الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى (حُلِيُّ الذَّهَبِ) وَلَوْ فِي آلَةِ حَرْبٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ إلَّا إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ وَأَقَرَّهُ، وَوَجْهُهُ زَوَالُ الْخُيَلَاءِ عَنْهُ حِينَئِذٍ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي إنَاءِ نَقْدٍ صَدِئَ أَوْ غُشِيَ (إلَّا الْأَنْفَ) لِلْمَجْدُوعِ فَيَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ مِنْ فِضَّةٍ لِأَنَّ «عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ
(وَ) إلَّا (الْأُنْمُلَةَ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْأَنْفِ، وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ وَالْأُنْمُلَةُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ تِسْعُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهَا وَأَشْهَرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ، وَالْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرَ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ (وَ) إلَّا (السِّنَّ) فَيَجُوزُ لِمَنْ قُلِعَتْ سِنُّهُ اتِّخَاذُ بَدَلِهَا مِمَّا ذُكِرَ قِيَاسًا عَلَى الْأَنْفِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ، وَلَهُ شَدُّ السِّنِّ بِهِ عِنْدَ تَزَلْزُلِهَا وَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَمْكَنَ نَزْعُهُ وَرَدُّهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَكُلُّ مَا جَازَ مِنْ الذَّهَبِ فَهُوَ بِالْفِضَّةِ أَوْلَى وَحِكْمَةُ جَوَازِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاتِّخَاذِ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَصْدَأُ إذَا كَانَ خَالِصًا بِخِلَافِهَا وَلَا يَفْسُدُ الْمَنْبَتُ أَيْضًا، وَقَدْ شَدَّ عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ أَسْنَانَهُمْ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرُهُ أَحَدٌ (لَا الْأُصْبُعَ) وَالْأُنْمُلَتَيْنِ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ فَتَكُونُ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ، بِخِلَافِ السِّنِّ وَالْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْعِلْمِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ حِينِ الْكَسْرِ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ مِنْ حِينِهِ
[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]
(قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى) وَلَوْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ وَقَدْ مَضَى حَوْلٌ أَوْ أَكْثَرُ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُدَّةِ الْخُنُوثَةِ مَمْنُوعٌ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فَأَشْبَهَ الْأَوَانِيَ إذَا اُتُّخِذَتْ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدِ عَدَمِ وُجُوبِهَا اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَانِي بِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ) أَيْ فَلَا حُرْمَةَ، لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، ثُمَّ إنْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي النِّسَاءِ حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْأَنْفَ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْأَنْفِ الْعَيْنُ إذَا قُلِعَتْ، وَاُتُّخِذَ بَدَلُهَا مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ لِلْمَجْدُوعِ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْجَدْعُ قَطْعُ الْأَنْفِ وَقَطْعُ الْأُذُنِ أَيْضًا وَقَطْعُ الْيَدِ وَالشَّفَةِ وَبَابُهُ قَطَعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ) فِي الدَّمِيرِيِّ: ابْنُ صَفْوَانَ اهـ، وَهُوَ نِسْبَةً لِجَدِّهِ، فَفِي الْإِصَابَةِ عَرْفَجَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ، وَالْجِيمُ ابْنُ سَعْدِ بْنِ كُرْزِ بْنِ صَفْوَانَ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ. وَقِيلَ الْعُطَارِدِيُّ كَانَ مِنْ الْفُرْسَانِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَشَهِدَ الْكِلَابَ فَأُصِيبَ أَنْفُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ. أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ
(قَوْلُهُ: أَفْصَحُهَا أَوْ أَشْهُرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ) فِي الدَّمِيرِيِّ أَصَحُّهَا فَتْحُ هَمْزَتِهَا وَمِيمِهَا وَلَمْ يَحْكِ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَهَا اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْأُنْمُلَةُ بِالْفَتْحِ وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ وَهِيَ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ.
قُلْت: الْأُنْمُلَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ أَيْضًا لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي الدِّيوَانِ فِي بَابِ أَفْعَلَ وَقَدْ يُضَمُّ أَوَّلُهَا، ذَكَرَهُ ثَعْلَبٌ فِي بَابِ الْمَفْتُوحِ أَوَّلُهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ، وَأَمَّا ضَمُّ الْمِيمِ فَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا ذَكَرَهُ غَيْرَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ، وَقَدْ نَظَّمَ بَعْضُهُمْ لُغَاتِ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ فَقَالَ:
يَا أُصْبُعُ ثُلِّثْنَ مَعَ مِيمِ أُنْمُلَةٍ
…
وَثَلَّثَ الْهَمْزَةَ أَيْضًا وَارْوِ أُصْبُوعًا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَتْ) أَيْ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ بَدَلًا لِجَمِيعِ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ) يُؤْخَذُ مِنْ نَفْيِ الزَّكَاةِ عَدَمُ كَرَاهَةِ اتِّخَاذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَوَجَبَتْ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّبَّةِ (قَوْلُهُ: لَا الْأُصْبُعَ) أَيْ وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ م ر اهـ سم عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ) هُوَ قَوْلٌ مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلُهُ
تَحْرِيكُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى كَالْأُصْبُعِ لِمَا ذُكِرَ، وَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ الْيَدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا تَحْتَ الْأُنْمُلَةِ لَوْ كَانَ أَشَلَّ امْتَنَعَتْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزَّائِدَةَ إنْ عُمِلَتْ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا (وَيُحَرَّمُ)(سِنُّ الْخَاتَمِ) عَلَى الرَّجُلِ مِنْ ذَهَبٍ اسْتِعْمَالًا وَاِتِّخَاذًا، وَالْمُرَادُ بِهِ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ الْفَصُّ بِهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ لَهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَيُفَارِقُ ضَبَّةُ الْإِنَاءِ الصَّغِيرَةُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْإِنَاءِ وَمُقَابِلُهُ يُلْحِقُهُ بِالضَّبَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَيَحِلُّ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى بَلْ أَوْلَى (مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) أَيْ لُبْسُهُ فِي خِنْصَرِ يَمِينِهِ وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ لِلِاتِّبَاعِ، لَكِنَّ لُبْسَهُ فِي الْيَمِينِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ، وَيَجُوزُ لُبْسُهُ فِيهِمَا مَعًا بِفَصٍّ وَبِدُونِهِ، وَجَعْلُ الْفَصِّ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ أَفْضَلُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، وَيَجُوزُ نَقْشُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الْخَاتَمُ مِنْ مِثْقَالٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَهُ لَابِسَ خَاتَمٍ حَدِيدٍ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ، فَطَرَحَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُبْلِغُهُ مِثْقَالًا» اهـ. وَالْخَبَرُ ضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَقَالَ النَّيْسَابُورِيُّ: إنَّهُ مُنْكَرٌ، وَاسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ وَإِنْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ
فَالْمُعْتَمَدُ ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ فَيُرْجَعُ فِي زِنَتِهِ لَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ، فَمَا خَرَجَ عَنْهُ كَانَ إسْرَافًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْخَلْخَالِ لِلْمَرْأَةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الِاحْتِجَاجِ بِالْخَبَرِ الْمَارِّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ، وَعَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِإِزَالَةِ التَّشْوِيهِ عَنْ يَدِهَا بِفَقْدِ الْأُصْبُعِ وَحُصُولِ الزِّينَةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى) أَيْ بِأَنْ فُقِدَتْ أُصْبُعُهُ فَأَرَادَ اتِّخَاذَ أُنْمُلَةٍ بَدَلَ السُّفْلَى مِنْ أَنَامِلِ الْأُصْبُعِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ كَمَا لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْأُصْبُعِ لِذَلِكَ، وَمِثْلُ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى الْأُنْمُلَةُ الْوُسْطَى لِوُجُودِ عِلَّةِ مَنْعِ الْأُنْمُلَتَيْنِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَيُحَرَّمُ سِنُّ الْخَاتَمِ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَيْضًا لُبْسُ الدُّمْلُجِ وَالسِّوَارِ وَالطَّوْقِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ اهـ دُمَيْرِيٌّ.
وَالدُّمْلُجُ بِضَمِّ الدَّالِ وَاللَّامِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) أَيْ وَيَحِلُّ لَهُ الْخَتْمُ بِهِ أَيْضًا، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا يُوَافِقُهُ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ أَوَّلًا الْحُرْمَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَمَدَ الْجَوَازَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْخِنْصَرِ لَا يَحِلُّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَحُكِيَ وَجْهَانِ فِي جَوَازِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْجَوَازُ.
ثُمَّ رَأَيْت الْقَمُولِيَّ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ وَسَبَقَهُ إلَيْهَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْأَذْرَعِيُّ صَوَّبَ التَّحْرِيمَ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ: وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي قِطْعَةِ فِضَّةٍ يُنْقَشُ عَلَيْهَا، ثُمَّ تُتَّخَذُ لِيَخْتِمَ بِهَا هَلْ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى إنَاءً فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ أَوْ تَحْرُمُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى إنَاءً لِحِبْرِ الْخَتْمِ؟ وَمَرَّ آخِرُ الْأَوَانِي أَنَّ مَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ حَرُمَ سَوَاءٌ أَكَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَدَنِ أَمْ لَا؟ وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِعْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِالْبَدَنِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ الْحِلُّ اهـ رحمه الله.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَخَرَجَ بِالْخَاتَمِ الْخَتْمُ وَهُوَ قِطْعَةُ فِضَّةٍ يُنْقَشُ عَلَيْهَا اسْمُ صَاحِبِهَا، وَيُخْتَمُ بِهَا فَلَا تَجُوزُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ (قَوْلُهُ: وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ فِي النَّقْشِ لَكِنْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى مُلَاقَاةِ النَّجَسِ كَأَنْ لَبِسَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَنْقُولُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَبِسَهُ فِي خِنْصَرِ يَمِينِهِ وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ لِلِاتِّبَاعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاتِّبَاعَ دَلِيلُ النَّدْبِ لَا دَلِيلُ الْحِلِّ فَقَطْ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَحِلُّ بَلْ يُسَنُّ ثُمَّ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِالِاتِّبَاعِ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ نَقْشُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ حَزَازَةٌ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ:
مَا تَقَرَّرَ فَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ عُرْفِ أَمْثَالِ اللَّابِسِ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُهُ اتِّخَاذًا وَلُبْسًا، فَالضَّابِطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا يُعَدَّ إسْرَافًا.
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِمَا مَرَّ لِأَنَّهُمَا يَتَكَلَّمَانِ فِي الْحُلِيِّ الَّذِي لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَمَّا إذَا اتَّخَذَ خَوَاتِمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ الْمَكْرُوهِ
(وَ) يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْفِضَّةِ (حِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ) وَأَطْرَافِ السِّهَامِ وَالدِّرْعِ وَالْخُوذَةِ (وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا يُشَدُّ بِهَا الْوَسَطُ وَالتُّرْسُ وَالْخُفُّ وَسِكِّينُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إغَاظَةً لِلْكُفَّارِ، وَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ» ، وَلِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَضَعَّفَهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ.
أَمَّا سِكِّينُ الْمِهْنَةِ وَالْمِقْلَمَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ تَحْلِيَتُهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا تَحْلِيَةُ الدَّوَاةِ وَالْمِرْآةِ وَالْمِنْطَقَةِ (لَا) حِلْيَةُ (مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَالرِّكَابِ وَالْقِلَادَةِ وَالثُّفْرِ وَأَطْرَافِ السُّيُورِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَلْبُوسٍ لَهُ كَالْآنِيَةِ.
وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالسَّيْفِ وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ لِمَنْ ذُكِرَ شَيْءٌ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ وَظَاهِرٌ مِنْ حِلِّ تَحْلِيَةِ مَا ذُكِرَ أَوْ تَحْرِيمِهِ حِلُّ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ مُحَلًّى، لَكِنْ إنْ تَعَيَّنَتْ الْحَرْبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ حُلَّ اسْتِعْمَالُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُقَاتِلِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ جَزْمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي تَحْلِيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي الْيَسَارِ وَاسْتَنْجَى بِهَا بِحَيْثُ فَصَلَ مَاءَ الِاسْتِنْجَاءِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَعَدُّدُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ كَعِشْرِينَ خَاتَمًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: اتِّخَاذًا وَلُبْسًا) أَيْ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا إذَا اتَّخَذَ خَوَاتِيمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ إلَخْ، وَكَذَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَكِنْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا يَأْتِي، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ، الْمَكْرُوهُ أَنَّ التَّعَدُّدَ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ حَيْثُ جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مِثْلِهِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ هُنَا، وَعَلَيْهِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْجَوَازِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا طَوِيلًا وَاسْتَوْجَهَ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهَا لِيَلْبَسَهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ اهـ سم عَنْ مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَالْمِنْطَقَةِ) لَمْ يَشْتَرِطْ الشَّيْخُ كَوْنَهَا مُعْتَادَةً، وَفِي الدَّمِيرِيِّ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً فَلَوْ اتَّخَذَ مِنْطَقَةً ثَقِيلَةً لَمْ يُمْكِنْهُ لُبْسُهَا مِنْ فِضَّةٍ، أَوْ اتَّخَذَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا ثَقِيلًا لَا يُمْكِنُهَا لُبْسُهُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَدٍّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِهِ) هِيَ مَا عَلَى مِقْبَضِهِ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ) مُعْتَمَدٌ، وَالتَّحْلِيَةُ فِعْلُ عَيْنِ النَّقْدِ فِي مَحَالَّ مُتَفَرِّقَةٍ مَعَ الْإِحْكَامِ حَتَّى تَصِيرَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا، وَلِإِمْكَانِ فَصْلِهَا مَعَ عَدَمِ ذَهَابِ شَيْءٍ مِنْ عَيْنِهَا فَارَقَتْ التَّمْوِيهَ السَّابِقَ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ حَرَامٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ بَعْضِهِمْ جَوَازٌ لِتَمْوِيهٍ بِهَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْآنِيَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا حَاجَةً لِلزِّينَةِ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ حَجّ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ السَّابِقَ أَوَّلَ الْكِتَابِ إلَخْ تَقَدَّمَ بِهَامِشِهِ مَا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ (قَوْلُهُ أَمَّا سِكِّينُ الْمِهْنَةِ) وَمِنْهَا الْمِقْشَطُ (قَوْلُهُ: وَالْمِقْلَمَةُ) بِالْكَسْرِ وِعَاءُ الْأَقْلَامِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَالْمِرْآةِ وَالْمِنْطَقَةِ) تَقَدَّمَ عَدُّهَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَأَنَّ تَحْلِيَتَهَا جَائِزَةٌ لِلرَّجُلِ فَعَدُّهَا هُنَا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ؛ ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَهَا مِنْ هُنَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مِنْطَقَةِ غَيْرِ الْمُقَاتِلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُقَاتِلِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَالْجُنْدِ الْمُعَدِّينَ لِلْحَرْبِ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِضَّةً مَنْقُوشًا بِاسْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِمَا مَرَّ) أَيْ بِالْخَاتَمِ كَمَا فِي الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ مِنْ حِلِّ تَحْلِيَةِ مَا ذَكَرَ أَوْ تَحْرِيمِهِ حَلُّ اسْتِعْمَالِهِ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ تَعَيَّنَتْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا شَمِلَهُ مَا قَبْلَهُ مِمَّنْ كَوْنُهُ إذَا حَرَّمَ التَّحْلِيَةُ حَرَّمَ اللُّبْسَ فَتُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذِهِ فَتَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ لَهَا وَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ
كَذَلِكَ إذْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُجَاهِدَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تُسَمَّى آلَةَ حَرْبٍ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ مَنْ لَا يُحَارِبُ، وَلِأَنَّ إغَاظَةَ الْكُفَّارِ وَلَوْ مَنْ بِدَارِنَا حَاصِلَةٌ مُطْلَقًا (وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا (حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ لِمَا وَرَدَ مِنْ اللَّعْنِ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ لَا يَكُونُ عَلَى مَكْرُوهٍ.
لَا يُقَالُ: إذَا جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ فَمَعَ التَّحْلِيَةِ أَجْوَزُ إذْ التَّحَلِّي لَهُنَّ أَوْسَعُ مِنْ الرِّجَالِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا جَازَ لَهُنَّ لُبْسُ آلَةِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْحِلْيَةِ (وَلَهَا) وَلِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ (لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) إجْمَاعًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ كَسِوَارٍ وَخَاتَمٍ وَطَوْقٍ وَحَلَقٍ فِي آذَانٍ وَأَصَابِعَ وَمِنْهُ التَّاجُ فَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ اعْتَادَهُ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ فِي بَابِ اللِّبَاسِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ، وَيَحِلُّ لَهَا النَّعْلُ مِنْهُمَا، وَلَوْ تَقَلَّدَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مَثْقُوبَةً بِأَنْ جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا زَكَّتْهَا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ مِنْ حِلِّهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَرَّاةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ لَهَا عُرًى وَجَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا، فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صُرِفَتْ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ النَّقْدِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَكَذَا) لَهَا لُبْسُ (مَا نُسِجَ بِهِمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الثِّيَابِ كَالْحُلِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.
وَالثَّانِي لَا، لِزِيَادَةِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ) فِي كُلِّ مَا أَبَحْنَاهُ (كَخَلْخَالٍ) أَيْ مَجْمُوعِ فَرْدَتَيْهِ لَا إحْدَاهُمَا لِلْمَرْأَةِ (وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالٍ، إذْ الْمُقْتَضِي لِإِبَاحَةِ الْحُلِيِّ لَهَا التَّزَيُّنُ لِلرِّجَالِ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي لِكَثْرَةِ النَّسْلِ، وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِذَلِكَ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: آلَاتُ الْحَرْبِ لِلْمُجَاهِدِ كَالْمُرْتَزِقِ اهـ.
وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ الْمُعَدِّينَ لِلْجِهَادِ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْمُنَافَاةِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْمُقَاتِلِ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَبِمَا يَأْتِي مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَنَحْوِهِ دُونَ آلَةِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي آلَةِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ) أَيْ لِلنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى (قَوْلُهُ: فِي أَذَانٍ وَأَصَابِعَ) أَيْ سَوَاءٌ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا أُصْبُعُ التَّقْيِيدِ بِهِمَا كَالصَّرِيحِ فِي حِلِّ الْأُصْبُعِ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِحِلِّ الذَّهَبِ لَهَا وَلِأَنَّ فِيهِ زِينَةً، لَكِنْ مَنَعَهُ مَرَّ فَقَالَ بِالْحُرْمَةِ فِيهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهَا) وَمِثْلُهَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَذَكَرَ الْمَرْأَةَ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَرَّاةِ) وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ لَهَا عُرْوَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَتُعَلَّقُ بِهَا فِي خَيْطٍ كَالسُّبْحَةِ وَإِطْلَاقُ الْعُرْوَةِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَهَا) فِي نُسْخَةٍ وَلِمَنْ ذُكِرَ مِمَّنْ مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا نُسِجَ بِهِمَا) أَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَ اللُّبْسِ مِنْ الِافْتِرَاشِ وَالتَّدَثُّرِ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ حِلُّهُ لَهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهَا لُبْسُ مَا نُسِجَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِحُصُولِ الزِّينَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمَا تَحْصِيلُهَا لِلزَّوْجِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْفُرُشِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا افْتِرَاشُ الْحَرِيرِ لِأَنَّ بَابَهُ أَوْسَعُ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: وَلُبْسُ الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ انْتَهَى.
قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهَا: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِافْتِرَاشِ الْمَنْسُوجِ بِهِمَا كَالْمَقَاعِدِ الْمُطَرَّزَةِ بِذَلِكَ.
قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ، وَوَجْهُ الْبِنَاءِ أَنَّ الْحَرِيرَ لَهُنَّ لُبْسُهُ وَفِي افْتِرَاشِهِ قَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يَحِلُّ لَهُنَّ لُبْسُهُمَا فَبَقِيَ مَجِيءُ الْقَوْلَيْنِ فِي الِافْتِرَاشِ.
قُلْت: وَقَدْ يُلْحَظُ مَزِيدُ السَّرَفِ فِي الِافْتِرَاشِ هُنَا كَمَا سَبَقَ فِي لُبْسِ النَّعْلِ بِخِلَافِ الْحَرِيرِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.
وَقَوْلُهُ فِي لُبْسِ النَّعْلِ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الْجَوَازُ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفُرُشِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .