الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ
الْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ» وَالْبَزُّ بِيَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مُشَدَّدَةٍ يُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَزَّازِينَ وَعَلَى السِّلَاحِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَزَكَاةُ الْعَيْنِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي الثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ فَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التِّجَارَةِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا الْأَمْرُ بِإِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ مِمَّا يُعَدُّ لِلْبَيْعِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَجْمَع عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى وُجُوبِهَا
(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ
الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ) كَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاشِي وَالنَّاضِّ (مُعْتَبَرًا بِآخِرِ الْحَوْلِ) أَيْ فِي آخِرِهِ فَقَطْ إذْ هُوَ حَالُ الْوُجُوبِ وَلَا يُعْتَبَرُ غَيْرُهُ لِكَثْرَةِ اضْطِرَابِ الْقِيَمِ (وَفِي قَوْلٍ بِطَرَفَيْهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا إذْ تَقْوِيمُ الْعُرُوضِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ يَشُقُّ وَيَحُوجُ إلَى مُلَازَمَةِ السُّوقِ وَمُرَاقَبَةٍ دَائِمَةٍ (وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) كَالْمَوَاشِي وَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ النِّصَابِ فِي لَحْظَةٍ انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَإِنْ كَمُلَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَهَذَانِ مَخْرَجَانِ وَالْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ اعْتِبَارُ آخِرِ الْحَوْلِ (لَوْ رُدَّ) مَالُهَا (إلَى النَّقْدِ) كَأَنْ بِيعَ بِهِ، وَكَانَ مِمَّا يُقَوَّمُ بِهِ آخِرَ الْحَوْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي النَّقْدِ لِإِرَادَتِهِ الْمَعْهُودَ (فِي خِلَالِ الْحَوْلِ) أَيْ أَثْنَائِهِ (وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً)(فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَيَبْتَدِئُ حَوْلُهَا مِنْ) وَقْتِ (شِرَائِهَا) لِتَحَقُّقِ نَقْصِ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مَظْنُونٌ، أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِعَرَضٍ أَوْ بِنَقْدٍ لَا يُقَوَّمُ بِهِ آخِرَ الْحَوْلِ كَأَنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ، وَالْحَالُ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِنَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ وَهُوَ نِصَابٌ فَحَوْلُهُ بَاقٍ.
وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ بَادَلَ بِهَا سِلْعَةً نَاقِصَةً عَنْ النِّصَابِ فَإِنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَلَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ]
(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَوُجُوبِ فِطْرَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ) أَيْ فِي زَكَاتِهَا (قَوْلُهُ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَزَّازِينَ) ظَاهِرَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَزَكَاةُ الْعَيْنِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَأَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِهَا
[شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ]
(قَوْلُهُ: وَهَذَانِ مَخْرَجَانِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَالْمَخْرَجُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَجْهِ تَارَةً وَبِالْقَوْلِ أُخْرَى، وَكَتَبَ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ: أَيْ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْوَجْهِ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ اهـ ثُمَّ قَوْلُهُ بِالْوَجْهِ تَارَةً إلَخْ هَلْ التَّعْبِيرُ بِالْأُولَى أَوْلَى أَوْ بِالثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لِلْأَصْحَابِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِيهِ النِّسْبَةَ لِلْإِمَامِ بِأَنَّهُ قَالَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ الْأَصْحَابُ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرُهُ أَوْ نُصُوصٍ أُخْرَى لَهُ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) أَيْ التَّنْضِيضِ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُّ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِدَنَانِيرَ) أَيْ إمَّا لِكَوْنِهِ اشْتَرَاهُ بِهَا، أَوْ كَوْنِهَا غَالِبَ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِنَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ) وَهُوَ دُونَ نِصَابٍ وَلَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا أَوْ هُوَ إلَخْ حَجّ.
ثُمَّ قَالَ: وَفَائِدَةُ عَدَمِ انْقِطَاعِهِ فِي الثَّالِثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا شَارِحٌ وَفِيهَا مَا فِيهَا مِنْ تَأَمُّلِ كَلَامِهِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً تَمْثِيلٌ لَا تَقْيِيدٌ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ قُبَيْلَ آخِرِ الْحَوْلِ نَقْدًا آخَرَ يُكْمِلُهُ زَكَّاهُ، ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ الْمَنْقُولَ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ تَمَامَهُ لِتَحَقُّقِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِ نَقْصِ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ) يَرِدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَضَّ بِنَقْدٍ غَيْرِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَهُوَ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ
مَعْدُودَةٌ مِنْ التِّجَارَةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيعِ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى فَحَذَفَهُ لِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَرَضِهِ (وَلَوْ)(تَمَّ الْحَوْلُ) أَيْ حَوْلُ مَالِ التِّجَارَةِ (وَقِيمَةُ الْعَرْضِ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (دُونَ النِّصَابِ) وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُكْمِلُهُ بِهِ مِنْ جِنْسِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ وَيَبْطُلُ) الْحَوْلُ (الْأَوَّلُ) فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلٌ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَضَى وَلَا زَكَاةَ فِيهِ.
وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ بَلْ مَتَى بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَيُبْتَدَأُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِهِ إذْ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ أَقَامَ عِنْدَهُ حَوْلًا بَلْ وَزِيَادَةً، وَتَمَّ نِصَابًا فَيَقُولُ الْعَامِلُ هُنَا كَمَا قَالَ الْأَخُ الشَّقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْحِمَارِيَّةِ: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَلَسْنَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ؟ أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَابْتَاعَ بِخَمْسِينَ مِنْهَا عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ آخِرَ الْحَوْلِ، وَإِنْ مَلَكَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بِالْمِائَةِ، ثُمَّ مَلَكَ خَمْسِينَ زَكَّى الْجَمِيعَ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُضَمُّ فِي النِّصَابِ دُونَ الْحَوْلِ (وَيَصِيرُ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِلْقِنْيَةِ بِنِيَّتِهَا) أَيْ الْقِنْيَةِ فَمَتَى نَوَاهَا بِهِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَصْدٍ مُقَارِنٍ لِلتَّصَرُّفِ، بِخِلَافِ عَرْضِ الْقِنْيَةِ لَا يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهَا كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْقِنْيَةَ هِيَ الْحَبْسُ لِلِانْتِفَاعِ، وَقَدْ وُجِدَتْ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَرَتَّبْنَا عَلَيْهَا أَثَرَهَا، وَالتِّجَارَةُ هِيَ التَّقْلِيبُ فِي السِّلَعِ بِقَصْدِ الِاسْتِرْبَاحِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الِاقْتِنَاءَ هُوَ الْأَصْلُ فَاكْتَفَيْنَا فِيهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ التِّجَارَةِ، وَلِأَنَّ مَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْحَوْلِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ نَوَى بِالْمَعْلُوفَةِ السَّوْمَ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَنَوَى بِهِ اسْتِعْمَالًا جَائِزًا أَمْ مُحَرَّمًا كَلُبْسِهِ الدِّيبَاجَ وَقَطْعِهِ الطَّرِيقَ بِالسَّيْفِ.
وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي التَّتِمَّةِ، وَلَوْ نَوَى الْقِنْيَةَ بِبَعْضِ عَرْضِ التِّجَارَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَفِي تَأْثِيرِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَقَرَّ بِهِمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّأْثِيرُ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَيْهِ وَإِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
النَّقْصِ عَنْ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيعِ) هُوَ قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَظْهَرِ لَوْ رُدَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ أَوْلَى) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِبَعْضِ مَالِ الْقِنْيَةِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ بِبَاقِيهِ عَرْضًا آخَرَ أَوَّلَ صَفَرٍ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا؛ لِأَنَّهُ بِأَوَّلِ الْمُحَرَّمِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ يَنْقَطِعُ مَا اشْتَرَاهُ أَوَّلًا لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصَابِ وَيُبْتَدَأُ لَهُ حَوْلٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيُقَوَّمُ الثَّانِي أَوَّلَ صَفَرٍ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا، فَلَا يَجِبُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةٌ إلَّا إذَا بَلَغَ نِصَابًا آخَرَ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يُزَكَّى الْجَمِيعُ آخِرَ حَوْلِ الثَّانِي لِوُجُودِ الْجَمِيعِ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَوَّلِ صَفَرٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَيْسَ مَعَهُ بِخَمْسِينَ مِنْهَا أَيْ وَبَقِيَتْ الْخَمْسُونَ الْأُخْرَى فِي مِلْكِهِ جَمِيعَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ (قَوْلُهُ: إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ يُزَكَّى عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ زَكَّى الْجَمِيعَ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ أَنَّهُ يُقَوِّمُ مَالَ التِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْخَمْسِينَ، فَإِنْ بَلَغَ مَعَهَا نِصَابًا زَكَّى الْجَمِيعَ وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِهَذَا الْمُتَبَادَرِ عَلَى حَجّ ثُمَّ قَالَ: وَبِهِ يَنْقَطِعُ مَا فِي هَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِشَيْخِنَا مِنْ قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْقِنْيَةِ بِنِيَّتِهَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ، وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ خِلَافَ مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: فَمَتَى نَوَاهَا بِهِ انْقَطَعَ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُحْبَسُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ: مُقَارِنٍ لِلتَّصَرُّفِ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِتَصِيرَ مَالَ تِجَارَةٍ (قَوْلُهُ فِي التَّتِمَّةِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
النَّقْدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَلَكَ خَمْسِينَ) أَيْ وَبَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ مِائَةً وَخَمْسِينَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْحَوْلِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ) وَهُوَ عَرْضُ الْقِنْيَةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ: يَعْنِي لَا يَثْبُتُ فِيهِ حَوْلُ التِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهَا: أَيْ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلتَّصَرُّفِ كَمَا يَأْتِي فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ عَرْضِ الْقِنْيَةِ لَا يَصِيرُ إلَخْ
جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَبَ الْمَنْعُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُورِثُ عَنْ مَالِ تِجَارَةٍ انْقَطَعَ حَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ لَهُ حَوْلٌ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ شَرْطِ السَّوْمِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِكَسْبِهِ بِمُعَاوَضَةٍ كَشِرَاءٍ) وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ سَوَاءٌ أَكَانَ بِعَرْضٍ أَمْ نَقْدٍ أَمْ دَيْنٍ حَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ لِانْضِمَامِ قَصْدِ التِّجَارَةِ إلَى فِعْلِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ ذَاتِ ثَوَابٍ، أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَنْ دَمٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ آجَرَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ مَا لَهُ وَمَا اسْتَأْجَرَهُ أَوْ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِأَنْ كَانَ يَسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ وَيُؤَجِّرُهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ، أَمَّا لَوْ اقْتَرَضَ مَالًا نَاوِيًا بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ إرْفَاقٌ.
قَالَهُ الْقَاضِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ لِلْمُتَوَلِّي وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَيْهِ: أَيْ أَوْ إلَى وَارِثِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: انْقَطَعَ حَوْلُهُ) أَيْ بِالْمَوْتِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَى الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ مُقَارَنَتُهَا لِجَمِيعِ الْعَقْدِ بَلْ يَكْفِي وُجُودُهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ إلَّا مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَأَخُّرُهَا عَنْ الْعَقْدِ وَإِنْ وُجِدَتْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَهُ اتِّجَاهٌ فَلْيُتَأَمَّلْ مَرَّ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.
وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا: وَيَظْهَرُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الِاقْتِرَانِ هُنَا بِاللَّفْظِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُمَلِّكِ مَا يَأْتِي فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ اهـ.
وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِجُزْءٍ، لَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الزَّوْجُ حَتَّى لَوْ خَلَعَهَا بِكِنَايَةٍ، وَلَمْ يَنْوِ مَعَ لَفْظِهِ فَلَغْوٌ وَإِنْ نَوَى مَعَ الْقَبُولِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ سم عَنْ مَرَّ الِاكْتِفَاءُ بِهَا، وَإِنْ اقْتَرَنَتْ بِالْقَبُولِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَفَارِقُ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ عِنْدَ شِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الشِّرَاءَ جَلْبُ مِلْكٍ وَالْأُضْحِيَّةَ إزَالَتُهُ فَيَتَعَذَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا.
وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ التَّعَذُّرُ لَوْ كَانَ الْمَنْوِيُّ التَّضْحِيَةَ حَالَ الشِّرَاءِ، أَمَّا لَوْ كَانَ هُوَ التَّضْحِيَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَذُّرِ عُرْفًا عَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ إزَالَةِ الْمِلْكِ وَجَلْبِهِ (قَوْلُهُ: بِكَسْبِهِ) أَيْ بِدُخُولِهِ فِي يَدِهِ مَادَامَ رَأْسُ الْمَالِ بَاقِيًا.
(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ وُجُودُهَا عِنْدَ التَّصَرُّفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ) أَيْ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضٍ) فِي نُسْخَةٍ أَوْ قَرْضٍ وَمِثْلُهُ فِي الزِّيَادِيِّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ بَدَلَهُ، وَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ لَا يَكُونُ مَالَ تِجَارَةٍ وَكَانَ مِنْ الْعَرُوضِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عِوَضًا عَمَّا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِ الضَّابِطُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَأْجَرَهُ) يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ وَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَنْفَعَتِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَلِأَنَّ الْمُرَادَ قَوْلُهُ أَوْ مَا اسْتَأْجَرَهُ الْعِوَضُ الَّذِي أَخَذَهُ عَنْ مَنْفَعَةِ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِأَنْ آجَرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِدَرَاهِمَ فَهِيَ مَالُ تِجَارَةٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَنْفَعَةِ إلَخْ نَفْسُ الْمَنْفَعَةِ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَمَاكِنَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَنَافِعُهَا مَالُ تِجَارَةٍ قَالَ حَجّ: فَفِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُؤَجِّرَهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَضَى حَوْلٌ، وَلَمْ يُؤَجِّرْهَا يَلْزَمُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيُقَوِّمُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ حَوْلًا وَيُخْرِجُ زَكَاةَ تِلْكَ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ تُحَصَّلْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ) أَيْ فَلَوْ اشْتَرَى بِهِ شَيْئًا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ انْعَقَدَ حَوْلُهَا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ لَهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ قَبَضَ الْمُقْرِضُ بَدَلَ الْمُقْرَضِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ كَأَنْ أَقْرَضَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ إلَّا فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِالْفِعْلِ، فَلَوْ تَصَرَّفَ فِي بَعْضِ الْعُرُوضِ الْمَوْرُوثَةِ وَحَصَلَ كَسَادٌ فِي الْبَاقِي لَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ إلَّا فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَأْجَرَهُ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَفِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُؤَجِّرَهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَضَى حَوْلٌ وَلَمْ يُؤَجِّرْهَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيُقَوِّمُهَا بِأُجْرَةِ الْمَثَلِ حَوْلًا وَيُخْرِجُ زَكَاةَ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ لِأَنَّهُ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ عِنْدَهُ
تَفَقُّهًا وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَكَذَا الْمَهْرُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ) فَيَصِيرَانِ مَالَ تِجَارَةٍ إذَا اقْتَرَنَا بِنِيَّتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِكَوْنِهِمَا مُلِكَا بِمُعَاوَضَةٍ، وَلِهَذَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيمَا مُلِكَ بِهِمَا.
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ (لَا بِالْهِبَةِ) غَيْرِ ذَاتِ الثَّوَابِ (وَالِاحْتِطَابِ) وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِرْثِ (وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) أَوْ إقَالَةٍ أَوْ فَلَسٍ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ بَلْ الِاسْتِرْدَادُ الْمَذْكُورُ فَسْخٌ لَهَا، وَلِأَنَّ التَّمَلُّكَ مَجَّانًا لَا يُعَدُّ تِجَارَةً، فَمَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلْقِنْيَةِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ أَوْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَصِرْ مَالَ تِجَارَةٍ وَإِنْ نَوَاهَا، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ لَهَا فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُهَا، وَلَوْ اشْتَرَى لَهَا صَبْغًا لِيَصْبُغَ بِهِ أَوْ دَبَّاغًا لِيَدْبُغَ بِهِ لِلنَّاسِ صَارَ مَالَ تِجَارَةٍ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَيْنُ نَحْوِ الصَّبْغِ عِنْدَهُ عَامًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ أَوْ صَابُونًا أَوْ مِلْحًا لِيَغْسِلَ بِهِ أَوْ يَعْجِنَ بِهِ لَهُمْ لَمْ يَصِرْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَهْلَكُ فَلَا يَقَعُ مُسَلَّمًا لَهُمْ (وَإِذَا مَلَكَهُ) أَيْ عَرْضَ التِّجَارَةِ (بِنَقْدٍ) وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَضْرُوبَيْنِ (نِصَابٌ) أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا أَوْ بِعَيْنِ عَشَرَةٍ وَفِي مِلْكِهِ عَشَرَةٌ أُخْرَى (فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ) ذَلِكَ (النَّقْدَ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَفِي جِنْسِهِ، وَلِأَنَّ النَّقْدَيْنِ إنَّمَا خُصَّا بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ دُونَ بَاقِي الْجَوَاهِرِ لِإِرْصَادِهِمَا لِلنَّمَاءِ، وَالنَّمَاءُ يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي الْوُجُوبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
حَيَوَانًا ثُمَّ قَبَضَ مِثْلَهُ الصُّورِيَّ كَذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إذَا اقْتَرَنَا بِنِيَّتِهَا) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ مُجْبَرًا وَمِنْهَا مُقَارَنَةٌ لِعَقْدِ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ إقَالَةٍ أَوْ فَلَسٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِأَنَّهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ إلَخْ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ: أَيْ بِأَنْ لَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ جَانِبِهِ كَأَنْ بَاعَ بِلَا شَرْطِ خِيَارٍ أَوْ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: لِيَصْبُغَ بِهِ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَقَطَعَ وَمِثْلُهُ يَدْبُغُ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْحَاصِلُ فِي يَدِهِ مِنْ غَلَّةِ الصَّبْغِ، أَوْ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهَا مِنْ الصَّبْغِ، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بَاقِيًا فِي يَدِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَيْنُ نَحْوِ الصَّبْغِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصَّبْغِ بَيْنَ كَوْنِهِ تَمْوِيهًا وَغَيْرَهُ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي مِنْ التَّعْلِيلِ لِلصَّابُونِ اخْتِصَاصُهُ بِالثَّانِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّابُونِ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ الصَّبْغِ لَوْنٌ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الثَّوْبِ يَبْقَى بِبَقَائِهِ، فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الصَّابُونِ فَإِنَّ الْمَقْصِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ إزَالَةِ وَسَخِ الثَّوْبِ وَالْأَثَرُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَأَنَّهُ الصِّفَةُ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَسْلِ فَلَمْ يَحْسُنْ إلْحَاقُهُ بِالْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا) سَوَاءٌ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَيْنِ هَذِهِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُعَيَّنٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِهِ وَبَيْنَ الشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى فِيهَا لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُوَكِّلِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَرَّةٍ ثَانِيَةٍ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا أَشَارَ لِلدَّرَاهِمِ هُنَا، وَلَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ إرَادَتِهَا تَعَيَّنَ كَوْنُهَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا فِي الْوَكِيلِ فَقَرِينَةُ الْحَالِ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْغَرَضَ تَحْصِيلُ مَا وُكِّلَ فِي شِرَائِهِ فَجُعِلَ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ التَّعْيِينِ سِيَّمَا وَقَدْ عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ التَّعْيِينِ إلَى مُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَتَخَيَّرَ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ النَّقْدَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْحُلِيَّ مِنْ عَرْضِ الْقِنْيَةِ (قَوْلُهُ: لِلنَّمَاءِ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَضْرُوبَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَتْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحُلِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِعَيْنٍ عِشْرِينَ مِثْقَالًا) أَيْ أَوْ بِعِشْرِينَ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا فِي الْمَجْلِسِ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ: أَيْ وَكَانَ مَا أَقْبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ جِنْسِ مَا اشْتَرَى بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقْبَضَهُ عَنْ الْفِضَّةِ ذَهَبًا أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ الْبُرُلُّسِيُّ
سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ.
أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ نَقَدَهُ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ حَوْلُ النَّقْدِ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ إذْ صَرْفُهُ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ (أَوْ دُونَهُ) أَيْ أَوْ مَلَكَهُ بِدُونِ النِّصَابِ، وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ (أَوْ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ) كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ الْمُبَاحِ (فَمِنْ الشِّرَاءِ) حَوْلُهُ يُبْتَدَأُ (وَقِيلَ إنْ مَلَكَهُ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ بُنِيَ عَلَى حَوْلِهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَلَهُ حَوْلٌ فَاعْتُبِرَ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ لِاخْتِلَافِ الزَّكَاتَيْنِ قَدْرًا وَمُتَعَلَّقًا (وَيُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى الْأَصْلِ) الْحَاصِلِ (فِي) أَثْنَاءِ (الْحَوْلِ إنْ لَمْ يَنِضَّ) بِكَسْرِ النُّونِ بِمَا يَقُومُ بِهِ، فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَوْلِ، وَلَوْ قَبْلَ آخِرِهِ بِلَحْظَةٍ ثَلَثَمِائَةٍ أَوْ نُضَّ فِيهِ بِنَقْدٍ لَا يُقَوَّمُ بِهِ زَكَاةُ آخِرِهِ، وَسَوَاءٌ أَحَصَلَ الرِّبْحُ بِزِيَادَةٍ فِي نَفْسِ الْعَرْضِ كَسَمْنِ الْحَيَوَانِ أَمْ بِارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَرْضَ بِدُونِ قِيمَتِهِ زَكَّى الْقِيمَةَ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَفِي زَكَاةِ الزَّائِدِ مَعَهَا وَجْهَانِ تَوَجَّهَهُمَا الْوُجُوبُ (لَا إنْ نُضَّ) أَيْ صَارَ نَاضًّا بِنَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إتْلَافٍ أَجْنَبِيٍّ، وَأَمْسَكَهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ بَلْ يُزَكَّى الْأَصْلُ وَبِحَوْلِهِ وَيُفْرَدُ الرِّبْحُ بِحَوْلٍ (فِي الْأَظْهَرِ) فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِثَلَثِمِائَةٍ وَأَمْسَكَهَا إلَى آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهَا عَرْضًا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ آخِرَ الْحَوْلِ فَيُخْرِجُ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ زَكَّى الْمِائَةَ وَالثَّانِي يُزَكَّى الرِّبْحُ بِحَوْلِ الْأَصْلِ كَمَا يُزَكَّى النِّتَاجُ بِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ النِّتَاجَ جُزْءٌ مِنْ الْأَصْلِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِهِ بِخِلَافِ الرِّبْحِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ بِحُسْنِ التَّصَرُّفِ، وَلِهَذَا يَرُدُّ الْغَاصِبُ نِتَاجَ الْحَيَوَانِ دُونَ الرِّبْحِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ)(وَلَدَ الْعَرْضِ) مِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ نَعَمٍ وَخَيْلٍ وَإِمَاءٍ (وَثَمَرَهُ) مِنْ الْأَشْجَارِ كَمِشْمِشٍ أَوْ تُفَّاحٍ (مَالُ تِجَارَةٍ) لِأَنَّهُمَا جُزْءَانِ مِنْ الْأُمِّ وَالشَّجَرِ وَالثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَحْصُلَا بِالتِّجَارَةِ.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْأُمِّ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنْ نَقَصَتْ بِهَا كَأَنْ كَانَ قِيمَةُ الْأُمِّ تُسَاوِي أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْوِلَادَةِ تُسَاوِي ثَمَانَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِائَتَانِ جُبِرَ نَقْصُ الْأُمِّ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ جَزْمًا (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ الْأَصْلِ) تَبَعًا كَنِتَاجِ السَّائِمَةِ.
وَالثَّانِي لَا بَلْ تُفْرَدُ بِحَوْلٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نَمَا الشَّيْءُ: يَنْمِي مِنْ بَابِ رَمَى نَمَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ كَثُرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ) أَيْ فَلَوْ جُعِلَ حَوْلُهَا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلنَّمَاءِ مُسْقِطًا لِمَا مَضَى مِنْ حَوْلِ النَّقْدِ لَزِمَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ) أَيْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ اهـ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِنْ نَافَاهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ إذْ صَرْفُهُ إلَى هَذِهِ إلَخْ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَجْلِسُ مِنْ حَرِيمِ الْعَقْدِ نَزَلَ الْوَاقِعُ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ الْعَرْضَ) أَيْ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: زَكَّى الْقِيمَةَ) أَيْ مَا بَاعَ بِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الزِّيَادَةَ بِاخْتِيَارِهِ فَضَمِنَهَا وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ مَا فَوَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَثَمَرَهُ) وَمِنْهُ هُنَا صُوفٌ وَغُصْنُ شَجَرٍ وَوَرَقَةٌ وَنَحْوُهَا اهـ حَجّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي خِلَالِ الْمَتْنِ) ذِكْرُهُ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَوْلِ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاصِلِ الَّذِي قَدَّرَهُ، وَإِلَّا لَفَسَدَ الْمَعْنَى بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيُضَمُّ لَا مُتَعَلَّقَ لَهُ فَلَا يُعْلَمُ الضَّمُّ فِيمَا ذَا يَكُونُ مَعَ أَنَّ مُتَعَلَّقَهُ قَوْلُهُ فِي الْحَوْلِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الشَّارِحُ عَنْ مَوْضُوعِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ إسْقَاطُ لَفْظِ أَثْنَاءَ الَّذِي زَادَهْ الشَّارِحُ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ: وَيُضَمُّ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ فِي نَفْسِ الْعَرْضِ كَالسَّمْنِ أَوْ غَيْرِهَا كَارْتِفَاعِ السُّوقِ إلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاع الْعَرْضَ بِدُونِ قِيمَتِهِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ وَهُوَ الثَّلَثُمِائَةِ (قَوْلُهُ: كَمِشْمِشٍ أَوْ تُفَّاحٍ) أَشَارَ بِهَذَا التَّمْثِيلِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي ثَمَرٍ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ.
أَمَّا مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَسَيَأْتِي
مِنْ انْفِصَالِ الْوَلَدِ وَظُهُورِ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ فَأُفْرِدَتْ كَمَا سَبَقَ فِي الرِّبْحِ النَّاضِّ
(وَوَاجِبُهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) أَمَّا أَنَّهُ رُبْعُ الْعُشْرِ فَكَمَا فِي النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تُقَوَّمُ بِهِمَا، وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ حِمَاسٍ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعَرْضِ (فَإِنْ)(مَلَكَ) الْعَرْضَ (بِنَقْدٍ)(قُوِّمَ بِهِ إنْ مُلِكَ بِنِصَابٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ النَّقْدُ غَالِبًا وَلَوْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، إذْ هُوَ أَصْلُ مَا بِيَدِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَكَذَا) إنْ مُلِكَ بِنَقْدٍ (دُونَهُ) أَيْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَصْلُهُ.
وَالثَّانِي يُقَوَّمُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا لَوْ اُشْتُرِيَ بِعَرْضٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْلِكْ بَقِيَّةَ النِّصَابِ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ، فَإِنْ مَلَكَهُ قُوِّمَ بِهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِبَعْضِ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ مِلْكِ الدَّرَاهِمِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (أَوْ) مَلَكَ الْعَرْضَ (بِعَرْضٍ) لِلْقِنْيَةِ أَوْ بِخُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ نَحْوِ دَمٍ (فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَةِ التَّقْوِيمِ إذَا تَعَذَّرَ التَّقْوِيمُ بِالْأَصْلِ، فَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ بِمَحَلٍّ لَا نَقْدَ فِيهِ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَلَوْ مُلِكَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ أَوْ بِنَحْوِ سَبَائِكَ قُوِّمَ بِجِنْسِهِ مِنْ النَّقْدِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (فَإِنْ)(غَلَبَ نَقْدَانِ) عَلَى التَّسَاوِي (وَبَلَغَ) مَالُ التِّجَارَةِ (بِأَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (نِصَابًا)(قُوِّمَ بِهِ) لِتَحَقُّقِ تَمَامِ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَمَّ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ فَلَا زَكَاةَ (فَإِنْ بَلَغَ) نِصَابًا (بِهِمَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ) مِنْهُمَا (لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا رِعَايَةً لَهُمْ كَمَا فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ، وَنَقَلَ تَصْحِيحَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ عَنْ مُقْتَضَى إيرَادِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيُّ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ) فَيُقَوِّمُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا فِي شَاتَيْ الْجُبْرَانِ وَدَرَاهِمِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ حِمَاسٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ ثَانِيهِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ اهـ إصَابَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مُلِكَ بِنَقْدٍ قُوِّمَ بِهِ) قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: وَيَنْبَغِي لِلتَّاجِرِ أَنْ يُبَادِرَ إلَى تَقْوِيمِ مَالِهِ بِعَدْلَيْنِ وَيَمْتَنِعُ وَاحِدٌ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَحْصُلُ نَقْصٌ فَلَا يَدْرِي مَا يُخْرِجُهُ حَجّ.
قِيلَ وَيَتَّجِهُ مَنْ تَرَدَّدَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَدَ الْعَدْلَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَشَارُوا ثَمَّ إلَى مَا يَضْبِطُ الْمِثْلِيَّةَ فَيَبْعُدُ اتِّهَامُهُ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا إذْ الْقِيَمُ لَا ضَابِطَ لَهَا اهـ.
ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الْعَدْلَيْنِ النَّظَرُ إلَى مَا يُرْغَبُ: أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ هُنَا: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِتَقْوِيمِ الْمَالِكِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ وَلِلسَّاعِي تَصْدِيقُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي عَدِّ الْمَاشِيَةِ.
أَقُولُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْعَدِّ مُتَعَيِّنٌ يَبْعُدُ الْخَطَأُ فِيهِ، بِخِلَافِ التَّقْوِيمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِاجْتِهَادِ الْمُقَوِّمِ وَهُوَ مَظِنَّةٌ لِلْخَطَأِ فَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَقْوَى، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُكْتَفَ بِخَرْصِهِ لِلثَّمَرِ بَلْ لَوْ لَمْ يُوجَدْ خَارِصٌ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ حَكَّمَ عَدْلَيْنِ يَخْرُصَانِهِ لَهُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الْعَدْلَيْنِ النَّظَرُ إلَى مَا يُرْغَبُ: أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَرْضِ حَالًّا، فَإِذَا فُرِضَ أَنَّهَا أَلْفٌ، وَكَانَ التَّاجِرُ إذَا بَاعَهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ مُفَرَّقًا فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ بَلَغَ أَلْفَيْنِ مَثَلًا اُعْتُبِرَ مَا يُرْغَبُ بِهِ فِيهِ فِي الْحَالِّ لَا مَا يَبِيعُ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَفْرُوضَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِالتَّفْرِيقِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِ الْأَلْفَيْنِ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بَلَدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ) وَالْعِبْرَةُ بِالْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَقْتَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ لَا الَّذِي فِيهِ الْمَالِكُ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَوْلُهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ: أَيْ بَلَدِ الْإِخْرَاجِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ: أَيْ وَبَلَدِ الْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدِ الْمَالِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ نَقْلِ الزَّكَاةِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ) كَأَنَّهُ كَانَ لَهُ آخِرُ دَيْنٍ فَاشْتَرَى بِهِ مِنْهُ عَرْضًا بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ) مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اللَّبُونِ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ فَلَمْ يَجِبْ التَّقْوِيمُ بِالْأَنْفَعِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الشِّرَاءُ بِالْأَنْفَعِ لِيُقَوَّمَ بِهِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ (وَإِنْ مَلَكَ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ) كَأَنْ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَرْضِ قِنْيَةٍ (قُوِّمَ مُقَابِلُ النَّقْدِ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ فَكَذَا إذَا اجْتَمَعَا، وَهَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِجِنْسٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِفِ الصِّفَةِ كَالصِّحَاحِ وَالْكِسْرَةِ إذَا تَفَاوَتَا (وَتَجِبُ فِطْرَةُ عَبِيدِ التِّجَارَةِ مَعَ زَكَاتِهَا) أَيْ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَجِبَانِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَالْقِيمَةِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَالْقِيمَةِ وَالْجَزَاءِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ (وَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ سَائِمَةً) أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ كَثَمَرٍ (فَإِنْ)(كَمُلَ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ (نِصَابُ إحْدَى الزَّكَاتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ مِنْ عَيْنٍ وَتِجَارَةٍ دُونَ نِصَابِ الْأُخْرَى كَأَرْبَعِينَ شَاةً لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ أَوْ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ فَأَقَلُّ قِيمَتِهَا نِصَابٌ (وَجَبَتْ) زَكَاةُ مَا كَمُلَ نِصَابُهُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ (أَوْ) كَمُلَ (نِصَابُهُمَا) كَأَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا نِصَابٌ.
(فَزَكَاةُ الْعَيْنِ) تَجِبُ (فِي الْجَدِيدِ) وَتُقَدَّمُ عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَلِهَذَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَوَجَبَتْ بِالِاجْتِهَادِ وَلِهَذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَتِلْكَ بِالْقِيمَةِ فَقُدِّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ كَالْمَرْهُونِ إذَا جَنَى، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجْتَمِعُ الزَّكَاتَانِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ مَا فِيهِ زَكَاةُ عَيْنِ مَا لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَجَرًا لِلتِّجَارَةِ فَبَدَا صَلَاحُ ثَمَرِهِ قَبْلَ حَوْلِهِ وَجَبَ مَعَ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَنْ الثَّمَرِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى نَقْدًا بِنَقْدٍ انْقَطَعَ حَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَقَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ الْجَدِيدِ (لَوْ)(سَبَقَ حَوْلُ) زَكَاةِ (التِّجَارَةِ) حَوْلَ زَكَاةِ الْعَيْنِ (بِأَنْ اشْتَرَى بِمَالِهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصَابَ سَائِمَةٍ) وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقِنْيَةَ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مَعْلُوفَةً، ثُمَّ أَسَامَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ زَكَاةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إنْ اشْتَرَى كُلًّا فِي عَقْدٍ أَوْ اشْتَرَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَفَصَلَ الثَّمَنَ، وَإِلَّا قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ أَوْ مَا قَابَلَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْآخَرِ بِنِسْبَةِ التَّقْسِيطِ.
قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَلَوْ جُهِلَتْ النِّسْبَةُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْكَمَ بِاسْتِوَائِهِمَا، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ، وَجَهِلَ عَيْنَهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَعَيَّنَ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَنْ يُقْرِضَ الْأَكْثَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى التَّذَكُّرِ إنْ رُبَّى؟ أَقُولُ: لَا يَبْعُدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: فَبَدَأَ صَلَاحُ ثَمَرِهِ قَبْلَ حَوْلِهِ) وَكَذَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَمَّ نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَمَّ نِصَابُ الْعَيْنِ دُونَ الشَّجَرَةِ فَهَلْ تَسْقُطُ زَكَاةُ الشَّجَرِ لِعَدَمِ تَمَامِ نِصَابِهِ أَوْ يَضُمُّ الشَّجَرَ إلَى الثَّمَرِ وَيُقَوِّمُ الْجَمِيعَ وَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَيُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ زَكَاةِ الْعَيْنِ إذَا تَمَّ نِصَابُهَا الْأَوَّلُ لِعَدَمِ تَمَامِ انْتِصَابٍ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ) أَيْ إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَلَيْسَ فِيهِ وُجُوبُ زَكَاتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي الثَّمَرِ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ وَيُخْرَجُ مِنْهُ وَمَا وَجَبَ فِي الشَّجَرِ يَتَعَلَّقُ بِقِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ الثَّمَرِ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَخَرَجَ بِقَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ فَبَدَا قَبْلَ حَوْلِهِ إلَخْ مَا لَوْ تَمَّ حَوْلُ التِّجَارَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَيُخْرِجُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ زَكَاةَ الْجَمِيعِ لِلتِّجَارَةِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا بَدَا الصَّلَاحُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَجَبَتْ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الثَّمَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الثَّمَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَلْزَمُهُ اجْتِمَاعُ زَكَاتَيْنِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ زَكَّى الثَّمَرَةَ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِدُخُولِهَا فِي التَّقْوِيمِ وَزَكَّى عَيْنَهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَانَ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَرْضِ قِنْيَةٍ) أَيْ مَعْلُومِ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَتَّى يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ الْمَذْكُورُ، وَانْظُرْ مَا الْحَالُ لَوْ كَانَ الْعَرْضُ مَجْهُولَ الْقِيمَةِ
التِّجَارَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا) وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا وَلِوُجُوبِ الْمُوجِبِ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُ (ثُمَّ يَفْتَتِحُ) مِنْ تَمَامِهِ (حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا) أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ وَمَا مَضَى مِنْ السَّوْمِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا مِنْ الشِّرَاءِ وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ.
(وَإِذَا قُلْنَا عَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ) الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ بَلْ بِالْقِسْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَعَلَى الْمَالِكِ) عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (زَكَاةُ الْجَمِيعِ) رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِلْكُهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ مَالٍ آخَرَ فَذَاكَ ظَاهِرٌ (أَوْ مِنْ) عَيْنِ (مَالِ الْقِرَاضِ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يُجْعَلُ إخْرَاجُهَا كَاسْتِرْدَادِ الْمَالِكِ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَفِطْرَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَجِنَايَاتِهِمْ.
وَالثَّانِي تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ لَهُ الْمَالُ (وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْعَامِلُ الْمَشْرُوطُ لَهُ (بِالظُّهُورِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُمَا (وَالْمَذْهَبُ) عَلَى قَوْلِ الْمِلْكِ بِالظُّهُورِ (أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ مَتَى شَاءَ بِالْقِسْمَةِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ الْحَالَّ عَلَى مَلِيءٍ، وَعَلَى هَذَا فَابْتِدَاءُ حَوْلِ حِصَّتِهِ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ.
وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَوْ بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِهَا أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ صَحَّ إذْ مُتَعَلِّقُ زَكَاتِهِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبِيدَ التِّجَارَةِ أَوْ وَهَبَهُ فَكَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُبْطِلُ مُتَعَلِّقَ الْعَيْنِ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ لَيْسَ مَالًا، فَإِنْ بَاعَهُ مُحَابَاةً فَقَدْرُهَا كَالْمَوْهُوبِ فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَتُكَرَّرُ بِهِ زَكَاتُهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا اخْتَلَفَ الْوَقْتُ وَالْجِهَةُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَالَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ) الْأَوْلَى فِي تَمَامِ الْحَوْلِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَمَا مَضَى إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَذَاكَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا) أَيْ وَبَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ إخْرَاجُ زَكَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ) أَيْ فَيُطَالَبُ الْبَائِعُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التِّجَارَةِ) أَيْ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التِّجَارَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْإِعْتَاقُ فِي كُلِّ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَ الْإِعْتَاقُ فِي قَدْرِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ لَكِنَّهُ يَسْرِي مِمَّا أَعْتَقَهُ هُوَ إلَى بَاقِيهِ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي) أَيْ وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا بَطَلَ فِيهِ التَّصَرُّفُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْمَالِكِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْإِخْرَاجِ، فَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ فِي بَاقِيهِ، وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ التَّعَلُّقُ بِمَا بَقِيَ لِأَنَّهُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا) إثْبَاتُ الْوَاوِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا لِلْعِلَّةِ، وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ هِيَ بِمَعْنَى عِنْدَ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلَعَلَّهَا مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ) يُتَأَمَّلُ.