الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لاثرتك به، إنّي أرجو الشّهادة في وجهي هذا، فاستهما، فخرج سهم سعد، فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فقتله عمرو بن عبد ودّ
…
الحديث) * «1» .
6-
* (عن سعد- رضي الله عنه قال:
رأيت أخي عمير بن أبي وقّاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟، قال: إنّي أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردّني، وأنا أحبّ الخروج لعلّ الله أن يرزقني الشّهادة، قال: فعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّه، فبكى فأجازه، فكان سعد- رضي الله عنه يقول:
فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره فقتل وهو ابن ستّ عشرة سنة) * «2» .
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (علو الهمة)
1-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: حدّثني سلمان قال: كنت رجلا من أهل فارس من أصبهان، من جيّ، ابن رجل من دهاقينها- وفي حديث ابن إدريس: وكان أبي دهقان «3» أرضه، وكنت أحبّ الخلق إليه- وفي حديث البكّائيّ: أحبّ عباد الله إليه، فأجلسني في البيت كالجواري، فاجتهدت في الفارسيّة- وفي حديث عليّ بن جابر: في المجوسيّة- فكنت في النّار الّتي توقد فلا تخبو، وكان أبي صاحب ضيعة، وكان له بناء يعالجه- زاد ابن إدريس في حديثه:
في داره- فقال لي يوما: يا بنيّ، قد شغلني ما ترى فانطلق إلى الضّيعة، ولا تحتبس فتشغلني عن كلّ ضيعة بهمّي بك، فخرجت لذلك فمررت بكنيسة النّصارى وهم يصلّون، فملت إليهم وأعجبني أمرهم، وقلت: هذا والله خير من ديننا، فأقمت عندهم حتّى غابت الشّمس، لا أنا أتيت الضّيعة، ولا رجعت إليه، فاستبطأني وبعث رسلا في طلبي، وقد قلت للنّصارى حين أعجبني أمرهم: أين أصل هذا الدّين؟. قالوا:
بالشّام. فرجعت إلى والدي، فقال: يا بنيّ، قد بعثت إليك رسلا، فقلت: مررت بقوم يصلّون في كنيسة، فأعجبني ما رأيت من أمرهم، وعلمت أنّ دينهم خير من ديننا، فقال: يا بنيّ دينك ودين آبائك خير من دينهم، فقلت: كلّا والله، فخافني وقيّدني.
فبعثت إلى النّصارى وأعلمتهم ما وافقني من أمرهم، وسألتهم إعلامي من يريد الشّام، ففعلوا، فألقيت الحديد من رجليّ، وخرجت معهم، حتّى أتيت الشّام، فسألتهم عن عالمهم، فقالوا:
(1) الإصابة (2/ 25) . والاستيعاب لابن عبد البر (4/ 143) ، وطبقات ابن سعد (3/ 6/ 47) .
(2)
الإصابة (3/ 135)، والهيثمي (5/ 298) وقال: رجال الطبراني رجال الصحيح، وذكره الهيثمي في موضع آخر (6/ 69) وقال: رواه البزار ورواته ثقات.
(3)
الدهقان: بكسر الدال وضمها، رئيس القرية. وهو معرب.
الأسقفّ، فأتيته فأخبرته، وقلت: أكون معك أخدمك وأصلّي معك؟. قال: أقم، فمكثت مع رجل سوء في دينه، كان يأمرهم بالصّدقة، فإذا أعطوه شيئا أمسكه لنفسه، حتّى جمع سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا «1» ، فتوفّي، فأخبرتهم بخبره فزبروني، فدللتهم على ماله، فصلبوه ولم يغيّبوه ورجموه، وأحلّوا مكانه رجلا فاضلا في دينه زهدا ورغبة في الآخرة وصلاحا، فألقى الله حبّه في قلبي، حتّى حضرته الوفاة فقلت:
أوصني، فذكر رجلا بالموصل، وكنّا على أمر واحد حتّى هلك.
فأتيت الموصل، فلقيت الرّجل فأخبرته بخبري، وأنّ فلانا أمرني بإتيانك، فقال: أقم، فوجدته على سبيله وأمره، حتّى حضرته الوفاة، فقلت: أوصني، فقال: ما أعرف أحدا على ما نحن عليه إلّا رجلا بعمّوريّة. فأتيته بعمّوريّة فأخبرته بخبري، فأمرني بالمقام وثاب لي شيء، واتّخذت غنيمة وبقيرات، فحضرته الوفاة فقلت: إلى من توصي بي؟ فقال: لا أعلم أحدا اليوم على مثل ما كنّا عليه، ولكن قد أظلّك نبيّ يبعث بدين إبراهيم الحنيفيّة، مهاجره بأرض ذات نخل، وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النّبوّة، يأكل الهديّة، ولا يأكل الصّدقة، فإن استطعت فتخلص إليه، فتوفّي.
فمرّ بي ركب من العرب، من كلب، فقلت:
أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه، وتحملوني إلى بلادكم؟ فحملوني إلى وادي القرى، فباعوني من رجل من اليهود «2» ، فرأيت النّخل، فعلمت أنّه البلد الّذي وصف لي، فأقمت عند الّذي اشتراني، وقدم عليه رجل من بني قريظة فاشتراني منه، وقدم بي المدينة، فعرفتها بصفتها، فأقمت معه أعمل في نخله، وبعث الله نبيّه صلى الله عليه وسلم، وغفلت عن ذلك حتّى قدم المدينة، فنزل في بني عمرو بن عوف فإنّي لفي رأس نخلة إذا أقبل ابن عمّ لصاحبي، فقال: أي فلان، قاتل الله بني قيلة، مررت بهم آنفا وهم مجتمعون على رجل قدم عليهم من مكّة، يزعم أنّه نبيّ، فو الله ما هو إلّا أن سمعتها فأخذني القرّ «3» ، ورجفت بي النّخلة، حتّى كدت أسقط، ونزلت سريعا، فقلت: ما هذا الخبر؟ فلكمني صاحبي لكمة، وقال: وما أنت وذاك؟ أقبل على شأنك، فأقبلت على عملي حتّى أمسيت، فجمعت شيئا فأتيته به، وهو بقباء عند أصحابه، فقلت: اجتمع عندي أردت «4» أن أتصدّق به، فبلغني أنّك رجل صالح، ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة، فرأيتكم أحقّ به، فوضعته بين يديه، فكفّ يديه، وقال لأصحابه:
كلوا، فقلت: هذه واحدة، ورجعت.
وتحوّل إلى المدينة، فجمعت شيئا فأتيته به،
(1) ورقا: بكسر الراء فضة.
(2)
معناه: باعوني لرجل من اليهود.
(3)
القرّ: البرد.
(4)
اجتمع عندي أردت: هكذا هي موجودة في الأصل، ولعل صوابها: اجتمع عندي شيء أردت.
فقلت: أحببت كرامتك فأهديت لك هديّة، وليست بصدقة، فمدّ يده فأكل، وأكل أصحابه، فقلت:
هاتان اثنتان، ورجعت.
فأتيته وقد تبع جنازة في بقيع الغرقد، وحوله أصحابه فسلّمت، وتحوّلت أنظر إلى الخاتم في ظهره، فعلم ما أردت، فألقى رداءه، فرأيت الخاتم فقبّلته، وبكيت، فأجلسني بين يديه، فحدّثته بشأني كلّه كما حدّثتك يا ابن عبّاس، فأعجبه ذلك، وأحبّ أن يسمعه أصحابه، ففاتني معه بدر وأحد بالرّقّ، فقال لي: كاتب يا سلمان عن نفسك، فلم أزل بصاحبي حتّى كاتبته، على أن أغرس له ثلاثمائة وديّة «1» ، وعلى أربعين وقيّة «2» من ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أعينوا أخاكم بالنّخل» ، فأعانوني بالخمس والعشر، حتّى اجتمع لي، فقال لي:«فقّر «3» لها ولا تضع منها شيئا حتّى أضعه بيدي» ، ففعلت، فأعانني أصحابي حتّى فرغت، فأتيته، فكنت آتيه بالنّخلة فيضعها، ويسوّي عليها ترابا، فأنصرف، والّذي بعثه بالحقّ فما ماتت منها واحدة، وبقي الذّهب، فبينما هو قاعد إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة، من ذهب أصابه من بعض المعادن، فقال:«ادع سلمان المسكين الفارسيّ المكاتب» ، فقال: أدّ هذه، فقلت: يا رسول الله، وأين تقع هذه ممّا عليّ؟، وروى أبو الطّفيل، عن سلمان، قال:
أعانني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيضة من ذهب، فلو وزنت بأحد لكانت أثقل منه) * «4» .
2-
شجاعة أبي محجن الثّقفيّ- رضي الله عنه (قتاله يوم القادسيّة حتّى ظنّوا أنّه ملك) .
* (أخرج عبد الرّزّاق عن ابن سيرين قال:
كان أبو محجن الثّقفيّ- رضي الله عنه لا يزال يجلد في الخمر، فلمّا أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلمّا كان يوم القادسيّة رآهم يقتتلون، فكأنّه رأى أنّ المشركين قد أصابوا من المسلمين، فأرسل إلى أمّ ولد سعد أو إلى امرأة سعد يقول لها: إنّ أبا محجن يقول لك: إن خلّيت سبيله وحملته على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحا، ليكوننّ أوّل من يرجع إليك إلّا أن يقتل، وأنشأ يقول:
كفى حزنا أن تلتقي الخيل بالقنا
…
وأترك مشدودا عليّ وثاقيا
(1) الودية: النخلة الصغيرة.
(2)
وقية: هي الأوقية. وهي زنة سبعة مثاقيل وزنة أربعين درهما. وهي في غير الحديث جزء من اثنى عشر جزآ وتختلف باختلاف اصطلاح البلاد- لسان العرب: مادة «وقي» .
(3)
ومعنى فقر: احفر لها موضعا تغرس فيه، وتسمى الحفرة فقرة بضم الفاء.
(4)
أسد الغابة لابن الأثير (2/ 265- 267) ، مسند أحمد (5/ 437- 444) ، وطبقات ابن سعد (4/ 45) ، والتاريخ الكبير للبخاري (4/ 135- 136) ، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 163- 171) ، ومجمع الزوائد للهيثمي (9/ 332- 344) ، وأسد الغابة لابن الأثير (2/ 365) .
إذا قمت عنّاني الحديد وغلّقت
…
مصارع دوني قد تصمّ المناديا
فذهبت الاخرى، فقالت ذلك لامرأة سعد، فحلّت عنه قيوده، وحمل على فرس كان في الدّار وأعطي سلاحا، ثمّ خرج يركض حتّى لحق بالقوم، فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدقّ صلبه، فنظر إليه سعد فجعل يتعجّب منه ويقول: من ذلك الفارس؟! فلم يلبثوا إلّا يسيرا حتّى هزمهم الله، ورجع أبو محجن- رضي الله عنه، وردّ السّلاح، وجعل رجليه في القيود كما كان.
فجاء سعد- رضي الله عنه فقالت له امرأته أو أمّ ولده: كيف كان قتالكم؟ فجعل يخبرها، ويقول:
لقينا ولقينا، حتّى بعث الله رجلا على فرس أبلق، لولا أنّي تركت أبا محجن في القيود لظننت أنّها بعض شمائل أبي محجن، فقالت: والله إنّه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا، فقصّت عليه قصّته، فدعا به وحلّ قيوده. قال أبو محجن- رضي الله عنه أنا والله لا أشربها أبدا، كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم، قال: فلم يشربها بعد ذلك) * «1» .
3-
* (عن معقل بن يسار أنّ عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه شاور الهرمزان. فقال: ما ترى أبدأ: بفارس، أو بأذربيجان، أم بأصبهان؟.
فقال: إنّ فارس وأذربيجان الجناحان، وأصبهان الرّأس، فإن قطعت أحد الجناحين قام الجناح الاخر، فإن قطعت الرّأس وقع الجناحان، فابدأ بالرّأس.
فدخل عمر- رضي الله عنه المسجد والنّعمان بن مقرّن- رضي الله عنه يصلّي، فقعد إلى جنبه، فلمّا قضى صلاته قال: إنّي أريد أن أستعملك. قال: أمّا جابيا «2» ، فلا، ولكن غازيا. قال: فأنت غاز. فوجّهه إلى أصبهان- فذكر الحديث- وفيه: فقال المغيرة للنّعمان: يرحمك الله إنّه قد أسرع في النّاس «3» ، فاحمل.
فقال: والله إنّك لذو مناقب «4» ، لقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القتال، وكان إذا لم يقاتل أوّل النّهار أخّر القتال حتّى تزول الشّمس، وتهبّ الرّياح، وينزل النّصر، قال: ثمّ قال: إنّي هازّ لوائي ثلاث مرّات: فأمّا الهزّة «5» الأولى فقضى الرّجل حاجته وتوضّأ، وأمّا الثّانية فنظر رجل في سلاحه، وفي شسعه «6» فأصلحه، وأمّا الثّالثة فاحملوا ولا يلوينّ أحد على أحد وإن قتل النّعمان فلا يلو «7» عليه أحد، فإنّي أدعو الله- عز وجل بدعوة، فعزمت على كلّ
(1) الاستيعاب (4/ 184) ، وسنده صحيح، كما في الإصابة (4/ 174) .
(2)
جابيا: من جبي الخراج أي جمعه.
(3)
إنه قد أسرع في الناس: أي الرمي، ويريد به رمي الفرس للمسلمين بالنبل في المعركة.
(4)
مناقب: جمع نقيبة وهي: العقل والمشورة ونفاذ الرأي.
(5)
الهزة: التحريكة.
(6)
الشسع: زمام للنعل بين الأصبع الوسطى والتي تليها.
(7)
يلو: ينتظر: وقوله لا يلوين أحد على أحد أي لا ينتظر حملته معه، وقوله: ولا يلو عليه أحد: أي لا يتوقف عن القتال من أجله.
امرىء منكم لما أمّن عليها: اللهمّ أعط اليوم النّعمان الشّهادة في نصر المسلمين، وافتح عليهم.
وهزّ لواءه أوّل مرّة، ثمّ هزّ الثّانية، ثمّ شلّ «1» درعه، ثمّ حمل فكان أوّل صريع، فقال معقل:
فأتيت عليه، فذكرت عزمته، فجعلت عليه علما، ثمّ ذهبت- وكنّا إذا قتلنا رجلا شغل عنّا أصحابه- ووقع ذو الحاجبين عن بغلته، فانشقّ بطنه، فهزمهم الله، ثمّ جئت إلى النّعمان ومعي إداوة فيها ماء، فغسلت عن وجهه التّراب، فقال: من أنت؟ قلت:
معقل بن يسار. قال: ما فعل النّاس؟ فقلت: فتح الله عليهم. قال: الحمد للهّ، اكتبوا بذلك إلى عمر، وفاضت نفسه. وعند الطّبريّ أيضا عن زياد بن جبير عن أبيه- رضي الله عنهما فذكر الحديث بطوله في وقعة نهاوند، وفيه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا فلم يقاتل أوّل النّهار لم يعجل حتّى تحضر الصّلاة، وتهبّ الأرواح، ويطيب القتال فما منعني إلّا ذلك اللهمّ إنّي أسألك أن تقرّ عيني اليوم بفتح يكون فيه عزّ الإسلام، وذلّ يذلّ به الكفّار، ثمّ اقبضني إليك بعد ذلك على الشّهادة. أمّنوا يرحمكم الله فأمّنّا وبكينا) * «2» .
4-
* (عن جعفر بن عبد الله بن أسلم الهمدانيّ- رضي الله عنه قال: لمّا كان يوم اليمامة كان أوّل النّاس جرح أبو عقيل الأنيفيّ- رضي الله عنه، رمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده، فشطب في غير مقتل، فأخرج السّهم- ووهن له شقّه الأيسر- لما كان فيه، وهذا أوّل النّهار، وجرّ إلى الرّحل «3» - فلمّا حمي القتال وانهزم المسلمون وجازوا رحالهم- وأبو عقيل
واهن من جرحه- سمع معن بن عديّ- رضي الله عنه يصيح بالأنصار: الله الله! «4» والكرّة على عدوّكم، وأعنق معن «5» يقدم القوم، وذلك حين صاحت الأنصار:
أخلصونا، أخلصونا، فأخلصوا رجلا رجلا يميّزون.
قال عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما: فنهض أبو عقيل يريد قومه، فقلت: ما تريد يا أبا عقيل، ما فيك قتال؟!، قال: قد نوّه المنادي باسمي، قال ابن عمر: فقلت: إنّما يقول: يا للأنصار، لا يعني الجرحى!! قال أبو عقيل: أنا رجل من الأنصار، وأنا أجيبه ولو حبوا! قال ابن عمر: فتحزّم أبو عقيل وأخذ السّيف بيده اليمنى مجرّدا، ثمّ جعل ينادي: يا للأنصار، كرّة كيوم حنين، فاجتمعوا- رحمهم الله جميعا يقدمون المسلمين دربة دون عدوّهم حتّى أقحموا عدوّهم الحديقة، فاختلطوا
(1) شلّ الدرع: لبسها. ينظر: لسان العرب مادة (شل) .
(2)
أخرجه الطبراني بطوله مثل ما روى الطبري. قال الهيثمي (6/ 217) : رجاله رجال الصحيح غير علقمة بن عبد الله المزني، وهو ثقة، الحاكم (3/ 293) عن معقل بطوله. والحاكم (3/ 293) وأقره الذهبي.
(3)
الرحل: المنزل والخيمة.
(4)
الله الله- منصوب على التحذير- والمعنى: اتقوا الله وكروا الكرة على عدوكم.
(5)
أعنق معن: أسرع معن.
واختلف السّيوف بيننا وبينهم.
قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده المجروحة من المنكب، فوقعت على الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحا كلّها قد خلصت إلى مقتل، وقتل عدوّ الله مسيلمة، قال ابن عمر: فوقعت على أبي عقيل وهو صريع باخر رمق «1» ، فقلت: أبا عقيل، فقال: لبّيك. بلسان ملتاث «2» - لمن الدّبرة؟، قلت: أبشر، ورفعت صوتي: قد قتل عدوّ الله، فرفع أصبعه إلى السّماء يحمد الله، ومات- رحمه الله قال ابن عمر:
فأخبرت عمر بعد أن قدمت خبره كلّه، فقال:
رحمه الله، ما زال يسأل الشّهادة ويطلبها، وإن كان ما علمت من خيار أصحاب نبيّنا صلى الله عليه وسلم وقديم إسلام) * «3» .
5-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّ عمر- رضي الله عنه قال يوم أحد لأخيه: خذ الدّرع يا أخي، قال: أريد من الشّهادة مثل الّذي تريد، فتركاها جميعا) * «4» .
6-
* (روي عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه أنّه قال: لا تصغرنّ هممكم، فإنّي لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم) * «5» .
7-
* (عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال:
خرجت مع عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه إلى السّوق، فلحقت عمر امرأة شابّة، فقالت: يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا، والله ما ينضجون كراعا «6» ، ولا لهم زرع ولا ضرع»
، وخشيت أن تأكلهم الضّبع «8» ، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاريّ، وقد شهد أبي الحديبية مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فوقف معها عمر ولم يمض، ثمّ قال: مرحبا بنسب قريب، ثمّ انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدّار فحمل عليه غرارتين «9» ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثمّ ناولها بخطامه، ثمّ قال:
اقتاديه، فلن يفنى حتّى يأتيكم الله بخير. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها، قال عمر: ثكلتك أمّك، والله إنّي لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثمّ أصبحنا نستفيء سهماننا منه «10» ) * «11» .
8-
* (كان سعيد بن عمرو بن العاص ذا
(1) باخر رمق: باخر ما بقي فيه من حياة.
(2)
بلسان ملتاث: بلسان متعثر لا ينطق بطلاقة.
(3)
حياة الصحابة (2/ 201) .
(4)
الهيثمي (5/ 298) وقال: رجال الطبراني رجال الصحيح، وابن سعد (3/ 275) ، وأبو نعيم في الحلية (1/ 367) - نحوه
(5)
أدب الدنيا والدين للماوردي (ص 327) .
(6)
لا ينضجون كراعا: معناه أنهم لا يكفون أنفسهم معالجة ما يأكلونه.
(7)
ولا ضرع: أي ليس لهم ما يحلبونه.
(8)
وخشيت أن تأكلهم الضبع: أي السنة المجدبة، ومعنى تأكلهم أي تهلكهم.
(9)
الغرارة: كيس كبير ويسمى بلهجة عصرنا: الجوال.
(10)
نستفيء سهماننا: نأخذ أنصباءنا من فيئه.
(11)
البخاري- الفتح 7 (4160) .
نخوة وهمّة، قيل له في مرضه: إنّ المريض يستريح إلى الأنين وإلى شرح ما به إلى الطّبيب. فقال أمّا الأنين فهو جزع وعار، والله لا يسمع الله منّي أنينا فأكون عنده جزوعا، وأمّا وصف ما بي إلى الطّبيب فو الله لا يحكم غير الله في نفسي إن شاء أمسكها وإن شاء قبضها) * «1» .
9-
* (عن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير- رضي الله عنهما قال: حدّثني أبي الّذي أرضعني- وكان أحد بني مرّة بن عوف. وكان في تلك الغزوة (غزوة مؤتة)، قال: والله لكأنّي أنظر إلى جعفر- رضي الله عنه حين اقتمّ «2» عن فرس له شقراء ثمّ عقرها، ثمّ قاتل القوم حتّى قتل، وهو يقول:
يا حبّذا الجنّة واقترابها
طيّبة وبارد شرابها
…
والرّوم روم قد دنا عذابها
كافرة بعيدة أنسابها
…
عليّ إذ لاقيتها ضرابها
) * «3» .
10-
* (قال سعيد بن العاص: ما شاتمت رجلا مذ كنت رجلا، لأنّي لم أشاتم إلّا أحد رجلين:
إمّا كريم فأنا أحقّ أن أجلّه، وإمّا لئيم فأنا أولى أن أرفع نفسي عنه) * «4» .
11-
* (قال الحافظ أبو بكر عبد الله بن الإمام الحافظ أبي داود السّجستانيّ، المولود سنة (303 هـ) . قال: دخلت الكوفة ومعي درهم واحد فاشتريت به ثلاثين مدّا باقلّاء، فكنت آكل منه وأكتب عن الأشجّ عبد الله بن سعيد الكنديّ محدّث الكوفة، فما فرغ الباقلّاء حتّى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث ما بين مقطوع ومرسل) * «5» .
12-
* (قال الحافظ الذّهبيّ في تذكرة الحفّاظ في ترجمة الإمام محمّد بن جرير الطّبريّ، قال أبو محمّد الفرغانيّ تلميذ ابن جرير: كان محمّد بن جرير لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظم ما يؤذى، فأمّا أهل الدّين والعلم فغير منكرين علمه وزهده ورفضه الدّنيا وقناعته بما يجيئه من حصّة خلّفها له أبوه بطبرستان، قال: ورحل محمّد بن جرير لمّا ترعرع، وسمح له أبوه بالسّفر، وكان أبوه طول حياته يوجّه إليه بالشّيء بعد الشّيء إلى البلدان، فسمعته يقول: أبطأت منّي نفقة والدي واضطررت إلى أن بعت ثيابي. ولقد قال ابن جرير:
إذا أعسرت لم يعلم رفيقي
…
وأستغني فيستغني صديقي
حيائي حافظ لي ماء وجهي
…
ورفقي في مكالمتي رفيقي
(1) المستطرف للأبشيهي (1/ 142) .
(2)
اقتم عن فرس: نزل عنها.
(3)
البداية والنهاية (4/ 244) أبو داود من هذا الوجه، كما في الإصابة (1/ 238) ، وأبو نعيم في الحلية (1/ 118) .
(4)
المستطرف في كل فن مستظرف (1/ 136) .
(5)
انظر صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل لأبي غدة.
ولو أنّي سمحت ببذل وجهي
…
لكنت إلى الغنى سهل الطّريق
وهو الّذي يقول:
خلقان لا أرضى طريقهما
…
بطر الغنى ومذلّة الفقر
فإذا غنيت فلا تكن بطرا
…
وإذا افتقرت فته على الدّهر
) * «1»
13-
* (حكى القاضي يحيى بن أكثم- رحمة الله عليه- قال: دخلت يوما على الخليفة هارون الرّشيد ولد المهديّ، وهو مطرق مفكّر، فقال لي:
أتعرف قائل هذا البيت:
الخير أبقى وإن طال الزّمان به
…
والشّرّ أخبث ما أوعيت من زاد
فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ لهذا البيت شأنا مع قائله، فقال الرّشيد: عليّ به. فلمّا حضر بين يديه، قال له: أخبرني عن قضيّة هذا البيت. فقال: يا أمير المؤمنين كنت في بعض السّنين حاجّا، فلمّا توسّطت البادية في يوم شديد الحرّ سمعت ضجّة عظيمة في القافلة ألحقت أوّلها باخرها، فسألت عن القصّة فقال لي رجل من القوم: تقدّم تر ما بالنّاس، فتقدّمت إلى القافلة فإذا أنا بشجاع أسود فاغر فاه كالجذع، وهو يخور كما يخور الثّور، ويرغو كرغاء البعير، فهالني أمره، وبقيت لا أهتدي إلى ما أصنع في أمره، فعدلنا عن طريقه إلى ناحية أخرى فعارضنا ثانيا، فعلمت أنّه لسبب، ولم يجسر أحد من القوم أن يقربه، فقلت:
أفدي هذا العالم بنفسي، وأتقرّب إلى الله تعالى بخلاص هذه القافلة من هذا، فأخذت قربة من الماء فتقلّدتها، وسللت سيفي، وتقدّمت فلمّا رآني قربت منه سكن، وبقيت متوقّعا منه وثبة يبتلعني فيها، فلمّا رأى القربة فتح فاه، فجعلت فم القربة فيه وصببت الماء كما يصبّ في الإناء، فلمّا فرغت القربة تسيّب في الرّمل ومضى، فتعجّبت من تعرّضه لنا وانصرافه عنّا من غير سوء لحقنا منه، ومضينا لحجّنا، ثمّ عدنا في طريقنا ذلك، وحططنا في منزلنا ذلك في ليلة مظلمة مدلهمّة فأخذت شيئا من الماء، وعدلت إلى ناحية عن الطّريق فقضيت حاجتي ثمّ توضّأت وصلّيت وجلست أذكر الله تعالى) * «2» .
14-
* (قال مالك بن عمارة اللّخميّ: كنت جالسا في ظلّ الكعبة أيّام الموسم عند عبد الملك بن مروان وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزّبير، وكنّا نخوض في الفقه مرّة، وفي المذاكرة مرّة، وفي أشعار العرب وأمثال النّاس مرّة، فكنت لا أجد عند أحد ما أجده عند عبد الملك بن مروان من الاتّساع في المعرفة، والتّصرّف في فنون العلم، وحسن استماعه إذا حدّث، وحلاوة لفظه إذا حدّث، فخلوت معه ليلة فقلت له، والله إنّي لمسرور بك لما شاهدته من كثرة تصرّفك
(1) انظر صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل لأبي غدة.
(2)
المستطرف (1/ 345- 346) .
وحسن حديثك، وإقبالك على جليسك، فقال: إن تعش قليلا فسترى العيون طامحة إليّ والأعناق نحوي متطاولة، فإذا صار الأمر إليّ فلعلّك أن تنقل إليّ ركابك، فلأملأنّ يديك. فلمّا أفضت إليه الخلافة توجّهت إليه فوافيته يوم الجمعة وهو يخطب على المنبر، فلمّا رآني أعرض عنّي فقلت: لعلّه لم يعرفني، أو عرفني وأظهر لي نكرة، فلمّا قضيت الصّلاة ودخل بيته لم ألبث أن خرج الحاجب، فقال: أين مالك بن عمارة. فقمت فأخذ بيدي وأدخلني عليه فمدّ إليّ يده وقال: إنّك تراءيت لي في موضع لا يجوز فيه إلّا ما رأيت، فأمّا الان فمرحبا، وأهلا، كيف كنت بعدي، فأخبرته، فقال لي: أتذكر ما كنت قلت لك؟ قلت: نعم، فقال:
والله ما هو بميراث وعيناه، ولا أثر رويناه، ولكنّي أخبرك بخصال منّي سمت بها نفسي إلى الموضع الّذي ترى. ما خنت ذا ودّ قطّ، ولا شمتّ بمصيبة عدوّ قطّ، ولا أعرضت عن محدّث حتّى ينتهي حديثه، ولا قصدت كبيرة من محارم الله تعالى متلذّذا بها. فكنت أؤمّل بهذه أن يرفع الله تعالى منزلتي، وقد فعل ثمّ دعا بغلام له، فقال: يا غلام بوّئه منزلا في الدّار، فأخذ الغلام بيدي، وأفرد لي منزلا حسنا، فكنت في ألذّ حال وأنعم بال، وكان يسمع كلامي، وأسمع كلامه، ثمّ أدخل عليه في وقت عشائه وغدائه فيرفع منزلتي، ويقبل عليّ ويحادثني ويسألني مرّة عن العراق، ومرّة عن الحجاز، حتّى مضت عشرون ليلة، فتغدّيت يوما عنده، فلمّا تفرّق النّاس نهضت قائما، فقال: على رسلك، فقعدت، فقال: أيّ الأمرين أحبّ إليك:
المقام عندي مع النّصفة لك في المعاشرة، أو الرّجوع إلى أهلك ولك الكرامة؟ فقلت: يا أمير المؤمنين فارقت أهلي وولدي على أنّي أزور أمير المؤمنين، وأعود إليهم فإن أمرني أمير المؤمنين اخترت رؤيته على الأهل والولد، فقال: لا بل أرى لك الرّجوع إليهم، والخيار لك بعد في زيارتنا، وقد أمرنا لك بعشرين ألف دينار كسوة، وحملناك، أتراني قد ملأت يديك؟ فلا خير فيمن ينسى إذا وعد وعدا، وزرنا إذا شئت، صحبتك السّلامة) * «1» .
15-
* (قال ابن الجوزيّ: تأمّلت أحوال النّاس في حالة علوّ شأنهم فرأيت أكثر الخلق تبين حسراتهم حينئذ، فمنهم من بالغ في المعاصي من الشّباب، ومنهم من فرّط في اكتساب العلم ومنهم من أكثر من الاستمتاع باللّذات.
فكلّهم نادم في حالة الكبر حين فوات الاستدراك لذنوب سلفت، أو قوى ضعفت، أو فضيلة فاتت، فيمضي زمان الكبر في حسرات، فإن كانت للشّيخ إفاقة من ذنوب قد سلفت، قال:
وا أسفاه على ما جنيت؟ وإن لم يكن له إفاقة صار متأسّفا على فوات ما كان يلتذّ به.
(1) المستطرف (1/ 203- 204) .
فأمّا من أنفق عصر الشّباب في العلم فإنّه في زمن الشّيخوخة يحمد جنى ما غرس ويلتذّ بتصنيف ما جمع، ولا يرى ما يفقد من لذّات البدن شيئا بالإضافة إلى ما يناله من لذّات العلم.
هذا مع وجود لذّاته في الطّلب الّذي كان يأمل به إدراك المطلوب، وربّما كانت تلك الأعمال أطيب ممّا نيل منها، كما قال الشّاعر:
أهتزّ عند تمنّي وصلها طربا
…
وربّ أمنيّة أحلى من الظّفر
ولقد تأمّلت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الّذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدّنيا، وأنفقت زمن الصّبوة والشّباب في طلب العلم، فرأيتني لم يفتني ممّا نالوه إلّا ما لو حصل لي ندمت عليه، ثمّ تأمّلت حالي فإذا عيشي في الدّنيا أجود من عيشهم، وجاهي بين النّاس أعلى من جاههم، وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم. فقال لي إبليس: ونسيت تعبك وسهرك، فقلت له: أيّها الجاهل. تقطيع الأيدي لا وقع له «1» عند رؤية يوسف، وما طالت طريق أدّت إلى صديق:
جزى الله المسير إليه خيرا
…
وإن ترك المطايا «2» كالمزاد «3» .
ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشّدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو «4» ، كنت في زمان الصّبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلّا عند الماء، فكلّما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همّتي لا ترى إلّا لذّة تحصيل العلم، فأثمر ذلك عندي أنّي عرفت بكثرة سماعي لحديث الرّسول صلى الله عليه وسلم وأحواله وآدابه وأحوال أصحابه وتابعيهم «5» رضي الله عنهم أجمعين-.
16-
* (قال الفضل- وهو ابن زياد-:
17-
* (قال مكحول الدّمشقيّ الإمام: كنت عبدا بمصر لامرأة من بني هذيل فأعتقتني فما خرجت من مصر وبها علم إلّا حويت عليه فيما أرى، ثمّ أتيت الحجاز فما خرجت منها وبها علم إلّا حويت عليه فيما أرى، ثمّ أتيت العراق فما خرجت منها وبها علم إلّا حويت عليه فيما أرى، ثمّ أتيت الشّام فغربلتها، كلّ ذلك أسأل عن النّفل، فلم أجد أحدا يخبرني فيه بشيء حتّى أتيت شيخا يقال له زياد بن جارية التّميميّ
(1) لا وقع له: أي لا ألم له.
(2)
المطايا: جمع مطية: الدابة التي تركب.
(3)
المزاد: أي المزادة وهي القربة من الجلد إذا كانت خالية من الماء
(4)
وأرجو: أي أطلبه من العلم وأرجوه من تحصيل الثواب ونفع الناس بالدعوة إلى الله.
(5)
صيد الخاطر لابن الجوزي (218- 219) .
(6)
الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (220- 221) ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري (2- 3) .
فقلت له: هل سمعت في النّفل شيئا؟ قال: نعم سمعت حبيب بن مسلمة الفهريّ يقول: شهدت النّبيّ صلى الله عليه وسلم نفّل الرّبع في البدأة والثّلث في الرّجعة) * «1» .
18-
* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه: والّذي لا إله غيره لقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله منّي تبلّغني الإبل إليه لأتيته) * «2» .
19-
* (قال مسروق: قال عبد الله: ما أنزلت آية إلّا وأنا أعلم فيما أنزلت، ولو أنّي أعلم أنّ أحدا أعلم بكتاب الله منّي تبلغه الإبل والمطايا لأتيته) * «3» .
20-
* (كان الإمام البخاريّ يقوم في اللّيلة الواحدة ما يقرب من عشرين مرّة لتدوين حديث أو فكرة طرأت عليه، كما أنّه من أعظم الرّماة، ما كان سهمه يخطأ الهدف إلّا نادرا) * «4» .
21-
* (وفي ترجمة الإمام الطّبرانيّ: هو الحافظ العلّامة أبو القاسم سليمان بن أحمد اللّخميّ الشّاميّ الطّبرانيّ مسند الدّنيا، زادت مؤلّفاته عن خمسة وسبعين مؤلّفا. سئل الطّبرانيّ عن كثرة حديثه، فقال: كنت أنام على الحصير ثلاثين سنة) * «5» .
22-
* (قال الإمام أحمد بن حنبل: رحلت في طلب العلم والسّنّة إلى الثّغور والشّامات والسّواحل والمغرب والجزائر ومكّة والمدينة والحجاز واليمن والعراقين جميعا وفارس وخراسان والجبال والأطراف ثمّ عدت إلى بغداد.
وقال: حججت خمس حجج منها ثلاث حجج راجلا- ولا يغيب عنك أنّ بلده بغداد- أنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهما. وقال الإمام ابن الجوزيّ: طاف الإمام أحمد بن حنبل الدّنيا مرّتين حتّى جمع المسند «6» .
23-
* (قال أبو عبد الله الحاكم النّيسابوريّ في كتابه (معرفة علوم الحديث) وهو يذكر فضل أصحاب الحديث وطلّابه: هم قوم سلكوا محجّة الصّالحين واتّبعوا آثار السّلف من الماضين، ودمغوا أهل البدع والمخالفين بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوم آثروا قطع المفاوز والقفار على التّنعّم في الدّمن والأوكار، وتنعّموا بالبؤس في الأسفار مع مساكنة أهل العلم والأخبار، وقنعوا عند جمع الأحاديث والاثار بوجود الكسر والأطمار
…
جعلوا المساجد بيوتهم وأساطينها تكاهم وبواريها «7» فرشهم، نبذوا الدّنيا بأسرها وراءهم، وجعلوا غذاءهم الكتابة وسمرهم المعارضة (أي مقابلة الكتاب الّذي كتبوه بالكتاب الّذي سمعوه أو نقلوا منه) واسترواحهم المذاكرة، وخلوقهم المداد، ونومهم السّهاد، واصطلاءهم الضّياء،
(1) الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (220- 221) ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري (2- 3) .
(2)
سير أعلام النبلاء للذهبي (1/ 471) وقال محققه: إسناده صحيح، والأثر عند البخاري بغير هذا السياق (9/ 5002) .
(3)
انظر هذه الاثار في: الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (220- 221) ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري (2- 3) .
(4)
انظر هذه الاثار في: الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (220- 221) ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري (2- 3) .
(5)
انظر هذه الاثار في: الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (220- 221) ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري (2- 3) .
(6)
انظر هذه الاثار في: الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (220- 221) ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري (2- 3) .
(7)
البواري جمع البارية وهي الحصير المنسوج.
وتوسّدهم الحصى، فالشّدائد مع وجود الأسانيد العالية عندهم رخاء، ووجود الرّخاء مع فقد ما طلبوه عندهم بؤس، فعقولهم بلذاذة السّنّة غامرة، وقلوبهم بالرّضاء في الأحوال عامرة، تعلّم السّنن سرورهم، ومجالس العلم حبورهم، وأهل السّنّة قاطبة إخوانهم، وأهل الإلحاد والبدع بأسرها أعداؤهم) * «1» .
24-
* (قال أبو مسعود عبد الرّحيم الحاجيّ:
سمعت ابن طاهر يقول: بلت الدّم في طلب الحديث مرّتين، مرّة ببغداد ومرّة بمكّة، كنت أمشي حافيا في الحرّ فلحقني ذلك، وما ركبت دابّة قطّ في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري) * «2» .
25-
* (في كتاب للهند: من لم يركب الأهوال لم ينل الرّغائب، ومن ترك الأمر الّذي لعلّه ينال منه حاجته مخافة ما لعلّه يوقّاه فليس ببالغ جسيما، وإنّ الرّجل ذا المروءة ليكون خامل الذّكر خافض المنزلة، فتأبى مروءته إلّا أن يستعلي ويرتفع، كالشّعلة من النّار الّتي يصونها صاحبها وتأبى إلّا ارتفاعا) * «3» .
26-
* (كان أسباب فتح المعتصم عمّوريّة، أنّ امرأة من الثّغر سبيت، فنادت وا محمّداه وا معتصماه! فبلغه الخبر فركب لوقته وتبعه الجيش، فلمّا فتحها قال: لبّيك أيّتها المنادية) * «4» .
27-
* (قيل لبعض الحكماء: ما أصعب شيء على الإنسان؟. قال: أن يعرف نفسه ويكتم الأسرار، فإذا اجتمع الأمران، واقترن بشرف النّفس علوّ الهمّة، كان الفضل بهما ظاهرا، والأدب بهما وافرا، ومشاقّ الحمد بينهما مسهّلة، وشروط المروءة بينهما متينة) * «5» .
28-
* (قال بعض البلغاء: علوّ الهمّة، بذر النّعم) * «6» .
29-
* (قال بعض الحكماء: الهمّة راية الجدّ) *» .
30-
* (قال الشّاعر:
لعمرك ما أهويت كفّي لريبة
…
ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها
…
ولا دلّني رأيي عليها ولا عقلي
ولست بماش ما حييت لمنكر
…
من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة
…
وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
وأعلم أنّي لم تصبني مصيبة
…
من الدّهر إلّا قد أصابت فتى مثلي
) * «8» .
31-
* (عكف أبو صالح أيّوب بن سليمان على كتاب العروض حتّى حفظه، فسأله بعضهم عن
(1) الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (200- 221) .
(2)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3)
المستطرف في كل فن مستظرف (302) .
(4)
المرجع السابق (1/ 135) .
(5)
أدب الدنيا والدين للماوردي (328) .
(6)
المرجع السابق (327) .
(7)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(8)
البداية والنهاية لابن كثير (9/ 108) .