المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة الفطر - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌باب زكاة الفطر

‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ: اسْمٌ مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ بَلْ اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ فَتَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً عَلَى الْمُخْتَارِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَتُقَالُ لِلْخِلْقَةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] وَالْمَعْنَى أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْخِلْقَةِ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ: أَيْ تَطْهِيرًا لَهَا وَتَنْمِيَةً لِعَمَلِهَا وَتُقَالُ لِلْمُخْرَجِ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ اسْمٌ لِلْمُخْرَجِ مَرْدُودٌ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ مَا عِشْت» وَلَا يُنَافِي حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ قَوْلُ ابْنِ اللَّبَّانِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا لِأَنَّهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا لِغَيْرِ ابْنِ اللَّبَّانِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ شَاذٌّ مُنْكَرٌ فَلَا يَتَخَرَّقُ بِهِ الْإِجْمَاعُ، أَوْ يُرَادُ بِالْإِجْمَاعِ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)(قَوْلُهُ: زَكَاةُ الْفِطْرِ) أَيْ بَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ اسْمٌ مُوَلَّدٌ) أَيْ نَطَقَ بِهِ الْمُوَلَّدُونَ.

(قَوْلُهُ: لَا عَرَبِيٌّ) الْعَرَبِيُّ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ مِمَّا وَضَعَهُ وَاضِعُ لُغَتِهِمْ وَلَا مُعَرَّبٌ هُوَ لَفْظٌ غَيْرُ عَرَبِيٍّ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ بِتَغَيُّرٍ مَا (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ) أَيْ الْفِطْرَةُ (قَوْلُهُ: حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً) أَيْ فِي الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ وَالْأَنْسَبُ فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ: فَتَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً أَوْ اصْطِلَاحِيَّةً؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا أُخِذَتْ التَّسْمِيَةُ بِهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ، أَمَّا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَاسْتَعْمَلُوهُ فَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ بَلْ يُسَمَّى حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً أَوْ اصْطِلَاحِيَّةً. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً: فَإِنْ قُلْت: كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ فَتَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً؛ لِأَنَّ الشَّرْعِيَّةَ مَا كَانَتْ بِوَضْعِ الشَّارِعِ. قُلْت: هَذِهِ النِّسْبَةُ لُغَوِيَّةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ، فَالْمُرَادُ حَقِيقَةٌ مَنْسُوبَةٌ لِحَمَلَةِ الشَّرْعِ وَهُمْ الْفُقَهَاءُ، وَالنِّسْبَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ النِّسْبَةِ فِي " شَرْعِيَّةً " بِاعْتِبَارِ الِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّ هِيَ مَا كَانَ بِوَضْعِ الشَّارِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَتُقَالُ لِلْخِلْقَةِ) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الْفِطْرَةِ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ الْخِلْقَةَ أَوْ الْقَدْرَ الْمُخْرَجَ مُوَلَّدٌ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَاتِ الْفُقَهَاءِ حَادِثَةٌ، وَإِطْلَاقُ الْفِطْرَةِ عَلَى الْخِلْقَةِ لَيْسَ مِنْ اصْطِلَاحَاتِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَعَلَّهَا مُوَلَّدَةٌ لِلنَّظَرِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَتَنُمِّيهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَتُقَالُ لِلْمُخْرَجِ) أَيْ تُقَالُ الْفِطْرَةُ بِالْكَسْرِ لِلْمَالِ الْمُخْرَجِ بِفَتْحِ الرَّاءِ.

(قَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) إنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِهِمَا هُمَا اللَّذَانِ كَانَا مَوْجُودَيْنِ إذْ ذَاكَ اهـ. وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: إذْ كَانَ) أَيُّ وَقْتٍ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)(قَوْلُهُ: الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَهِّدَ لِهَذَا بِشَيْءٍ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَيُقَالُ لَهَا الْفِطْرَةُ وَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ) بِمَعْنَى أَيْ وَضْعُهُ عَلَى هَذِهِ الْحَقِيقَةِ مُوَلَّدٌ مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً، وَإِلَّا فَالْمُوَلَّدُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي وَلَّدَهُ النَّاسُ بِمَعْنَى اخْتَرَعُوهُ وَلَمْ تَعْرِفْهُ الْعَرَبُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفِطْرَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]

ص: 109

مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ: لَا يُكَفَّرُ جَاحِدُهَا.

وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا وَجَبَتْ كَرَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ. قَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ: زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَةِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ يَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلَاةِ.

(تَجِبُ) زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ عَنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ فِيهِ فَكَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ صَوْمِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ مَعَ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَيُخْرِجُ إلَى آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَالثَّانِي تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعِيدِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَقْتُهَا كَالْأُضْحِيَّةِ، كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَمَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَاتٍ لَا الْفَجْرُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ أَدَّى فِطْرَةَ عَبْدِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ مَاتَ الْمُخْرِجُ فَانْتَقَلَ إلَى وَرَثَتِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

(فَتُخْرَجُ) عَلَى الْأَظْهَرِ (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُؤَدَّى عَنْهُ مِنْ زَوْجَةٍ وَعَبْدٍ وَقَرِيبٍ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ أَوْ اسْتِغْنَاءِ قَرِيبٍ لِاسْتِقْرَارِهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمُؤَدَّى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ بُرٍّ.

(قَوْلُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ) لَمْ يُبَيِّنْ فِي أَيِّ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَعِبَارَةُ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ: وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ.

(قَوْلُهُ: تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ) وَجْهُ الشَّبَهِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ وَاجِبَةً وَذَاكَ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلَاةِ) وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» وَالْخَبَرُ الْغَرِيبُ «شَهْرُ رَمَضَانَ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يُرْفَعُ إلَّا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ» اهـ.

حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُ قَوْلُهُ فَيُخْرِجُ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ لِرَمَضَانَ فِي وُجُوبِهَا دَخْلًا فَهُوَ سَبَبٌ أَوَّلٌ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ إخْرَاجُهَا فِيهِ لِانْحِصَارِ سَبَبِ وُجُوبِهَا حِينَئِذٍ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَمَضَانُ، إذْ لَوْ كَانَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ لَكَانَ تَقْدِيمُهَا أَوَّلَ رَمَضَانَ تَقْدِيمًا عَلَى السَّبَبَيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ الْوَجْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ هُوَ رَمَضَانُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا: أَيْ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ فَصَحَّ قَوْلُهُمْ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُمْ هُنَا مَعَ إدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ لَكِنَّهُ قَدْ يَشْتَبِهُ مَعَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ.

(قَوْلُهُ: وَجَبَ الْإِخْرَاجُ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ اسْتِرْدَادُ مَا أَخْرَجَهُ الْمُوَرَّثُ إنْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ وَكَمَوْتِ السَّيِّدِ مَوْتُ الْعَبْدِ فَيَسْتَرِدُّهَا بِيَدِهِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَا يُخْرِجُ عَنْهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا حُكْمُهُ كَالصَّحِيحِ حَتَّى يُقْتَلَ قَاتِلُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَطَلَاقٍ. قَالَ سم عَلَى شَرْحِ بَهْجَةٍ: لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَسْقُطُ فِطْرَتُهَا عَنْهُ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ الْجُزْأَيْنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ إلَخْ) فِي إفَادَةِ هَذَيْنِ مَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ إلَخْ) قَدْ يُدْفَعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ التَّقَدُّمِ عَلَى يَوْمِ الْعِيدِ، فَلَا يَنْفِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ قَبْلَ الْغُرُوبِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يُؤَدَّى عَنْهُ مِنْ زَوْجَةٍ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا الْحَصْرَ يُخْرِجُ مِنْ الْمَتْنِ نَفْسَ مَنْ يُخْرِجُ. الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ إلَخْ لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ غَايَةً فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا. الثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ كَطَلَاقٍ أَوْ اسْتِغْنَاءٍ قَرِيبٍ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مِثَالًا لِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ: فَيَخْرُجُ عَمَّنْ مَاتَ أَوْ طَلُقَ أَوْ عَتَقَ أَوْ بِيعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِمَّنْ يُؤَدِّي عَنْهُ وَكَانَتْ حَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةً عِنْدَهُ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي حَيَاتِهِ وَاسْتِغْنَاءُ الْقَرِيبِ كَمَوْتِهِ انْتَهَتْ.

ص: 110

عَنْهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ لَمْ تَسْقُطْ فِطْرَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ تَلَفِ الْمَالِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَالْفِطْرَةَ بِالذِّمَّةِ (دُونَ مَنْ وُلِدَ) بَعْدَهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الْحُدُوثِ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا وُجُوبَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلشَّكِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّهُ جَنِينٌ مَا لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ بِنِكَاحٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ مِلْكِ قِنٍّ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْقِنَّ قَبْلَهُ عَتَقَ وَلَزِمَهُ فِطْرَتُهُ، وَإِنَّمَا قُبِلَتْ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِيعَ الْمَالُ الزَّكَوِيِّ أَوْ وَقَفَهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِيهَا لَا يَنْقُلُ الزَّكَاةَ لِغَيْرِهِ بَلْ يُسْقِطُهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى غَيْرِهِ.

(وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ الْعِيدِ بِأَنْ تَخْرُجَ قَبْلَهَا إنْ فُعِلَتْ أَوَّلَ النَّهَارِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لِلْأَمْرِ بِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا، بَلْ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِأَنَّ تَأْخِيرَهَا إلَى مَا بَعْدَهَا مَكْرُوهٌ، فَإِنْ أُخِّرَتْ سُنَّ الْأَدَاءُ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا، وَسَيَأْتِي فِي زَكَاةِ الْمَالِ التَّأْخِيرُ لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ وَجَارٍ أَفْضَلُ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا مَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ) أَيْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي عِصْمَتِهِ وَيَلْزَمُهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهَا وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ التَّحَمُّلِ عَنْهَا مَرَّ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مُقَارِنًا لِلْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ جُزْأَيْ الْوُجُوبِ وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْفِطْرَةُ بِالذِّمَّةِ) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ الزَّكَوِيِّ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُوسِرَ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَوْ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَ عَنْهُ الْوُجُوبُ كَزَكَاةِ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُؤَدِّي لَمَّا كَانَ الْمَالُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ إنَّمَا يُخْرِجُ مِمَّا يَمْلِكُهُ كَانَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ، وَالْمُؤَدَّى عَنْهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ بَلْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةِ غَيْرِهِ لَمْ يُنْظَرْ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا عَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ حَيْثُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَالِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَى التَّمَكُّنِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا لِعَدَمِهِ، لَكِنْ هَذَا لَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا مَاتَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا عَنْهُ غَيْرُهُ لِكَوْنِهِ حُرًّا مُوسِرًا قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا وُجُوبَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلشَّكِّ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ وَكَوْنُ الْأَصْلِ بَقَاءَ الْحَيَاةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ هَلْ تَجِبُ الْفِطْرَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَرُجِّحَ هَذَا الْأَصْلُ عَلَى كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْوُجُوبِ لِفَوْتِهِ بِاسْتِصْحَابِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ وَالزَّوْجِيَّةِ لِلَّذِينَ هُمَا سَبَبُ الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدُ، مِثْلَ مَا ذَكَرَ: وَيَنْبَغِي أَوْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَعْقُبْ تَمَامَ انْفِصَالِهِ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ بَلْ أَوَّلُ شَوَّالٍ.

(قَوْلُهُ: عَتَقَ وَلَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ السَّيِّدَ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى طَلَاقَ الزَّوْجَةِ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ لَا تَسْقُطُ فِطْرَتُهَا عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِيهَا) أَيْ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ الْعَبْدُ بِتَقْدِيرِ يَسَارِهِ بِطُرُوِّ مَالٍ لَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَى مَا بِيَدِهِ بِأَنْ كَانَ مُكَاتَبًا وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ لَكِنْ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ مَحِلِّ الْبَحْثِ لِعَدَمِ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَخْرُجَ قَبْلَهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيُسَنُّ أَنْ تَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ لَا قَبْلَهُ وَأَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهَا قَبْلَ صَلَاتِهِ، وَهُوَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا مِنْ بَيْتِهِ أَفْضَلُ لِلْأَمْرِ الصَّحِيحِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَلْحَقَ الْخُوَارِزْمِيَّ كَشَيْخِهِ الْبَغَوِيّ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِيَوْمِهِ وَوَجَّهَ بِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يُهَيِّئُونَهَا لِغَدِهِمْ فَلَا يَتَأَخَّرُ أَكْلُهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أُخِّرَتْ سُنَّ الْأَدَاءُ أَوَّلَ النَّهَارِ) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُبَادِرُ إلَى إخْرَاجِهَا عَقِبَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ أَوَّلُ نِسْبِيٍّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَوَّلَ النَّهَارِ حَقِيقَةُ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ وَصَلَاةُ الْعِيدِ فِي جَمَاعَةٍ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَاجَةُ الْفُقَرَاءِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي مِثْلُهُ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ هُنَا لِغَرَضٍ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 111