الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الطاعة)
56-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: «ربّ أعنّي ولا تعن عليّ. وانصرني ولا تنصر عليّ. وامكر لي «1» ولا تمكر عليّ. واهدني ويسّر الهدى لي. وانصرني على من بغى عليّ. ربّ اجعلني لك شكّارا. لك ذكّارا. لك رهّابا.
لك مطيعا. إليك مخبتا «2» . إليك أوّاها منيبا «3» . ربّ تقبّل توبتي واغسل حوبتي «4» . وأجب دعوتي. واهد قلبي. وسدّد لساني. وثبّت حجّتي واسلل سخيمة قلبي «5» » ) * «6» .
57-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه قال: بعث عليّ وهو في اليمن إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذهيبة في تربتها، فقسمها بين الأقرع بن حابس الحنظليّ ثمّ أحد بني مجاشع وبين عيينة بن بدر الفزاريّ وبين علقمة بن علاثة العامريّ ثمّ أحد بني كلاب وبين زيد الخيل الطّائيّ، ثمّ أحد بني نبهان فتغيّظت قريش والأنصار فقالوا: يعطيه صناديد أهل نجد ويدعنا، قال: إنّما أتألّفهم. فأقبل رجل غائر العينين ناتأ الجبين «7» كثّ اللّحية مشرف الوجنتين «8» محلوق الرّأس. فقال: يا محمّد اتّق الله. فقال: النّبيّ صلى الله عليه وسلم «فمن يطيع الله إذا عصيته؟ فيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني؟!» فسأل رجل من القوم قتله، أراه خالد ابن الوليد، فمنعه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا ولّى قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ من ضئضئ «9» هذا قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السّهم من الرّميّة يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان. لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد «10» ) * «11» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الطاعة)
1-
* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه «لا تصحب الفجّار، لتعلّم من فجورهم، واعتزل عدوّك، واحذر صديقك إلّا الأمين، ولا أمين إلّا من خشي الله، وتخشّع عند القبور، وذلّ عند الطّاعة، واستعصم عند المعصية، واستشر الّذين يخشون الله» ) * «12» .
(1) امكر لي: مكر الله إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه.
(2)
مخبتا: من الإخبات وهو الخشوع والتواضع.
(3)
أواها: متضرعا، ومنيبا: من الإنابة وهو الرجوع إلى الله بالتوبة.
(4)
حوبتي: أي إثمي.
(5)
اسلل سخيمة قلبي: أي انزع الحقد منه.
(6)
أبو داود رقم (1510) والترمذي (3551) وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجة (3830) واللفظ له. وقال محقق «جامع الأصول» (4/ 337) : وهو حديث صحيح.
(7)
ناتئ الجبين: أي بارزه.
(8)
مشرف الوجنتين: أي غليظهما.
(9)
ضئضئ: هو الأصل.
(10)
قتل عاد: يريد قتلا عاما مستأصلا.
(11)
البخاري- الفتح 13 (7432) واللفظ له. ومسلم (1064) .
(12)
الدر المنثور للسيوطي (7/ 22) .
2-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه في وصيّته بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث، وفيه: قال: «إنّي لا أعلم أحدا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النّفر الّذين توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة فاسمعوا له وأطيعوا. فسمّى عثمان وعليّا وطلحة والزّبير وعبد الرّحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص
…
الحديث» ) * «1» .
3-
* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله تعالى عنه-: «إنّ معاذ بن جبل- رضي الله تعالى عنه- كان أمّة قانتا لله حنيفا. فقيل: إنّ إبراهيم كان أمّة قانتا لله حنيفا. فقال: ما نسيت، هل تدري ما الأمّة وما القانت؟ فقلت: الله أعلم. فقال: الأمّة؟ الّذي يعلّم الخير، والقانت المطيع لله وللرّسول، وكان معاذ يعلّم النّاس الخير ومطيعا لله ولرسوله» ) * «2» .
4-
* (كتب أبو الدّرداء إلى سلمة بن مخلد:
5-
* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه في قوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ (آل عمران/ 102) قال: أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى) * «4» .
6-
* (عن عبد الله بن سلمة قال: قال رجل لمعاذ بن جبل: علّمني، قال: وهل أنت مطيعي؟
قال: إنّي على طاعتك لحريص، قال: صم وأفطر، وصلّ ونم، واكتسب ولا تأثم، ولا تموتنّ إلّا وأنت مسلم، وإيّاك ودعوة المظلوم) * «5» .
7-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّه كان إذا تلا هذه الآية أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ (الحديد/ 16) قال: بلى يا ربّ، بلى يا ربّ) * «6» .
8-
* (عن خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطّاب قال: خرجت مع عبد الله بن عمر، فلحقه أعرابيّ. فقال له: قول الله وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ (التوبة/ 34) قال له ابن عمر: من كنزها فلم يؤّد زكاتها فويل له. إنّما كان هذا قبل أن تنزل الزّكاة. فلمّا أنزلت جعلها الله طهورا للأموال. ثمّ التفت فقال: ما أبالي لو كان لي أحد ذهبا، أعلم عدده وأزكّيه، وأعمل فيه بطاعة الله- عز وجل) * «7» .
9-
* (عن سعيد بن المسيّب- رحمه الله قال: كتب إلىّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما
(1) البخارى- الفتح 3 (1392) .
(2)
حلية الأولياء، لأبى نعيم (1/ 230) .
(3)
الزهد، للإمام أحمد بن حنبل ص (168) .
(4)
أخرجه الحاكم (2/ 294) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
(5)
حلية الأولياء، لأبى نعيم (1/ 233) .
(6)
الدر المنثور، للسيوطى (8/ 59) .
(7)
ابن ماجة (1/ 1787) .
يغلبك، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من امريء مسلم شرّا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرّض نفسه للتّهم فلا يلومنّ إلّا نفسه، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، وما كافيت من عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تعالى فيه) * «1» .
10-
* (قال الحسن البصريّ- رحمه الله عملوا لله بالطّاعات، واجتهدوا فيها وخافوا أن تردّ عليهم. إنّ المؤمن جمع إيمانا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنا) * «2» .
11-
* (سئل الحسن البصريّ ما برّ الوالدين؟ قال: أن تبذل لهما ما ملكت، وأن تطيعهما فيما أمراك به، إلّا أن يكون معصية) * «3» .
12-
* (قال بعض السّلف: لمّا قدم سليمان ابن عبد الملك المدينة المنوّرة، وهو يريد مكّة المكرّمة أرسل إلى أبي حازم فدعاه، فلمّا دخل عليه، قال له سليمان: يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ قال: لأنّكم خرّبتم آخرتكم وعمّرتم الدّنيا، فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب، قال: أيّ المؤمنين أكيس؟ قال:
رجل عمل بطاعة الله ودعا النّاس إليها. قال: فأيّ المؤمنين أخسر؟ قال: رجل أخطأ في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره، قال سليمان: ماذا تقول فيما نحن فيه؟ قال: أو تعفيني؟ قال: لا. ولكن نصيحة تلقيها إليّ، قال: يا أمير المؤمنين، إنّ آباءك قهروا النّاس بالسّيف وأخذوا هذا الملك عنوة من غير مشورة من المسلمين ولا رضى منهم حتّى قتلوا منهم مقتلة عظيمة، وقد ارتحلوا فلو شعرت ما قالوا وما قيل لهم؟. فقال له رجل من جلسائه: بئسما قلت. قال أبو حازم. إنّ الله تبارك وتعالى قد أخذ الميثاق على العلماء ليبيّننّه للنّاس ولا يكتمونه. قال: فكيف لنا نصلح هذا الفساد، فقال: أن تأخذه من حلّه فتضعه في حقّه، فقال سليمان: ومن يقدر عليه؟. قال: من يطلب الجنّة ويخاف النّار. فقال: ادع لي. قال أبو حازم: اللهمّ إن كان سليمان وليّك فيسّر له خير الدّنيا والآخرة، وإن كان عدوّك فخذ بناصيته إلى ما تحبّ وترضى. فقال سليمان: أوصني. قال: عظّم ربّك ونزّهه أن يراك حيث ينهاك، أو يفقدك حيث أمرك) * «4» .
13-
* (عن الزّهريّ- رحمه الله قال: إنّ عمر ابن الخطّاب- رضي الله عنه تلا هذه الآية:
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا قال: استقاموا والله لله بطاعته ولم يروغوا «5» روغان الثّعالب) * «6» .
14-
* (قال عبد الله بن المبارك- رحمه الله:
أيضمن لي فتى ترك المعاصي
…
وأرهنه الكفالة بالخلاص
أطاع الله قوم فاستراحوا
…
ولم يتجرّعوا غصص المعاصي
) * «7» .
(1) شعب الإيمان، للبيهقي (2/ 103) .
(2)
بصائر ذوي التمييز، للفيروز ابادي (2/ 545) .
(3)
الدر المنثور، للسيوطي (5/ 259) وقال أخرجه عبد الرزاق فى مصنفه.
(4)
الدارمي (1164) برقم (647) .
(5)
يروغوا: أي يخادعوا.
(6)
الزهد لابن المبارك (110) .
(7)
أدب الدنيا والدين للماوردي (104) .
15-
* (قال أبو البختريّ- رحمه الله:
لوددت أنّ الله تعالى يطاع وأنّي عبد مملوك) * «1» .
16-
* (عن عبد الله بن المبارك، في ذكر شروط التّوبة، قال: النّدم، والعزم على عدم العود، وردّ المظلمة، وأداء ما ضيّع من الفرائض، وأن يعمد إلى البدن الّذي ربّاه بالسّحت، فيذيبه بالهمّ والحزن حتّى ينشأ له لحم طيّب، وأن يذيق نفسه ألم الطّاعة، كما أذاقها لذّة المعصية) * «2» .
17-
* (قال طلق بن حبيب: التّقوى عمل بطاعة الله، رجاء رحمة الله، على نور من الله، والتّقوى ترك معصية الله، مخافة عقاب الله، على نور من الله) * «3» .
18-
* (قال مالك- رحمه الله: بلغني أنّ عمر بن الخطّاب قال: إنّي لأضطجع على فراشي فما يأتيني النّوم، وأقوم إلى الصّلاة، فما تتوجّه إليّ القراءة من اهتمامي بأمر النّاس. قال مالك: يريد أن يطاع الله ولا يعصى الله) * «4» .
19-
* (سئل أبو حمزة الشّيبانيّ عن الإخوان في الله- عز وجل فقال: المتعاونون على أمر الله- عز وجل وإن تفرّقت دورهم وأبدانهم) * «5» .
20-
* (كتب رجل إلى أبي العتاهية:
يأبا إسحاق إنّي
…
واثق منك بودّك
فأعنّي بأبي أن
…
ت على عيبي برشدك «6»
فأجابه بقوله:
أطع الله بجهدك
…
راغبا أو دون جهدك
فأطع مولاك ما تطلب من طاعة عبدك) * «7» .
21-
* (قال الحسن- رضي الله عنه في قوله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ قال: أي من طاعتي) * «8» .
22-
* (قال محمود الورّاق:
هذا الدّليل لمن أرا
…
د غنى يدوم بغير مال
وأراد عزّا لم توطّده العشائر بالقتال ومهابة من غير سلطان وجاها في الرّجال
فليعتصم بدخوله
…
في عزّ طاعة ذي الجلال
وخروجه من ذلّ معصية له في كلّ حال) * «9» .
23-
* (قال شاه الكرمانيّ: علامة صحّة الرّجاء حسن الطّاعة) * «10» .
24-
* (قال أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد الأندلسيّ لنفسه:
إذا كنت أعلم علما يقينا
…
بأنّ جميع حياتي كساعةْ
(1) الزهد، لابن المبارك (ص 69) .
(2)
فتح الباري ج 11، ص 106.
(3)
المصنف، لابن أبى شيبة (11/ 23) والدر المنثور للسيوطي (1/ 61) .
(4)
شرح السنة للبغوي (3/ 257) .
(5)
الإخوان لابن أبي الدنيا (127) .
(6)
أدب الدنيا والدين للماوردي (131) .
(7)
الزهد لابن المبارك (109) .
(8)
الدر المنثور (5/ 7) .
(9)
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 153) .
(10)
مدارج السالكين (2/ 37) .
فلم لا أكون ضنينا بها
…
وأجعلها في صلاح وطاعه) * «1» .
25-
* (قال أبو العتاهية:
وإذا تناسبت الرّجال، فما أرى
…
نسبا يقاس بصالح الأعمال
وإذا بحثت عن التّقيّ وجدته
…
رجلا يصدّق قوله بفعال
وإذا اتّقى الله امرؤ وأطاعه
…
فيداه بين مكارم ومعال
) * «2» .
26-
* (قال الشّاعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه
…
هذا محال في القياس بديع
لو كان حبّك صادقا لأطعته
…
إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
) * «3» .
27-
* (قال ابن القيّم- رحمه الله: من أعجب الأشياء أن تعرفه ثمّ لا تحبّه، وأن تسمع داعيه ثمّ تتأخّر عن الإجابة. وأن تعرف قدر الرّبح في معاملته ثمّ تعامل غيره. وأن تعرف قدر غضبه ثمّ تتعرّض له. وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثمّ لا تطلب الأنس بطاعته. وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثمّ لا تشتاق إلى انشراح الصّدر بذكره ومناجاته. وأن تذوق العذاب عند تعلّق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعمى الإقبال عليه والإنابة إليه) * «4» .
28-
* (وقال- رحمه الله أيضا: إذا علقت شروش «5» . المعرفة في أرض القلب نبتت فيه شجرة المحبّة، فإذا تمكّنت وقويت أثمرات الطّاعة، فلا تزال الشّجرة تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها) * «6» .
29-
* (وقال- رحمه الله: مثال تولّد الطّاعة ونموّها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة ثمّ أثمرات فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلّما أثمر منها شيء جنيت ثمره وغرست نواه وكذلك تداعي المعاصي، فليتدبّر اللّبيب هذا المثال) * «7» .
30-
* (قال ابن القيّم- رحمه الله: قال أكثر المفسّرين في قوله تعالى: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها (الأعراف/ 56) أي لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدّعاء إلى غير طاعة الله، بعد إصلاح الله لها ببعث الرّسل، وبيان الشّريعة، والدّعاء إلى طاعة الله، فإنّ عبادة غير الله والدّعوة إلى غيره والشّرك به. هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنّما هو بالشّرك به ومخالفة أمره، فالشّرك والدّعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره ومطاع متّبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلّا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع،
(1) اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (107)
(2)
ديوان أبي العتاهية.
(3)
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 154) .
(4)
الفوائد لابن القيم (61) .
(5)
شروش: أي جذور النبات وأصول الشيء.
(6)
الفوائد لابن القيم (49) .
(7)
المصدر السابق (49) .