الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ
وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْمُصَنِّفُ بِالشَّرْطِ مُرِيدًا بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا، وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (النِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَمَحِلُّهَا الْقَلْبُ، فَلَا تَكْفِي بِاللِّسَانِ قَطْعًا كَمَا لَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهَا قَطْعًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ تَسَحَّرَ لَيَصُومَ أَوْ شَرِبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ عَنْهُ نَهَارًا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ الْجِمَاعِ خَوْفَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ نِيَّةً إنْ خَطَرَ الصَّوْمُ بِبَالِهِ بِصِفَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ لِتَضَمُّنِ كُلٍّ مِنْهَا قَصْدَ الصَّوْمِ (وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ) أَيْ الصَّوْمِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ غَيْرِهِ كَقَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ اسْتِسْقَاءٍ أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوْ نَذْرٍ (التَّبْيِيتُ) لِلنِّيَّةِ وَهُوَ إيقَاعُهَا لَيْلًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْضِ بِقَرِينَةِ الْخَبَرِ الْآتِي، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّتْ لَمْ يَقَعْ عَنْ رَمَضَانَ بِلَا خِلَافٍ، وَهَلْ يَقَعُ نَفْلًا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ وَلَوْ مِنْ جَاهِلٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ بِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ نَوَى فِي غَيْرِ رَمَضَانَ صَوْمَ نَحْوِ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ قَبْلَ الزَّوَالِ انْعِقَادَهُ نَفْلًا إنْ كَانَ جَاهِلًا. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: أَصُومُ عَنْ الْقَضَاءِ أَوْ تَطَوُّعًا لَمْ يَجُزْ عَنْ الْقَضَاءِ قَطْعًا وَيَصِحُّ نَفْلًا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ إذْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ بِمَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ كَالصَّلَاةِ يَتَخَلَّلُهَا السَّلَامُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي أَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفَجْرِ أَوْ لَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهَا، وَلَوْ نَوَى ثُمَّ شَكَّ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا صَحَّ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ، وَلَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ صَحَّ أَيْضًا إذْ هُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِيهِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ لَا تُؤَثِّرُ فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ، بَلْ مَتَى تَذَكَّرَهَا قَبْلَ قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ، وَالتَّعْبِيرُ بِمَا ذُكِرَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَذَكُّرُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ هَلْ نَوَى أَوْ لَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ لَمْ يُؤَثِّرْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْكُفَّارِ وَلَوْ صَامَ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ هَلْ نَوَى أَوْ لَا أَجْزَأَهُ، بَلْ صَرَّحَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ]
ِ. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ إلَى الرُّكْنِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: كَقَضَاءٍ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ: لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ) أَيْ كُلِّ يَوْمَيْنِ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهَا لَيْلًا إذْ الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ اهـ رحمه الله، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُغَايِرَةٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ إلَخْ، لِأَنَّ الشَّكَّ فِي تِلْكَ وَقَعَ مُقَارِنًا لِلنِّيَّةِ وَمَا هُنَا طَرَأَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَشَكَّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي نَوَى فِيهِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّذَكُّرُ بَعْدَهُ بِسِنِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَامَ ثُمَّ شَكَّ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]
(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ) أَيْ لِلرُّكْنِ الْأَوَّلِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ بِصِفَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ) أَيْ الَّتِي يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فِي النِّيَّةِ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِيهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعًا إلَى الصَّوْمِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّرَدُّدُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى الْحُكْمِ فَالْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَاضِحٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْكَفَّارَةِ) إنَّمَا قَالَ أَخْذًا مَعَ أَنَّ مَا فِي الْكَفَّارَةِ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ
بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَيْضِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حَيْثُ تُلْزِمُهُ الْإِعَادَةُ التَّضْيِيقَ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهَا بَطَلَتْ فِي الْحَالِ، وَلَوْ نَوَى قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي التَّبْيِيتِ (النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ اللَّيْلِ) بَلْ يَكْفِي مِنْ أَوَّلِهِ لِإِطْلَاقِ التَّبْيِيتِ فِي الْخَبَرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِقُرْبِهِ مِنْ الْعِبَادَةِ.
(وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَضُرُّ)(الْأَكْلُ وَالْجِمَاعُ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ مُنَافِي الصَّوْمِ (بَعْدَهَا) أَيْ النِّيَّةِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ إذْ الْمُنَافِي مُبَاحٌ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَوْ أَبْطَلَهَا لَامْتَنَعَ إلَى طُلُوعِهِ، وَكَذَا لَوْ حَدَثَ بَعْدَهَا جُنُونٌ أَوْ نِفَاسٌ لَا رِدَّةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: لَوْ نَوَى رَفْضَ النِّيَّةِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَجَبَ تَجْدِيدُهَا بِلَا خِلَافٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ يُنَافِيهَا فَأَثَّرَ فِيهَا قَبْلَ الْفَجْرِ لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُنَافِي الصَّوْمَ لَا النِّيَّةَ وَالرِّدَّةُ مُنَافِيَةٌ لِلنِّيَّةِ فَكَانَتْ كَرَفْضِهَا (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ) لَهَا (إذَا)(نَامَ) بَعْدَهَا (ثُمَّ تَنَبَّهْ) لَيْلًا لِأَنَّ النَّوْمَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلصَّوْمِ. وَالثَّانِي يَجِبُ تَقْرِيبًا لِلنِّيَّةِ مِنْ الْعِبَادَةِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ النَّوْمُ إلَى الْفَجْرِ لَمْ يَضُرَّ قَطْعًا.
(وَيَصِحُّ النَّفَلُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ يَوْمًا؟ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ؟ قَالَتْ لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ أَصُومُ، وَيَوْمًا آخَرَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ نَعَمْ، قَالَ: إذَنْ أُفْطِرُ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» وَاخْتُصَّ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْخَبَرِ، إذْ الْغَدَاءُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ وَلِإِدْرَاكِ مُعْظَمِ النَّهَارِ بِهِ غَالِبًا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ صَوْمَ النَّفْلِ كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ (وَكَذَا) تَصِحُّ نِيَّتُهُ (بَعْدَهُ فِي)(قَوْلٍ) قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ أَجْزَاءِ النَّهَارِ كَمَا فِي النِّيَّةِ لَيْلًا (وَالصَّحِيحُ اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ) فِي النِّيَّةِ (مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) بِأَنْ لَا يَسْبِقَهَا مُنَافٍ بَلْ تَجْتَمِعُ شَرَائِطُ الصَّوْمِ مِنْ الشَّخْصِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى جَمِيعِهِ إذْ صَوْمُهُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ، وَلَوْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَنْوِ صَوْمًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ فَسَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَى جَوْفِهِ ثُمَّ نَوَى صَوْمَ تَطَوُّعٍ صَحَّ وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّوْمُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَشَرْطُ الصَّوْمِ هُنَا الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ إلَى آخِرِهِ وَدَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ مِثْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلنِّيَّةِ مَعَ أَنَّهَا تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ فَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ: أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ بَعْدَهُ.
(وَيَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (التَّعْيِينُ فِي الْفَرْضِ) الْمَنْوِيِّ كَرَمَضَانَ أَوْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَفِي نَفْلٍ لَهُ سَبَبٌ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هَلْ مِثْلُ الصَّوْمِ بَقِيَّةُ خِصَالِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ التَّسْوِيَةُ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَلَا يَضُرُّ نِيَّتَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ التَّبْيِيتَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: جُنُونٌ أَوْ نِفَاسٌ) أَيْ وَزَالَا قَبْلَ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ) لَكِنْ هَذَا قَدْ يَقْتَضِي تَأْثِيرَ النِّفَاسِ وَالْجُنُونِ لِمُنَافَاتِهِمَا النِّيَّةَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنْت فَرَضْت) أَيْ قَدَّرْت.
(قَوْلُهُ: إذْ الْغَدَاءُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَاسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا لَكِنْ فِي الْأَيْمَانِ التَّقْيِيدُ بِمَا يُسَمَّى غَدَاءً فِي الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لُقَمٍ يَسِيرَةٍ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى، وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ مِمَّا يُسَمُّونَهُ فَطُورًا كَشُرْبِ الْقَهْوَةِ وَأَكْلِ الشَّرِيكِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ) أَيْ فَإِنْ بَالَغَ وَوَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ بَعْدُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ بِهِ فِي الصَّوْمِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَكْرُوهٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي صَوْمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّوْمُ) أَيْ كَالْأَكْلِ مُكْرَهًا اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَفِي نَفْلٍ لَهُ سَبَبٌ) كَصَوْمِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِأَنَّهُ فَرَضَ كَلَامَهُ هُنَا فِي رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ حَمْلُ الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ
(قَوْلُهُ لِضَعْفِهَا) أَيْ ضَعْفًا نِسْبِيًّا فَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ بُطْلَانِهَا بِالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ
(قَوْلُهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إلَخْ
أَوْ مُؤَقَّتٍ عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ. وَرَدَّ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمُتَأَكَّدِ صَوْمُهَا مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا، بَلْ لَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا. وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْيِينِ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ أَوْ صَوْمُ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٌ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَنَوَى صَوْمَ غَدٍ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ صَوْمِ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ عَنْ قَضَاءِ أَيِّهِمَا فِي الْأَوَّلِ وَلَا نَوْعِهِ فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ الثُّلَاثَاءَ أَوْ صَوْمَ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ وَهُوَ يَعْتَقِدُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ فَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ صَحَّ صَوْمُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى صَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ صَوْمُ غَدٍ أَوْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ السَّنَةُ الْحَاضِرَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَقْتَ الَّذِي نَوَى فِي لَيْلَتِهِ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ يَوْمَ الْأَحَدِ مَثَلًا وَهُوَ غَيْرُهُ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الصِّحَّةُ مِنْ الْغَالِطِ لَا الْعَامِدِ لِتَلَاعُبِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ ابْنِ الصَّبَّاغِ الْإِجْزَاءَ.
وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَنَوَى يَوْمًا مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى غَلَطًا لَمْ يُجْزِهِ كَمَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَأَعْتَقَ بِنِيَّةِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ لِأَنَّ ذِكْرَ الْغَدِ هُنَا أَوْ نِيَّتَهُ مُعَيَّنٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَعَهُ الْغَلَطُ، بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَاقِعٌ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ تَعْيِينُهُ وَلَمْ يَقَعْ الصَّوْمُ عَنْهُ " وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَمْ يَدْرِ سَبَبَهُ كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا لِلضَّرُورَةِ، كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيُجْزِيهِ عَمَّا عَلَيْهِ.
لَا يُقَالُ: قِيَاسُ الصَّلَاةِ لُزُومُ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَنْوِي وَاحِدًا عَنْ الْقَضَاءِ وَآخَرَ عَنْ النَّذْرِ وَآخَرَ عَنْ الْكَفَّارَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ تَشْتَغِلْ هُنَا ذِمَّتُهُ بِالثَّلَاثِ، وَالْأَصْلُ بَعْدَ إتْيَانِ صَوْمِ يَوْمٍ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ، بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِجَمِيعِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِصَوْمِ الثَّلَاثِ وَأَتَى بِاثْنَيْنِ مِنْهَا وَنَسِيَ الثَّالِثَ فَقِيلَ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ وَيُوَجَّهُ بِالتَّوَسُّعِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا ثَمَّ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ كَنَظِيرِهَا هُنَا لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا ثَمَّ بِدَلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَخَرَجَ بِالتَّعْيِينِ مَا لَوْ نَوَى الصَّوْمَ عَنْ فَرْضِهِ أَوْ عَنْ فَرْضِ وَقْتِهِ فَلَا يَكْفِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ.
(وَكَمَالُهُ) أَيْ التَّعْيِينِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِكَمَالِ النِّيَّةِ (فِي رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ) أَيْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي اللَّيْلَةَ الَّتِي يَنْوِي فِيهَا (عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ لِلَّهِ تَعَالَى) بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ أَضْدَادِهَا، وَلَفْظُ غَدٍ قَدْ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مِنْ حَدِّ التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ فَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِخُصُوصِهِ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ دُونَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَى جَمِيعَ الشَّهْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الِاسْتِسْقَاءِ إذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْإِمَامُ كَصَلَاتِهِ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَرَدَ) أَيْ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ قَضَاءَ رَمَضَانَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ) هُوَ قَوْلُهُ كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى يَحْتَمِلُ رَمَضَانَ وَغَيْرَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ يَحْتَمِلُ الْقَضَاءَ وَالْأَدَاءَ.
(قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِكَمَالِ النِّيَّةِ) أَيْ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ التَّعْيِينِ لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ: لِحُصُولِ التَّعْيِينِ دُونَهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا مُحَرَّفٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ فَإِنَّ مَا هُنَا مِنْ الْإِمْدَادِ حَرْفًا بِحَرْفٍ
(قَوْلُهُ: بَلْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ: أَيْ أَوْ نَحْوِهِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَيْسَ ذِكْرُ الِاثْنَيْنِ فِي عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ الَّتِي نَقَلَهَا الْمَحَلِّيُّ كَغَيْرِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقَعْ الصَّوْمُ عَنْهُ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ فَلَمْ يَقَعْ (قَوْلُهُ: بِالتَّوَسُّعِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِيمَا بَعْدُ
(قَوْلُهُ: وَكَمَالُهُ فِي رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ إلَخْ) فَالتَّعْيِينُ هُنَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِالتَّعْيِينِ فِيمَا مَرَّ أَيْ هُوَ ثَمَّ كَرَمَضَانَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَفْظُ غَدٍ قَدْ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا لِأَنَّ الْكَمَالَ فِي كَمَالِ التَّعْيِينِ لَا فِي التَّعْيِينِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ
حَصَلَ لَهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتِ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ ثُمَّ يَضُمُّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومِ، فَلَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتُ مَعَ جَهْلِهِ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ اهـ.
وَيُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْأَدَاءِ أَنْ يَقُولَ: عَنْ هَذَا الرَّمَضَانِ، وَاحْتِيجَ لِذِكْرِهِ مَعَ هَذِهِ السَّنَةِ وَإِنْ اتَّحَدَ مُحْتَرِزُهُمَا، إذْ فَرْضُ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَضَاءً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَا تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ وَأَنَّهُ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ ذِكْرُ الْغَدِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ رَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَصُومُهُ غَيْرُ الْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ، فَالتَّعَرُّضُ لِلْغَدِ يُفِيدُ الْأَوَّلَ وَلِلسَّنَةِ يُفِيدُ الثَّانِي، إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ نَوَى صَوْمَ الْغَدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ صِيَامُك الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَنْ فَرْضِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ عَنْ فَرْضِ سَنَةٍ أُخْرَى؟ فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ: أَيْ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ رَمَضَانُ مُضَافًا لِمَا بَعْدَهُ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ التَّعَرُّضِ لَهَا أَوْ لِلْأَدَاءِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ قَبْلَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّ فَلَا يَتَعَيَّنُ هُنَا، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ جِنْسُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ فَرْضُ رَمَضَانَ فَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ (وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ) وَتَقَدَّمَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَا عَدَا الْفَرْضِيَّةَ، أَمَّا هِيَ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا اشْتِرَاطُهَا، لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَتَقَعُ الْمُعَادَةُ نَفْلًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا يَرِدُ اشْتِرَاطُ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّنَةِ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيَمْتَازَ ذَلِكَ عَمَّا يَأْتِي بِهِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى.
وَلَا بُدَّ فِي النِّيَّةِ مِنْ الْجَزْمِ فَلَوْ عَلَّقَهَا بِالْمَشِيئَةِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَوْ بِغَيْرِهَا فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ) وَصَامَهُ (فَكَانَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ) سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ أَمْ مُتَطَوِّعٌ أَمْ لَا فَلَا يَجْزِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِ وَلِأَنَّهُ صَامَ شَاكًّا وَلَمْ يَعْتَمِدْ سَبَبًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِإِنَّ الدَّالَّةَ عَلَى التَّرَدُّدِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا، وَالْجَزْمُ فِيهِ حَدِيثُ نَفْسٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَمْ يَنْشَأْ عَمَّا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْجَزْمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْخَمِيسَ مَثَلًا عَنْ رَمَضَانَ، أَوْ رَمَضَانَ بِدُونِ ذِكْرِ يَوْمٍ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَحْضُرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتُ الصَّوْمِ) وَمِنْهَا كَوْنُ الشَّهْرِ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَلَا غَيْرُهُ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ) أَيْ لَا الْمُؤَدَّى عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَيْ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ هُنَا (قَوْلُهُ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا) أَيْ وَلَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ إلَخْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي الْمُعَادَةِ نِيَّةُ الْفَرْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِ الصُّورِيِّ لِلْمُحَاكَاةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التَّبَرُّكَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجْزِيهِ) كَانَ الْأَوْلَى فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَهُوَ صَوْمُ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمَّا صَوَّرُوا التَّعْيِينَ الْوَاجِبَ بِمَا ذُكِرَ تَعَقَّبَهُ الشَّيْخَانِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَاحْتِيجَ لِذِكْرِهِ مَعَ هَذِهِ السَّنَةِ) صَوَابُ الْعِبَارَةِ: وَاحْتِيجَ لِذِكْرِ السَّنَةِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ) يُقَالُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا الدَّاعِي إلَيْهِ مَعَ ذِكْرِ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ) الْأَصْوَبُ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ الَّتِي أَخَذَهَا الشَّارِحُ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ) فِي الْقِيَاسِ وَقْفَةٌ تُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ كَلَامِ الْقَفَّالِ
(قَوْلُهُ: مَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِإِنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَدُّدِ) أَيْ كَإِنْ أَتَى بِإِذَا أَوْ مَتَى أَوْ نَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْجَزْمُ فِيهِ) أَيْ فِي الَّذِي
حَقِيقَةً (إلَّا إذَا اعْتَقَدَ) أَيْ ظَنَّ (كَوْنَهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ) أَوْ فَاسِقٍ (أَوْ صِبْيَانٍ رُشَدَاءَ) أَيْ مُخْتَبَرِينَ بِالصِّدْقِ إذْ غَلَبَةُ الظَّنِّ هُنَا كَالْيَقِينِ، كَمَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَتَصِحُّ النِّيَّةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى وَجَمْعُ الصِّبْيَانِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مُرَاهِقٍ وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فَبَانَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ نَوَاهُ بِظَنٍّ وَصَادَفَهُ فَأَشْبَهَ الْبَيِّنَةَ. نَعَمْ لَوْ قَالَ مَعَ الْإِخْبَارِ الْمَارِّ صَوْمُ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ فَبَانَ مِنْهُ صَحَّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي لِأَنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالْقَلْبِ وَالتَّرَدُّدُ حَاصِلٌ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَقَصْدُهُ لِلصَّوْمِ إنَّمَا هُوَ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ فَصَارَ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ طَوَائِفَ وَكَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِهِ، وَلَا نَقْلَ يُعَارِضُهُ إلَّا دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ يَوْمِ الشَّكِّ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَصُومُ غَدًا نَفْلًا إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَمِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَمَارَةٌ فَبَانَ مِنْ شَعْبَانَ صَحَّ صَوْمُهُ نَفْلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ صَوْمُهُ، وَإِنْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ مِنْهُ) عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَلِأَنَّ تَعْلِيقَ النِّيَّةِ مُضِرٌّ مَا لَمْ يَكُنْ تَصْرِيحًا بِمُقْتَضَى الْحَالِ، أَوْ اسْتَنَدَ إلَى أَصْلٍ وَلَهُ الِاعْتِمَادُ فِي نِيَّتِهِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمِهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَادِ، وَتَبِعَهُ الشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ جَعْلِ حُكْمِهِ مُفِيدًا لِلْجَزْمِ.
(وَلَوْ)(اشْتَبَهَ) رَمَضَانُ عَلَى مَحْبُوسٍ أَوْ أَسِيرٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (صَامَ) وُجُوبًا شَهْرًا (بِالِاجْتِهَادِ) كَمَا فِي اجْتِهَادِهِ لِلصَّلَاةِ فِي الْقِبْلَةِ وَنَحْوِهَا وَذَلِكَ بِأَمَارَةٍ كَخَرِيفٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، فَلَوْ صَامَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ، فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ صَوْمُهُ) أَيْ بِأَنْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ لَكِنَّهُ سَبَقَ هُنَاكَ لِعَدَمِ ضَرَرِ التَّرَدُّدِ مَعَ الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِخَبَرِ ثِقَةٍ وَهُنَا لِبَيَانِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَتَى بِهِ بَدَلَ إنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَدُّدِ مِمَّا فِيهِ جَزْمٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ مَعَ الْإِخْبَارِ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِلَفْظِ نَعَمْ هُنَا لِاتِّحَادِ الْمُسْتَدْرِكِ مَعَ الْمُسْتَدْرَكِ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَكَاهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ، فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ لَفْظَ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ عَنْ فَإِنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْحَاكِي. وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ عَنْ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي خَادِمِ الزَّرْكَشِيّ وَكَلَامِ الْأُمِّ مُصَرِّحٌ بِهِ وَنَقَلَهُ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، إلَّا أَنَّ الْكَتَبَةَ حَرَّفَتْهُ فَزَادَتْ مِيمًا وَالْفَاءَ قَبْلَ الْمِيمِ مِنْ الْأُمِّ حَسَبَ مَا رَأَيْته فِي نُسَخٍ مِنْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ هِيَ النُّسْخَةُ الْمُحَرَّفَةُ فَعَبَّرَ عَنْ لَفْظِ الْإِمَامِ بِالضَّمِيرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْإِمْدَادِ. وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ قَوْلُهُ: أَيْ الرَّافِعِيِّ: وَلَوْ قَالَ فِي نِيَّتِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَصُومُ عَنْ رَمَضَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: ظَاهِرُ النَّصِّ أَنْ لَا يَعْتَدَّ بِصَوْمِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: أَعْنِي صَاحِبَ الْخَادِمِ فِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا مَا ادَّعَى الْإِمَامُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ مُشْكِلٌ، ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ إشْكَالِهِ ثُمَّ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَكَلَامُ الْأُمِّ مُصَرِّحٌ بِهِ وَلَا نَقْلَ يُعَارِضُهُ إلَّا دَعْوَى الْإِمَامِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ النَّصُّ وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(قَوْلُهُ: فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ، فَإِنْ تَحَقَّقَهُ وَلَا بُدَّ وَجَبَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَمَا إذَا مَضَى عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ مَضَى فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا بُدَّ فَلْيُرَاجَعْ.
وَيَقْضِي كَالْمُتَحَيِّرِ فِي الْقِبْلَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ أَوْ ظَنَّهُ، بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَقَدْ تَحَقَّقَ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَعَجَزَ عَنْ شَرْطِهَا فَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ لِحُرْمَةِ وَقْتِهَا، وَلَمْ يَعْرِفْ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ وَاسْتَمَرَّتْ الظُّلْمَةُ لَزِمَهُ التَّحَرِّي وَالصَّوْمُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ اللَّيْلَ وَيُفْطِرُ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ وَافَقَ) صَوْمُهُ بِالِاجْتِهَادِ رَمَضَانَ وَقَعَ أَدَاءً وَإِنْ نَوَاهُ قَضَاءً لِعُذْرِهِ بِظَنِّهِ خُرُوجَهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَوْ (مَا بَعْدَ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ) جَزْمًا وَإِنْ نَوَى الْأَدَاءَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ.
وَالثَّانِي أَدَاءٌ لِأَنَّ الْعُذْرَ قَدْ يَجْعَلُ غَيْرَ الْوَقْتِ وَقْتًا كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (فَلَوْ نَقَصَ) الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَكُنْ شَوَّالًا وَلَا ذَا الْحَجَّةِ (وَكَانَ رَمَضَانُ تَامًّا لَزِمَهُ يَوْمٌ آخَرُ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ كَامِلًا، فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ مَا صَامَهُ تَامًّا وَرَمَضَانُ نَاقِصًا وَقُلْنَا: إنَّهُ قَضَاءٌ فَلَهُ إفْطَارُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إذَا عُرِفَ الْحَالُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي صَامَهُ وَرَمَضَانُ تَامَّيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَجْزَأَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ وَافَقَ صَوْمُهُ شَوَّالًا فَالصَّحِيحُ مِنْهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ كَامِلًا وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ نَاقِصًا. وَلَوْ وَافَقَ ذَا الْحَجَّةَ فَالصَّحِيحُ مِنْهُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ كَامِلًا وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ نَاقِصًا (وَلَوْ غَلِطَ) فِي اجْتِهَادِهِ وَصَوْمِهِ (بِالتَّقْدِيمِ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ) بَعْدَ تَبَيُّنِ الْحَالِ (لَزِمَهُ صَوْمُهُ) قَطْعًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَمَضَانَ بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (فَالْجَدِيدُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ) لِمَا فَاتَهُ لِإِتْيَانِهِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا يَجْزِيهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ لِلْعُذْرِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ لُزُومِ شَيْءٍ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ الظَّاهِرُ صِحَّةُ الِاجْتِهَادِ، وَلَوْ تَحَرَّى لِشَهْرِ نَذْرٍ فَصَامَ شَهْرًا قَضَاءً فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إلَّا النَّذْرَ وَرَمَضَانُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ قَضَاءٍ فَأَتَى بِهِ فِي رَمَضَانَ، وَلَوْ صَامَ يَوْمَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْلٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ الْفَرْضُ أَوْ النَّفَلُ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الْفَرْضِ.
(وَلَوْ)(نَوَتْ الْحَائِضُ) أَوْ النُّفَسَاءُ (صَوْمَ غَدٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا) فِي اللَّيْلِ (ثُمَّ انْقَطَعَ) دَمُهَا (لَيْلًا)(صَحَّ) صَوْمُهَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ (إنْ تَمَّ) لَهَا (فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا لِأَنَّهَا تَقْطَعُ بِأَنَّ نَهَارَهَا كُلُّهُ طُهْرٌ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الِانْقِطَاعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ تَصَوُّرٌ، لِأَنَّهُ مَتَى تَمَّ فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ صَحَّتْ النِّيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَكْثَرِ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (وَكَذَا) إنْ تَمَّ لَهَا (قَدْرُ الْعَادَةِ) مِنْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لَيْلًا فَيَصِحُّ أَيْضًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَمْ اخْتَلَفَتْ وَاتَّسَقَتْ وَلَمْ تَنْسَ اتِّسَاقَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ وَلَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لَيْلًا أَوْ كَانَ لَهَا عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُتَّسِقَةٍ أَوْ مُتَّسِقَةٌ وَنَسِيَتْ اتِّسَاقَهَا وَلَمْ يَتِمَّ لَهَا أَكْثَرُ عَادَاتِهَا لَيْلًا لِأَنَّهَا لَمْ تَجْزِمْ وَلَا بَنَتْ عَلَى أَصْلٍ وَلَا أَمَارَةٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ: قَدْ تَتَخَلَّفُ فَلَا تَكُونُ النِّيَّةُ جَازِمَةً. ثُمَّ أَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّانِي مُعَبِّرًا عَنْهُ بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْحُكْمِ قَصْدًا.
(قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ) أَيْ وَيَقَعُ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا نَفْلًا مُطْلَقًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَازِرِيِّ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَقَعَ عَنْهُ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ عَنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَصَامَ شَهْرًا) الْأَوْلَى أَوْ صَامَ شَهْرًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَأَتَى بِهِ فِي رَمَضَانَ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَنْوِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْلٍ) أَيْ وَالْآخَرُ عَنْ فَرْضٍ. .
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .