأرجو أن يجوز القياس على الأصل الثابت من العالم الفطن المتيقظ. ولا تكاد تجد شيئا من تأويل الكتاب مخالفا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم إذا صحت الرواية، وعامة تاركي العلم والسنة وأصحاب الأهواء والرأي والمقاييس لثقل السنة عليهم ولا أعرف حديثين يخالف أحدهما الآخر، ولكل ما روي من الأحاديث المختلفة معان يعلمها أهل العلم بها.

فهذا الذي نقلناه طريقة السلف وما كانوا عليه. واعلم أن الأئمة الماضين وأولي العلم من المتقدمين لم يتركوا هذا النمط من الكلام وهذا النوع من النظر عجزا عنه، ولا انقطاعا دونه. وقد كانوا ذوي عقول وافرة وأفهام ثاقبة. وقد كانت هذه الفتن قد وقعت في زمانهم، وظهرت. وإنما تركوا هذه الطريقة، وأضربوا عنها لما تخوفوه من فتنتها، وعلموه من سوء عاقبتها وسيء مغبتها، وقد كانوا على بينة من أمورهم وعلى بصيرة من دينهم، لما هداهم الله بنوره، وشرح صدورهم بضياء معرفته، فرأوا أن فيما عندهم من علم الكتاب وحكمته، وتوقيف السنة وبيانها غناء ومندوحة مما سواها، وأن الحجة قد وقعت وتمت بهما، وأن العلة والشبهة قد أزيحت بمكانهما، فلما تأخر الزمان بأهله وفترت عزائمهم في طلب حقائق علوم الكتاب والسنة، وقلت عنايتهم بها، واعترضهم الملحدون بشبههم، والطاعنون في الدين بجدلهم، حسبوا أنهم إن لم يردوهم عن أنفسهم بهذا النمط من الكلام ودلائل العقل، لم يقووا عليهم،

ص: 375

ولم يظهروا في الحجاج عليهم فكان ذلك ضلة من الرأي، وخدعة من الشيطان. فلو سلكوا سبيل القصد، ووقفوا عند ما انتهى بهم التوقيف لوجدوا برد اليقين، وروح القلوب، ولكثرت البركة، وتضاعف النماء، وانشرحت الصدور، وأضاءت فيها مصابيح النور، وإنما وقعوا فيما وقعوا فيه عند أهل الحق بعد ما تدبروا. وظهر لهم بتوفيق الله سبب ذلك، وهو أن الشيطان صار اليوم بلطيف حيلته يسول لكل من أحس من نفسه زيادة فهم، وفضل ذكاء وذهن يوهمه أنه إن رضي في عمله ومذهبه بظاهر من السنة، واقتصر على واضح بيان منها، كان أسوة العامة، وعد واحدا من الجمهور والكافة. وأنه قد ضل فهمه، واضمحل عقله وذهنه، فحركهم بذلك على التنطع في النظر والتبدع لمخالفة السنة والأثر، ليمتازوا بذلك عن طبقة الدهماء، ويتبينوا في الرتبة عمن يرونه دونهم في الفهم والذكاء.

فاختدعهم بهذه المقدمة حتى استزلهم عن واضح المحجة، وأورطهم في شبهات تعلقوا بزخارفها، وتاهوا عن حقائقها، ولم يخلصوا منها إلى شفا نفس ولا قبلوه بيقين علم. ولما رأوا كتاب الله ينطق بخلاف ما انتحلوه، ويشهد عليه بباطل ما اعتقدوه، ضربوا بعض آياته ببعض، وتأولوها على ما يسنح لهم في عقولهم، واستوى عندهم على ما وضعوه من أصولهم. ونصبوا العداوة لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسنته المأثورة عنه، وردوها على وجوهها. وأساءوا في نقلتها القالة، ووجهوا عليهم الظنون، ورموهم بالتزيد، ونسبوهم إلى ضعف المنة، وسوء المعرفة بمعاني ما يرونه من الحديث. ولو أنهم أحسنوا الظن بسلفهم، وآثروا متابعتهم، وسلموا حيث سلموا، وطلبوا المعاني حيث طلبوا،

ص: 376

واجتهدوا في رد الهوى وخداع الشيطان لانشرحت صدورهم، وظهر لهم من برد اليقين وروح المعرفة، وضياء التسليم ما ظهر لسلفهم، وبرز لهم من أعلام الحق ما كان مكشوفا لهم غير أن الحق عزيز، والدين غريب والزمان مفتن {ومن لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)} (1).اهـ (2)

ثم قال: والذي يزيد ما قلناه إيضاحا: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الفرقة الناجية. قال: «ما أنا عليه وأصحابي» (3)، بمعنى من كان على ما أنا عليه وأصحابي، فلا بد من تعرف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وليس طريق معرفتنا إلا النقل، فيجب الرجوع إلى ذلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تنازعوا الأمر أهله» (4) فكما يرجع في معرفة مذاهب الفقهاء، الذين صاروا قدوة في هذه الأمة إلى أهل الفقه، ويرجع في معرفة اللغة إلى أهل اللغة، ويرجع في معرفة النحو إلى أهل النحو، فكذلك يجب أن يرجع في معرفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أهل النقل والرواية، لأنهم عنوا بهذا الشأن، واشتغلوا بحفظه والتفحص عنه ونقله، ولولاهم لاندرس علم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقف أحد على سنته وطريقته. فإن قال قائل: إن أهل الفقه مجمعون على قول الفقهاء وطريق كل واحد منهم في الفروع. وأهل النحو مجمعون على طريق البصريين والكوفيين في النحو وكذلك أهل الكلام مجمعون على

(1) النور الآية (40).

(2)

صون المنطق (153 - 157).

(3)

تقدم تخريجه ضمن مواقف الآجري سنة (360هـ).

(4)

الطبراني (18/ 247 - 248/ 621) والطحاوي في المشكل (3/ 221 - 222/ 1185) والحاكم (1/ 96) من حديث العرباض بن سارية وقال: "صحيح على شرطهما، ولا أعرف له علة" ووافقه الذهبي.

ص: 377

طريق كل واحد منهم: من متقدميهم وسلفهم. فأما ما يرجع إلى العقائد فلم يجتمع أهل الإسلام على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وأصحابه، بل كل فريق يدعي دينه وينتسب إلى ملته ويقول نحن الذين تمسكنا بملة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعنا طريقته، ومن كان على غير ما نحن عليه، فهو مبتدع صاحب هوى، فلم يجز اعتبار الذي تنازعنا فيه بما قلتم.

الجواب: أن كل فريق من المبتدعة إنما يدعي أن الذي يعتقده هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم كلهم يدعون شريعة الإسلام، ملتزمون في الظاهر شعائرها، يرون أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق، غير أن الطرق تفرقت بهم بعد ذلك، وأحدثوا في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فزعم كل فريق أنه هو المتمسك بشريعة الإسلام، وأن الحق الذي قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يعتقده وينتحله، غير أن الله تعالى أبى أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة، إلا مع أهل الحديث والآثار، لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفا عن سلف، وقرنا عن قرن، إلى أن انتهوا إلى التابعين، وأخذه التابعون عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من الدين المستقيم، والصراط القويم إلا هذا الطريق، الذي سلكه أصحاب الحديث، وأما سائر الفرق فطلبوا الدين لا بطريقه، لأنهم رجعوا إلى معقولهم، وخواطرهم، وآرائهم. فطلبوا الدين من قبله، فإذا سمعوا شيئا من الكتاب والسنة عرضوه على معيار عقولهم، فإن استقام قبلوه، وإن لم يستقم في ميزان عقولهم ردوه، فإن اضطروا إلى قبوله حرفوه بالتأويلات البعيدة، والمعاني المستنكرة،

ص: 378

فحادوا عن الحق، وزاغوا عنه ونبذوا الدين وراء ظهورهم، وجعلوا السنة تحت أقدامهم، تعالى الله عما يصفون.

وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة أمامهم وطلبوا الدين من قبلهما وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم، عرضوه على الكتاب والسنة، فإن وجدوه موافقا لهما قبلوه، وشكروا الله عزوجل حيث أراهم ذلك ووقفهم عليه، وإن وجدوه مخالفا لهما تركوا ما وقع لهم وأقبلوا على الكتاب والسنة ورجعوا بالتهمة على أنفسهم، فإن الكتاب والسنة لا يهديان إلا إلى الحق، ورأي الإنسان قد يرى الحق وقد يرى الباطل، وهذا معنى قول أبي سليمان الداراني، وهو واحد زمانه في المعرفة: ما حدثتني نفسي بشيء إلا طلبت منه شاهدين من الكتاب والسنة، فإن أتى بهما وإلا رددته في نحره (1). أو كلام هذا معناه، ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم وتباعد ما بينهم في الديار وسكون كل واحد منهم قطرا من الأقطار وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمط واحد يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد وفعلهم واحد لا ترى بينهم اختلافا ولا تفرقا في شيء ما وإن قل، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأنه جاء من قلب واحد وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا. قال الله تعالى:

(1) انظر تخريجه في مواقف أبي سليمان الصوفي.

ص: 379

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} (1)، وقال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (2)

وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين وشيعا وأحزابا لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد، يبدع بعضهم بعضا، بل يترقون إلى التكفير، يكفر الابن أباه، والرجل أخاه، والجار جاره. تراهم أبدا في تنازع وتباغض واختلاف، تنقضي أعمارهم ولما تتفق كلماتهم، {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)} (3). أو ما سمعت أن المعتزلة مع اجتماعهم في هذا اللقب يكفر البغداديون منهم البصريين والبصريون منهم البغداديين ويكفر أصحاب أبي علي الجبائي ابنه أبا هاشم وأصحاب أبي هاشم يكفرون أباه أبا علي وكذلك سائر رؤوسهم وأرباب المقالات منهم. إذا تدبرت أقوالهم رأيتهم متفرقين يكفر بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض وكذلك الخوارج والروافض فيما بينهم وسائر المبتدعة بمثابتهم، وهل على الباطل دليل أظهر من هذا قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا

(1) النساء الآية (82).

(2)

آل عمران الآية (103) ..

(3)

الحشر الآية (14).

ص: 380

شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} (1) وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل فأورثهم الاتفاق والايتلاف، وأهل البدعة أخذوا الدين من المعقولات والآراء فأورثهم الافتراق والاختلاف، فإن النقل والرواية من الثقات والمتقنين قلما يختلف، وإن اختلف في لفظ أو كلمة فذلك اختلاف لا يضر الدين ولا يقدح فيه. وأما دلائل العقل فقلما يتفق بل عقل كل واحد يري صاحبه غير ما يرى الآخر وهذا بين والحمد لله. وبهذا يظهر مفارقة الاختلاف في مذاهب الفروع اختلاف العقائد في الأصول فإنا وجدنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم من بعده واختلفوا في أحكام الدين، فلم يفترقوا ولم يصيروا شيعا.

لأنهم لم يفارقوا الدين ونظروا فيما أذن لهم فاختلفت أقوالهم وآراؤهم في مسائل كثيرة، مثل مسألة الحد والمشتركة وذوي الأرحام ومسألة الحرام وفي أمهات الأولاد، وغير ذلك مما يكثر تعداده من مسائل البيوع والنكاح والطلاق، وكذلك في مسائل كثيرة من باب الطهارة وهيآت الصلاة وسائر العبادات. فصاروا باختلافهم في هذه الأشياء محمودين، وكان هذا النوع من الاختلاف رحمة من الله لهذه الأمة حيث أيدهم باليقين، ثم وسع على العلماء النظر فيما لم يجدوا حكمه في التنزيل والسنة فكانوا مع هذا الاختلاف، أهل مودة ونصح، وبقيت بينهم أخوة الإسلام ولم ينقطع عنهم نظام الألفة. فلما حدثت هذه الأهواء المردية الداعية صاحبها إلى النار ظهرت العداوة وتباينوا

(1) الأنعام الآية (159).

ص: 381

وصاروا أحزابا، فانقطعت الأخوة في الدين، وسقطت الألفة، فهذا يدل على أن هذا التباين والفرقة إنما حدثت من المسائل المحدثة التي ابتدعها الشيطان فألقاها على أفواه أوليائه ليختلفوا ويرمي بعضهم بعضا بالكفر. فكل مسألة حدثت في الإسلام فخاض فيها الناس، فتفرقوا واختلفوا فلم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضا ولا تفرقا وبقيت بينهم الألفة والنصيحة والمودة والرحمة والشفقة، علمنا أن ذلك من مسائل الإسلام يحل النظر فيها، والأخذ بقول من تلك الأقوال لا يوجب تبديعا ولا تكفيرا كما ظهر مثل هذا الاختلاف بين الصحابة والتابعين مع بقاء الألفة والمودة، وكل مسألة حدثت فاختلفوا فيها فأورث اختلافهم في ذلك التولي والإعراض والتدابر والتقاطع، وربما ارتقى إلى التكفير علمت أن ذلك ليس من أمر الدين في شيء بل يجب على كل ذي عقل أن يجتنبها ويعرض عن الخوض فيها لأن الله شرط تمسكنا بالإسلام أنا نصبح في ذلك إخوانا، فقال تعالى:{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (1).

فإن قال قائل: إن الخوض في مسائل القدر، والصفات، وشرط الإيمان يورث التقاطع والتدابر والاختلاف فيجب طرحها والإعراض عنها على ما زعمتم.

الجواب: إنما قلنا هذا في المسائل المحدثة، فأما الإيمان في هذه المسائل من شرط أصل الدين، فلابد من قبولها على نحو ما ثبت فيه النقل عن رسول الله

(1) آل عمران الآية (103).

ص: 382