الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونقل النّوويّ: الإجماع على عدم الوجوب يعني على الأعيان «1» » «2» .
من يعاد من المرضى
؟
جاء في صحيح البخاريّ: «وعودوا المريض
…
» «3» . وقد استدلّ بذلك على مشروعيّة العيادة في كلّ مريض رجلا كان أو امرأة أو طفلا، مسلما أو كافرا أيّا كان مرضه. قال ابن حجر: واستثنى بعضهم الأرمد لكون عائده قد يرى ما لا يراه هو، قال: وهذا الأمر خارجيّ قد يأتي مثله في بقيّة الأمراض كالمغمى عليه، وقد جاء فى عيادة الأرمد بخصوصها حديث زيد بن أرقم:«عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني» «4» ، وفى ذلك ردّ على من زعم أنّه لا يعاد منه، وثبوت العيادة فيه يدلّ على ثبوتها فيما هو أشدّ منه «5» ، وقال السّفّارينيّ: تستحبّ العيادة ولو من وجع ضرس أو رمد أو دمّل، وقال بعضهم:
هؤلاء الثّلاثة لا يعادون ولا يسمّون مرضى «6» والصّواب خلاف ذلك لضعف ما احتجّ به من قال بذلك وقد اختلف العلماء أيضا في مشروعيّة عيادة المشرك أو المجوسيّ أو الذّمّيّ من ناحية، وعيادة الفاسق أو المبتدع من ناحية ثانية، فأمّا عيادة المشرك والذّمّيّ فقال بعض العلماء: هي جائزة لأنّها نوع برّ في حقّهم وما نهينا عن ذلك «7» . وقال الجيلانيّ: تشرع عيادة المشرك أو الذّمّيّ إذا رجي مصلحته أو دخوله في الإسلام، فأمّا إذا لم يطمع في ذلك فلا «8» . وذهب فريق ثالث إلى تحريم ذلك «9» . والصّواب- كما قال ابن حجر- أنّ ذلك يختلف باختلاف المقاصد فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى، وقال الماورديّ: عيادة الذّمّيّ جائزة والقربة موقوفة على ما يقترن بها (أي بالعيادة) من جوار أو قرابة، والدّليل على ذلك ما رواه أنس عن عيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم 1»
لليهوديّ «11» . وأنّه عاد عمّه أبا طالب وهو مشرك «12» . أمّا عيادة الفاسق أو المبتدع ومن على شاكلتهما فقال السّفّارينيّ: تحرم
(1) قوله «على الأعيان» أي على أنها فرض عين تجب على الجميع وإلّا فكونها فرض كفاية تجب على بعض دون بعض قد قال به كثير من الفقهاء.
(2)
فتح الباري (10/ 117) .
(3)
انظر الحديث رقم (1) .
(4)
فتح الباري (10/ 118) ، وعبارته في الأدب المفرد «رمدت عيني، فعادني النّبيّ صلى الله عليه وسلم» ، انظر الحديث بتمامه مشروحا في فضل الله الصمد (1/ 628- 629) .
(5)
فضل الله الصمد 1/ 629؛ وانظر أيضا زاد المعاد (1/ 497) .
(6)
احتج من قال بعدم مشروعية عيادة هؤلاء بما روي عن أبي هريرة- مرفوعا-: «ثلاثة لا يعاد صاحبهن: الرمد والضرس والدّمّل» ، وقد ذكر ابن الجوزي أن هذا موضوع، وقال السيوطي: ضعيف.
(7)
انظر هذا الرأي في فضل الله الصمد (1/ 217) .
(8)
السابق، نفس الصفحة.
(9)
غذاء الألباب (2/ 8) .
(10)
فتح الباري (10/ 125) .
(11)
انظر الحديث رقم (20) .
(12)
زاد المعاد (1/ 494) .