المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه

وَالثَّانِي لَا تَكْفِي لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْمَالِكِ الْمُتَعَبَّدِ بِهَا. وَمَحِلُّ لُزُومِ النِّيَّةِ لِلسُّلْطَانِ مَا لَمْ يَنْوِ الْمُمْتَنِعُ عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْهُ قَهْرًا، فَإِنْ نَوَى كَفَى وَبَرِئَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَتَسْمِيَتُهُ حِينَئِذٍ مُمْتَنِعًا بِاعْتِبَارِ مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ الِامْتِنَاعِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ بِنِيَّتِهِ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ وَلَا الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا.

‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

(لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ) فِي مَالٍ حَوْلِيٍّ (عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ) فِي زَكَاةٍ عَيْنِيَّةٍ كَأَنْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ زَكَاةً إذَا تَمَّ النِّصَابُ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فَلَا يُجْزِئُهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ وُجُوبِهَا لِعَدَمِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ فَأَشْبَهَ أَدَاءَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالدِّيَةَ قَبْلَ الْقَتْلِ وَالْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ عَشْرًا لَمْ يُجْزِهِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ النِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ الْآنَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى النِّصَابِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَتَيْنِ، وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ وَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ثُمَّ هَلَكَتْ الْأُمَّهَاتُ لَمْ يُجْزِهِ الْمُعَجَّلُ عَنْ السِّخَالِ لِأَنَّهُ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِهَا فَلَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا، وَلَوْ مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً فَعَجَّلَ عَنْهَا شَاتَيْنِ فَحَدَثَتْ سَخْلَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُجْزِهِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ النِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ الْآنَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكَبِيرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَخَرَجَ بِالزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ فِيهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ النِّصَابَ فِيهَا مُعْتَبَرٌ بِآخِرِ الْحَوْلِ، فَلَوْ اشْتَرَى عَرَضًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَعَجَّلَ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ أَوْ قِيمَتُهُ مِائَتَانِ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي ذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ تَرَدُّدَ النِّيَّةِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ لِضَرُورَةِ التَّعْجِيلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا حَالُهُ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمَحِلُّهُ إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ نِيَّةَ السُّلْطَانِ فَإِنْ شَكَّ فِيهَا لَمْ يَبْرَأْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: الْمُتَعَبَّدُ بِهَا) أَيْ الَّتِي طَلَبَ الشَّارِعُ مِنْ الْمَالِكِ الْعِبَادَةَ بِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى كَفَى) أَيْ عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْهُ كَفَى وَكَذَا لَوْ نَوَى بَعْدَ أَخْذِ السُّلْطَانِ وَقَبْلَ صَرْفِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِمْ حَيْثُ مَضَى بَعْدَ نِيَّتِهِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ) أَيْ عَلَى مَنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مُسْتَحِقٍّ لَكِنْ لِلْإِمَامِ طَرِيقٌ إلَى إسْقَاطِ الْوُجُوبِ بِأَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ.

قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: أَفْتَى شَارِحُ الْإِرْشَادِ الْكَمَالَ الرِّدَادَ فِيمَنْ يُعْطِي الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ الْمَكْسَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ فَقَالَ: لَا يَجْزِي ذَلِكَ أَبَدًا وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الزَّكَاةِ بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ بِحَالِهَا لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي مُقَابَلَةِ قِيَامِهِ بِسَدِّ الثُّغُورِ وَقَمْعِ الْقُطَّاعِ وَالْمُتَلَصَّصِينَ عَنْهُمْ وَعَنْ أَمْوَالِهِمْ، وَقَدْ أَوْقَعَ جَمْعٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْفُقَهَاءِ وَهُمْ بِاسْمِ الْجَهْلِ أَحَقُّ أَهْلُ الزَّكَوَاتِ وَرَخَّصُوا لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا اهـ.

وَمَرَّ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ، وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ الْإِجْزَاءُ إذَا كَانَ الْآخِذُ مُسْلِمًا، وَنُقِلَ مِثْلُهُ أَيْضًا بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ. .

[فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

(فَصْلٌ) فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْيَمِينِ أَيْ وَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ.

(قَوْلُهُ: فَعَجَّلَ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدَ النِّيَّةِ) أَيْ التَّرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(فَصْلٌ) فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ) عِلَّةٌ لِلتَّرَدُّدِ وَقَوْلُهُ لِضَرُورَةِ التَّعْجِيلِ عِلَّةُ الِاغْتِفَارِ

ص: 140

وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا.

(وَيَجُوزُ) تَعْجِيلُهَا فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ (قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) فِيمَا انْعَقَدَ حَوْلُهُ وَوُجِدَ النِّصَابُ فِيهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ فِي التَّعْجِيلِ لِلْعَبَّاسِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ، أَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ سَوَاءٌ الْفِطْرَةُ وَغَيْرُهَا. نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ فَجَازَ فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَلَا يُعَجِّلُ لِعَامَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا بِالْأَوْلَى إذْ زَكَاةُ غَيْرِ الْأَوَّلِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهُ وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ مُمْتَنِعٌ، فَإِنْ عَجَّلَ لِأَكْثَرَ مِنْ عَامٍ أَجْزَأَهُ عَنْ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا دُونَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ قَدْ مَيَّزَ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا ظَاهِرًا، وَحَمَلَ الْأَصْحَابُ تَسَلُّفَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ عَلَى تَسَلُّفِهَا فِي عَامَيْنِ أَوْ عَلَى صَدَقَةِ مَالَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَوْلٌ مُفْرَدٌ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَتَعْجِيلِ شَاتَيْنِ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ وَجُمْهُورَ الْخُرَاسَانِيِّينَ إلَّا الْبَغَوِيّ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ حَالَةَ التَّصْنِيفِ قَالَ: وَلَمْ يَظْفَرْ بِأَحَدٍ صَحَّحَ الْمَنْعَ إلَّا الْبَغَوِيّ بَعْدَ الْفَحْصِ الشَّدِيدِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ يُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.

(وَلَهُ)(تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ) لَيْلَةٍ مِنْ (رَمَضَانَ) لِانْعِقَادِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ إذْ هِيَ وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانُ وَالْفِطْرُ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُخَالِفِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ (وَالصَّحِيحُ مَنْعُهُ) أَيْ التَّعْجِيلِ (قَبْلَهُ) أَيْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَيْهِمَا مَعًا كَزَكَاةِ الْمَالِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ نَحْوِ يَمِينٍ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ وُجُودَ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فِي نَفْسِهِ سَبَبٌ.

(وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهِ وَلَا الْحَبِّ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرِ وَانْعِقَادِ الْحَبِّ، وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ كَزَكَاةِ الْمَوَاشِي وَالنُّقُودِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِيمَا بَعْدَ ظُهُورِهِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ صَلَاحِ الثَّمَرِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ النِّصَابِ كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِيمَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ.

(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ عَنْ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا) أَيْ مَيَّزَ مَا لِكُلِّ عَامٍ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا ظَاهِرًا) وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَفِي هَذِهِ نَوَى مَا يَجْزِي وَمَا لَا يَجْزِي مِمَّا لَيْسَ عِبَادَةً أَصْلًا فَلَمْ يَصْلُحْ مُعَارِضًا لِمَا نَوَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ) يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ (قَوْلُهُ: رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ) أَيْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سم عَلَى أَوَّلِ الْفِطْرَةِ عَلَى حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ رَمَضَانَ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ بِشَرْطِ إدْرَاكِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَجُوزُ) أَيْ فِي السَّنَةِ مُحَلِّي فَمَا يُوهِمُهُ إطْلَاقُهُ وَتَعْلِيلُهُ لَيْسَ مُرَادًا.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ اللَّذَيْنِ أَرَادَ الْإِخْرَاجَ عَنْهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يَجْزِي وَإِنْ جَفَّ وَتَحَقَّقَ أَنَّ الْمُخْرَجَ يُسَاوِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى قَوْلِهِ ظَاهِرًا) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ جَمَعَ فِي هَذَا بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ بِخِلَافِ ذَاكَ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ) أَيْ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَنْعَ التَّعْجِيلِ لِعَامَيْنِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ: أَيْ وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا ادَّعَاهُ

ص: 141

قَدْ ثَبَتَ إلَّا أَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِالْقَدْرِ، وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ عِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ أَوْ رُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ أَجْزَأَ قَطْعًا إذْ لَا تَعْجِيلَ.

(وَشَرْطُ إجْزَاءٍ) أَيْ وُقُوعِ (الْمُعَجَّلِ) زَكَاةً (بَقَاءُ الْمَالِكِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ) عَلَيْهِ (إلَى آخِرِ الْحَوْلِ) وَبَقَاءُ الْمَالِ إلَى آخِرِهِ أَيْضًا، فَلَوْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الْمَالُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَالَ تِجَارَةٍ لَمْ يُجْزِهِ الْمُعَجَّلُ، وَقَدْ يَبْقَى الْمَالُ وَأَهْلِيَّةُ الْمَالِكِ وَلَكِنْ تَتَغَيَّرُ صِفَةُ الْوَاجِبِ كَمَا لَوْ عَجَّلَ بِنْتَ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَتَوَالَدَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَلَا تَجْزِيهِ الْمُعَجَّلَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ فِي يَدِ الْقَابِضِ بَلْ يَسْتَرِدُّهَا وَيُعِيدُهَا أَوْ يُعْطِي غَيْرَهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، وَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجٌ لِبِنْتِ لَبُونٍ لِأَنَّا إنَّمَا نَجْعَلُ الْمُخْرَجَ كَالْبَاقِي إذَا وَقَعَ مَحْسُوبًا عَنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ هُوَ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلَا تَجْدِيدَ لِبِنْتِ الْمَخَاضِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَجَّلَ ابْنَ لَبُونٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ بِنْتَ مَخَاضٍ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْإِجْزَاءُ كَمَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ خِلَافًا لِلْقَاضِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ حَالَ الْإِخْرَاجِ لَا حَالَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ ثَبَتَتْ بِالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْوَاجِبَ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَعْجِيلَ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِيمَا ذُكِرَ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ، فَإِنَّ الْبُدُوَّ يَحْصُلُ بِالْأَخْذِ فِي الْحُمْرَةِ مَثَلًا، وَالْإِخْرَاجُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ رُطَبًا وَعِنَبًا فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَبْلَ صَيْرُورَتِهِ رُطَبًا كَانَ تَعْجِيلًا كَمَا لَوْ أَخْرَجَ قَبْلَ التَّتَمُّرِ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ فِيمَا قَبْلَ الْجَفَافِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجْزِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ يُعْطِي غَيْرَهَا) . [تَنْبِيهٌ] يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِاعْتِبَارِ الدَّفْعِ السَّابِقِ وَالنِّيَّةِ السَّابِقَةِ، فَلَوْ نَوَى بَعْدَ أَنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ وَهِيَ بِيَدِ الْمُسْتَحِقِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ حِينَئِذٍ عَلَى الزَّكَاةِ أَخْذًا مِنْ الْحَاشِيَةِ السَّابِقَةِ فِي الْفَصْلِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَعَجَّلَ ابْنَ لَبُونٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ تَعْجِيلَ بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَلَمْ يَأْخُذْ جُبْرَانًا وَجَبَ قَبُولُهَا، وَإِذَا وَجَدَ بِنْتَ الْمَخَاضِ بَعْدُ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ بِنْتِ اللَّبُونِ لِأَنَّهُ بِدَفْعِهَا وَقَعَتْ الْمَوْقِعَ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِالزَّائِدِ، وَإِنْ أَرَادَ دَفْعَهَا وَطَلَبَ الْجُبْرَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّعْجِيلِ وَتَغْرِيمِ الْجُبْرَانِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، وَبِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَوْ وَجَدَ بِنْتَ الْمَخَاضِ آخِرَ الْحَوْلِ هَلْ يَجِبُ دَفْعُهَا وَاسْتِرْدَادُ بِنْتِ اللَّبُونِ وَرَدُّ الْجُبْرَانِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَتَوَالَدَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ) أَيْ: بِاَلَّتِي أَخْرَجَهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَرِدُّهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ مَا فِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةً عَنْهُ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ نَصُّهَا: قِيلَ وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى الْمَتْنِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ اهـ. فَيَكُونُ الشَّارِحُ قَدْ ارْتَضَى هَذَا الْقِيلَ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ تَعْلِيلًا لِمُقَدَّرٍ: أَيْ وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى الْمَتْنِ وَذَلِكَ إلَخْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ هُنَا كَوْنُهَا الْآنَ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ: أَيْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ خَرَاجُ بِنْتِ لَبُونٍ) أَنَّ النَّقْصَ الَّذِي يُخْرِجُ عَنْهُ بِتَلَفِ الْمُخْرَجِ عَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْوُجُوبِ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ عَطْفُ قَوْلِهِ وَبَقَاءُ الْمَالِ إلَخْ

ص: 142

مِنْ وَصْفِهِ بِالْأَهْلِيَّةِ وَصْفُهُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ (وَكَوْنُ الْقَابِضِ) لَهُ (فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُسْتَحِقًّا) فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ ارْتَدَّ لَمْ يُحْسَبْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ عَنْ الزَّكَاةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ الْوُجُوبِ. وَالْقَبْضُ السَّابِقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ (وَقِيلَ إنْ)(خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ) كَأَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ الْمَالِكَ الْمُعَجَّلُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْأَخْذِ مُسْتَحِقًّا ثُمَّ صَارَ كَذَلِكَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ، وَالْأَصَحُّ الْإِجْزَاءُ اكْتِفَاءً بِالْأَهْلِيَّةِ فِي طَرَفَيْ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا فِي آخِرِ الْحَوْلِ: أَيْ وَلَوْ بِالِاسْتِصْحَابِ، فَلَوْ غَابَ عِنْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ حَيَاتَهُ أَوْ احْتِيَاجَهُ أَجْزَأَهُ الْمُعَجَّلُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ وَهُوَ أَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَحْرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَصَلَ الْمَالُ عِنْدَ الْحَوْلِ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْقَابِضِ فَإِنَّ الْمَدْفُوعَ يَجْزِي عَنْ الزَّكَاةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَيْبَةِ الْقَابِضِ عَنْ بَلَدِ الْمَالِ وَخُرُوجِ الْمَالِ عَنْ بَلَدِ الْقَابِضِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَابِضُ مُعْسِرًا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَزِمَ الْمَالِكَ دَفْعُ الزَّكَاةِ ثَانِيًا لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ (وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِالزَّكَاةِ) الْمُعَجَّلَةِ لِكَثْرَتِهَا أَوْ تَوَالُدِهَا أَوْ تِجَارَتِهِ فِيهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إذْ الْقَصْدُ بِصَرْفِ الزَّكَاةِ لَهُ غِنَاهُ وَلِأَنَّا لَوْ أَخَذْنَاهَا لَافْتَقَرَ وَاحْتَجْنَا إلَى رَدِّهَا لَهُ، فَإِثْبَاتُ الِاسْتِرْجَاعِ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُعَجِّلُ لِزَكَاتِهِ لَمْ يَقَعْ مَا عَجَّلَهُ عَنْ زَكَاةِ وَارِثِهِ، وَكَزَكَاةِ الْحَوْلِ فِيمَا ذُكِرَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْوُجُوبُ.

(قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُسْتَحِقًّا) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ فِي أَثْنَائِهِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَصَلَ الْمَالُ عِنْدَ الْحَوْلِ) أَيْ آخِرَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ) وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْبَدَنِ فِي الْفِطْرَةِ حَتَّى لَوْ عَجَّلَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ كَانَ عِنْدَ الْوُجُوبِ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَجْزَأَ أَوْ لَا، وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ ثَانِيًا إذَا كَانَ عِنْدَ الْوُجُوبِ بِبَلَدٍ آخَرَ، فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَإِنَّ قَضِيَّتَهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَكَاةِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَكَوْنُ الْقَابِضِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُسْتَحِقًّا لِأَنَّ بِمَوْتِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَوْلِ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ آخِرَ الْحَوْلِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ سَوَاءٌ أَمَاتَ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا، وَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ بَقِيَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَالِكِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُخْرَجْ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ فُهِمَتْ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ ارْتَدَّ إلَخْ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهَا هُنَا إشَارَةً إلَى أَنَّ إعْسَارَهُ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْ الْمَالِكِ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ بِتَعْجِيلِهِ لِقَصْدِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: لَوْ مَاتَ الْقَابِضُ مُعْسِرًا) أَيْ أَوْ مُوسِرًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّا لَوْ أَخَذْنَاهَا) أَيْ بَعْدَ غِنَاهُ بِهَا.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ مَا عَجَّلَهُ عَنْ زَكَاةِ وَارِثِهِ) أَيْ بَلْ تُسْتَرَدُّ إنْ عَلِمَ الْقَابِضُ التَّعْجِيلَ وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ بِيَدِ الْقَابِضِ وَيَعْلَمُ بِهَا الْوَارِثُ وَيَنْوِي بِهَا الزَّكَاةَ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ يُتَّجَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَكَزَكَاةِ الْحَوْلِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُزَكِّي وَقْتَ الْوُجُوبِ بِصِفَتِهِ وَالْقَابِضِ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ إلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ جَيِّدٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَابِضُ مُعْسِرًا إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَحَقًّا، لَا أَنَّهُ نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ فِيهِ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ

ص: 143

بِزَكَاةٍ أُخْرَى مُعَجَّلَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعَجَّلَةٍ فَكَاسْتِغْنَائِهِ بِغَيْرِ الزَّكَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ عِبَارَةَ الْأُمِّ تَشْهَدُ لَهُ، وَتُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ الْمُعَجَّلَةُ ثُمَّ حَصَلَ غِنَاءٌ مِنْ زَكَاةٍ أُخْرَى وَنَمَتْ فِي يَدِهِ بِقَدْرِ مَا يُوفِي مِنْهَا بَدَلَ التَّالِفِ وَيَبْقَى غِنَاهُ، وَبِمَا إذَا بَقِيَتْ وَكَانَ حَالَةَ قَبْضِهِمَا مُحْتَاجًا إلَيْهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ يَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا وَهُمَا فِي يَدِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مُعَجَّلَتَيْنِ مَعًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا تُغْنِيهِ تَخَيَّرَ فِي دَفْعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَهُمَا مُرَتَّبًا اُسْتُرِدَّتْ الْأُولَى عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفَارِقِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَوْلَى بِالِاسْتِرْجَاعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ: لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَلَيْهِ الْمُعَجَّلَةُ غَنِيًّا عِنْدَ الْأَخْذِ فَقِيرًا عِنْدَ الْوُجُوبِ لَمْ يُجْزِهِ قَطْعًا لِفَسَادِ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ مُعَجَّلَةٍ فَالْأُولَى هِيَ الْمُسْتَرَدَّةُ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ، إذْ لَا مُبَالَاةَ بِعُرُوضِ الْمَانِعِ بَعْدَ قَبْضِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى بِالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ بِدُونِهَا لَيْسَ بِغَنِيٍّ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ فِي شَافِيهِ.

(وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُعَجَّلُ زَكَاةً) لِعُرُوضِ مَانِعٍ وَجَبَتْ ثَانِيًا كَمَا مَرَّ.

نَعَمْ لَوْ عَجَّلَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ وَلَا يَكْمُلُ بِهَا نِصَابُ السَّائِمَةِ وَ (اسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ (إنْ كَانَ شَرَطَ الِاسْتِرْدَادَ إنْ عَرَضَ مَانِعٌ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْقَابِضُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا عَرَضَ مَانِعُ الِاسْتِحْقَاقِ اسْتَرَدَّ كَمَا إذَا عَجَّلَ أُجْرَةَ الدَّارِ ثُمَّ انْهَدَمَتْ فِي الْمُدَّةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ الِاسْتِرْدَادِ قَبْلَ عُرُوضِ الْمَانِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَبَرُّعِهِ بِالتَّعْجِيلِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَمَنْ عَجَّلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الِاسْتِرْدَادَ بِدُونِ مَانِعٍ لَمْ يَسْتَرِدَّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْقَبْضُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِفَسَادِ الشَّرْطِ لِتَبَرُّعِهِ حِينَئِذٍ بِالدَّفْعِ.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ)(قَالَ) عِنْدَ دَفْعِهِ ذَلِكَ (هَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ فَقَطْ) أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ عِلْمًا مُقَارِنًا لِقَبْضِ الْمُعَجَّلِ وَكَذَا الْحَادِثُ بَعْدَهُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (اسْتَرَدَّ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْمُعَجَّلَ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ لِلْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ وَقَدْ بَطَلَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَعَلِمَ حُكْمَ التَّعْجِيلِ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ فَإِنْ لَمْ تَقَعْ زَكَاةً فَهِيَ نَافِلَةٌ لَمْ يَسْتَرِدَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ مَا لَوْ أَعْلَمَهُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ فَلَا يَكْفِي عَنْ عِلْمِ التَّعْجِيلِ فَلَا يَسْتَرِدُّهَا لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ ذَلِكَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَسْتَرِدُّ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي دَفْعِ الْمِلْكِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ اسْتَرَدَّ قَطْعًا إذَا ذَكَرَ التَّعْجِيلَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ)(إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّعْجِيلِ) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ أَوْ سَكَتَ فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا (وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْقَابِضُ)(لَمْ يَسْتَرِدَّ) وَتَكُونُ تَطَوُّعًا لِتَفْرِيطِ الدَّافِعِ بِسُكُوتِهِ.

وَالثَّانِي يَسْتَرِدُّ لِظَنِّهِ الْوُقُوعَ عَنْ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهَا وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَالِكِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمَا لَوْ)(اخْتَلَفَا فِي مُثْبِتِ الِاسْتِرْدَادِ) كَعِلْمِ الْقَابِضِ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ تَصْرِيحِ الْمَالِكِ بِهِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ عِنْدَ عُرُوضِ مَانِعٍ (صَدَقَ الْقَابِضُ) أَوْ وَارِثُهُ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَلِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَيْرِ بَلَدِ الْمُسْتَحِقِّ أَجْزَأَتْهُ.

(قَوْلُهُ: فَكَاسْتِغْنَائِهِ بِغَيْرِ الزَّكَاةِ) أَيْ فَتُسْتَرَدُّ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَرَدَّ الْمَالِكُ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْقَابِضِ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَرْجِعَ قِيَاسًا عَلَى الْغَاصِبِ إذَا جَهِلَ كَوْنَهُ مَغْصُوبًا وَعَلَى الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِفَسَادِ الشَّرْطِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَقَعْ زَكَاةٌ) مِنْ تَتِمَّةِ صِفَتِهِ.

(قَوْلُهُ: إذَا ذَكَرَ التَّعْجِيلَ) أَيْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ هِيَ الْمُعَجَّلَةَ، وَقَوْلُهُ بِعَكْسِهِ: أَيْ فَالثَّانِيَةُ هِيَ الْمُسْتَرَدَّةُ وَهِيَ الْمُعَجَّلَةُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَغْنَى بِالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَجَّلَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَرْضٌ مَانِعٌ مِنْ وُقُوعِهَا زَكَاةً

(قَوْلُهُ: كَعِلْمِ الْقَابِضِ بِالتَّعْجِيلِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ

ص: 144

الْغَالِبَ هُوَ الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ، وَيَحْلِفُ الْقَابِضُ عَلَى الْبَتِّ وَوَارِثُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ تَلَفِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَقْفَةٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ، وَلِهَذَا لَوْ أَعْطَى ثَوْبًا لِغَيْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ عَارِيَّةٌ أَوْ هِبَةٌ صَدَقَ الدَّافِعُ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ عِلْمِ الْقَابِضِ بِالتَّعْجِيلِ أَمَّا فِيهِ فَيُصَدَّقُ الْقَابِضُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِمَا قَالَهُ الدَّافِعُ لَضَمِنَ.

(وَمَتَى)(ثَبَتَ) الِاسْتِرْدَادُ (وَالْمُعَجَّلُ تَالِفٌ)(وَجَبَ ضَمَانُهُ) بِبَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ كَالدَّرَاهِمِ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَالْغَنَمِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ وَلَا يَجِبُ هُنَا الْمِثْلُ الصُّورِيُّ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُمْ مِلْكُ الْمُعَجَّلِ مِلْكُ الْقَرْضِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُشَابِهٌ لَهُ فِي كَوْنِهِ مِلْكَهُ بِلَا بَدَلٍ أَوْ لَا (وَالْأَصَحُّ) فِي الْمُتَقَوِّمِ (اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (الْقَبْضِ) لَا يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ زَادَ عَلَى مِلْكِ، الْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَضْمَنُهُ. وَالثَّانِي قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى الْقِيمَةِ وَفِي مَعْنَى تَلَفِهِ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إنْ)(وَجَدَهُ نَاقِصًا) نَقْصَ صِفَةٍ كَمَرَضٍ وَهُزَالٍ حَدَثَ قَبْلَ سَبَبِ الرَّدِّ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ فَلَا يَضْمَنُهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْقَابِضُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ حَالَ الْقَبْضِ اسْتَرَدَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِنَقْصِ الصِّفَةِ نَقْصُ الْعَيْنِ كَمَنْ عَجَّلَ بَعِيرَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ الْبَاقِيَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ وَبِحُدُوثِ ذَلِكَ قَبْلُ لِسَبَبِ حُدُوثِهِ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَيَسْتَرِدُّهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَهُ أَرْشُهُ لِأَنَّ جُمْلَتَهُ مَضْمُونَةٌ فَكَذَلِكَ جُزْؤُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ)(لَا يَسْتَرِدُّ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً) حَقِيقَةً كَوَلَدٍ وَكَسْبٍ أَوْ حُكْمًا كَلَبَنٍ بِضَرْعٍ وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ.

وَالثَّانِي يَسْتَرِدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَاحْتُرِزَ بِالْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْمُتَّصِلَةِ كَسَمْنٍ فَإِنَّهَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ، وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَجَّلُ بِحَالِهِ وَأَرَادَ الْقَابِضُ رَدَّ بَدَلِهِ وَأَبَى الْمَالِكُ أُجِيبَ الْمَالِكُ كَمَا فِي الْقَرْضِ.

ثُمَّ خَتَمَ هَذَا الْبَابَ بِمَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ خُصُوصِ التَّعْجِيلِ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهَا بِفَصْلٍ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ اخْتِصَارًا أَوْ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِ الْمُرَادِ، عَلَى أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ لَهَا تَعَلُّقًا ظَاهِرًا بِالتَّعْجِيلِ إذْ التَّأْخِيرُ ضِدُّهُ، وَسَلَكَ الضِّدَّيْنِ فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ مَعَ تَقْدِيمِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا غَيْرَ مَعِيبِ بَلْ هُوَ حَسَنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ رِعَايَةِ التَّضَادِّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَظْهَرِ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ.

وَأَمَّا مَسَائِلُ التَّعَلُّقِ فَلَهَا مُنَاسَبَةٌ بِالتَّعْجِيلِ أَيْضًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ قَطَعَ تَعَلُّقَهُمْ بِالدَّفْعِ لَهُمْ وَلَوْ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَمِنْ غَيْرِ الْمَالِ لِأَنَّهَا غَيْرُ شَرِكَةٍ حَقِيقَةً، كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ كَغَيْرِهِ (وَتَأْخِيرُ) الْمَالِكِ أَدَاءَ (الزَّكَاةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) وَقَدْ مَرَّ (يُوجِبُ الضَّمَانَ) أَيْ إخْرَاجَ قَدْرِ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ كَأَنْ أَخَّرَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: صُدِّقَ الدَّافِعُ) أَيْ فِي أَنَّهُ عَارِيَّةٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُصَدَّقُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ مَا لَمْ تَكُنْ ثَمَّ بَيِّنَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعَجَّلُ تَالِفٌ) وَبَقِيَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَرْهُونًا وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ لِلْحَيْلُولَةِ أَوْ يَصْبِرُ إلَى فِكَاكِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: بِبَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ) أَيْ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ هُنَا الْمِثْلُ الصُّورِيُّ مُطْلَقًا) أَيْ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ) أَيْ الْأَرْشَ (قَوْلُهُ: وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ) أَيْ حَالَ الِاسْتِرْدَادِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: اخْتِصَارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهَا.

(قَوْلُهُ: إشَارَةً) عِلَّةُ الْخَتْمِ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) مُرَادُهُ حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَلَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِهِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَقْصِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي هَذَيْنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَلَفُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى

(قَوْلُهُ: حُدُوثُهُ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَيَسْتَرِدُّهُ) يَعْنِي يَأْخُذُ الْأَرْشَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ حَدَثَ النَّقْصُ بِلَا تَقْصِيرٍ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا لِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: إشَارَةً إلَى أَنَّهُمْ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُنَاسَبَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: فَلَهَا مُنَاسَبَةٌ بِالتَّعْجِيلِ وَتِلْكَ الْمُنَاسَبَةُ هِيَ الْإِشَارَةُ إلَخْ،

ص: 145

لِطَلَبِ الْأَحْوَجِ كَمَا مَرَّ لِحُصُولِ الْإِمْكَانِ وَإِنَّمَا أَخَّرَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَتَقَيَّدُ جَوَازُهُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) الْمُزَكَّى أَوْ أُتْلِفَ وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالضَّمَانِ الْإِخْرَاجُ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ إدْخَالَ الْوَاوِ عَلَى " لَوْ " خَطَأٌ هَهُنَا سَوَاءٌ جَعَلْت يُوجِبُ بِمَعْنَى يَقْتَضِي أَوْ يُكَلَّفُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اشْتَرَاكَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ أَوْلَى بِعَدَمِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ (فَلَا) ضَمَانَ سَوَاءٌ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَمْ قَبْلَهُ وَلِهَذَا أَطْلَقَ هُنَا، وَقَيَّدَ فِي الْإِتْلَافِ بِبَعْدِ الْحَوْلِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ فَإِنْ قَصَّرَ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ كَانَ ضَامِنًا.

(وَلَوْ)(تَلِفَ بَعْضُهُ) بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ وَلَا تَفْرِيطَ وَكَأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا بِذِكْرِهِ فِيمَا بَعْدَهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِسْطَ مَا بَقِيَ) بَعْدَ إسْقَاطِ الْوَقْصِ فَلَوْ تَلِفَ وَاحِدٌ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ، أَوْ مَلَكَ تِسْعَةً حَوْلًا فَهَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ خَمْسَةٌ وَجَبَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَأَنَّ الْأَوْقَاصَ عَفْوٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِمَا أَوْ أَرْبَعَةً وَجَبَتْ شَاةٌ، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ عَلَى أَنَّ الْمَتْنَ قَدْ يَصَّدَّقُ بِهَذِهِ لِأَنَّ الشَّاةَ قِسْطُ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا وَاجِبُهَا (وَإِنْ) (أَتْلَفَهُ) الْمَالِكُ (بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ) (لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ) سَوَاءٌ أَقُلْنَا: إنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ أَمْ لِلْوُجُوبِ لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافٍ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقُلْنَا: إنَّهُ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيهِمَا انْتَقَلَ الْحَقُّ لِلْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قُتِلَ الرَّقِيقُ الْجَانِي الْمَرْهُونُ.

(وَهِيَ) أَيْ الزَّكَاةُ (تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ) الَّذِي تَجِبُ فِي عَيْنِهِ (تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ) بِقَدْرِهَا إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَهِيَ الْوَاجِبُ شَاةٌ لَا بِعَيْنِهَا أَوْ شَائِعٌ أَيْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ وَجْهَانِ أَقْرَبُهُمَا إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ الثَّانِي، إذْ الْقَوْلُ بِالْأَوَّلِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لِلْمَالِ لِإِبْهَامِ الْمَبِيعِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لِلْمَالِكِ تَعْيِينُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَمِنْ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَشَاةٍ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ شَارَكَهُ الْمُسْتَحِقُّ فِيهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَتْبَعُ الْمَالَ فِي الصِّفَةِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْعَيْنِ كَمَا يُقَسَّمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْقِسْمَةِ، وَإِنَّمَا جَازَ الْأَدَاءُ مِنْ مَالٍ آخَرَ لِبِنَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الرِّفْقِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشَارِكْ الْمُسْتَحِقُّ الْمَالِكَ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ (وَفِي قَوْلٍ تَعَلُّقَ رَهْنٍ) بِقَدْرِهَا مِنْهُ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ وَالنِّصَابُ مَرْهُونٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَمْ يَجِدْ الْوَاجِبَ فِي مَالِهِ بَاعَ الْإِمَامُ بَعْضَهُ وَاشْتَرَى وَاجِبَهُ كَمَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ فِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ الْمَالِكُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بَلْ يَتَعَلَّقُ الْوَاجِبُ بِتَرْكِهِ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ لَا بِقَيْدِ الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ قَدْ يُصَدَّقُ بِهَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مَلَكَ تِسْعَةً مِنْهَا حَوْلًا إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهَا.

(قَوْلُهُ أَقْرَبُهُمَا إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ شَائِعٌ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَدْرِهَا إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالنِّصَابُ مَرْهُونٌ بِهِ) يُتَأَمَّلُ مَعَ جَعْلِ الْغَرَضِ أَنَّ التَّعَلُّقَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ كَوْنِهِ عِلَّةً لِلْخَتْمِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْإِخْرَاجِ إنَّمَا هُوَ التَّأْخِيرُ لَا نَفْسُ التَّمَكُّنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ، مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَدَمُ تَعَرُّضِهِ لِحُكْمِ الضَّمَانِ فَالْأَصْوَبُ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: كَانَ ضَامِنًا) يَعْنِي فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْحَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ) يَعْنِي قَوْلَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ

(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ بِنَائِهَا عَلَى الرِّفْقِ وَإِلَّا فَكَانَ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِ كَوْنِهَا شَرِكَةً يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالنِّصَابُ مَرْهُونٌ بِهِ) إنَّمَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ الْآتِيَ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِهِ

ص: 146

الدَّيْنِ، وَقِيلَ: تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِهِ (وَفِي قَوْلٍ) تَتَعَلَّقُ (بِالذِّمَّةِ) وَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْعَيْنِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ.

(فَلَوْ)(بَاعَهُ) أَيْ الْمَالَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ (وَقَبْلَ إخْرَاجِهَا)(فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (فِي قَدْرِهَا وَصِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي) سَوَاءٌ أَبْقَاهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَى الزَّكَاةِ أَمْ بِغَيْرِهَا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالْقَدْرُ الْبَاقِي بِلَا بَيْعٍ وَنَحْوِهِ فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْهُ بَاقٍ بِحَالِهِ لِمُسْتَحِقِّهَا، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَالْمُرْتَهِنُ إنْ جَهِلَ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا فِي قَدْرِهَا، فَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي لَزِمَهُ قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَامْتِنَاعُ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ جَارٍ فِي زَكَاةِ النَّعَمِ وَالنَّقْدِ وَالْمُعَشَّرَاتِ لَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ مَالِهَا وَرَهْنُهُ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهَا الْقِيمَةُ دُونَ الْعَيْنِ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ أَمْوَالَ التِّجَارَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ مَا وَجَبَتْ فِي عَيْنِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُهُ فِي الْجَمِيعِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اسْتَثْنَى قَدْرَ الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ كَبِعْتُك هَذَا إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ صَحَّ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي بَابِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ أَهُوَ عُشْرٌ أَمْ نِصْفُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ يَجْهَلُهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. أَمَّا الْمَاشِيَةُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ كَقَوْلِهِ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ صَحَّ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي قَدْرِهَا وَإِنْ بَقِيَ ذَلِكَ الْقَدْرُ، لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الشَّاةِ الَّتِي هِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَيْنُهَا لَهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مَا عَدَاهَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الثَّمَرِ الْمَخْرُوصِ، أَمَّا هُوَ بَعْدَ التَّضْمِينِ فَيَصِحُّ بَيْعُ جَمِيعِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِقَدْرِهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: وَقَدْرُهَا مِنْ النِّصَابِ مَرْهُونٌ بِالْوَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْبَيْعِ فِي قَدْرِهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِهِ كَشَاةٍ فِي فَمِهِ مِنْ الْإِبِلِ لَكِنْ قَالَ حَجّ فِي هَذِهِ: إنَّ الْأَوْجَهَ الْبُطْلَانُ فِي الْجَمْعِ لِلْجَهْلِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَبَيْعِ مَا وَجَبَتْ فِي عَيْنِهِ) أَيْ فَيَبْطُلُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَمِثْلُ الْهِبَةِ كُلُّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ بِلَا عِوَضٍ كَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي سِرَايَةُ الْعِتْقِ لِلْبَاقِي كَمَا لَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا لَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ فَتَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ قَدْرَ الزَّكَاةِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ شَاةٌ مُبْهَمَةٌ وَإِبْهَامُهَا يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِيمَا سَبَقَ. .

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا بِقَدْرِهَا فَقَطْ

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَبْقَاهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامٍ سَاقِطٍ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَهُوَ وَإِنْ أَبْقَى ذَلِكَ الْقَدْرَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي قَدْرِهَا كَمَا وَجَدْت مُلْحَقًا فِي نُسْخَةٍ مِنْهُ وَبِهَا يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فِي صُورَةِ الْبَعْضِ.

ص: 147