المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة النقد - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌باب زكاة النقد

بِذَلِكَ السَّبَبِ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ مَالِهِ بِخُصُوصِهِ، وَلَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ مَثَلًا، وَعَلِمْنَا عَدَمَ وُقُوعِهِ فِيهِ لَمْ يُبَالَ بِكَلَامِهِ (وَلَوْ)(ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ) فِيمَا خَرَصَهُ (أَوْ غَلَطَهُ) فِيهِ (بِمَا يَبْعُدُ) أَيْ لَا يَقَعُ عَادَةً مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْخَرْصِ كَالرُّبْعِ (لَمْ يُقْبَلْ) إلَّا بِبَيِّنَةٍ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى الْجَوْرِ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْكَذِبِ عَلَى الشَّاهِدِ وَلِلْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ عَادَةً فِي الْغَلَطِ.

نَعَمْ يُحَطُّ عَنْهُ الْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ وَهُوَ الَّذِي لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ لَقُبِلَ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ غَلَطَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَجِدْهُ إلَّا كَذَا صُدِّقَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لِأَحَدٍ وَاحْتِمَالِ تَلَفِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) ادَّعَى غَلَطَهُ (بِمُحْتَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَخْرُوصِ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ وَهُوَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ عَادَةً كَوَسْقٍ فِي مِائَةٍ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) وَحُطَّ عَنْهُ مَا ادَّعَاهُ إذْ هُوَ أَمِينٌ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ لِقَوْلِهِ فِي دَعْوَى نَقْصِهِ عِنْدَ كَيْلِهِ، وَلِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَخْرُوصُ بَاقِيًا أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مِمَّا هُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ مِائَةٍ قُبِلَ قَوْلُهُ وَحُطَّ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُحَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النُّقْصَانَ فِي كَيْلِهِ لَهُ وَلَعَلَّهُ يُوفِي لَوْ كَالَهُ ثَانِيًا.

وَيُسَنُّ جِذَاذُ التَّمْرِ نَهَارًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِيُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ لَيْلًا وَإِنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمَجْذُوذِ.

‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

أَصْلُ النَّقْدِ لُغَةً الْإِعْطَاءُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى مَا يُقَابِلُ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ فَشَمِلَ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.

وَالثَّانِي عَلَى الْمَضْرُوبِ خَاصَّةً،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا يَكْفِي خَرْصُهُ هُوَ، وَلَوْ احْتَاطَ لِلْفُقَرَاءِ وَكَانَ عَارِفًا لِلْخَرْصِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّهَامِهِ، وَإِنَّمَا صُدِّقَ فِي عَدَدِ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى دُونَ مَا ذَكَرَهُ السَّاعِي فَقَدْ ادَّعَى عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْأَصْلُ مَعَ أَنَّ السَّاعِيَ ثَمَّ يُمْكِنُهُ الْعَدُّ فَإِنْ رَأَى مِنْهُ رِيبَةً عَدَّ وَهُنَا تَحَقَّقْنَا الْوُجُوبَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ وَيُرِيدُ نَقْلَهُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ انْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ فَعُمِلَ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لِأَحَدٍ وَاحْتِمَالِ تَلَفِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّخَرَ ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ صُدِّقَ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرِهِ، وَلَوْ كَانَ تَسَلَّمَ مِنْهُ ذَلِكَ تَامًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أُعِيدَ كَيْلُهُ) أَيْ وُجُوبًا.

(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)(قَوْلُهُ: ثُمَّ أُطْلِقَ) أَيْ لُغَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ) أَيْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ غَرَضُهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ دَفْعُ اعْتِرَاضِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَابُ الزَّكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِيَشْمَلَ التِّبْرَ وَالْقُرَاضَةَ وَالسَّبَائِكَ وَالنَّقْدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَكَانَ يَنْبَغِي خِلَافُ هَذَا التَّعْبِيرِ

(قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ قَدْرَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمَلًا أَوْ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ فَرْعُ بَيَانِ الْقَدْرِ كَمَا لَا يَخْفَى عَكْسُ مَا يُفِيدُهُ هَذَا الصَّنِيعُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: أَوْ ادَّعَى غَلَطًا وَبَيَّنَهُ وَكَانَ مُمَكَّنًا.

[بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

(قَوْلُهُ: لُغَةً الْإِعْطَاءُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمَنْقُودِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُعْطَى مِنْ خُصُوصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا مُطْلَقُ مَا يُعْطَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقٌ إذْ هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَيْنِ الْإِطْلَاقَيْنِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ فِي التُّحْفَةِ عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّهُ لُغَةً خَاصٌّ بِالدَّرَاهِمِ لَا غَيْرُ

ص: 83

وَالنَّاضُّ لَهُ إطْلَاقَانِ أَيْضًا كَالنَّقْدِ.

وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] وَالْكَنْزُ مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ، وَالنَّقْدَانِ مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ، لِأَنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّهَا تَنْقَضِي بِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ، فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ الْحِكْمَةَ الَّتِي خُلِقَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِيَ الْبَلَدِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ (نِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَنِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا) بِالْإِجْمَاعِ، وَقُدِّمَ الْفِضَّةُ عَلَى الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ (بِوَزْنِ مَكَّةَ) تَحْدِيدًا، فَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ، وَتَمَّ فِي أُخْرَى فَلَا زَكَاةَ لِلشَّكِّ وَإِنْ رَاجَ رَوَاجَ التَّامِّ، وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ مَعَ التَّحْدِيدِ لِاخْتِلَافِ خِفَّةِ الْمَوَازِينِ بِاخْتِلَافِ حَذْفِ صَانِعِيهَا لِخَبَرِ «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ، وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ، وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا» وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُعْتَدِلَةً لَمْ تُقْشَرْ وَقُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَالَ، وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَانِ، وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ ضُرِبَتْ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ فِي زَمَنِ عُمَرَ أَوْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ: وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجْمَاعُ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ وَزَمَنِ خُلَفَائِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَضْرُوبِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: وَالنَّاضُّ لَهُ إطْلَاقَانِ أَيْضًا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْكَنْزُ مَالٌ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَإِلَّا فَالْكَنْزُ لُغَةً الْمَالُ الْمَدْفُونُ، فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ الْمَالَ الَّذِي تُؤَدَّ زَكَاتُهُ بِالْمَالِ الْمَدْفُونِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَالَ دَفْنِهِ (قَوْلُهُ بِوَزْنِ مَكَّةَ تَحْدِيدًا) أَيْ يَقِينًا لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَصَ إلَخْ.

[فَرْعٌ] ابْتَلَعَ نِصَابًا وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فَهَلْ تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهَا حَتَّى يَخْرُجَ، فَلَوْ تَيَسَّرَ إخْرَاجُهُ بِنَحْوِ دَوَاءٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَى مُمَوِّنِهِ وَأَدَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ طُولِبَ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ تَيَسَّرَ إخْرَاجُهُ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ يَلْزَمَهُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ فِي الْحَالِّ، وَلَوْ قَبْلَ إخْرَاجِهِ كَمَا فِي دَيْنِهِ الْحَالِّ عَلَى مُوسِرٍ مُقِرٍّ، وَأَنْ يَلْزَمَهُ إخْرَاجُهُ لِنَفَقَةِ الْمُمَوِّنِ وَالدَّيْنِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ فَقَدْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ تَيَسَّرَ لَهُ إخْرَاجُهُ بِلَا ضَرَرٍ فَتَرَكَهُ اُسْتُحِقَّتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فَتُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا يُشَقُّ جَوْفُهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إخْرَاجُهُ كَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَرِكَتِهِ، بَلْ إنْ خَرَجَ وَلَوْ بِالتَّعَدِّي بِشَقِّ جَوْفِهِ وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا سم عَلَى حَجّ.

قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: أَقُولُ: ابْتِلَاعُهُ قَرِيبٌ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْبَحْرِ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِأَنَّهُ تَلِفَ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ بَاقٍ بِيَدِهِ وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ الِابْتِلَاعِ انْتَهَى.

أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ مَأْيُوسٌ مِنْهُ عَادَةً فَأَشْبَهَ التَّالِفَ، وَاَلَّذِي ابْتَلَعَهُ يُمْكِنُ خُرُوجُهُ بَلْ هُوَ قَرِيبٌ بِاسْتِعْمَالِهِ الدَّوَاءَ بَلْ يَغْلِبُ خُرُوجُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَا تُحِيلُهُ الْمَعِدَةُ فَأَشْبَهَ الْغَائِبَ كَمَا ذَكَرَ سم (قَوْلُهُ وَتَمَّ فِي أُخْرَى) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْمِيزَانُ مَعْرُوفٌ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ) أَيْ الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَبَبُهُ أَنَّ التَّعَامُلَ غَالِبًا فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ بَعْدَهُ كَانَ بِالْبَغْلِيِّ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ وَالطَّبَرِيِّ وَهُوَ نِصْفُهَا فَجَمَعَهُ وَقُسِّمَا دِرْهَمَيْنِ اهـ.

ثُمَّ قَالَ: وَالطَّبَرِيَّةُ نِسْبَةٌ إلَى طَبَرِيَّةَ قَصَبَةِ الْأُرْدُنِّ بِالشَّامِ، وَتُسَمَّى بِنَصِيبَيْنِ، وَالْبَغْلِيَّةُ نِسْبَةً إلَى الْبَغْلِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صُورَتُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ الدَّرَاهِمَ الْآنَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجْمَاعُ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ وُجُودِهَا لَا يَضُرُّ لِمَا قِيلَ إنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً أَوَّلًا نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا وَزْنُهُ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ، وَالْآخَرُ أَرْبَعَةٌ فَخُلِطَ مَجْمُوعُ الدِّرْهَمَيْنِ وَقُسِمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ فَصَارَ الدِّرْهَمُ سِتَّةَ دَوَانِقَ، فَيُحْمَلُ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ النِّصَابَ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ مِائَةٍ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 84

الرَّاشِدِينَ، وَيَجِبُ تَأْوِيلُ خِلَافِ ذَلِكَ، وَوَزْنُ الدَّرَاهِمِ سِتَّةُ دَوَانِقَ، وَالدَّانِقُ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ، وَمَتَى زِيدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا، وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا.

قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَدِرْهَمُ الْإِسْلَامِ الْمَشْهُورُ الْيَوْمَ سِتَّةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ قِيرَاطٍ بِقَرَارِيطِ الْوَقْتِ.

قَالَ الشَّيْخُ: وَنِصَابُ الذَّهَبِ بِالْأَشْرَفِيِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَسُبْعَانِ وَتُسْعٌ، وَمُرَادُهُ بِالْأَشْرَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ الْقَايِتْبَاي، وَبِهِ يُعْلَمُ النِّصَابُ بِمَا عَلَى وَزْنِهِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ الْحَادِثَةِ الْآنَ، عَلَى أَنَّهُ حَدَثَ تَغْيِيرٌ فِي الْمِثْقَالِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، وَلَا وَقَصَ فِيهِمَا كَالْمُعْشَرَاتِ بَلْ مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ فَبِحِسَابِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَوْ بَعْضَ حَبَّةٍ لِإِمْكَانِ التَّجَزُّؤِ بِلَا ضَرَرٍ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي

(وَزَكَاتُهُمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (رُبْعُ عُشْرٍ) فِي النِّصَابِ لِخَبَرِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ، وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُكَمَّلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَيَكْمُلُ الْجَيِّدُ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعَاهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْجَوْدَةِ النُّعُومَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالرَّدَاءَةِ الْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ إنْ سَهُلَ بِأَنْ قَلَّتْ الْأَنْوَاعُ، وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ الْوَسَطِ كَمَا فِي الْمُعْشَرَاتِ وَلَا يُجْزِئُ رَدِيءٌ وَمَكْسُورٌ عَنْ جَيِّدٍ وَصَحِيحٍ كَمَرِيضَةٍ مِنْ صِحَاحٍ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَوْعٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا مَوْجُودَيْنِ وَهُوَ يُسَاوِي الْمِائَتَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَزْنُ الدَّرَاهِمِ سِتَّةُ دَوَانِقَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الدَّانِقُ مُعَرَّبٌ وَهُوَ سُدُسُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ عِنْدَ الْيُونَانِ حَبَّتَا خُرْنُوبٍ، وَأَنَّ الدِّرْهَمَ عِنْدَهُمْ اثْنَتَا عَشْرَةَ حَبَّةَ خُرْنُوبٍ، وَالدَّانِقُ الْإِسْلَامِيُّ حَبَّتَا خُرْنُوبٍ وَثُلُثَا حَبَّةِ خُرْنُوبٍ، فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الْإِسْلَامِيَّ سِتَّةَ عَشَرَ حَبَّةَ خُرْنُوبٍ وَتُفْتَحُ النُّونُ وَتُكْسَرُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَجَمْعُ الْمَكْسُورِ دَوَانِقُ وَجَمْعُ الْمَفْتُوحِ دَوَانِيقُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ.

وَقِيلَ كُلُّ جَمْعٍ عَلَى فَوَاعِلَ وَمَفَاعِلَ يَجُوزُ أَنْ يُمَدَّ بِالْيَاءِ فَيُقَالُ فَوَاعِيلُ وَمَفَاعِيلُ (قَوْلُهُ: وَالدَّانِقُ ثَمَانُ حَبَّاتٍ) أَيْ فَوَزْنُ الدِّرْهَمِ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ، وَسُبْعُهُ سَبْعُ حَبَّاتٍ وَخُمُسُ حَبَّةٍ، فَإِذَا زِيدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَهِيَ إحْدَى وَعِشْرُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ حَبَّةٍ صَارَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَهِيَ الْمِثْقَالُ (قَوْلُهُ: بِقَرَارِيطِ الْوَقْفِ) وَقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا، وَالْمِثْقَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا عَلَى الْأَوَّلِ وَعِشْرُونَ عَلَى الثَّانِي اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ) أَيْ أَشْرَفِيًّا (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالْأَشْرَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ الْقَايِتْبَاي) أَيْ وَهُوَ أَقَلُّ وَزْنًا مِنْ الدِّينَارِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ

(قَوْلُهُ: وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ الْوَرْقُ مُثَلَّثَةٌ وَكَكَتِفٍ وَجَبَلٍ: الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ الْجَمْعُ أَوْرَاقٌ وَوِرَاقٌ كَالرِّقَةِ الْجَمْعُ رُقُوقٌ وَالْوِرَاقُ الْكَثِيرُ الدَّرَاهِمُ، وَقَوْلُهُ الْوَرْقُ مُثَلَّثَةٌ: أَيْ مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ) أَيْ فِي الرِّقَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَشْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ تَخْفِيفُ الْيَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ الْوَسَطِ) أَيْ أَوْ يُخْرِجُ مِنْ أَحَدِهِمَا مُرَاعِيًا لِلْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ مِنْ الْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُمَا) أَيْ الرَّدِيءِ وَالْمَكْسُورِ (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي التَّعْجِيلِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عِلْمِ الْآخِذِ لَا عَلَى تَبْيِينِ الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ بِقَرَارِيطِ الْوَقْتِ) وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ النِّصَابُ بِمَا عَلَى وَزْنِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِهِ يُعْلَمُ النِّصَابُ بِدَنَانِيرِ الْمُعَامَلَةِ الْحَادِثَةِ الْآنَ

(قَوْلُهُ: فِي النِّصَابِ لِخَبَرِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ» إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي النِّصَابِ: وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا) وَهَلْ يَكُونُ مُسْقِطًا لِلزَّكَاةِ أَوْ لَا يُرَاجَعُ

ص: 85

وَإِذَا جَازَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ فَإِنْ بَقِيَ أَخَذَهُ، وَإِلَّا أَخْرَجَ التَّفَاوُتَ، وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمُخْرَجُ بِجِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَأَخْرَجَ عَنْهَا خَمْسَةً مَعِيبَةً، وَالْجَيِّدَةُ تُسَاوِي بِالذَّهَبِ نِصْفَ دِينَارٍ، وَالْمَعِيبَةُ تُسَاوِي بِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا فَيَبْقَى عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ، وَيُجْزِئُ الْجَيِّدُ وَالصَّحِيحُ عَنْ ضِدِّهِمَا بَلْ هُوَ أَفْضَلُ فَيُسَلِّمُهُ الْمُخْرَجَ إلَى مَنْ يُوَكِّلُهُ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ لَزِمَهُ نِصْفُ دِينَارٍ سَلَّمَ إلَيْهِمْ دِينَارًا نِصْفَهُ عَنْ الزَّكَاةِ وَبَاقِيَهُ لَهُ مَعَهُمْ أَمَانَةً، ثُمَّ يَتَفَاضَلُ هُوَ وَهُمْ فِيهِ، بِأَنْ يَبِيعُوهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيُقَاسِمُوا ثَمَنَهُ أَوْ يَشْتَرُوا مِنْهُ نِصْفَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ نِصْفَهُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (وَلَا شَيْءَ فِي)(الْمَغْشُوشِ) أَيْ الْمَخْلُوطِ كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ (حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا) لِلْأَخْبَارِ الْمَارَّةِ فَيُخْرِجُ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ، وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِالنُّحَاسِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا أَعْطَى الزَّكَاةَ خَالِصًا مِنْ خَالِصٍ.

وَالنُّحَاسُ وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ وَلِيًّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِعَدَمِ جَوَازِ تَبَرُّعِهِ بِنُحَاسِهِ، وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَتْ مُؤْنَةُ السَّبْكِ تَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْغِشِّ: أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ سَبْكٌ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْخَالِصِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِسَبْكٍ.

وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشَةِ، فَإِنْ عُلِمَ عِيَارُهَا صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً وَفِي الذِّمَّةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ عِيَارُهَا لِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا، وَلِذَلِكَ اُسْتُثْنِيَتْ مِنْ قَاعِدَةِ إنَّمَا كَانَ خَلِيطُهُ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَقَدْرُ الْمَقْصُودِ مَجْهُولٌ كَمِسْكٍ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ وَلَبَنٍ مَشُوبٍ بِمَاءٍ لَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهِ، فَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ غِشَّهَا مَقْصُودًا غَيْرَ صَحِيحٍ، فَلَوْ ضَرَبَ مَغْشُوشَةً عَلَى سِكَّةِ الْإِمَامِ، وَغِشُّهَا أَزْيَدُ مِنْ غِشِّ ضَرْبِهِ حَرُمَ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ بِإِبْهَامِ أَنَّهُ مِثْلُ مَضْرُوبِهِ، وَيُحْمَلُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إنْ غَلَبَتْ، وَلَوْ كَانَ الْغِشُّ يَسِيرًا بِحَيْثُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الْجَيِّدِ وَالصَّحِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ أَخَذَهُ) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِدَفْعِ التَّفَاوُتِ مَعَ بَقَائِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِأَخْذِهِ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ وَجَازَ دَفْعُ التَّفَاوُتِ وَهُوَ قَرِيبُ هَذَا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَ فَرْضَانِ مِنْ أَنَّهُ إذَا دُفِعَ غَيْرُ الْأَغْبَطِ لَا يُحْسَبُ إنْ دَلَّسَ الْمَالِكُ أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ مِنْ الْإِجْزَاءِ هُنَا مُطْلَقًا يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ صَرْفُهَا، وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَ الْمَكْسُورِ وَالرَّدِيءِ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْجَيِّدِ مَعَ أَخْذِ التَّفَاوُتِ كَبِيرُ أَمْرٍ، بِخِلَافِ الْمَوَاشِي فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّبْقِيَةُ وَالِاسْتِنْمَاءُ وَفِي غَيْرِ الْأَغْبَطِ ضَرَرٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَتِهِ) أَيْ التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَوَّمَ الْمُخْرَجُ بِجِنْسٍ آخَرَ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ بِجِنْسِهِ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ مُفَاضَلَةً كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الرِّبَا (قَوْلُهُ: فَيَبْقَى عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ نِصْفَ الدِّينَارِ إذَا قُسِمَ عَلَى الْخَمْسَةِ الْجَيِّدَةِ خَصَّ كُلُّ نِصْفِ خُمُسٍ مِنْهُ دِرْهَمًا، وَالْمَعِيبَةُ تَسَاوِي خُمُسَيْ دِينَارٍ، وَقِيمَتُهُمَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الْجَيِّدَةِ فَيَبْقَى مِنْ نِصْفِ الدِّينَارِ نِصْفُ خُمُسٍ يُقَابَلُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْجَيِّدَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ انْتَقَلَ لَهُ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْرَجَ فِضَّةً مَقْصُوصَةً فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُ الْخَالِصِ مِنْهَا قَدْرَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا مَرَّ) وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي قَدْرِ الْغِشِّ اهـ حَجّ.

أَقُولُ: هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ ثَمَّ أَهْلُ خِبْرَةٍ وَتَعَذَّرَ سَبْكُ جُزْءٍ يُعْلَمُ بِهِ مِقْدَارُ الْغِشِّ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَوْ سَبْكُ مَا يُمْكِنُ بِهِ مَعْرِفَتُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ غَلَطَ الْخَارِصِ فِي مُحْتَمَلٍ، وَالْمَخْرُوصُ بَاقٍ فَإِنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالْكَيْلِ، وَعَلَى مَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي عَدِّ الْمَاشِيَةِ بِمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْوَاجِبُ فَإِنَّهَا تُعَدُّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِسُهُولَةِ إعَادَةِ الْكَيْلِ أَوْ الْعَدِّ بِخِلَافِ مُرَاجَعَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَبِخِلَافِ السَّبْكِ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ) أَيْ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ غِشَّهَا مَقْصُودًا) أَيْ فَلَيْسَتْ مِنْ الْقَاعِدَةِ حَتَّى تُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ: وَغِشُّهَا أَزْيَدُ مِنْ غِشِّ ضَرْبِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ كُرِهَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مِثْلُ مَضْرُوبِهِ) وَمِثْلُ الْمَغْشُوشَةِ الْجَيِّدَةُ أَوْ الْمَغْشُوشَةُ بِمِثْلِ غِشِّ الْإِمَامِ لَكِنَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 86

لَا يَأْخُذُ حَظًّا مِنْ الْوَزْنِ فَوُجُودُهُ كَالْعَدَمِ.

وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ خَالِصَةً فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ.

وَيُكْرَهُ لِمَنْ مَلَكَ نَقْدًا مَغْشُوشًا إمْسَاكُهُ بَلْ يَسْبِكُهُ وَيُصَفِّيهِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إلَّا إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهَا، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ)(اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِأَنْ أُذِيبَ الْإِنَاءُ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ وَزْنُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ سِتَّمِائَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَرْبَعَمِائَةٍ مِنْ الْآخَرِ (وَجُهِلَ أَكْثَرُهُمَا)(زُكِّيَ) كُلًّا مِنْهُمَا بِفَرْضِهِ (الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَفِضَّةً) احْتِيَاطًا إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ التَّمْيِيزُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَلَا يَجُوزُ فَرْضُ كُلِّهِ ذَهَبًا إذْ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ مُيِّزَ) بِالنَّارِ كَأَنْ يَسْبِكَ جُزْءًا يَسِيرًا إنْ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ كَمَا فِي الْبَسِيطِ، أَوْ يَمْتَحِنُهُ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يُخْرِجُهَا، ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ أَلْفًا فِضَّةً وَيُعَلِّمُهُ، وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ فَوْقَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْبَرُ حَجْمًا مِنْ الذَّهَبِ، ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ الْمَخْلُوطَ، فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِوَضْعِ الْمَخْلُوطِ أَوَّلًا وَوَسَطًا أَيْضًا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ وَأَضْبَطُ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ مِنْهُمَا مَعًا مَرَّتَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَالْأَقَلُّ فِضَّةً وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ وَيُعَلِّمَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَامَةً، ثُمَّ يَضَعَ الْمَخْلُوطَ فَيَلْحَقَ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ.

قَالَ: وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ طَرِيقًا آخَرَ يَأْتِي أَيْضًا مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ الْمُخْتَلِطَ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا فِي مَاءٍ، وَيُعَلِّمَ كَمَا مَرَّ ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يَرْتَفِعَ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ، ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ حَتَّى يَرْتَفِعَ لِتِلْكَ الْعَلَامَةِ، وَيَعْتَبِرَ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَالْفِضَّةُ ثَمَانِمِائَةٍ عَلِمْنَا أَنَّ نِصْفَ الْمُخْتَلِطِ ذَهَبٌ وَنِصْفَهُ فِضَّةٌ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ اهـ.

وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا نِصْفَانِ فِي الْحَجْمِ لَا فِي الْوَزْنِ، فَيَكُونُ زِنَةُ الذَّهَبِ سِتَّمِائَةٍ وَزِنَةُ الْفِضَّةِ أَرْبَعَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يَكُونُ أَلْفًا بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَا كَذَلِكَ.

وَبَيَانُهُ بِهَا أَنَّك إذَا جَعَلْت

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَنْعَتَهَا مُخَالِفَةٌ لِصَنْعَةِ دَرَاهِمِ الْإِمَامِ، وَمَنْ عَلِمَ بِمُخَالَفَتِهَا لَا يَرْغَبُ فِيهَا كَرَغْبَتِهِ فِي دَرَاهِمِ الْإِمَامِ فَتَحْرُمُ لِمَا فِي صَنْعَتِهَا مِنْ التَّدْلِيسِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ) أَيْ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّبَ عَلَى ذَلِكَ اهـ دُمَيْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِمَنْ مَلَكَ نَقْدًا مَغْشُوشًا إمْسَاكُهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَعُمَّ التَّعَامُلُ بِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْبِكُهُ) بَابُهُ ضَرَبَ يَضْرِبُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ وَلِيًّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَا فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُمَا قَدْرُ مَا فِي غَيْرِهِ مِنْ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ زِنَةُ الذَّهَبِ سِتَّمِائَةٍ إلَخْ) إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ حَجْمَ الْوَاحِدِ مِنْ الْفِضَّةِ كَحَجْمِ وَاحِدٍ وَنِصْفٍ مِنْ الذَّهَبِ، فَحَجْمُ جُمْلَةِ الْفِضَّةِ كَحَجْمِ قَدْرِهَا وَنِصْفِ قَدْرِهَا مِنْ الذَّهَبِ، فَإِذَا كَانَ الْإِنَاءُ أَلْفًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ مِقْدَارُ الْفِضَّةِ وَمِقْدَارُ نِصْفِهَا، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْجُمْلَةِ أَلْفًا إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ بِهَا إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ) إنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَسْهَلُ عَمَلًا فَمَمْنُوعٌ فَإِنَّ عِدَّةَ الْوَضْعَاتِ فِيهِ كَاَلَّذِي ذَكَرُوهُ، وَيَزِيدُ هَذَا بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَهْيِئَةِ قِطْعَتَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ زِنَةً وَاحِدَةً سِتَّمِائَةٍ وَالْأُخْرَى أَرْبَعَمِائَةٍ وَمِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ، بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَّا إلَى قِطْعَتَيْنِ.

نَعَمْ الْأَسْهَلُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ أَنْ يُوضَعَ الْمُخْتَلِطُ فِي مَاءٍ فِي إنَاءٍ ثُمَّ يُعْلَمُ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ مَكَانَهُ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً، فَإِنْ بَلَغَ الْمَاءُ مَحَلَّ الْعَلَامَةِ فَقَطْ عَلِمْنَا أَنَّ الْأَكْثَرَ ذَهَبٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا عُلِمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ فِضَّةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ مَثَلًا وَالْفِضَّةُ ثَمَانَمِائَةٍ عَلِمْنَا إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْفِضَّةَ الْمُوَازِنَةَ لِلذَّهَبِ يَكُونُ حَجْمُهَا مِقْدَارَ حَجْمِهِ مَرَّةً وَنِصْفًا وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ الْخَارِجِ،

ص: 87

كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَزِدْت عَلَى الذَّهَبِ مِنْهُ بِقَدْرِ نِصْفِ الْفِضَّةِ وَهُوَ مِائَتَانِ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَلْفًا، وَالطَّرِيقُ الْأُولَى كَمَا قَالَ تَأْتِي أَيْضًا فِي مُخْتَلِطٍ جُهِلَ وَزْنُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، قَالَهُ الْفُورَانِيُّ: فَإِنَّك إذَا وَضَعْت الْمُخْتَلِطَ الْمَذْكُورَ تَكُونُ عَلَامَتُهُ بَيْنَ عَلَامَتَيْ الْخَالِصِ، فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا سَوَاءً فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الذَّهَبِ شَعِيرَتَانِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ شَعِيرَةٌ فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ وَثُلُثَاهُ ذَهَبٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْعَكْسُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَعَذَّرَ الِامْتِحَانُ وَعَسِرَ التَّمْيِيزُ بِأَنْ يَفْقِدَ آلَاتِ السَّبْكِ أَوْ يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى زَمَانٍ صَالِحٍ وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ السَّبْكُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ، وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ، وَلَوْ تَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ إنْ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمٍ

وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا نِصْفُهُ بِيَدِهِ وَبَاقِيهِ مَغْصُوبٌ أَوْ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ زَكَّى الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ

(وَيُزَكَّى الْمُحَرَّمُ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَاحِدُهُ حَلْيٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ (وَ) مِنْ (غَيْرِهِ) كَالْأَوَانِي إجْمَاعًا وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ، فَلَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَجَبَتْ زَكَاةُ مِائَتَيْنِ فَقَطْ فَيُخْرِجُ خَمْسَةً مِنْ نَوْعِهِ لَا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ دُونَهُ وَلَا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ أَعْلَى، أَوْ يَكْسِرُهُ وَيُخْرِجُ خَمْسَةً أَوْ يُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا إذَا وُجِدَ أَمَّا إذَا فُقِدَ فَيُقَوَّمُ اعْتِبَارُ ظَنِّهِ وَيَعْضُدُهُ التَّخْمِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ اهـ دَمٌ: أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ إصَابَتَهُمَا لِثَوْبِهِ وَجَهِلَ مَحَلَّهُ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ، لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيِّ يُؤْخَذُ ضَعْفُهُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَمْتَحِنُهُ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ) أَيْ فَيُزَكِّي الْأَكْثَرَ ذَهَبًا وَالْأَكْثَرَ فِضَّةً، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ فَقَدَ آلَةَ السَّبْكِ أَوْ احْتَاجَ فِيهِ لِزَمَنٍ طَوِيلٍ أُجْبِرَ عَلَى تَزْكِيَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فَوْرِيَّةٌ، كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ فَقَالَ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ السَّبْكُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ السَّبْكُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ) أَيْ لِاتِّهَامِهِ، وَلِأَنَّ مَبْنَى الزَّكَاةِ عَلَى الْيَقِينِ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمُخْتَلِطُ بَاقِيًا فَإِنْ فُقِدَ عَمِلَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَلَّى إلَخْ) غَايَةُ

(قَوْلِهِ زَكَّى الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ) أَيْ وَأَمَّا الْمَغْصُوبُ وَالدَّيْنُ فَإِنْ سَهُلَ اسْتِخْلَاصُهُ لِكَوْنِهِ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ فَوْرًا أَيْضًا، وَإِلَّا فَعِنْدَ رُجُوعِهِ إلَى يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ

(قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ مَعَ الْوَزْنِ اهـ حَجّ اعْتِبَارًا بِهَيْئَتِهِ الْمَوْجُودَةِ حِينَئِذٍ، وَذَلِكَ كَأَنْ صَاغَ حُلِيًّا لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ فَأَمْسَكَهُ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ مَثَلًا فَيُعْتَبَرُ الْوَزْنُ مَعَ الْقِيمَةِ حَيْثُ اتَّخَذَهُ لِيُؤَخِّرَهُ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ قَصَدَ مَالِكُهُ اسْتِعْمَالَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ فَيُعْتَبَرُ الْوَزْنُ مَعَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا) هَذَا إنْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ مُحَرَّمَةً كَمَا هُوَ الْفَرْضُ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ الْهَائِمِ أَنَّ جَوْهَرَ الذَّهَبِ كَجَوْهَرِ الْفِضَّةِ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمِثْقَالُ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعٍ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةَ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ النِّصْفُ فِي الْوَزْنِ أَوْ فِي الْحَجْمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ.

ص: 88

وَمَا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ كَضَبَّةِ الْإِنَاءِ الْكَبِيرَةِ لِحَاجَةٍ أَوْ الصَّغِيرَةِ لِزِينَةٍ تَجِبُ فِيهَا أَيْضًا (لَا) الْحُلِيِّ (الْمُبَاحِ فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ كَعَوَامِلِ الْمَوَاشِي، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَأَجَابُوا عَمَّا وَرَدَ مِمَّا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُلِيَّ كَانَ مُحَرَّمًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَبِأَنَّ فِيهِ إسْرَافًا، وَالثَّانِي يُزَكَّى لِأَنَّ زَكَاةَ النَّقْدِ تُنَاطُ بِجَوْهَرِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ زَكَاتَنَا إنْمَاطٌ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا بِجَوْهَرِهِ إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى إنَاءً لِيَتَّخِذَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا فَحُبِسَ وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي طُهْرِهِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ غَيْرُهُ فَبَقِيَ حَوْلًا كَذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ؟ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَا لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، وَلَوْ وَرِثَ حُلِيًّا مُبَاحًا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ إقَامَةً لِنِيَّةِ مُورِثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ، وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ، وَالِاتِّخَاذُ مُقَرَّبٌ لِلِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِالْإِجْمَاعِ لِلذَّكَرِ وَغَيْرِهِ، وَذُكِرَ ذَلِكَ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ وَبَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَلَا تَكْرَارَ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ وَمِنْهُ الْمَيْلُ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا.

نَعَمْ إنْ صَدِئَ مَا ذُكِرَ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَطْعِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَآخَرِينَ، وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى صَدًا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، وَكَذَا مَيْلُ الذَّهَبِ لِحَاجَةِ التَّدَاوِي، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً وَوَزْنُهُ وَقِيمَتُهُ مَا ذَكَرَ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ قِيمَتُهَا مَصُوغَةً سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكْسِرَهُ وَيُخْرِجَ مِنْهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَوْ يُخْرِجَ رُبْعَهُ مَشَاعًا فَيَبِيعَهُ السَّاعِي بِذَهَبٍ وَيَقْسِمَهُ بِقِسْمِهِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَحَقِّينَ، كَذَا فِي شُرُوحِ الرَّوْضِ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا مَضْرُوبَةً، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَصُوغَةً، فَإِذَا أَخْرَجَ سَبْعَةً وَنِصْفًا كَانَ رِبًا لِزِيَادَةِ الْمُخْرَجِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَقَدْ يُقَالُ: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الرِّبَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْعُقُودِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ بِعَقْدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا مَا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِلْأَدَاءِ مِنْهُ لِضَرَرِ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ) كَصَاحِبِ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَكْرُوهُ إلَخْ قُوَّةُ الْكَلَامِ تَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ إنَاءٍ فِيهِ ضَبَّةٌ مَكْرُوهَةٌ اهـ.

وَهِيَ تُفِيدُ الْكَرَاهَةَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي مَحَلِّ الضَّبَّةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ) مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ بِالذَّهَبِ وَلَا يُخْرِجُ زَكَاتَهُ، وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ زَكَاتَهُ إنَّمَا تُنَاطُ إلَخْ) أَيْ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَغْنٍ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَرْفِهِ فِي الْحَوَائِجِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى إنَاءً إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ صَاغَ إنَاءً عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ، ثُمَّ اُضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي مُبَاحٍ فَقَصَدَ إعْدَادَهُ لَهُ فَهَلْ تَجِبُ زَكَاتُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْقَصْدِ الطَّارِئِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ حَجّ بِالْهَامِشِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ أَوْ لِاسْتِعْمَالِهِ لِلشُّرْبِ مِنْهُ لِمَرَضٍ أَخْبَرَهُ الثِّقَةُ أَنَّهُ لَا يُزِيلُهُ إلَّا هُوَ، وَأَمْسَكَهُ لِأَجْلِهِ أَوْ اتَّخَذَهُ ابْتِدَاءً ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فِي طُهْرِهِ أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَهُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ) أَيْ حَيْثُ لَا زَكَاةَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي تِلْكَ) أَيْ وَهِيَ مَا لَوْ اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: دُونَ هَذِهِ) أَيْ وَهِيَ مَا لَوْ وَرِثَ حُلِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعَدًّا لِلِاسْتِعْمَالِ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى صَدًا) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ) أَيْ لَوْ كَانَ الصَّدَأُ مِنْ النُّحَاسِ، وَإِلَّا فَالصَّدَأُ الْحَاصِلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْوَسَخِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَيْلُ الذَّهَبِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 89

إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَطِرَازُ الذَّهَبِ إذَا حَالَ لَوْنُهُ وَذَهَبَ حُسْنُهُ يَلْتَحِقُ بِالذَّهَبِ إذَا صَدِئَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَالسِّوَارُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا (وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِخَبَرِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» وَالْفِضَّةُ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخُنُوثَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِشَهَامَةِ الرِّجَالِ، وَمَا تَتَّخِذُهُ الْمَرْأَةُ مِنْ تَصَاوِيرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَرَامٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي (فَلَوْ)(اتَّخَذَ) الرَّجُلُ (سِوَارًا) مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ) مِنْ لُبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ) بِلَا كَرَاهَةٍ (فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالنَّامِي لِتَهْيِئَتِهِ لِلْإِخْرَاجِ، وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ تَهَيُّؤُهُ لَهُ، وَيُخَالِفُ قَصْدَ كَنْزِهِ الْآتِي لِصَرْفِهِ هَيْئَةَ الصِّيَاغَةِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُجْرَةِ كَأُجْرَةِ الْعَامِلَةِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُحَرَّمٍ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْمُبَاحِ فِي وَقْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ عُكِسَ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ، أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ نَظَرًا لِقَصْدِ الِابْتِدَاءِ.

فَإِنْ طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ ابْتَدَأَ لَهَا حَوْلًا مِنْ وَقْتِهِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لَهُمَا وَجَبَتْ قَطْعًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ لِأَنَّ اسْمَ الزَّكَاةِ مَنُوطٌ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَرَجَ عَنْهُ مَا قُصِدَ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ لِغَرَضِ تَزَيُّنِ النِّسَاءِ لِأَزْوَاجِهِنَّ فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا قَصْدٍ مَا لَوْ قَصَدَ اتِّخَاذَهُ كَنْزًا فَتَجِبُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ (وَكَذَا لَوْ)(انْكَسَرَ الْحُلِيُّ) الْمُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ بِحَيْثُ امْتَنَعَ ذَلِكَ مِنْهُ (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) عِنْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ وَأَمْكَنَ مِنْ غَيْرِ سَبْكٍ وَصَوْغٍ لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ بِالْإِلْحَامِ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ دَارَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَنَزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ، وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ انْكِسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ بِمَا قَرَّرْته بِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ لَا زَكَاةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مُرْصَدًا لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ، فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ إنْ قَصَدَ بَعْدَهُ إصْلَاحَهُ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ

(وَيُحَرَّمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَكَاَلَّذِي صَدِئَ مَيْلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَصْلَحَ (قَوْلُهُ: إذَا حَالَ لَوْنُهُ) أَيْ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ إلْحَاقِهِ بِالذَّهَبِ نَظَرٌ مُعْتَمَدٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ ذَهَبٌ ذَاتُ وَهِيَّةٍ، بِخِلَافِ مَا صَدِئَ فَإِنَّ صَدَاهُ يَمْنَعُ صِفَةَ الذَّهَبِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ ضَمُّهَا) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَسْوَارٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَحَكَى الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ الْكَسْرَ أَيْضًا اهـ دَم: أَيْ كَسْرَ الْهَمْزَةِ.

(قَوْلُهُ: حَرَامٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ يَعِيشُ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ، بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَحَيَوَانٍ مَقْصُوعِ الرَّأْسِ مَثَلًا فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ كَمَا مَرَّ فِي الضَّبَّةِ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ بِلَا قَصْدٍ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِقَصْدٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدُ مُحَرَّمٍ) أَيْ وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْمُحَرَّمِ قَصْدُ مُبَاحٍ فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهِ مِنْ حِينِ الْقَصْدِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ قَصَدَ مُبَاحًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ لِمُحَرَّمٍ أَوْ عَكْسِهِ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا قَصْدٍ مَا لَوْ قَصَدَ اتِّخَاذَهُ كَنْزًا) أَيْ بِأَنْ اتَّخَذَهُ لِيَدَّخِرَهُ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ لَا فِي مُحَرَّمٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ ادَّخَرَهُ لِيَبِيعَهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى ثَمَنِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي حُلِيٍّ اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَسْرَ هُنَا الْمُنَافِيَ لِلِاسْتِعْمَالِ قَرَّبَهُ مِنْ التِّبْرِ وَأَعْطَاهُ حُكْمَهُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حِينَ عَلِمَ بِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَيُوَجَّهُ بِمِثْلِ مَا عُلِّلَ بِهِ كَأَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ الْإِصْلَاحِ بَعْدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 90