الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (العدل والمساواة)
1-
* (قدم على عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه رجل من أهل العراق فقال: لقد جئتك لأمر ماله رأس ولا ذنب، فقال عمر- رضي الله عنه:
«ما هو؟» . قال: شهادات الزّور ظهرت بأرضنا. فقال عمر: «أو قد كان ذلك؟» . قال: نعم. فقال عمر: «والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول» ) * «1» .
2-
* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه:
«إنّ الله إنّما ضرب لكم الأمثال، وصرّف لكم القول لتحيا القلوب، فإنّ القلوب ميّتة في صدورها حتّى يحييها الله، من علم شيئا فلينفع به، إنّ للعدل أمارات وتباشير، فأمّا الأمارات فالحياء والسّخاء والهين واللّين. وأمّا التّباشير فالرّحمة. وقد جعل الله لكلّ أمر بابا، ويسّر لكلّ باب مفتاحا، فباب العدل الاعتبار، ومفتاحه الزّهد، والاعتبار ذكر الموت والاستعداد بتقديم الأموال. والزّهد أخذ الحقّ من كلّ أحد قبله حقّ، والاكتفاء بما يكفيه من الكفاف فإن لم يكفه الكفاف لم يغنه شيء
…
» ) * «2» .
3-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه:
أنّه خطب يوم الجمعة فذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وذكر أبا بكر.
قال: «إنّي رأيت كأنّ ديكا نقرني ثلاث نقرات، وإنّي لا أراه إلّا حضور أجلي، وإنّ أقواما يأمرونني أن أستخلف، وإنّ الله لم يكن ليضيّع دينه ولا خلافته، ولا الّذي بعث به نبيّه صلى الله عليه وسلم. فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء السّتّة، الّذين توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وإنّي قد علمت أنّ أقواما يطعنون في هذا الأمر. أنا ضربتهم بيدي هذه على الإسلام.
فإن فعلوا ذلك فأولئك أعداء الله الكفرة الضّلّال. ثمّ إنّي لا أدع بعدي شيئا أهمّ عندي من الكلالة. ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء، ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه. حتّى طعن بأصبعه في صدري» ، فقال:«يا عمر، ألا تكفيك آية الصّيف الّتي في آخر سورة النّساء» وهي قوله تعالى يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ (النساء/ 176) ؟ وإنّي إن أعش أقض فيها بقضيّة يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن. ثمّ قال: «اللهمّ إنّي أشهدك على أمراء الأمصار. وإنّي بعثتهم عليهم ليعدلوا عليهم، وليعلّموا النّاس دينهم، وسنّة نبيّهم صلى الله عليه وسلم ويقسموا فيهم فيئهم، ويرفعوا إليّ ما أشكل عليهم من أمرهم، ثمّ إنّكم أيّها النّاس تأكلون شجرتين لا أراهما إلّا خبيثتين. هذا البصل والثّوم، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرّجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع. فمن أكلهما فليمتهما طبخا» ) * «3» .
4-
* (كتب عمر إلى أبي موسى الأشعريّ
(1) الموطأ (2/ 199) .
(2)
البداية والنهاية لابن كثير (7/ 37) .
(3)
البداية والنهاية لابن كثير (7/ 37) .
- رضي الله عنهما أنّ القضاء فريضة محكمة، وسنّة متّبعة، فافهم إذا أدلي إليك فإنّه لا ينفع تكلّم حقّ لا نفاذ له، وآس بين النّاس في وجهك ومجلسك وقضائك حتّى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، البيّنة على من ادّعى، واليمين على من أنكر. والصّلح جائز بين المسلمين إلّا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا، ومن ادّعى حقّا غائبا، أو بيّنة فاضرب له أمدا ينتهي إليه؛ فإن جاء ببيّنة أعطيته بحقّه فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضيّة؛ فإنّ ذلك أبلغ في العذر، وأجلى للعمى، ولا يمنعك من قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك، وهديت فيه لرشدك، أن تراجع الحقّ؛ لأنّ الحقّ قديم لا يبطل الحقّ شيء، ومراجعة الحقّ خير من التّمادي في الباطل، والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشّهادة إلّا مجلود في حدّ، أو مجرّب عليه شهادة الزّور، أو ظنين في ولاء أو قرابة، فإنّ الله- عز وجل تولّى من العباد السّرائر وستر عليهم الحدود إلّا بالبيّنات والأيمان، ثمّ الفهم الفهم فيما أدلي إليك ممّا ليس في قرآن ولا سنّة، ثمّ قايس الأمور عند ذلك واعرف الأمثال والأشباه، ثمّ اعمد إلى أحبّها إلى الله فيما ترى وأشبهها بالحقّ، وإيّاك والغضب والقلق والضّجر والتّأذّي بالنّاس عند الخصومة والتّنكّر؛ فإنّ القضاء في مواطن الحقّ يوجب الله له الأجر، ويحسن به الذّخر، فمن خلصت نيّته في الحقّ ولو كان على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين النّاس، ومن تزيّن لهم بما ليس في قلبه شانه الله، فإنّ الله- تبارك وتعالى لا يقبل من العباد إلّا ما كان له خالصا، وما ظنّك بثواب من عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته) * «1» .
5-
* (عن خرشة بن الحرّ قال: شهد رجل عند عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه بشهادة فقال له: لست أعرفك، ولا يضرّك أن لا أعرفك، إئت بمن يعرفك، فقال رجل من القوم: أنا أعرفه، قال: بأيّ شىء تعرفه؟. قال: بالعدالة والفضل. فقال: فهو جارك الأدنى الّذي تعرفه ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال: فمعاملك بالدّيا نار والدّرهم اللّذين بهما يستدلّ على الورع؟ قال: لا. قال: فرفيقك في السّفر الّذي يستدلّ به على مكارم الأخلاق؟ قال:
لا. قال: لست تعرفه، ثمّ قال للرّجل: إئت بمن يعرفك» ) * «2» .
6-
* (عن عمرو بن ميمون قال: «رأيت عمر ابن الخطّاب- رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيّام بالمدينة. ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا قد حمّلتما الأرض ما لا تطيق؟ قال: حمّلناها أمرا هي له مطيقة.
ما فيها كبير فضل قال: انظرا أن تكونا حمّلتما الأرض ما لا تطيق. قالا: لا. فقال عمر: لئن سلّمني الله لأدعنّ أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا. قال: فما أتت عليه إلّا رابعة حتّى أصيب. قال:
(1) السنن الكبرى للبيهقي (10/ 253) .
(2)
سنن البيهقي (10/ 125- 126) .. وذكره الألباني في الإرواء (8/ 260) برقم (2637) وقال: صحيح.
إنّي لقائم، ما بيني وبينه إلّا عبد الله بن عبّاس غداة أصيب- وكان إذا مرّ بين الصّفّين قال: استووا، حتّى إذا لم ير فيهم خللا تقدّم فكبّر، وربّما قرأ سورة يوسف أو النّحل أو نحو ذلك في الرّكعة الأولى حتّى يجتمع النّاس- فما هو إلّا أن كبّر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني- الكلب، حين طعنه، فطار العلج «1» بسكّين ذات طرفين، لا يمرّ على أحد يمينا ولا شمالا إلّا طعنه، حتّى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة فلمّا رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا، فلمّا ظنّ العلج أنّه مأخوذ نحر نفسه. وتناول عمر يد عبد الرّحمن بن عوف فقدّمه، فمن يلي عمر فقد رأى الّذي أرى وأمّا نواحي المسجد فإنّهم لا يدرون غير أنّهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله.
فصلّى بهم عبد الرّحمن بن عوف صلاة خفيفة، فلمّا انصرفوا قال: يا ابن عبّاس، انظر من قتلني.
فجال ساعة ثمّ جاء فقال: غلام المغيرة قال:
الصّنع «2» ؟ قال: نعم قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد لله الّذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدّعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبّان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العبّاس أكثرهم رقيقا. فقال: إن شئت فعلت- أي إن شئت قتلنا. قال: كذبت، بعد ما تكلّموا بلسانكم، وصلّوا قبلتكم، وحجّوا حجّكم؟
فاحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأنّ النّاس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ: فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول أخاف عليه. فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه. ثمّ أتي بلبن فشربه، فخرج من جرحه، فعلموا أنّه ميّت، فدخلنا عليه، وجاء النّاس فجعلوا يثنون عليه. وجاء رجل شابّ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثمّ ولّيت فعدلت، ثمّ شهادة. قال: وددت أنّ ذلك كفاف لا عليّ ولا لي. فلمّا أدبر إذا إزاره يمسّ الأرض، قال: ردّوا عليّ الغلام. قال: يا ابن أخي، ارفع ثوبك، فإنّه أنقى لثوبك، وأتقى لربّك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما عليّ من الدّين، فحسبوه فوجدوه ستّة وثمانين ألفا أو نحوه. قال: إن وفى له مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلّا فسل في بني عديّ بن كعب؛ فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدّ عنّي هذا المال. انطلق إلى عائشة أمّ المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السّلام- ولا تقل أمير المؤمنين، فإنّي لست اليوم للمؤمنين أميرا- وقل: يستأذن عمر بن الخطّاب أن يدفن مع صاحبيه فسلّم واستأذن، ثمّ دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطّاب السّلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي. ولأوثرنّه به اليوم على نفسي. فلمّا أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء. قال: ارفعوني. فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟
قال: الّذي تحبّ يا أمير المؤمنين، أذنت. قال: الحمد لله، ما كان من شيء أهمّ إليّ من ذلك، فإذا أنا قضيت
(1) العلج: الرجل من كفار العجم، والجمع علوج.
(2)
رجل صنع وامرأة صناع: إذا كان لهما صنعة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها.
فاحملوني، ثمّ سلّم فقل: يستأذن عمر بن الخطّاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردّتني ردّوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أمّ المؤمنين حفصة والنّساء تسير معها، فلمّا رأيناها قمنا، فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرّجال، فولجت داخلا لهم، فسمعنا بكاءها من الدّاخل. فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، استخلف. قال: ما أجد أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النّفر- أو الرّهط- الّذين توفيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض: فسمّى عليّا وعثمان والزّبير وطلحة وسعدا وعبد الرّحمن وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء- كهيئة التّعزية له- فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك، وإلّا فليستعن به أيّكم ما أمّر، فإنّي لم أعزله عن عجز ولا خيانة. وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأوّلين، أن يعرف لهم حقّهم، ويحفظ لهم حرمتهم. وأوصيه بالأنصار خيرا، الّذين تبوّؤا الدّار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم وأوصيه بأهل الأمصار خيرا، فإنّهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدوّ، وألّا يؤخذ منهم إلّا فضلهم عن رضاهم.
وأوصيه بالأعراب خيرا، فإنّهم أصل العرب، ومادّة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويردّ على فقرائهم. وأوصيه بذمّة الله وذمّة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلّفوا إلّا طاقتهم. فلمّا قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلّم عبد الله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطّاب:
قالت: أدخلوه، فأدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه فلمّا فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرّهط، فقال عبد الرّحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم. فقال الزّبير: قد جعلت أمري إلى عليّ. فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرّحمن ابن عوف فقال عبد الرّحمن: أيّكما تبرّأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام «1» لينظرنّ أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشّيخان. فقال عبد الرّحمن: أفتجعلونه إليّ، والله عليّ أن لا آلو عن أفضلكم؟ قال: نعم. فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمّرتك لتعدلنّ، ولئن أمّرت عثمان لتسمعنّ ولتطيعنّ. ثمّ خلا بالآخر فقال مثل ذلك. فلمّا أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع له عليّ، وولج «2» أهل الدّار فبايعوه» ) * «3» .
7-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر اشترط عليهم أنّ له الأرض، وكلّ صفراء وبيضاء. يعني الذّهب والفضّة، وقال له أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض، فأعطناها على أن نعملها ويكون لنا نصف الثّمرة ولكم نصفها، فزعم أنّه أعطاهم على ذلك. فلمّا كان حين
(1) والله عليه والإسلام: بالرفع فيهما، والخبر محذوف أي عليه رقيب.
(2)
ولج: دخل.
(3)
البخاري- الفتح 7 (3700) .
يصرم النّخل «1» ، بعث إليهم، ابن رواحة، فحزر النّخل «2» ، وهو الّذي يدعونه أهل المدينة الخرص، فقال: في ذا كذا وكذا. فقالوا: أكثرت علينا يا ابن رواحة. فقال: فأنا أحزر النّخل وأعطيكم نصف الّذي قلت. قال: قالوا: هذا الحقّ، وبه تقوم السّماء والأرض.
فقالوا: قد رضينا أن نأخذ بالّذي قلت) * «3» .
8-
* (عن بلال بن رباح الحبشيّ- رضي الله عنه قال: إنّه جاء إلى عمر بن الخطّاب وهو بالشّام وحوله أمراء الأجناد جلوس، فقال: يا عمر، فقال ها أنا عمر، فقال له بلال: إنّك بين الله وبين هؤلاء، وليس بينك وبين الله أحد، فانظر عن يمينك وعن شمالك، وبين يديك، ومن خلفك، هؤلاء الّذين خلفك إن يأكلوا إلّا الطّير، قال: «صدقت، والله لا أقوم من مجلسي هذا، تكفّلوا لكلّ رجل من المسلمين طعامه وحظّه من الزّيت والخلّ، فقالوا: إليك يا أمير المؤمنين قد أوسع الله عليك من الرّزق وأكثر من الخير» ) * «4» .
9-
* (قال ربعيّ بن عامر- رضي الله عنه لرستم قائد الفرس لمّا سأله ما جاء بكم؟: «الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدّنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه حتّى نفيء إلى موعود الله. قالوا: وما موعود الله؟
قال: الجنّة لمن مات على قتال من أبى، والظّفر لمن بقي» ) * «5» .
10-
* (قال سعيد بن جبير في جواب لعبد الملك عن العدل: «العدل على أربعة أنحاء: العدل في الحكم لقوله تعالى: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (المائدة/ 42) والعدل في القول لقوله تعالى: وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا
(الأنعام/ 152) والعدل في الفدية لقوله تعالى: وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ (البقرة/ 123) والعدل في الإشراك، قال تعالى: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (الأنعام/ 1)) * «6» .
11-
* (كتب بعض عمّال عمر بن عبد العزيز إليه: أمّا بعد، فإنّ مدينتنا قد خربت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يقطع لها مالا يرمّها به فعل.
فكتب إليه عمر، «أمّا بعد، فقد فهمت كتابك وما ذكرت أنّ مدينتكم قد خربت، فإذا قرأت كتابي هذا فحصّنها بالعدل، ونقّ طرقها من الظّلم، فإنّه مرمّتها
(1) يصرم النخل: يجمع ثمرها.
(2)
حزر النخل: أي قدّره بالحدس والتخمين، وهو الخرص الذي سيأتي ذكره.
(3)
أبو داود (3413) من حديث عائشة (3414) من حديث جابر مختصرا، وأصله فى الصحيحين وابن ماجة (1820) وهذا لفظه. وقال محقق «جامع الأصول» (11/ 24) : حديث صحيح.
(4)
مجمع الزوائد (5/ 213) وقال: رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح، خلا عبد الله بن الإمام أحمد وهو ثقة مأمون، وفي المعجم الكبير للطبراني (1/ 337) حديث (1011) .
(5)
البداية والنهاية لابن كثير (7/ 40) .
(6)
التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (506) .
والسّلام» ) * «1» .
12-
* (قال طاوس وإبراهيم وشريح: «البيّنة العادلة أحقّ من اليمين الفاجرة» ) * «2» .
13-
* (قال الغزاليّ- رحمه الله تعالى-: «إنّ حظّ العبد من العدل أمر ظاهر لا يخفى، فأوّل شيء يجب عليه من العدل في صفات نفسه أن يجعل الشّهوة والغضب أسيرين تحت إشارة العقل والدّين، فإنّه لو جعل العقل خادما للشّهوة والغضب فقد ظلمه، هذا في الجملة، أمّا تفصيلات ما يجب عليه في العدل في نفسه فمراعاة حدود الشّرع كلّها، وإنّ عدله في كلّ عضو أنّه يستعمله على الوجه الّذي أذن الشّرع فيه.
وأمّا عدله في أهله وذويه فأمر ظاهر يدلّ عليه العقل الّذي وافقه الشّرع، وأمّا إن كان من أهل الولاية فإنّ العدل في الرّعيّة من أوجب واجباته» ) * «3» .
14-
* (قال ابن حزم- رحمه الله تعالى:
«أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبّه، وعلى الحقّ وإيثاره» ) * «4» .
15-
* (قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-:
16-
* (وقال أيضا: «أخبر الله في كتابه أنّه أنزل الكتاب والحديد ليقوم النّاس بالقسط، فقال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحديد/ 25) .
ولهذا أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمّته بتولية ولاة الأمور عليهم، وأمر ولاة الأمور أن يردّوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين النّاس أن يحكموا بالعدل، وأمرهم بطاعة ولاة الأمور من طاعة الله تعالى» ) * «6» .
17-
* (وقال أيضا: «بالصّدق في كلّ الأخبار، والعدل في الإنشاء من الأقوال والأعمال تصلح جميع الأعمال، وهما قرينان كما قال الله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا (الأنعام/ 115)) * «7» .
18-
* (وقال: يجب على كلّ وليّ أمر أن يستعين بأهل الصّدق والعدل، وإذا تعذّر ذلك، استعان بالأمثل فالأمثل، وإن كان فيه كذب وظلم، فإنّ الله يؤيّد هذا الدّين بالرّجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم، والواجب إنّما هو فعل المقدور) * «8» .
19-
* (وقال: فأيّ (يعني فكلّ) من عدل في ولاية من الولايات فساسها بعلم وعدل، وأطاع الله
(1) حلية الأولياء للأصبهاني (5/ 305) .
(2)
البخاري معلقا مجزوما به- الفتح 5 (340) .
(3)
انتهى بتصرف شديد من المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى للغزالي (98- 101) .
(4)
مداواة النفوس (90) .
(5)
الحسبة (16، 170) .
(6)
المصدر السابق (19) .
(7)
الحسبة (22) .
(8)
المصدر السابق (23) .
ورسوله بحسب الإمكان فهو من الأبرار الصّالحين) * «1» .
20-
* (وقال أيضا: «أمور النّاس تستقيم في الدّنيا مع العدل، أكثر ممّا تستقيم مع الظّلم في الحقوق. ويقال: الدّنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظّلم والإسلام» ) * «2» .
21-
* (وقال أيضا: «العدل نظام كلّ شيء.
فإذا أقيم أمر الدّنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق. ومتى لم تقم بعدل لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة» ) * «3» .
22-
* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-:
«إنّ من له ذوق في الشّريعة واطّلاع على كمالها وتضمّنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومجيئها بغية العدل الّذي يسع الخلائق يجد أنّه لا عدل فوق عدلها، ولا مصلحة فوق ما تضمّنته من المصالح، تبيّن له أنّ السّياسة العادلة جزء من أجزائها، وفرع من فروعها، وأنّ من أحاط علما بمقاصدها ووضعها موضعها وحسن فهمه فيها، لم يحتج معها إلى سياسة غيرها ألبتّة.
فإنّ السّياسة نوعان: سياسة ظالمة، فالشّريعة تحرّمها. وسياسة عادلة تخرج الحقّ من الظّالم الفاجر فهي من الشّريعة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها» ) * «4» .
23-
* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى:
«التّوحيد والعدل هما جمّاع «5» صفات الكمال» ) * «6» .
24-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: من عرض له قضاء فليقض بما في كتاب الله، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله- عز وجل فليقض بما قضى به النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله- عز وجل ولم يقض به نبيّه صلى الله عليه وسلم فليقض بما قاله الصّالحون، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيّه صلى الله عليه وسلم ولم يقض به الصّالحون، فليجتهد رأيه، فإن لم يحسن فليقرّ، ولا يستحي) * «7» .
25-
* (قال القرطبيّ- رحمه الله تعالى: وأمّا تفريق بعضهم بين المسكينة والّتي لها قدر (من الجمال)، فغير جائز لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد سوّى بين أحكامهم في الدّماء فقال:«المسلمون تتكافأ دماؤهم» «8» وإذا كانوا في الدّماء سواء، فهم في غير ذلك شيء واحد) * «9» .
26-
* (وقال ابن كثير- رحمه الله تعالى- جميع النّاس في الشّرف بالنّسبة الطّينيّة إلى آدم وحوّاء- عليهما السلام سواء، وإنّما يتفاضلون
(1) المصدر السابق (25) .
(2)
المصدر السابق (147) .
(3)
المصدر السابق (148) .
(4)
الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية لابن القيم (ط 5 دار المدني تحقيق جميل غازى) .
(5)
الجمّاع- بضم الجيم وتشديد الميم- مجتمع أصل كل شيء.
(6)
التفسير القيم: ص (179) .
(7)
النسائي (8/ 230) وقال الألباني فى صحيحه: صحيح الإسناد موقوف (3/ 1092- 1093) والحاكم (4/ 94) واللفظ له وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي: صحيح.
(8)
انظر الحديث رقم 39.
(9)
تفسير القرطبي 3/ 76.