الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا وَقَالَ إنَّهُمَا يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُسَنُّ أَيْضًا الْمُحَافَظَةُ عَلَى صَوْمِهِمَا وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ، وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً، وَرَفْعُهَا فِي شَعْبَانَ، الثَّابِتُ بِخَبَرِ أَحْمَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ إكْثَارِهِ الصَّوْمَ فِي شَعْبَانَ فَقَالَ: إنَّهُ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْأَعْمَالِ جُمْلَةً، وَسُمِّيَ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، لَكِنْ الَّذِي صَوَّبَهُ السُّهَيْلِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ السَّبْتُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَ)
صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)
وَهُوَ تَاسِعُ الْحِجَّةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» وَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ السَّنَةُ الَّتِي تَتِمُّ بِفَرَاغِ شَهْرِهِ وَبِالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ السَّنَةُ أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ الَّذِي يَلِي الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ، إذْ الْخِطَابُ الشَّرْعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ وَعُرْفُهُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ وَلِكَوْنِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لَمْ تَتِمَّ إذْ بَعْضُهَا مُسْتَقْبَلٌ كَالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ أَتَى مَعَ الْمُضَارِعِ بِأَنَّ الْمَصْدَرِيَّةِ الَّتِي تُخَلِّصُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَإِلَّا فَلَوْ تَمَّتْ الْأُولَى كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ فِيهَا بِلَفْظِ الْمَاضِي: قَالَ الْإِمَامُ: (وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ دُونَ الْكَبَائِرِ) . قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ: وَهَذَا مِنْهُ تَحَكُّمٌ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَالْحَدِيثُ عَامٌّ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ لَا يُحْجَرُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» : هَذَا قَوْلٌ عَامٌّ يُرْجَى أَنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ جَمِيعُ ذُنُوبِهِ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِلتَّكْفِيرِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا الْغُفْرَانُ وَالثَّانِي الْعِصْمَةُ حَتَّى لَا يُعْصَى، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَهُ صَغَائِرُ وَإِلَّا زِيدَ فِي حَسَنَاتِهِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ لِأَنَّ صَوْمَهُ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» وَأَمَّا خَبَرُ «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ يَوْمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْأَفْضَلِ هَلْ هُوَ صَوْمُ الْخَمِيسِ أَوْ الِاثْنَيْنِ؟ فَأَجَابَ رحمه الله بِأَنَّ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَفْضَلُ اهـ. كَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِيهِ بَعْثَتَهُ صلى الله عليه وسلم وَمَمَاتَهُ وَسَائِرَ أَطْوَارِهِ صلى الله عليه وسلم
(قَوْلُهُ: عَرَفَةَ) وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: «أَنَّ الْوُحُوشَ فِي الْبَادِيَةِ تَصُومُهُ» حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ لَحْمًا وَذَهَبَ بِهِ إلَى الْبَادِيَةِ وَرَمَاهُ لِنَحْوِ الْوُحُوشِ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَأْكُلْ وَصَارَتْ تَنْظُرُ إلَى الشَّمْسِ وَتَنْظُرُ إلَى اللَّحْمِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَقْبَلَتْ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. اهـ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: أَحْتَسِبُ) أَيْ أَرْجُو وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ احْتَسَبَ الْأَجْرَ عَلَى اللَّهِ ادَّخَرَهُ عِنْدَهُ لَا يَرْجُو ثَوَابَ الدُّنْيَا وَقَوْلُهُ عَلَى اللَّهِ هِيَ بِمَعْنًى مِنْ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ احْتَسَبَ (قَوْلُهُ وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلِلتَّكْفِيرِ تَأْوِيلَانِ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ الذُّنُوبُ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا الْغُفْرَانُ) أَيْ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا زِيدَ فِي حَسَنَاتِهِ) أَيْ وَيُخَفَّفُ مِنْ إثْمِ كَبَائِرِهِ (قَوْلُهُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ) أَيْ حَتَّى مِنْ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّوْمِ: أَيْ لَا مِنْ جَمِيعِهِ وَلَا مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ]
قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لَمْ تَتِمَّ إلَخْ) يُعَارِضُ هَذَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَبَّرَ بِمِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ فِي خَبَرِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَعَ أَنَّ السَّنَةَ فِيهِ قَدْ مَضَى جَمِيعُهَا بَلْ وَزِيَادَةً، وَالْوَجْهُ أَنَّ حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ فِيهِمَا كَوْنُ التَّفْكِيرِ مُطْلَقًا مُسْتَقْبَلٌ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ تَرْغِيبِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَوْمِهِمَا لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الصَّوْمِ الَّذِي سَيُفْعَلُ لِتَرْغِيبِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْمَاضِي هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا لَا يَخْفَى، فَالْمُضَارِعُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِأَدَاءِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَهُ صَغَائِرُ) هَذَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُبَالِ بِمَا رُدَّ بِهِ مِمَّا مَرَّ
عَرَفَةَ بِقَرِينَةِ مَا ذُكِرَ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ رَمَضَانَ سَيِّدُ الشُّهُورِ، وَيُسَنُّ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَاجُّ وَغَيْرُهُ، أَمَّا الْحَاجُّ فَلَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يَلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِطْرُهُ وَلَوْ كَانَ قَوِيًّا لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ صَوْمِهِ لِحَاجٍّ لَا يَصِلُ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّ صَوْمَهُ لِمَنْ وَصَلَهَا نَهَارًا خِلَافُ الْأَوْلَى، بَلْ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَأَمَّا الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ فَيُسَنُّ لَهُمَا فِطْرُهُ مُطْلَقًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِالطَّوِيلِ كَنَظَائِرِهِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ انْتِفَاءِ خِلَافِ الْأَوْلَى أَوْ الْكَرَاهَةُ بِصَوْمِ مَا قَبْلَهُ، لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي صَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا، بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَكْرُوهِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقُوَّةَ الْحَاصِلَةَ بِالْفِطْرِ هُنَا مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْمَغْفِرَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْحَجِّ لِجَمِيعِ مَا مَضَى مِنْ الْعُمْرِ، وَلَيْسَ فِي ضَمِّ صَوْمِ مَا قَبْلَهُ إلَيْهِ جَابِرٌ بِخِلَافِ الْفِطْرِ ثُمَّ فَإِنَّهُ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْمَغْفِرَةِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ فَقَطْ، وَفِي ضَمِّ صَوْمِ يَوْمٍ لَهُ جَابِرٌ، فَإِنْ قِيلَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ صَوْمَ هَذَا أَوْلَى بِالْكَفَّارَةِ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، قُلْنَا: صَدَّ عَنْ ذَلِكَ وُرُودُ النَّهْيِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا
(وَ) صَوْمُ (عَاشُورَاءَ) بِالْمَدِّ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ لِخَبَرِ «أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ صَوْمُهُ لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَمْرِ بِصَوْمِهِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» وَحَمَلُوا الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ بِالْأَمْرِ بِصَوْمِهِ عَلَى تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ وَإِنَّمَا كَانَ صَوْمُ عَرَفَةَ بِسَنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءَ بِسَنَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَوْمٌ مُحَمَّدِيٌّ، وَالثَّانِي يَوْمٌ مُوسَوِيٌّ، وَنَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فَكَانَ يَوْمُهُ بِسَنَتَيْنِ (وَ) صَوْمُ (تَاسُوعَاءَ) وَهُوَ تَاسِعُ الْمُحَرَّمِ لِخَبَرِ «لَئِنْ بَقِيتُ إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» فَمَاتَ قَبْلَهُ، وَالْحِكْمَةُ فِي صَوْمِهِ مَعَ عَاشُورَاءَ الِاحْتِيَاطُ لَهُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَلِلْمُخَالَفَةِ لِلْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ يَصُومُونَ الْعَاشِرَ، وَلِلِاحْتِرَازِ مِنْ إفْرَادِهِ كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ أَنْ يَصُومَ مَعَهُ الْحَادِيَ عَشَرَ إنْ لَمْ يَصُمْ التَّاسِعَ، بَلْ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ لِحُصُولِ الِاحْتِيَاطِ بِهِ وَإِنْ صَامَ التَّاسِعَ إذْ الْغَلَطُ قَدْ يَكُونُ بِالتَّقْدِيمِ وَبِالتَّأْخِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنُّ هُنَا صَوْمُ الثَّامِنِ احْتِيَاطًا لِحُصُولِهِ بِالتَّاسِعِ وَلِكَوْنِهِ كَالْوَسِيلَةِ لِلْعَاشِرِ فَلَمْ يَتَأَكَّدْ أَمْرُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ) أَيْ الْأَخِيرَ (قَوْلُهُ: لَا يَصِلُ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسَافِرًا بِالنَّهَارِ وَيَقْصِدَ عَرَفَةَ لَيْلًا فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ سَنِّ فِطْرِهِ لِلْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ النَّهْيِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُمَا فِطْرُهُ مُطْلَقًا) كَأَنَّ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ حَاجًّا أَوْ لَا، فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ النَّصِّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ، وَقَوْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: النَّصُّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ) أَنَّ إقَامَةً لِمَحَلِّ الظَّنِّ مَقَامَ مَحَلِّ الْيَقِينِ
(قَوْلُهُ: عَاشُورَاءَ) قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ اللُّغَوِيُّ: وَلَمْ يَجِئْ فَاعُولَاءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إلَّا عَاشُورَاءُ، وَالضَّارُورَاءُ اسْمُ الضَّرَّاءِ وَالسَّارُورَاءُ اسْمُ السَّرَّاءِ وَالدَّالُولَاءُ اسْمٌ لِلدَّالَةِ وَخَابُورَاءُ اسْمُ مَوْضِعٍ، وَقَوْلُهُ اسْمٌ لِلدَّالَةِ: أَيْ النَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: إلَى قَابِلٍ) هُوَ مَصْرُوفٌ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ خِلَافُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ الصَّادِقَةِ بِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَاجُّ) لَمْ يُقَيِّدْ فِيمَا مَرَّ بِغَيْرِ الْحَاجِّ حَتَّى يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ بِأَمَّا هَهُنَا وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَيْدٌ (قَوْلُهُ: لِحَاجٍّ لَا يَصِلُ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسَافِرٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي