الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إنْ صَلُبَتْ الْأَرْضُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فُعِلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم.
أَمَّا الرِّخْوَةُ وَهِيَ الَّتِي تَتَهَاوَرُ وَلَا تَتَمَاسَكُ فَالشَّقُّ أَفْضَلُ خَشْيَةَ الِانْهِيَارِ
(وَيُوضَعُ) نَدْبًا (رَأْسُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخَّرِهِ الَّذِي سَيَصِيرُ عِنْدَ سُفْلِهِ رِجْلُ الْمَيِّتِ (وَيُسَلُّ) الْمَيِّتُ (مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ) سَلًّا (بِرِفْقٍ) مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فِي إدْخَالِهِ.
أَمَّا الْوَضْعُ كَذَلِكَ فَلِمَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ.
وَأَمَّا السَّلُّ فَلِمَا صَحَّ أَنَّهُ فُعِلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ أُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ لِأَنَّ شَقَّ قَبْرِهِ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ، وَلَحْدُهُ تَحْتَ الْجِدَارِ فَلَا مَحَلَّ هُنَاكَ يُوضَعُ فِيهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ (وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ الرِّجَالُ) مَتَى وُجِدُوا وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا، وَلِمَا صَحَّ مِنْ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ مَعَ أَنَّ لَهَا مَحَارِمَ مِنْ النِّسَاءِ كَفَاطِمَةَ وَغَيْرِهَا رضي الله عنهم.
نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ مُغْتَسَلِهَا إلَى النَّعْشِ وَتَسْلِيمَهَا لِمَنْ فِي الْقَبْرِ وَحَلَّ ثِيَابِهَا فِيهِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِرَاوِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا رُقَيَّةُ رَدَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَ رُقَيَّةَ وَلَا دَفْنَهَا: أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ بِبَدْرٍ (وَأَوْلَاهُمْ) أَيْ الرِّجَالِ بِذَلِكَ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ دَرَجَةً، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ، وَخَرَجَ بِدَرَجَةٍ الْأَوْلَى بِهَا صِفَةً إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ الْأَقْرَبِ، وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ هُنَا عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ
(قَوْلُهُ: وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ) أَيْ نَدْبًا حَجّ (قَوْلُهُ: الرِّجَالُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ قُوَّةٌ، (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: وَظَاهِرُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَكَلَامِ الشَّامِلِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ عِنْدَ وُجُودِهِمْ وَتَمَكُّنِهِمْ، وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ مُغْتَسَلِهَا) وَكَذَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى الْمُغْتَسَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ (قَوْلُهُ: وَحَلَّ ثِيَابِهَا فِيهِ) مِثْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ حَجّ: شِدَادُهَا فِيهِ: فَيُحْمَلُ كَلَامُهَا عَلَيْهِ، (قَوْلُهُ: إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ) أَيْ فَالْفَاضِلُ صِفَةً يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَرَجَتُهُ أَقْرَبَ فَلَيْسَ التَّقْدِيمُ بِالصِّفَةِ مَخْصُوصًا بِالْمُسْتَوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجِ قَوْلِهِ دَرَجَةً قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّرَجَاتِ لَا الصِّفَاتِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا الْأَفْقَهُ: أَيْ بِالدَّفْنِ عَلَى الْأَقْرَبِ وَالْأَسَنِّ، وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ عَلَى الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ، وَثَمَّ بِالْعَكْسِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ ثَمَّةَ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ: أَيْ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ مَا مَرَّ تَتِمَّةً فَتَأَمَّلْ.
لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا الْأَفْقَهُ إلَخْ فِيهِ التَّقْدِيمُ بِالصِّفَاتِ فَيُخَالِفُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِالدَّرَجَاتِ لَا بِالصِّفَاتِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّهُ إذَا تَجَرَّدَتْ الدَّرَجَاتُ رَاعَيْنَا مَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَاتُ لَمْ يُرَاعَ مَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ لَا تَقَدُّمَ إلَّا بِالدَّرَجَاتِ وَلَا تَقَدُّمَ بِالصِّفَاتِ كَمَا يُتَوَهَّمُ، وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا الصِّفَاتِ: أَيْ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ نُقَدِّمْ هُنَا بِالصِّفَاتِ الْمُقَدَّمِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ بَلْ بِعَكْسِهَا، فَلَا إشْكَالَ بِوَجْهٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَالِيَ لَا حَقَّ لَهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ أَحَقُّ فَلَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]
قَوْلُهُ: الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَةٌ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي صِفَةِ الْفِقْهِ أَوْ عَدَمِهَا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ الْأَوْلَى بِهَا صِفَةٌ) الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا خُصُوصُ الْفِقْهِ لَا مُطْلَقُ الصِّفَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ لِأَيِّ مَعْنًى: لَمْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِيَكُونَ أَفْيَدَ ثُمَّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَفْقَهُ.
وَاسْتِثْنَاءُ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَتْنِ مَعَ إبْقَائِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ إطْلَاقِهِ لِأَجْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ) هُوَ عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ جِهَتَيْنِ:
وَالْمُرَادُ بِالْأَفْقَهِ الْأَعْلَمُ بِذَلِكَ الْبَابِ.
قُلْت: كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ)(امْرَأَةً مُزَوَّجَةً فَأَوْلَاهُمْ) أَيْ الرِّجَالِ بِإِدْخَالِهَا الْقَبْرَ (الزَّوْجُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا حَقٌّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِنَظَرِهِ فِي الْحَيَاةِ مَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ غَيْرُهُ وَيَلِيهِ الْأَفْقَهُ وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ وَمَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى عَبِيدِهَا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِنِّينَ وَالْهِمَّ مِنْ الْفُحُولِ أَضْعَفُ شَهْوَةً مِنْ شَبَابِ الْخُصْيَانِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْمَحَارِمِ، ثُمَّ عَبْدُهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمَحْرَمِ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ الْمَمْسُوحُ ثُمَّ الْمَجْبُوبُ ثُمَّ الْخَصِيُّ لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ، وَرُتِّبُوا كَذَلِكَ لِتَفَاوُتِهِمْ فِيهَا، ثُمَّ الْعَصَبَةُ الَّذِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُ كَبَنِي عَمٍّ وَمُعْتَقٍ وَعَصَبَتِهِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ مَنْ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُ كَذَلِكَ كَبَنِي خَالٍ وَبَنِي عَمَّةٍ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ الصَّالِحُ لِخَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ، ثُمَّ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ، ثُمَّ النِّسَاءُ كَتَرْتِيبِهِنَّ فِي الْغُسْلِ وَالْخَنَاثِي كَالنِّسَاءِ.
وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً وَفَضِيلَةً وَتَنَازَعَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالسَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْكِتَابِ.
وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهَلْ هُوَ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ لَا الْوَجْهُ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ كَالْمَحْرَمِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَبْدِ الْمَرْأَةِ إذْ الْمَالِكِيَّةُ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ.
وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ حَتْمًا وَالْوَالِي هُنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ جَزْمًا.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا عَنْ الْإِمَامِ لَا أَرَى تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَحْتُومًا بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّقْدِيمُ أَوْ التَّقَدُّمُ اهـ حَجّ.
ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: وَالْوَالِي هُنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ جَزْمًا (قَوْلُهُ: فَأَوْلَاهُمْ الزَّوْجُ إلَخْ) وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مَفْضُولٌ عَلَى عُثْمَانَ مَعَ أَنَّهُ الزَّوْجُ الْأَفْضَلُ، وَالْعُذْرُ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى رَأْيٍ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ وَطِئَ سُرِّيَّةً لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ دُونَ أَبِي طَلْحَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ، لَكِنْ يُسَهِّلُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُثْمَانَ لِفَرْطِ الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِأَحْكَامِ الدَّفْنِ فَأَذِنَ، أَوْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ فَقَدَّمَ أَبَا طَلْحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَخَصَّهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَارِفْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْأَجَانِبَ الْمُسْتَوِينَ فِي الصِّفَاتِ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ مُذَكَّرٍ يَحْصُلُ لَهُ وَلَوْ مَاسَّ الْمَرْأَةَ اهـ حَجّ وَلَا يُرَدُّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْجُمُعَةِ إنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُجَامِعَ لَيْلَتَهَا لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْمَيْلِ إلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْ النِّسَاءِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَرَضُ ثَمَّ كَسْرُ الشَّهْوَةِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْجِمَاعِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ أَبْعَدَ مِنْ تَذَكُّرِ النِّسَاءِ، وَبُعْدُ الْعَهْدِ بِهِنَّ أَقْوَى فِي عَدَمِ التَّذَكُّرِ (قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: وَمَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ عَلَى مَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِنِّينَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) أَيْ بَعْدَ الْأَفْقَهِ مِنْ الْمَحَارِمِ الْأَقْرَبُ إلَخْ، وَيُقَدَّمُ مِنْ الْمَحَارِمِ مَحْرَمُ النَّسَبِ عَلَى مَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَمَحْرَمُ الرَّضَاعِ عَلَى الْعَبِيدِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ ذَكَرَ حُكْمَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ عَبْدُهَا لَكَانَ أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ ثُمَّ الْخَصِيُّ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَمْسُوحُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ: وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَبْدِهَا (قَوْلُهُ: وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ) وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُمْ عَلَى النِّسَاءِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَالسَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ أَقَارِبَ الْعَبْدِ تُقَدَّمُ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الصَّلَاةِ، وَتَقَدَّمَ لَنَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ السَّيِّدَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْأُولَى تَقْدِيمُ مُرَاعَاةِ الصِّفَةِ عَلَى الدَّرَجَةِ إذْ الَّذِي مَرَّ فِي الصَّلَاةِ النَّظَرُ لِلدَّرَجَةِ أَوَّلًا فَإِنْ اسْتَوَتْ نُظِرَ إلَى الصِّفَةِ.
الثَّانِي تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ
مُرَادَهُ لَا أَرَاهُ حَتْمًا فِي تَأْدِيَةِ السُّنَّةِ، بِخِلَافِ الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ حَتْمًا فِيهَا
(وَيَكُونُونَ) أَيْ الْمُدْخِلُونَ لِلْمَيِّتِ الْقَبْرَ (وَتْرًا) اسْتِحْبَابًا وَاحِدًا أَوْ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْوَاحِدِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ بَدَلَ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثْمٌ وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ.
أَمَّا الْوَاجِبُ فِي الْمُدْخِلِ لَهُ فَهُوَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ (وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ) أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى يَمِينِهِ) نَدْبًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَإِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلَ الْإِمَامِ وُجُوبَهُ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَكَالِاضْطِجَاعِ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنْ وُضِعَ عَلَى الْيَسَارِ كُرِهَ وَهُوَ مُرَادُ الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ خِلَافَ الْأَفْضَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ إنَّمَا هُوَ الْكَرَاهَةُ، وَيُوَجَّهُ (لِلْقِبْلَةِ) حَتْمًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي، فَإِنْ دُفِنَ مُسْتَدْبِرًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ حَتْمًا إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَإِلَّا فَلَا وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ كَالْمُصَلِّي عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْكَافِرِ الْقِبْلَةَ عَلَيْنَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ اسْتِقْبَالُهُ وَاسْتِدْبَارُهُ.
نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ جُعِلَ ظَهْرُهَا لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا لِيَتَوَجَّهَ الْجَنِينُ لِلْقِبْلَةِ حَيْثُ وَجَبَ دَفْنُهُ لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا إذْ وَجْهُ الْجَنِينِ لِظَهْرِ أُمِّهِ، وَتُدْفَنُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ (وَيُسْنَدُ وَجْهُهُ) اسْتِحْبَابًا فِي هَذَا وَالْأَفْعَالُ الْمَعْطُوفَةُ عَلَيْهِ وَكَذَا رِجْلَاهُ (إلَى جِدَارِهِ) أَيْ الْقَبْرِ وَيُقَوَّسُ لِئَلَّا يَنْكَبَّ (وَ) يُسْنَدُ (ظَهْرُهُ بِلَبِنَةٍ) طَاهِرَةٍ (وَنَحْوِهَا) كَطِينٍ لِيَمْنَعَهُ عَنْ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى قَفَاهُ وَيُجْعَلُ تَحْتَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْلَى لِأَنَّ دَفْنَهُ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ، وَهِيَ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: حَتْمًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ لِلْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْوَالِي هُنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ جَزْمًا) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَالِيَ لَا حَقَّ لَهُ هُنَا، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ أَحَقُّ فَلَهُ التَّقْدِيمُ أَوْ التَّقَدُّمُ
(قَوْلُهُ: بِحَسْبِ الْحَاجَةِ) أَيْ فَلَوْ انْتَهَتْ بِاثْنَيْنِ مَثَلًا زِيدَ عَلَيْهِمَا ثَالِثٌ مُرَاعَاةً لِلْوَتْرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ) وَهُوَ الْعَبَّاسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ حَتْمًا) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ مَاتَ مُلْتَصِقَانِ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِمَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فَصْلُهُمَا لِيُوَجَّهَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْقِبْلَةِ، وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا ضَرُورَةَ إلَى بَقَائِهِمَا مُلْتَصِقَيْنِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلْقِبْلَةِ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ نَصُّهَا: لَوْ جُعِلَ الْقَبْرُ مُمْتَدًّا مِنْ قِبْلِيٍّ إلَى بَحْرِيٍّ وَأُضْجِعَ عَلَى ظَهْرِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ وَرُفِعَتْ رَأْسُهُ قَلِيلًا كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمُحْتَضَرِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ يَحْرُمُ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ التَّصْرِيحَ بِالْحُرْمَةِ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الزِّيَادَةِ، أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْكَافِرِ إلَخْ) أَيْ وَلَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَكِنَّ الْمَيِّتَ لِكُفْرِهِ لَا احْتِرَامَ لَهُ حَتَّى يُسْتَقْبَلَ بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ احْتِرَامَ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ) أَيْ أَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَتُرَاعَى هِيَ لَا مَا فِي بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ) قَالَ حَجّ: نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ اهـ.
وَهُوَ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ حَيْثُ وَجَبَ دَفْنُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ بَلَغَ فِي بَطْنِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا لَوَجَبَ دَفْنُهُ (قَوْلُهُ: وَتُدْفَنُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ) أَيْ وُجُوبًا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُدْفَنُ مُسْلِمٌ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَلَا كَافِرٌ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ فِي الْخَادِمِ: ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَرَامٌ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الذَّخَائِرِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ اهـ.
وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَوْضِعٌ صَالِحٌ لِدَفْنِ الذِّمِّيِّ غَيْرُ مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ لِصَالِحٍ لِذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ دَفْنُهُ حِينَئِذٍ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَفْنُهُ إلَّا فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ مَعَ مُسْلِمٍ هَلْ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ دَفْنٍ فَلْيُتَحَرَّرْ اهـ
سم عَلَى مَنْهَجٍ:
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَلْقِيًا) أَيْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْعَالُ الْمَعْطُوفَةُ عَلَيْهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي فَتْحِ اللَّحْدِ
رَأْسِهِ لَبِنَةٌ أَوْ حَجَرٌ وَيُفْضَى بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنْ يُنَحَّى الْكَفَنُ عَنْ خَدِّهِ وَيُوضَعَ عَلَى التُّرَابِ (وَيُسَدُّ فَتْحُ اللَّحْدِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَذَا غَيْرُهُ (بِلَبِنٍ) وَهُوَ طُوبٌ لَمْ يُحْرَقْ وَنَحْوِهِ كَطِينٍ لِقَوْلِ سَعْدٍ فِيمَا مَرَّ وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نَصْبًا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي صِيَانَةِ الْمَيِّتِ عَنْ نَبْشِهِ، وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ اللَّبِنَاتِ الَّتِي وُضِعَتْ فِي قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعٌ (وَيَحْثُو) بِيَدَيْهِ جَمِيعًا (مَنْ دَنَا) مِنْ الْقَبْرِ (ثَلَاثَ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ وَيَكُونُ الْحَثْيُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّتِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَثَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّثِ ثَلَاثًا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إسْرَاعِ الدَّفْنِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي هَذَا الْغَرَضِ وَإِظْهَارِ الرِّضَا بِمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَيِّتُ، وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَصْلَ سَدِّ اللَّحْدِ مَنْدُوبٌ كَسَابِقِهِ وَلَاحِقِهِ، فَيَجُوزُ إهَالَةُ التُّرَابِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سَدٍّ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ لَكِنْ بَحَثَ آخَرُونَ وُجُوبَ السَّدِّ كَمَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ مِنْ زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْآنَ، فَتَحْرُمُ تِلْكَ الْإِهَالَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِزْرَاءِ وَهَتْكِ الْحُرْمَةِ، وَإِذَا حَرَّمْنَا مَا دُونَ ذَلِكَ كَكَبِّهِ عَلَى وَجْهِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ فَهَذَا أَوْلَى اهـ.
وَيُجْرَى مَا ذُكِرَ فِي تَسْقِيفِ الشَّقِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ انْهَدَمَ الْقَبْرُ تَخَيَّرَ الْوَلِيُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَتَيَسَّرْ دَفْنُهُ إلَّا مَعَ الذِّمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: وَيُفْضَى) أَيْ نَدْبًا بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ.
قَالَ حَجّ: وَصَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ النَّوْمِ يَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَيُحْتَمَلُ دُخُولُهَا فِي نَحْوِ اللَّبِنَةِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الذُّلَّ فِيمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ اللَّبِنَةِ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيُسَدَّ فَتْحُ اللَّحْدِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: بِلَبِنٍ) أَيْ نَدْبًا.
[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا لَبِنٌ لِغَائِبٍ هَلْ يَجُوزُ أَخْذُهُ كَمَا فِي الِاضْطِرَارِ؟ لَا يُبْعَدُ الْجَوَازُ إذَا تَوَقَّفَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِيهِ كَلَامًا لحج فِي فَتَاوِيهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْثُو بِيَدَيْهِ جَمِيعًا) أَيْ بَعْدَ سَدِّ اللَّحْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَنْبُوشَةً وَهُنَاكَ رُطُوبَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَدْفُونُ.
[فَرْعٌ] لَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ فِي غَيْرِ لَحْدٍ وَلَا شَقٍّ وَأُهِيلَ التُّرَابُ عَلَى جُثَّتِهِ فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً بِهِ وَانْتِهَاكًا لِحُرْمَتِهِ.
ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفْتَى بِحُرْمَةِ ذَلِكَ، وَبَلَغَنِي مِنْ ثِقَةٍ أَنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ بِرّ كَانَ يَقُولُ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
[فَائِدَةٌ] وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ الْعَلَوِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ وُجِدَ بِخَطِّ وَالِدِهِ قَالَ: وَجَدْت مَا مِثْلُهُ حَدَّثَنِي الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْحَافِظُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِزَاوِيَتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ حَالَ الدَّفْنِ بِيَدِهِ أَيْ حَالَ إرَادَتِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] سَبْعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ لَمْ يُعَذَّبْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ» اهـ عَلْقَمِيٌّ، وَيَنْبَغِي أَوْلَوِيَّةُ كَوْنِهِ فِي الْقَبْرِ: أَيْ التُّرَابِ إذَا كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَنْبُوشَةً لَا فِي الْكَفَنِ (قَوْلُهُ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ) وَلَعَلَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ تُرَابِهِ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلرِّضَا بِمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَيِّتُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَبَقِيَ مَا لَوْ فَقَدَ التُّرَابَ فَهَلْ يُشِيرُ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: فَهَذَا أَوْلَى) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ التُّرَابُ إلَى جَسَدِ الْمَيِّتِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ يَصِلُ التُّرَابُ إلَى جَسَدِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْهُ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَدَّ اللَّحْدُ إلَخْ، أَمَّا أَصْلُ السَّدِّ فَوَاجِبٌ إنْ أَدَّى عَدَمُهُ إلَى إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي غَيْرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِقَوْلِ سَعْدٍ فِيمَا مَرَّ) تَبِعَ فِيهِ شَرْحَ الرَّوْضِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِهِ، بِخِلَافِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ أَحَالَ عَلَى مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَصْلَ سَدِّ اللَّحْدِ مَنْدُوبٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُخْتَارُ الشَّارِحِ لِتَقْدِيمِهِ إيَّاهُ عَلَى مُقَابِلِهِ وَبِقَرِينَةِ جَزْمِهِ فِيمَا قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسْنِدُ وَجْهَهُ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم نَقَلَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ حُرْمَةَ الْإِهَالَةِ الْآيَةُ.
بَيْنَ تَرْكِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَنَقْلِهِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ اهـ.
وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَأُلْحِقَ بِانْهِدَامِهِ انْهِيَارُ تُرَابِهِ عَقِبَ دَفْنِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ نَحْوُ سَبُعٍ أَوْ يَظْهَرُ مِنْهُ رِيحٌ، وَإِلَّا وَجَبَ إصْلَاحُهُ قَطْعًا وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَثَيَاتِ هُوَ الْأَفْصَحُ مِنْ حَثَى يَحْثِي حَثْيًا وَحَثَيَاتٍ، وَيَجُوزُ حَثَا يَحْثُو حَثْوًا وَحَثَوَاتٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَمَعَ الثَّانِيَةِ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمَعَ الثَّالِثَةِ وَمِنْهَا نُحْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى زَادَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ حُجَّتَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَضَابِطُ الدُّنُوِّ مَا لَا تَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَهَا وَقَعَ فِيمَا يَظْهَرُ فَمَنْ لَمْ يَدْنُ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الدَّفْنَ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ أَيْضًا، وَاسْتَظْهَرَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّأْكِيدِ (ثُمَّ يُهَالُ) أَيْ يُصَبُّ التُّرَابُ عَلَى الْمَيِّتِ (بِالْمَسَاحِي) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مِسْحَاةٍ بِكَسْرِهَا، وَهِيَ آلَةٌ تُمْسَحُ الْأَرْضُ بِهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ حَدِيدٍ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّحْوِ: أَيْ الْكَشْفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هِيَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إسْرَاعُ تَكْمِيلِ الدَّفْنِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَثْيِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ وُقُوعِ اللَّبِنَاتِ وَعَنْ تَأَذِّي الْحَاضِرِينَ بِالْغُبَارِ.
(وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ) بِدَارِنَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ (شِبْرًا) تَقْرِيبًا أَيْ قَدْرُهُ (فَقَطْ) لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ، وَكَقَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ تُرَابُهُ شِبْرًا زِيدَ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ قَدْ يَحْتَاجُ لِلزِّيَادَةِ كَأَنْ سَفَّتْهُ الرِّيحُ قَبْلَ إتْمَامِ حَفْرِهِ أَوْ قَلَّ تُرَابُ الْأَرْضِ لِكَثْرَةِ الْحِجَارَةِ أَمَّا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ بَلْ يُخْفَى لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهُ الْكُفَّارُ إذَا رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يُخَافُ نَبْشُهُ لِسَرِقَةِ كَفَنِهِ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ أَيْضًا مَا لَوْ مَاتَ بِبَلَدِ بِدْعَةٍ وَخُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ نَبْشِهِ وَهَتْكِهِ وَالتَّمْثِيلِ بِهِ كَمَا فَعَلُوهُ بِبَعْضِ الصُّلَحَاءِ وَأَحْرَقُوهُ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَسْطِيحَهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ) لِأَنَّ قَبْرَهُ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ السَّدَّ مَنْدُوبٌ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ: يَحْثُو حَثْوًا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَقَوْلُهُ حَثَيَاتٍ مِنْ يَحْثِي لُغَةً فِي يَحْثُو اهـ.
وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنْ يَحْثُو أَفْصَحُ مِنْ يَحْثِي، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تُخَالِفُهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُخْتَارِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْمَحَلِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ زَادَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) أَيْ فِي الْأُولَى اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ إلَخْ لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي جَعْلِ هَذَا مَعَ الْأَوَّلِ، وَمَا بَعْدَهُ مَعَ الثَّانِيَةِ إلَخْ أَنَّ أَهَمَّ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ سُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِتَلْقِينِ الْحُجَّةِ، وَبَعْدَ السُّؤَالِ تَصْعَدُ الرُّوحُ إلَى مَا أُعِدَّ لَهَا فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِفَتْحِ أَبْوَابِ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَبَعْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِمُجَافَاةِ الْأَرْضِ عَنْ جَنْبَيْهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ السُّؤَالِ، وَقَوْلُهُ حُجَّتَهُ: أَيْ مَا يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ إيمَانِهِ، وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُسْأَلُ كَالطِّفْلِ، وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ أَيْضًا مَا لَوْ قَدَّمَ الْآيَةَ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ أَخَّرَهَا، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْآيَةِ عَلَى الدُّعَاءِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ زَادَ الْمُحِبُّ إلَخْ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ) وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ رُوحَهُ يُصْعَدُ بِهَا عَقِبَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ الصُّعُودُ لِلْعَرْضِ ثُمَّ يُرْجَعُ بِهَا فَتَكُونُ مَعَ الْمَيِّتِ إلَى أَنْ يُنْزَلَ قَبْرَهُ فَتَلْبَسَهُ لِلسُّؤَالِ ثُمَّ تُفَارِقَهُ وَتَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ أَيْضًا) أَيْ وَلِلنِّسَاءِ أَيْضًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ قُرْبُهَا مِنْ الْقَبْرُ إلَى الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَدْرُهُ فَقَطْ) أَيْ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَانَ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ تُرَابُهُ شِبْرًا زِيدَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ) هَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاجِبًا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فِعْلُهُمْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ) لَعَلَّهُ سَقَطَ أَلِفٌ قَبْلَ الْوَاوِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، لِأَنَّا إذَا أَخَذْنَاهَا مِنْ الْمَسْحِ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَتْ