المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ركن الإحرام وما يطلب للمحرم من الأمور الآتية - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌فصل في ركن الإحرام وما يطلب للمحرم من الأمور الآتية

‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

(الْمُحْرِمُ) أَيْ مُرِيدُ الْإِحْرَامِ (يَنْوِي) بِقَلْبِهِ وُجُوبًا دُخُولَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ مَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا وَهُوَ الْإِحْرَامُ الْمُطْلَقُ (وَيُلَبِّي) مَعَ النِّيَّةِ فَيَنْوِي بِقَلْبِهِ وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ: نَوَيْت الْحَجَّ مَثَلًا وَأَحْرَمْت بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إلَى آخِرِهِ، وَلَا يَجْهَرُ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ، وَيُنْدَبُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَنَقَلَهُ فِي الْإِيضَاحِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنْ يَذْكُرَ فِي هَذِهِ التَّلْبِيَةِ لَا غَيْرِهَا مَا أَحْرَمَ بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ النَّصّ عَدَمَ نَدْبِهِ وَصَوَّبَهُ، وَالْعِبْرَةُ بِمَا نَوَاهُ لَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي تَلْبِيَتِهِ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا يُرِيدُهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ إحْرَامِهِ وَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَحْرَمَ لَك شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي (فَإِنْ لَبَّى بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ]

فَصْلٌ) فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ) أَيْ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ الْإِحْرَامُ وَهُوَ النِّيَّةُ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، أَوْ فِي الرُّكْنِ الْمُحَصِّلِ لِلْإِحْرَامِ إنْ حُمِلَ الْإِحْرَامُ عَلَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ. [تَنْبِيهٌ]

سُئِلْت عَنْ مُلْتَصِقِينَ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا فِي ظَهْرِ الْآخِرِ وَلَمْ يُمْكِنْ انْفِصَالُهُمَا، فَأَحْرَمَا بِالْحَجِّ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا تَقْدِيمُ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالْآخَرُ تَأْخِيرَهُ إلَى مَا بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ فَمَنْ الْمُجَابُ، وَهَلْ إذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا مَا لَزِمَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ بِمُوَافَقَةِ الْآخَرَ ثُمَّ أَرَادَ الْآخَرُ ذَلِكَ يَلْزَمُ الْأَوَّلُ مُوَافَقَتَهُ وَالْمَشْيَ وَالرُّكُوبَ مَعَهُ إلَى الْفَرَاغِ أَيْضًا أَوْ لَا، وَهَلْ يَلْزَمُ كُلًّا أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الْآخَرِ وَاجِبَهُ مِنْ نَحْوِ صَلَاةٍ سَوَاءٌ أَوْجَبَ عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ لَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَا؟ فَأَجَبْت بِقَوْلِي: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ قَوَاعِدِنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا مُوَافَقَةُ الْآخِرِ فِي فِعْلِ شَيْءٍ أَرَادَهُ مِمَّا يَخُصُّهُ أَوْ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ، لِأَنَّ تَكْلِيفَ الْإِنْسَانِ بِفِعْلٍ لِأَجَلِ غَيْرِهِ لَا مَعَ نِسْبَتِهِ لِتَقْصِيرٍ وَلَا لِسَبَبٍ فِيهِ مِنْهُ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا نَظَرَ لِضِيقِ الْوَقْتِ لِأَنَّ صَلَاتَهُمَا مَعًا لَا تُمْكِنُ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَحَالُفُ وَجْهَيْهِمَا.

فَإِنْ قُلْت: لَمْ لَا نَجْبُرهُ وَنُلْزِمُ الْآخَرَ بِالْأُجْرَةِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَسَائِلَ ذَكَرُوهَا؟ قُلْت: تِلْكَ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى حِفْظِ النَّفْسِ تَارَةً كَمُرْضِعَةٍ تَعَيَّنَتْ وَالْمَالِ أُخْرَى كَوَدِيعٍ تَعَيَّنَ، وَمَا هُوَ؟ إنَّمَا هُوَ إجْبَارٌ لِمَحْضِ عِبَادَةٍ وَهِيَ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِمَا.

فَإِنْ قُلْت: عَهْدُنَا الْإِجْبَارُ بِالْأُجْرَةِ لِلْعِبَادَةِ كَتَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ بِالْأُجْرَةِ، قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ أَمْرٌ يَدُومُ نَفْعُهُ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ لَا يَتَكَرَّرُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تُكَرَّرُ الْإِجْبَارِ بَلْ دَوَامُهُ مَا بَقِيَتْ الْحَيَاةُ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُطَاقُ فَلَا يُتَّجَهُ إيجَابُهُ، فَإِنْ رُفِعَا لِلْحَاكِمِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَعْرَضَ عَنْهُمَا إلَى أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ أَوَاخِرَ الْعَارِيَّةِ بَلْ أَوْلَى فَيَتَأَمَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ حَجّ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْحُجُبِ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: الْمُصَنِّفُ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ) فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا يُرِيدُهُ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا

ص: 268

(وَإِنْ نَوَى وَلَمْ يُلَبِّ انْعَقَدَ عَلَى الصَّحِيحِ) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ لِإِطْبَاقِ الْأُمَّةِ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَالصَّلَاةِ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ.

(وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً وَحَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ غُسْلٌ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا، وَيَغْسِلُ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْغُسْلِ التَّنْظِيفُ وَلِهَذَا سُنَّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَإِذَا اغْتَسَلَتَا نَوَتَا، وَالْأَوْلَى لَهُمَا تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ إلَى طُهْرِهِمَا إنْ أَمْكَنَهُمَا الْمُقَامُ بِالْمِيقَاتِ لِيَقَعَ إحْرَامُهُمَا فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِمَا. وَيُنْدَبُ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ التَّنْظِيفُ بِإِزَالَةِ نَحْوِ شَعْرِ إبْطٍ وَعَانَةٍ وَظُفْرٍ وَوَسَخٍ وَغَسْلِ رَأْسِهِ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْغُسْلِ كَمَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ اهـ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ، وَإِلَّا فَإِزَالَةُ نَحْوِ الشَّعْرِ لَا تُطْلَبُ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَيُنْدَبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ بِصَمْغٍ أَوْ نَحْوِهِ لِئَلَّا يَتَوَلَّدَ فِيهِ الْقَمْلُ وَلَا يَتَشَعَّثَ فِي مُدَّةِ إحْرَامِهِ وَيَكُونَ بَعْدَ غُسْلِهِ.

(فَإِنْ)(عَجَزَ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْغُسْلِ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ الْآتِيَةِ لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ قِيَامِ مَانِعٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ (تَيَمَّمَ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يُرَادُ لِلْقُرْبَةِ وَالنَّظَافَةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ، وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَعَنْ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي غُسْلَهُ وَهُوَ كَافٍ وُضُوئِهِ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ كَافٍ لِوُضُوئِهِ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْغُسْلِ وَبَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ إنْ نَوَى بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَتَيَمَّمَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَآخَرُ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَ) يُسَنُّ لِدُخُولِ الْحَرَمِ (وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) وَلَوْ حَلَالًا لِلِاتِّبَاعِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ أَغْسَالِ الْحَجِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] شَكَّ بَعْدَ جَمِيعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ هَلْ كَانَ نَوَى أَوْ لَا؟ ، فَالْقِيَاسُ عَدَمُ صِحَّتِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ يَشُقُّ لَا أَثَرَ لَهُ بَلْ هُوَ وَهْمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ رحمه الله.

أَقْوَالٌ: وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَضَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي نِيَّةِ الْحَجِّ مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوهُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ فَقَالُوا: لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي رَمَضَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ انْعَقَدَ عُمْرَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ عَالَمًا بِذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا.

وَقَالُوا: لَوْ نَوَى الْحَجَّ ظَانًّا بَقَاءَ رَمَضَانَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ اُعْتُدَّ بُنَيَّتِهِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَقَالُوا: لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ وَتَرَدَّدَ فِي وَقْتِ إحْرَامِهِ هَلْ هُوَ قَبْلُ شَوَّالٍ أَوْ فِيهِ اُعْتُدَّ بُنَيَّتِهِ، وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ إذَا أَتَى بِأَعْمَالِهِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَسَلَ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْغُسْلِ لِلْمَاضِي كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ كَذَا قِيلَ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ، غُسْلَ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْله لَا تَطْلُبُ فِيهِ) أَيْ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: وَيَنْدُبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ) أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَشِيَ عُرُوضَ جَنَابَةٍ بِاحْتِلَامٍ أَوْ خَشِيَتْ الْمَرْأَةُ حُصُولَ حَيْضٍ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ فِيهِمَا لِأَنَّ عُرُوضَ مَا ذُكِرَ يُحْوِجُ إلَى الْغُسْلِ وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَ الشَّعْرِ وَإِزَالَةُ نَحْوَ الصَّمْغِ وَهُوَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إزَالَةِ بَعْضِ الشَّعْرِ

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ) أَيْ فَفِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ التَّشْوِيهِ (قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي) سَبْقُ نَظَرٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ، وَابْنُ الْمُقْرِي إنَّمَا قَالَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا لَمْ يَكْفِ لِلْوُضُوءِ أَيْضًا الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عَقِبَ هَذِهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ نَصُّهَا: وَالْعَاجِزُ عَنْهُ يَتَيَمَّمُ مَعَ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْضِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ.

قَالَ شَارِحُهُ: وَقَاسَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوُضُوءِ بَعْضَهُ إذَا عَجَزَ عَنْ إتْمَامِهِ ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَنْ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ثَانِيًا عَنْ الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا عَنْ الْغُسْلِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ وَإِلَّا فَالثَّانِي اهـ فَلَخَّصَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِيمَا ذَكَرَهُ

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) أَيْ إذَا لَمْ يَغْتَسِلْ لِدُخُولِ الْحَرَمِ مِنْ مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي

ص: 269

إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ، وَلَوْ فَاتَ لَمْ يَبْعُدْ نَدْبُ قَضَائِهِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيُلْحَقُ بِهِ بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ قِيَاسًا عَلَى قَضَاءِ النَّوَافِلِ وَالْأَوْرَادِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا هُنَاكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا هُنَاكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ تَغَيُّرٌ لِرِيحِهِ عِنْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا سُنَّ الْغُسْلُ عِنْدَهُ.

(وَ) يُسَنُّ بَعْدَ الزَّوَالِ (لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ بِنَمِرَةَ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي غَيْرِهَا وَقَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ الْفَجْرِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ سَارُوا إلَى الْوُقُوفِ وَاغْتَسَلَ لِلْوُقُوفِ وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ الْإِمَامُ.

وَقَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ: وَلِلْوُقُوفِ فِي عَشِيِّ عَرَفَةَ، لَا يُخَالِفُ هَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي عَشِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِلْوُقُوفِ، لَكِنْ تَقْرِيبُهُ مِنْ وُقُوفِهِ أَفْضَلُ كَتَقْرِيبِهِ مِنْ ذَهَابِهِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَعَارَفَا ثُمَّ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ فِيهَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنَاسِكَهُ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.

(وَ) يُسَنُّ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ لِلْوُقُوفِ (بِمُزْدَلِفَةَ) عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (غَدَاةَ) يَوْمِ (النَّحْرِ) أَيْ بَعْدَ فَجْرِهِ.

(وَ) يُسَنُّ (فِي) كُلِّ يَوْمٍ مِنْ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ (لِلرَّمْيِ) أَيْ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَوَاضِعُ اجْتِمَاعٍ فَأَشْبَهَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُسَنُّ لِدُخُولِ الْبَيْتِ لَا لِلْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ لَقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ عَرَفَةَ، وَلَا لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ اكْتِفَاءً بِغُسْلِ الْعِيدِ، وَلَا لِطَوَافِ الْقُدُومِ لَقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ الدُّخُولِ، وَلَا لِلْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَإِنْ جَزَمَ فِي مَنَاسِكِهِ الْكُبْرَى بِاسْتِحْبَابِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ

(وَ) يُسَنُّ (أَنْ)(يُطَيِّبَ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ (بَدَنَهُ لِلْإِحْرَامِ) ذَكَرًا أَمْ غَيْرَهُ شَابَّةً أَمْ عَجُوزًا خَلِيَّةً أَمْ لَا لِلِاتِّبَاعِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ عَدَمِ سَنِّ التَّطَيُّبِ فِي ذَهَابِ الْأُنْثَى لَهَا بِأَنَّ زَمَانَ الْجُمُعَةِ وَمَكَانَهَا ضَيِّقٌ وَلَا يُمْكِنُهَا تَجَنُّبُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ.

نَعَمْ لَا تَطَيَّبُ الْمُحِدَّةُ (وَكَذَا ثَوْبُهُ) مِنْ إزَارِ الْإِحْرَامِ وَرِدَائِهِ يُسَنُّ تَطْيِيبُهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَدَنِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْزَعُ وَيُلْبَسُ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِحْبَابِ تَطْيِيبِ الثَّوْبِ الْمُحَرَّرَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ كَوْنُهُ مُبَاحًا وَقَالَ: لَا يُنْدَبُ جَزْمًا، وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَوَازَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَلَا بَأْسَ بِاسْتِدَامَتِهِ) أَيْ الطِّيبِ فِي الثَّوْبِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) كَالْبَدَنِ لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ» ، وَالْوَبِيصُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْوَاوِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْبَرِيقُ، وَالْمَفْرِقُ هُوَ وَسَطُ الرَّأْسِ وَمَحَلُّ نَدْبِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَيَحْصُلُ بِأَيِّ طِيبٍ كَانَ وَالْأَفْضَلُ الْمِسْكُ وَأَنْ يَخْلِطَهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي بَعْضِهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ غَيْرُ كَافٍ لِجُمْلَتِهَا

(قَوْلُهُ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَجِّ أَيْ زَمَنِهِ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) ظَرْفٌ لِلْوُقُوفِ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَدَاةَ النَّحْرِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ

(قَوْلُهُ: اكْتِفَاءٌ بِغُسْلِ الْعِيدِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ تَغَيُّرٌ فِي بَدَنِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي اسْتِحْبَابِهِ لِدُخُولِ مَكَّةَ فِي حَقِّ مَنْ اغْتَسَلَ لِدُخُولِ الْحَرَمِ قُرْبَ مَكَّةَ حَيْثُ تَغَيُّرِ رِيحُهُ، اسْتِحْبَابُهُ هُنَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ غُسْلَ الْعِيدِ يَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ كَغُسْلِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَغُسْلِ الْعِيدِ مُحَصَّلٌ بِغُسْلِ الرَّمْيِ لِفِعْلِهِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تَطَيُّبَ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَوَازُ) أَيْ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ: فِي مَفْرَقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى) هَذَا مُصَادَرَةٌ إذْ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ

ص: 270

بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَتَلْزَمُهَا إزَالَتُهُ كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهَا إزَالَتُهُ فِي وَجْهٍ (وَلَا بِطِيبٍ لَهُ جِرْمٌ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (لَكِنْ)(لَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ الْمُطَيَّبُ) وَرَائِحَةُ الطِّيبِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ (ثُمَّ لَبِسَهُ)(لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ لُبْسَ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ أَوْ أَخَذَ الطِّيبَ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ.

وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الثَّوْبِ خَلْعَهُ وَلُبْسَهُ فَجُعِلَ عَفْوًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَائِحَةُ الثَّوْبِ مَوْجُودَةً وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ مَاءً ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ امْتَنَعَ لُبْسُهُ بَعْدَ نَزْعِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ ابْتِدَاءً جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا عِبْرَةَ بِانْتِقَالِ الطِّيبِ بِإِسَالَةِ الْعَرَقِ وَلَوْ تَعَطَّرَ ثَوْبُهُ مِنْ بَدَنِهِ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ الْجِمَاعِ إنْ أَمْكَنَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ.

(وَ) يُسَنُّ (أَنْ)(تُخَضِّبَ الْمَرْأَةُ) غَيْرَ الْمُحِدَّةِ (لِلْإِحْرَامِ) أَيْ لِإِرَادَتِهِ (يَدَهَا) أَيْ كُلَّ يَدٍ مِنْهَا إلَى الْكُوعِ فَقَطْ بِالْحِنَّاءِ وَلَوْ خَلِيَّةً وَشَابَّةً لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: إنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ، وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ، وَتَمْسَحُ وَجْهَهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِكَشْفِهِ فَتَسْتُرُ بَشَرَتَهُ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ، وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ بِالْحِنَّاءِ إذَا كَانَ تَعْمِيمًا دُونَ التَّطْرِيفِ وَالنَّقْشِ وَالتَّسْوِيدِ أَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَإِزَالَةِ الشُّعْثِ، لَكِنْ لَا فِدْيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَخَرَجَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالْمُحِدَّةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَيْضًا. وَيُسَنُّ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ أَيْضًا لَكِنَّهُ لِلْمُحْرِمَةِ آكَدُ. نَعَمْ يُكْرَهُ لِلْخَلِيَّةِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ.

(وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ) بِالرَّفْعِ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: رَأَيْت فِي الْأَصْلِ الَّذِي قَابَلْتُهُ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَيَتَجَرَّدُ مَضْبُوطًا بِضَمِّ الدَّالِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَلَا يُعْطَفُ عَلَى السُّنَنِ، وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْوُجُوبِ كَالرَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ بِسُنَّتِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلطَّبَرِيِّ (لِإِحْرَامِهِ) بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى إذْ لَا نَزْعَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (عَنْ مَخِيطٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ كُلِّ مُحِيطٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَلَوْ لُبَدًا وَمَنْسُوجًا (الثِّيَابُ) وَنَحْوُهَا مِنْ خُفٍّ وَنَعْلٍ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ الْمُتَّجَهَ اسْتِحْبَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَوْنِ عِبَارَتِهِ بِالنَّصْبِ، وَمَا عَلَّلَ بِهِ كَلَامَهُ مِنْ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يُوجَدْ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ يُمْتَنَعْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا فِي الصَّيْدِ عَدَمَ وُجُوبِ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِيهِمَا وَاحِدٌ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءُ بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ عَدَمِ التَّجَرُّدِ بِالْوَطْءِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الصَّيْدَ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ نَزْعِ الثَّوْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَيَجِبُ قَبْلَهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَلِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِيَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، لَكِنْ عِبَارَتُهُ فِي بَابِ مُحْرِمَاتِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ إلَخْ نَصَّهَا: وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَبَقِ الرِّيحِ فَقَطْ بِنَحْوِ مَسِّهِ وَهُوَ يَابِسٌ أَوْ جُلُوسُهُ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ عِنْدَ مَتْجَرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطْيِيبًا

(قَوْلُهُ: وَتَمْسَحُ وَجْهَهَا) أَيْ نَدْبًا (قَوْله وَالتَّسْوِيدُ) زَادَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ بَلْ يَحْرُمُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى خَلِيَّةٍ وَمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا حَلِيلُهَا

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَيْسَ فِي خُصُوصِ الْمُحِدَّةِ بَلْ فِي عُمُومِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْوَجْهَانِ فِيهَا مَذْكُورَانِ حَتَّى فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ الْبَاحِثِ مَا ذَكَرَ، وَعِبَارَتُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَكَذَا الْمَبْتُوتَةُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَفِي وُجُوبِ إزَالَتِهِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ اهـ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ: وَلَوْ تَطَيَّبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ فِي وَجْهٍ، لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ آدَمِيٍّ فَالْمُضَايَقَةُ فِيهِ أَكْثَرُ انْتَهَتْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ

ص: 271

إتْلَافُ مَالٍ قَبْلَ وُجُودِ الْمُقْتَضَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّ إرْسَالَ الصَّيْدِ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ حَرَامٌ، بِخِلَافِ التَّجَرُّدِ فَإِنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْعِبَادَةِ، وَشَأْنُهَا التَّقَدُّمُ عَلَيْهَا كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ، وَمِمَّا لَوْ وَطِئَ أَوْ أَكَلَ لَيْلًا مَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ لَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَأَجَابَ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ طُلِبَ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الْمُحْرِمُ أَشْعَثَ أَغْبَرَ وَلَا يَكُونَ كَذَلِكَ إلَّا إذَا نَزَعَ قَبْلَهُ، بِخِلَافِ الْحَلِفِ وَتَرْكِ الْمُفْطِرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَاحْتِيطَ لَهُ مَا لَمْ يُحْتَطْ لَهُمَا وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ النَّزْعُ بَعْدَ التَّطَيُّبِ.

(وَ) يُسَنُّ (أَنْ)(يَلْبِسَ) الرَّجُلُ قَبْلَ إحْرَامِهِ (إزَارًا وَرِدَاءً) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَبْيَضَيْنِ) لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» وَيُسَنُّ كَوْنُهُمَا جَدِيدَيْنِ وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَغْسِلَ الْجَدِيدَ الْمَقْصُورَ لِنَشْرِ الْقَصَّارِينَ لَهُ عَلَى الْأَرْضِ.

وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ غَسْلَ حَصَى الْجِمَارِ احْتِيَاطًا، وَهَذَا أَوْلَى بِهِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْصُودِ كَذَلِكَ: أَيْ إذَا تُوُهِّمَتْ نَجَاسَتُهُ لَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ الْمَصْبُوغُ وَلَوْ بِنِيلَةٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا الْمُزَعْفَرَ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الْمَصْبُوغُ هُنَا بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ ثَمَّ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الْمَصْبُوغُ مُطْلَقًا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَصْبُوغِ قَبْلَ النَّسْجِ وَبَعْدَهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي تَقْيِيدِهِ بِمَا صُبِغَ بَعْد النَّسْجِ وَإِنْ تَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ.

(وَ) يُسَنُّ لُبْسُ (نَعْلَيْنِ) لِخَبَرِ «لِيُحْرِمَ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» (وَ) يُسَنُّ (أَنْ)(يُصَلِّيَ) لِلْإِحْرَامِ قَبْلَهُ (رَكْعَتَيْنِ) لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ» وَيُحْرِمَانِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَتُغْنِي عَنْهُمَا فَرِيضَةٌ أَوْ نَافِلَةٌ كَالتَّحِيَّةِ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ كَوْنِهَا مَقْصُودَةً فَلَا تَنْدَرِجُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا أَثْبَتْنَا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ خَاصَّةً» وَلَمْ يَثْبُتْ، بَلْ الَّذِي ثَبَتَ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ إثْرَ صَلَاةٍ.

وَيُنْدَبُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ وَأَنْ يُصَلِّيَهُمَا فِي مَسْجِدِ الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ ثَمَّ مَسْجِدٌ وَلَا فَرْقَ فِي صَلَاتِهِمَا بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ.

(ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ)(يُحْرِمَ) الشَّخْصُ إنْ كَانَ رَاكِبًا (إذَا انْبَعَثَتْ) أَيْ اسْتَوَتْ (بِهِ رَاحِلَتُهُ) أَيْ دَابَّتُهُ قَائِمَةً إلَى طَرِيقِ مَكَّةَ (أَوْ) يُحْرِمُ إذَا (تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (مَاشِيًا) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَرَاجَعَ عَقِبَ الْإِيلَاءِ لَا يُغْنِي عَنْ وُجُوبِ النَّزْعِ لِأَنَّهُ مُسْتَدِيمٌ زَمَنَ الْمُرَاجَعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْله فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) أَيْ حَيْثُ كَثُرَ عَلَى مَا مَرَّ فِي اللِّبَاسِ

(قَوْلُهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَرَمِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَوْ لَا لِأَنَّ النَّافِلَةَ فِي ذَلِكَ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالِانْعِقَادِ لِأَنَّ النَّافِلَةَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا وَكَوْنِهَا خِلَافَ الْأَوْلَى أَمْرٌ عَارِضٌ فَلَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النَّذْرِ كَوْنُ الْمَنْذُورِ قُرْبَةً، وَخِلَافَ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَهُوَ كَالْمَكْرُوهِ غَايَتُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ خَفِيفَةٌ، فَالْقَائِلُ بِانْعِقَادِ النَّذْرِ فِيهِ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِ نَذْرِ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ وَنَحْوِهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ فَلْيَتَأَمَّلْ، وَلَا يَرِدُ انْعِقَادُ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ جُمُعَةٍ مَعَ كَرَاهَتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ لَا صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا) أَيْ سِرًّا وَلَوْ لَيْلًا إلْحَاقًا بِالنَّوَافِلِ، بِخِلَافِ رَكْعَتِي الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهِمَا لَيْلًا كَمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ ثَمَّ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ مَا يُسَوِّغُ لَهُ هَذِهِ الْإِحَالَةَ بِخِلَافِ الشَّارِحِ وَعِبَارَتُهُ: وَمَحَلُّهُ أَيْ كَرَاهَةِ الْمَصْبُوغِ فِيمَا صُبِغَ بِغَيْرِ زَعْفَرَانٍ أَوْ عُصْفُرٍ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِهِمَا.

وَإِنَّمَا كَرِهُوا هُنَا الْمَصْبُوغَ بِغَيْرِهِمَا خِلَافَ مَا قَالُوهُ ثَمَّ إلَخْ

(قَوْلُهُ رَوَى مُسْلِمٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَرَوَى مُسْلِمٌ بِوَاوِ الْعَطْفِ، وَلَعَلَّهَا سَقَطَتْ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ هَذَا دَلِيلٌ

ص: 272

لَمَّا أَهْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا» (وَفِي قَوْلٍ) يُحْرِمُ (عَقِبَ الصَّلَاةِ) جَالِسًا لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا.

نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ يَوْمَ السَّابِعِ بِمَكَّةَ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَيَتَقَدَّمُ إحْرَامُهُ مَسِيرَهُ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ مَسِيرَهُ لِلنُّسُكِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامُ غَيْرَهُ يُنَازِعُهُ.

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ غَرِيبٌ وَمُحْتَمَلٌ.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُحْرِمِ (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) وَلَوْ حَائِضًا وَجُنُبًا لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهَا شِعَارُ النُّسُكِ (وَرَفْعُ صَوْتِهِ) أَيْ الذِّكْرِ (بِهَا) رَفْعًا لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ (فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِإِكْثَارِ وَرَفْعِ: أَيْ مَا دَامَ مُحْرِمًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ لِمَا صَحَّ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» أَمَّا رَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ، وَالْمَرْأَةُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى تُسْمِعُ نَفْسَهَا فَقَطْ، فَإِنْ جَهَرَتْ كُرِهَ حَيْثُ يُكْرَهُ جَهْرُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَذَانُهَا لِلْأَمْرِ بِالْإِصْغَاءِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَهُنَا كُلُّ وَاحِدٍ مُشْتَغِلٌ بِتَلْبِيَةِ نَفْسِهِ عَنْ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ وَيُكْرَهُ رَفْعٌ مُضِرٌّ بِنَحْوِ قَارِئٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. .

وَيُسَنُّ لِلْمُلَبِّي إدْخَالُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ حَالَ التَّلْبِيَةِ كَمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ (وَخَاصَّةً) هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَخْتُومٌ بِالتَّاءِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ خُصُوصًا، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ بِمَعْنَى خُصُوصًا؛ لِأَنَّ الْخَاصَّةَ تُطْلَقُ عَلَى خِيَارِ الشَّيْءِ، يُقَالُ خَاصَّةُ الْأَمِيرِ: أَيْ خِيَارُ جَمَاعَتِهِ وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ أَمْرٍ هُنَا، بِخِلَافِ الْخُصُوصِ إذْ يُفِيدُ تَأْكِيدَ الطَّلَبِ وَهُوَ لَائِقٌ بِالْمَقَامِ: أَيْ يَتَأَكَّدُ (عِنْدَ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ) مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ (كَرُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا اسْمُ مَكَانِ الْفِعْلِ مِنْهُمَا وَبِضَمِّهِ مَصْدَرٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ هُنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَاخْتِلَاطُ رُفْقَةٍ) أَوْ غَيْرِهِمْ: أَيْ اجْتِمَاعٌ وَافْتِرَاقٌ وَرُكُوبٌ وَنُزُولٌ وَفَرَاغٌ مِنْ صَلَاةٍ وَعِنْدَ نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ، وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَهُبُوبِ رِيحٍ، وَزَوَالِ شَمْسٍ. .

وَيُكْرَهُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ وَفِي حَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي تَحْرِيمِهَا حِينَئِذٍ، وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الْمَسَاجِدِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا تُسْتَحَبُّ) التَّلْبِيَةُ (فِي طَوَافِ الْقُدُومِ) أَوْ غَيْرِهِ كَإِفَاضَةٍ وَتَطَوُّعٍ وَسَعْيٍ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَذْكَارًا خَاصَّةً، وَإِنَّمَا خَصَّ طَوَافَ الْقُدُومِ بِالذِّكْرِ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْقَدِيمِ تُسْتَحَبُّ فِيهِ) وَفِي السَّعْيِ بَعْدَهُ وَفِي الْمُتَطَوِّعِ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ (بِلَا جَهْرٍ) فِي ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ.

وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ فَلَا تُسْتَحَبُّ فِيهِمَا قَطْعًا.

(وَلَفْظُهَا لَبَّيْكَ) أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكِ مَأْخُوذٌ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ لَبًّا وَأَلَبَّ بِهِ إلْبَابًا إذَا أَقَامَ بِهِ، وَزَادَ الْأَزْهَرِيُّ: أَيْ إقَامَةً بَعْد إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَهُوَ مُثَنًّى مُضَافٌ أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَةِ (اللَّهُمَّ) أَصْلُهُ يَا اللَّهُ حُذِفَ حَرْفُ النِّدَاءِ وَعُوِّضَ عَنْهُ الْمِيمُ (لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ) أَرَادَ بِنَفْيِ الشَّرِيكِ مُخَالَفَةَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا شَرِيكَ لَك إلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ (إنَّ الْحَمْدَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا عَلَى التَّعْلِيلِ: أَيْ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَأْتِي

(قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَضَرَّ لَتَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُكْرَهُ جَهْرُهَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ أَجَانِبَ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ أَوْ خَالِيَةٍ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَفْعُ مُضِرٍّ) أَيْ ضَرَرًا يَحْتَمِلُ فِي الْعَادَةِ وَإِلَّا حُرِّمَ

(قَوْلُهُ: وَفَرَاغٌ مِنْ صَلَاةِ) وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَذْكَارِ عَلَى التَّلْبِيَةِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ وَعَدَمِ فَوَاتِهَا وَتَقْدِيمُ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَمَا يُقَالُ عَقِبَ الْأَذَانِ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ فِي مَوَاضِعَ النَّجَاسَاتِ) أَيْ الْمُعَدَّةُ لِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْقِيَاسِ

(قَوْلُهُ: أَيْ اجْتِمَاعٌ) تَفْسِيرٌ لِلِاخْتِلَاطِ، وَقَوْلُهُ وَافْتِرَاقٌ لَيْسَ مِنْ مَدْخُولِ التَّفْسِيرِ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَرُكُوبٌ وَنُزُولٌ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ.

ص: 273

الْحَمْدَ (وَالنِّعْمَةَ لَكَ) بِنَصْبِ النِّعْمَةِ فِي الْأَشْهَرِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَحِينَئِذٍ فَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ وَإِنْ شِئْت جَعَلْت خَبَرَ إنَّ مَحْذُوفًا: أَيْ إنَّ الْحَمْدَ لَكَ وَالنِّعْمَةَ مُسْتَقِرَّةٌ لَكَ (وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك) لِلِاتِّبَاعِ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ، فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَزِيدُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ، وَتُسَنُّ وَقْفَةٌ لَطِيفَةٌ عَلَى وَالْمُلْكَ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِلَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنْ يُكَرِّرَ التَّلْبِيَةَ جَمِيعَهَا ثَلَاثًا (وَإِذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ) أَوْ يَكْرَهُهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ كَمَا فِي {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أَيْ وَالْبَرْدَ (قَالَ) نَدْبًا (لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ) أَيْ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الدَّائِمَةَ الْهَنِيَّةَ (عَيْشُ) أَيْ حَيَاةُ الدَّارِ (الْآخِرَةِ) فَقَدْ قَالَهُ عليه الصلاة والسلام حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَهُ فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِيهِمَا. .

وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّلْبِيَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ يُلَبِّي بِلِسَانِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ؟ وَجْهَانِ كَتَسْبِيحِ الصَّلَاةِ، وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِخِلَافِ التَّلْبِيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَثْنَاءِ تَلْبِيَتِهِ. نَعَمْ يَرُدُّ السَّلَامَ نَدْبًا وَإِنْ كُرِهَ التَّسْلِيمُ عَلَيْهِ وَقَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهَا لِعَارِضٍ كَإِنْقَاذِ نَحْوِ أَعْمَى يَقَعُ فِي مُهْلِكٍ.

(وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ صَلَّى) وَسَلَّمَ (عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) عَقِبَ فَرَاغِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي لِطَلَبِي ذَلِكَ، وَيَقُولُ ذَلِكَ بِصَوْتٍ أَخْفَضُ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ، قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: وَيُصَلِّي عَلَى آلِهِ (وَسَأَلَ اللَّهَ) بَعْدَ ذَلِكَ (الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ مِنْ دِينٍ وَدُنْيَا.

قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لَكَ وَلِرَسُولِكَ وَآمَنُوا بِك وَوَثِقُوا بِوَعْدِك وَوَفَوْا بِعَهْدِك وَاتَّبَعُوا أَمْرَك.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِكَ الَّذِينَ رَضِيت وَارْتَضَيْت.

اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أَدَاءَ مَا نَوَيْت وَتَقَبَّلْ مِنِّي يَا كَرِيمُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُرَادَ بِهَا النَّجَاسَةَ الْمُحَقِّقَةَ

(قَوْلُهُ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ قَالَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادَيْ: قَوْلُهُ لَبَّيْكَ إلَخْ، وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُ الْإِتْيَانِ بِلَبَّيْكَ بِالْمُحْرِمِ فَغَيْرُهُ يَقُول: اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَنْدَقِ حَجّ اهـ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّلْبِيَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ يُلَبِّي بِلِسَانِهِ) أَيْ بِلُغَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ) . [تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَلْبِيَتِهِ مَا أَرَادَهَا، فَلَوْ أَرَادَهَا مَرَّاتٍ كَثِيرَةِ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الصَّلَاةُ ثُمَّ الدُّعَاءُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْكُلِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِأُصَلِّ السُّنَّةِ.

وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِأَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَدْعُو عَقِبَ كُلِّ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَيَأْتِي بِالتَّلْبِيَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ الدُّعَاءِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثَلَاثًا وَهَكَذَا، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ إيضَاحِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ذَكَرْته اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ أَرَادَ.

قَالَ حَجّ: وَالْأَوْلَى صَلَاةُ التَّشَهُّدِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك رِضَاك وَالْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 274