الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاضي أبو بكر الأشعري من الورع والدين أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظا لليهود والنصارى، والمعتزلة والرافضة، لئلا يستحقروا علماء الحق
…
وكان سيفا على المعتزلة والرافضة والمشبهة. (1)
موقفه من الجهمية:
موقفه من المؤولة:
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: وقال القاضي أبو بكر "محمد بن الطيب الباقلاني" المتكلم -وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده- قال في 'كتاب الإبانة' تصنيفه: فإن قال قائل: فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟ قيل له قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} (2) وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (3) فأثبت لنفسه وجها ويدا. فإن قال: فلم أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إن كنتم لا تعقلون وجها ويدا إلا جارحة؟ قلنا لا يجب هذا، كما لا يجب إذا لم نعقل حيا عالما قادرا إلا جسما أن نقضي نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه وتعالى، وكما لا يجب في كل شيء كان قائما بذاته أن يكون جوهرا، لأنا وإياكم لم نجد قائما بنفسه في شاهدنا إلا كذلك،
(1) السير (17/ 192 - 193).
(2)
الرحمن الآية (27).
(3)
ص الآية (57).
وكذلك الجواب لهم إن قالوا: يجب أن يكون علمه وحياته، وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضا واعتلوا بالوجود. وقال: فإن قال فهل تقولون إنه في كل مكان؟ قيل له: معاذ الله بل مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} (1) وقال الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (2) وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)} (3) قال: ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه، والحشوش والمواضع التي يرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان، ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا وإلى يميننا وإلى شمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله. (4)
- جاء في السير: قال أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني: وكان سيفا على المعتزلة والرافضة والمشبهة، وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي مناديا يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين، والذاب عن الشريعة، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة. ثم كان يزور قبره كل جمعة. قيل: ناظر أبو بكر أبا سعيد الهاروني، فأسهب، ووسع
(1) طه الآية (5).
(2)
فاطر الآية (10).
(3)
الملك الآية (16).
(4)
مجموع الفتاوى (5/ 98 - 99).
العبارة، ثم قال للجماعة: إن أعاد ما قلت، قنعت به عن الجواب. فقال الهاروني: بل إن أعاد ما قاله، سلمت له. (1)
- قال الذهبي: قلت: هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان، وبالحضرة رؤوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية، وكان يرد على الكرامية، وينصر الحنابلة عليهم، وبينه وبين أهل الحديث عامر، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام، وقد ألف كتابا سماه: 'الإبانة' يقول فيه: فإن قيل: فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟ قال: قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} (2)، وقوله:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (3) فأثبت تعالى لنفسه وجها ويدا. إلى أن قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه. إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضى. فهذا نص كلامه. وقال نحوه في كتاب 'التمهيد' له، وفي كتاب 'الذب عن الأشعري' وقال: قد بينا دين الأمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير.
قلت: فهذا المنهج هو طريقة السلف، وهو الذي أوضحه أبو الحسن
(1) السير (17/ 192 - 193).
(2)
الرحمن الآية (27).
(3)
ص الآية (75).
وأصحابه، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسنة، وبه قال ابن الباقلاني، وابن فورك، والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثم زمن الشيخ أبي حامد، فوقع اختلاف وألوان، نسأل الله العفو. (1)
قال عبد الرحمن الوكيل: وقد سجل الباقلاني: أنه سلفي العقيدة في كتبه الآتية: التمهيد، والإبانة، والحيرة. (2)
القَابِسِي (3)(403 هـ)
علي بن محمد بن خلف أبو الحسن الإمام الحافظ الفقيه العلامة عالم المغرب القروي القابسي صاحب 'الملخص'. حج وسمع من حمزة بن محمد الكتاني الحافظ، وأبي زيد المروزي، وابن مسرور الدباغ وطائفة. وكان عارفا بالعلل والرجال والفقه والأصول والكلام مصنفا يقظا دينا تقيا، وكان ضريرا وهو من أصح العلماء كتبا. قال حاتم الأطرابلسي: كان أبو الحسن القابسي زاهدا ورعا يقظا لم أر بالقيروان إلا معترفا بفضله. تفقه عليه أبو عمران الفاسي وأبو القاسم اللبيدي وعتيق السوسي وغيرهم. ألف تواليف بديعة. ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وقد أخذ القراءة عرضا بمصر عن أبي الفتح ابن بدهن وأقرأ الناس بالقيروان دهرا، ثم قطع الإقراء لما بلغه أن بعض أصحابه أقرأ الوالي ثم أعمل نفسه في درس الفقه والحديث حتى برع فيهما،
(1) السير (17/ 558).
(2)
الصفات الإلهية بين السلف والخلف (ص.56).
(3)
السير (17/ 158 - 162) ووفيات الأعيان (3/ 320 - 322) ومعالم الإيمان (3/ 134 - 143) وتذكرة الحفاظ (3/ 1079 - 1080) والبداية والنهاية (11/ 375) وشذرات الذهب (3/ 168).