الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ
(لِيَسْتَلِمَ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ نَدْبًا بِشَرْطِهِ فِي الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى (بَعْدَ الطَّوَافِ) وَقَوْلُهُ (وَصَلَاتُهُ) مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرِّرِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلِيَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الِاسْتِلَامِ يَقْتَضِي عَدَمَ سُنِّيَّةِ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَالسُّجُودِ عَلَيْهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ لِلسَّعْيِ اهـ. وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَنُّ ذَلِكَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ تُشِيرُ إلَيْهِ (ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا) نَدْبًا (لِلسَّعْيِ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» .
(وَشَرْطُهُ) أَيْ شُرُوطُهُ (أَنْ)(يَبْدَأَ بِالصَّفَا) وَيَخْتِمَ بِالْمَرْوَةِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَخَبَرِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يُحْسَبْ مُرُورُهُ مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَرَّةً وَيُكْمِلُ سَبْعًا بِأُخْرَى، وَلَوْ نَسِيَ السَّابِعَةَ بَدَأَ بِهَا مِنْ الصَّفَا، أَوْ السَّادِسَةِ حُسِبَتْ لَهُ الْخَمْسُ قَبْلَهَا دُونَ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ فَيَلْزَمُهُ سَادِسَةٌ مِنْ الْمَرْوَةِ وَسَابِعَةٌ مِنْ الصَّفَا، أَوْ الْخَامِسَةَ جُعِلَتْ بَدَلَهَا السَّابِعَةُ وَلَغَتْ السَّادِسَةُ ثُمَّ يَأْتِي بِهَا وَسَابِعَةٍ (وَأَنْ يَسْعَى سَبْعًا) لِلِاتِّبَاعِ (ذَهَابُهُ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ مَرَّةٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ ذَهَابِهِ (وَعَوْدُهُ مِنْهَا إلَيْهِ أُخْرَى) وَلَوْ مَنْكُوسًا أَوْ كَانَ يَمْشِي الْقَهْقَرَى فَمَا يَظْهَرُ إذْ الْقَصْدُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ، وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّ مَرَّةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَطْعُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ الْمَسْعَى الْمَعْرُوفُ الْآنَ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الْأَزْرَقِيِّ مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ زَمَنِ الْأَزْرَقِيِّ إلَى الْآنَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ ضَبْطُ عَرْضِ الْمَسْعَى وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ اسْتِيعَابُ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّ مَرَّةٍ، وَلَوْ الْتَوَى فِي سَعْيِهِ عَنْ مَحَلِّ السَّعْيِ يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، وَأَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِأَصْلِ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ وَرُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا سَيَّرَ دَابَّتَهُ حَتَّى يُلْصِقَ حَافِرَهَا بِذَلِكَ وَبَعْضُ دَرَجِ الصَّفَا مُحْدَثٌ فَلْيَحْذَرْ مِنْ تَخَلُّفِهَا وَرَاءَهُ، وَيُسَنُّ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَالسِّتْرُ وَالْمَشْيُ وَالْمُوَالَاةُ فِيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ، وَالذِّكْرُ الْمَأْثُورِ كَمَا يَأْتِي، وَيُكْرَهُ وُقُوفُ السَّاعِي فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ بِلَا عُذْرٍ لِحَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ لَا الرُّكُوبُ اتِّفَاقًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الرُّكُوبِ فِي الطَّوَافِ.
قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ كَرَاهَتُهُ، وَيُؤَيِّدُهَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ خِلَافُ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَهِيَ رُكُوبُهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِهِ وَسَعْيُ غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْمَرْوَةُ: أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهَا مُرُورُ السَّاعِي فِي سَعْيِهِ أَرْبَعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ فِيمَا يُخْتَمُ بِهِ الطَّوَافُ)
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ خُلُوُّ الْمَطَافِ
(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ابْدَأْ بِمَا إلَخْ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: لَا الرُّكُوبُ اتِّفَاقًا) مُعْتَمَدٌ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ سَنِّ الْمَشْيِ فِيهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مُرُورُ السَّاعِي)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ]
فَصْلٌ) فِيمَا يُخْتَمُ بِهِ الطَّوَافُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ خُلُوِّ الْمَطَافِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْوَاجِبَ اسْتِيعَابُ الْمَسَافَةِ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ الْمَقْصُودِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِصِدْقِهِ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَا مِنْ الْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ كَالْمَسْجِدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبَعْضُ دَرَجِ الصَّفَا مُحْدَثٌ فَلْيُحْذَرْ إلَخْ) بَيَّنَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَزْمِنَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، وَإِلَّا فَالْآنَ قَدْ ارْتَدَمَتْ تِلْكَ الدَّرَجُ بَلْ وَبَعْضُ
مَرَّاتٍ وَالصَّفَا مُرُورُهُ فِيهِ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِاسْتِقْبَالِ الْمَرْوَةِ ثُمَّ يَخْتِمُ بِهِ، وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِمُبَاشَرَتِهِ فِي الْقُرْبَةِ أَكْثَرُ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَبُدَاءَتُهُ بِالصَّفَا وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِقْبَالِ الْمَرْوَةِ، قَالَ: وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ حَتَّى الْوُقُوفَ اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَفْضَلَهَا الْوُقُوفُ لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَلِهَذَا لَا يَفُوتُ الْحَجُّ إلَّا بِفَوَاتِهِ، وَلَمْ يَرِدْ غُفْرَانٌ فِي شَيْءٍ مَا وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ، فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ، فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ وَجُمَلُهُ الشَّارِعِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ، وَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَقُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَالْوُقُوفُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ رُكْنًا لِلْحَجِّ لِفَوَاتِهِ بِهِ وَتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهِ وَاخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَلَى الثَّانِي، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّفَا قُدِّمَتْ فِي الْقُرْآنِ وَالْأَصْلُ فِيمَا قُدِّمَ فِيهِ أَنَّهُ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ الْمُشْعِرِ بِشَرَفِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَبِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي الدَّلَالَةِ لِمَا قَالَهُ، بَلْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ بِأَنْ يُقَالَ: مَا أَمَرَ الشَّرْعُ بِمُبَاشَرَتِهِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ نَظِيرِهِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمُبَاشَرَةِ نَظِيرِهِ قَبْلَهُ يَكُونُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ تَابِعٌ لَهُ وَالضَّرُورَةُ قَاضِيَةٌ بِتَفْضِيلِ الْمَتْبُوعِ، وَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْته أَنَّ الصَّفَا هِيَ الْأَصْلُ، إذْ لَا يُعْتَدُّ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَهَا فَتَكُونُ تَابِعَةً لَهَا صِحَّةً وَوُجُوبًا فَكَانَتْ الصَّفَا أَفْضَلُ، وَدَعْوَى أَنَّهَا وَسِيلَةٌ مَمْنُوعَةٌ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا حَدُّهَا كَمَا لَا يَخْفَى، يُرَدُّ بِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالصَّفَا لِبَيَانِ التَّرْتِيبِ وَضَرُورَتِهِ فَلَا إشْعَارَ فِي تَقْدِيمِهَا بِأَفْضَلِيَّتِهَا، وَبِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالشَّيْءِ لَا تَسْتَلْزِمُ أَفْضَلِيَّةَ الْمَبْدَإِ عَلَى الْآخِرِ كَصَوْمِ رَمَضَانَ آخِرُهُ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ.
(وَأَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافٍ رُكْنٍ أَوْ) طَوَافِ (قُدُومٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ مِنْ فِعْلِهِ، وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ (بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ السَّعْيِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ (الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ طَوِيلٌ، فَلَوْ وَقَفَ بِهَا لَمْ يَجُزْ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ، وَلَوْ نَوَى بِطَوَافِهِ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَانْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ طَوَافَ قُدُومٍ لَغَتْ نِيَّتُهُ وَانْصَرَفَ لِطَوَافِ الرُّكْنِ، وَكَذَا لَوْ نَوَاهُ مُعْتَمِرًا انْصَرَفَ لِطَوَافِ عُمْرَتِهِ وَيَحْصُلُ بِطَوَافِهِمَا لِلْفَرْضِ ثَوَابُ طَوَافِ الْقُدُومِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ دَخَلَ حَلَالٌ مَكَّةَ فَطَافَ لِلْقُدُومِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَهَلْ لَهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَوَّلًا، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا لَوْ صَدَرَ طَوَافُ الْقُدُومِ حَالَ الْإِحْرَامِ لِشُمُولِ نِيَّةِ الْحَجِّ لَهُمَا حِينَئِذٍ فَكَانَتْ التَّبَعِيَّةُ صَحِيحَةً لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ.
فَالْمُجَانَسَةُ مُنْتَفِيَةٌ بَيْنَهُمَا كُلٌّ مُحْتَمِلٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ يُؤَيِّدُ الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ.
وَلَوْ طَافَ لِلْقُدُومِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْعَى بَعْدَهُ بَعْضَ السَّعْيِ وَيُكْمِلَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَطَوَافِ الرُّكْنِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ الْمَنْعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ؛ لِأَنَّ فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا مُرُورٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ) مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ امْتِنَاعِ السَّعْيِ قَبْلَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ: أَيْ السَّعْيِ وَبَيْنَ مَنْ عَادَ لِمَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقُدُومُ، وَلَا يُجْزِئُهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ السَّعْيَ مَتَى أُخِّرَ عَنْ الْوُقُوفِ وَجَبَ وُقُوعُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: انْصَرَفَ لِطَوَافِ عُمْرَتِهِ) كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الدَّرَجِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رُكْنًا) أَيْ فَأَفْضَلِيَّتُهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا نَظَّرَ بِهِ) الْمُنَظِّرُ هُوَ الشِّهَابُ فِي إمْدَادِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بَلْ قَدْ يُعَارَضُ بِنَظِيرِهِ بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْته) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ قَالَ: أَيْ الْمُنَظِّرُ وَمَا ذَكَرْته إلَخْ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِأَنَّ الْبُدَاءَةَ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى
(وَمَنْ سَعَى بَعْدَ) طَوَافِ (قُدُومٍ لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ، بَلْ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إذْ هُوَ بِدْعَةٌ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا بِاسْتِحْبَابِ إعَادَتِهِ بَعْدَهُ. نَعَمْ يَجِبُ عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ بَلَغَ بِعَرَفَة إعَادَتُهُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ لَمْ يُعْتَدَّ بِوَدَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَنَاسِكِ وَلَا فَرَاغَ قَبْلَ السَّعْيِ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ قَبْلَ سَعْيِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ بَقِيَ السَّعْيُ فَإِحْرَامُهُ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ لَمْ يَحْلِلْ بِدُونِهِ وَلَا يُجْبَرُ بِدَمٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُعْتَدَّ بِوَدَاعِهِ، وَاعْتَرَصَ فِي الْمُهِمَّاتِ قَوْلَهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ بِتَصَوُّرِهِ بَعْدَهُ بِأَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ بِحَجٍّ ثُمَّ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ لِحَاجَةٍ قَبْلَ الْوُقُوفِ: أَيْ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ لِمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ فَإِذَا عَادَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْعَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ.
قَالَ: وَكَذَا لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ لِخُرُوجِهِ إلَى مِنًى أَنْ يَسْعَى بَعْدَهُ اهـ. وَفِي نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ وَكَلَامِ الْخَفَّافِ مَا يُوَافِقُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ رَدًّا عَلَيْهِمَا مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ اخْتِصَاصُهُ بِمَا بَعْدَ الْقُدُومِ وَالْإِفَاضَةِ، وَقَوْلُهُمَا إنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَيْ بِحَسَبِ مَا فَهِمَاهُ، فَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَدْفَعُ بِكَلَامِهِ نَقْلَهُمَا الصَّرِيحَ، وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْضًا وُقُوعَهُ بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ بِأَنْ يُحْرِمَ الْمَكِّيُّ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَتَنَفَّلُ بِطَوَافٍ ثُمَّ يَسْعَى بَعْدَهُ، وَقَدْ جَزَمَ بِالْإِجْزَاءِ فِي هَذِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ طَوَافٍ وَلَوْ نَفْلًا إلَّا طَوَافَ الْوَدَاعِ، وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَيْضًا.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلذَّكَرِ (أَنْ يَرْقَى عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْرَ قَامَةٍ)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَقِيَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا الرُّقِيُّ: أَيْ إلَّا إنْ خَلَا الْمَحَلُّ عَنْ غَيْرِ الْمَحَارِمِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخُنْثَى الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَمِثْلِهَا الْخُنْثَى إخْفَاءُ شَخْصِهَا مَا أَمْكَنَ وَإِنْ كَانَتْ فِي خَلْوَةٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهَا التَّخْوِيَةُ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي خَلْوَةٍ يُرَدُّ بِأَنَّ الرُّقِيَّ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى طَلَبًا لِلسِّتْرِ، فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ مَعَ الرُّقِيِّ صَارَ مَطْلُوبًا، إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَبِأَنَّ قِيَاسَ مَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى التَّخْوِيَةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهَا مُثِيرَةٌ لِلشَّهْوَةِ وَمُحَرِّكَةٌ لِلْفِتْنَةِ وَلَا كَذَلِكَ الرُّقِيُّ فَلَا تَصِلُ لَهُ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَا مَرَّ فِي الْجَهْرِ بِالصَّلَاةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إخْفَاءَ الشَّخْصِ يُحْتَاطُ لَهُ فَوْقَ الصَّوْتِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ سَمَاعَ الصَّوْتِ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِحُضُورِ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ بُعْدٍ وَلَا كَذَلِكَ الرُّقِيُّ فِي الْخَلْوَةِ (فَإِذَا رَقِيَ) بِكَسْرِ الْقَافِ (قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) أَيْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا لِغَيْرِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ (اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا) أَيْ دَلَّنَا عَلَى طَاعَتِهِ بِالْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا) مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي لَا حَصْرَ لَهَا (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ (لَهُ الْمُلْكُ) أَيْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا لِغَيْرِهِ (وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ) أَيْ قُدْرَتِهِ (الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ نَذْرٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ زَمَنُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهَا التَّخْوِيَةُ) هِيَ رَفْعُ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ وَإِبْعَادُ الْمِرْفَقَيْنِ عَنْ الْجَنْبَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِلُ إلَيْهِ) أَيْ لَا تُسَاوِيهِ فِي الْعِلَّةِ حَتَّى يُمْنَعَ قِيَاسًا عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَكَذَا لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ إلَخْ) فِي هَذَا التَّصْوِيرِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حِينَئِذٍ كَوْنَهُ وَدَاعًا (قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرُّقِيَّ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ) فِيهِ مُصَادَرَةٌ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَا يُسَلِّمُهُ.