المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في أداء الزكاة - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌فصل في أداء الزكاة

السَّنَةِ (الْأُولَى زَكَاةَ الثَّمَانِينَ) لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَمَةً حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا كَمَا مَرَّ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ وَتَبَيَّنَّا اسْتِقْرَارَ مِلْكِهِ عَلَى قِسْطِ الْمَاضِي وَالْحُكْمُ فِي الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ. وَعَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَخْرَجَ زَكَاةَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الِانْهِدَامِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا عِنْدَ اسْتِرْجَاعِ قِسْطِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَزِمَهُ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ.

‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْبَابِ وَمَرَّ رَدُّهُ بِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ لَهُ فَصَحَّ إدْخَالُهُ فِيهِ، إذْ الْأَدَاءُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ (تَجِبُ)(الزَّكَاةُ) أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَقَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى طَلَبِهِ وَهِيَ حَاجَةُ الْأَصْنَافِ (إذَا تَمَكَّنَ) مِنْ الْأَدَاءِ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِدُونِهِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ أَوْ بِمَا يَشُقُّ. نَعَمْ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ مُوَسَّعٌ بِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ كَمَا مَرَّ (وَذَلِكَ) أَيْ التَّمَكُّنُ (بِحُضُورِ الْمَالِ) وَإِنْ عَسِرَ الْوُصُولُ لَهُ (وَ) بِحُضُورِ (الْأَصْنَافِ) أَيْ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ مِنْ إمَامٍ أَوْ سَاعٍ أَوْ مُسْتَحِقِّهَا وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لِاسْتِحَالَةِ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِ قَابِضٍ، وَلَا يَكْفِي حُضُورُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَحْدَهُمْ حَيْثُ وَجَبَ الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ بِأَنْ طَلَبَهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَحْصُلُ التَّمَكُّنُ بِذَلِكَ وَبِجَفَافٍ فِي الثِّمَارِ وَتَنْقِيَةٍ مِنْ نَحْوِ تِبْنٍ فِي حَبٍّ وَتُرَابٍ فِي مَعْدِنٍ وَخُلُوِّ مَالِكٍ مِنْ مُهِمٍّ دُنْيَوِيٍّ أَوْ دِينِيٍّ كَمَا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ، فَلَوْ حَضَرَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّيهَا دُونَ بَعْضٍ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَ حِصَّتَهُمْ وَلَهُ تَأْخِيرُهَا لِانْتِظَارِ أَحْوَجَ أَوْ أَصْلَحَ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِغَرَضٍ ظَاهِرٍ، وَهُوَ حِيَازَةُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ نَقَلَ عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَقُولُ لَعَلَّ فَاعِلَ الِاسْتِرْجَاعِ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ الِاسْتِرْجَاعِ إلَخْ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حِصَّةَ مَا بَعْدَ الِانْهِدَامِ مِنْ الْأُجْرَةِ نَاقِصًا قَدْرَ الزَّكَاةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا عَنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الشَّارِحِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا إلَخْ. .

[فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ]

(فَصْلٌ) فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَدَاؤُهَا) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ الزَّكَاةُ اسْمُ عَيْنٍ لِأَنَّهَا الْمَالُ الْمُخَرَّجُ عَنْ بَدَنٍ أَوْ مَالٍ وَالْأَعْيَانُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَا الْأَدَاءُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا وَقْتَ لَهَا مَحْدُودٌ حَتَّى تَصِيرَ قَضَاءً بِخُرُوجِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَسِرَ الْوُصُولُ لَهُ) لِاتِّسَاعِ الْبَلَدِ مَثَلًا أَوْ ضَيَاعِ مِفْتَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَبِحُضُورِ الْأَصْنَافِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبُوا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ حَيْثُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَّا بِالطَّلَبِ أَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ بِاخْتِيَارِهِ وَرِضَاهُ فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ دَفْعِهِ عَلَى طَلَبِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى احْتِيَاجِهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ وُجُوبُ دَفْعِهِ عَلَى طَلَبٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ) أَيْ فَعَدَمُ وُجُوبِ دَفْعِهَا لِلْإِمَامِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْمَالِكِ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهَا حَيْثُ وُجِدَ الْإِمَامُ مَعَ عَدَمِ الْمُسْتَحِقِّينَ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَضَرَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّيهَا) أَيْ وَيَكْفِي فِي التَّمَلُّكِ حُضُورُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وُجِدَ (قَوْلُهُ ضَمِنَ حِصَّتَهُمْ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(فَصْلٌ) فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ) غَايَةٌ فِي حُضُورِ الْإِمَامِ وَالسَّاعِي أَيْ فَحُضُورُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقْتَضٍ لِلْوُجُوبِ الْفَوْرِيِّ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ غَايَةً فِي الْمُسْتَحَقِّ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ هَلْ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ ضَمِنَ حِصَّتَهُمْ) يَعْنِي الْحَاضِرِينَ

ص: 135

الْفَضِيلَةِ، وَكَذَا لِيَتَرَوَّى حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَاضِرِينَ وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَ الْمَالُ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ لِحُصُولِ الْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَتَقَيَّدُ جَوَازُهُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَوْ تَضَرَّرَ الْحَاضِرُ بِالْجُوعِ حَرُمَ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا إذْ دَفْعُ ضَرَرِهِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ (وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ) مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ.

(زَكَاةُ الْمَالِ الْبَاطِنِ) وَهُوَ النَّقْدُ وَعَرَضُ التِّجَارَةِ وَالرِّكَازُ كَمَا مَرَّ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَإِنْ طَلَبَهَا الْإِمَامُ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَبْضِهَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ عَلِمَ مِنْ شَخْصٍ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا أَوْ لَا يُؤَدِّي نَحْوَ كَفَّارَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: ادْفَعْ بِنَفْسِك أَوْ إلَيَّ لِأُفَرِّقَهَا إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ عِنْدَ تَضْيِيقِ ذَلِكَ (وَكَذَا الظَّاهِرُ) وَهُوَ النَّعَمُ وَالْمُعَشَّرُ وَالْمَعْدِنُ (فِي الْجَدِيدِ) قِيَاسًا عَلَى الْبَاطِنِ وَالْقَدِيمُ يَجِبُ صَرْفُهَا إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةَ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، هَذَا حَيْثُ لَمْ يَطْلُبْ الْإِمَامُ الظَّاهِرَةَ وَإِلَّا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ بَذْلًا لِلطَّاعَةِ، وَيُقَاتِلُهُمْ إنْ امْتَنَعُوا مِنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَالُوا نُسَلِّمُهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا لِافْتِيَاتِهِمْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا لِنَفَاذِ حُكْمِهِ وَعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالْجَوْرِ وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لَهُ وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُهَا مِنْك وَأَصْرِفُهَا فِي الْفِسْقِ، بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ إذْ لَا نَظَرَ لَهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ.

(وَلَهُ) مَعَ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ فِي الْمَالَيْنِ (التَّوْكِيلُ) فِيهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكِّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا. نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي الْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ مِثْلَهُ فِي الصَّبِيِّ وَسَكَتَ عَنْ الْكَافِرِ (وَالصَّرْفُ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (إلَى الْإِمَامِ) أَوْ السَّاعِي؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ فَجَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الصَّرْفَ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ) مِنْ تَفْرِيقِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَعْرَفُ بِهِمْ وَأَقْدَرُ عَلَى الِاسْتِيعَابِ وَلِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ بِتَسْلِيمِهِ، بِخِلَافِ تَفْرِقَةِ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ فَقَدْ يُعْطِيهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ، وَلَوْ اجْتَمَعَ الْإِمَامُ وَالسَّاعِي فَالدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِزًا) فَتَفْرِيقُ الْمَالِكِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ لِوَكِيلِهِ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَالتَّسْلِيمُ لِلْوَكِيلِ أَفْضَلُ مِنْهُ إلَى الْجَائِرِ لِظُهُورِ خِيَانَتِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إلَّا الظَّاهِرَةَ فَبِتَسْلِيمِهَا إلَى الْإِمَامِ وَلَوْ جَائِرًا أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِ الْمَالِكِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَاضِرِينَ.

(قَوْلُهُ: لِيَتَرَوَّى) أَيْ لِيَتَأَمَّلْ فِي أَمْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُ ظَاهِرًا وَتَرَدَّدَ فِيمَا بَلَغَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ، وَإِلَّا فَفِي الضَّمَانِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ لِعُذْرِهِ بِالِامْتِنَاعِ إذْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الدَّفْعُ إلَّا إذَا عَلِمَ بِاسْتِحْقَاقِ الطَّالِبِ.

(قَوْلُهُ: حَرُمَ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ بِتَأْخِيرِهِ التَّرَوِّيَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيُصَدَّقُ الْفُقَرَاءُ فِي دَعْوَاهُمْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِمْ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَبْضِهَا) أَيْ بِتَسْلِيمِهَا وَلَوْ قَالَ أَنْ يُطَالِبَهُ بِإِقْبَاضِهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْآحَادُ لَكِنْ فِي الْأَمْرِ بِالدَّفْعِ لَا فِي الطَّلَبِ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ تَضْيِيقِ ذَلِكَ) أَيْ وَذَلِكَ بِحُضُورِ الْمَالِ وَطَلَبِ الْأَصْنَافِ أَوْ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالْجَوْرِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ وَإِنْ طَلَبَهَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ طَلَبُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَعَ ذَلِكَ يَبْرَأُ الْمَالِكُ بِالدَّفْعِ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَأَصْرِفُهَا فِي الْفِسْقِ) أَيْ سَوَاءٌ صَرَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِمُسْتَحِقِّيهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ أَوْ صَرَفَهَا فِي مَصْرِفٍ آخَرَ وَلَوْ حَرَامًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ وَإِنْ طَلَبَهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ طَلَبُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَمَعَ ذَلِكَ يَبْرَأُ الْمَالِكُ بِالدَّفْعِ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ لِلْبَرَاءَةِ الْعِلْمُ بِوُصُولِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ.

(قَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ الْكَافِرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي السَّفِيهِ وَلَا فِي الرَّقِيقِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ.

(قَوْلُهُ: إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ زَكَاةُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ يُعْطِيهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ) أَيْ فَلَا تُجْزِئُهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ حَضَرَ عِنْدَ أَدَاءِ الْوَكِيلِ، لَكِنْ يَخْلُفُهُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ مُبَاشَرَتُهُ لِلْعِبَادَةِ بِنَفْسِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 136

أَوْ وَكِيلِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ. لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِزًا فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُرَدُّ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَلِلْمَالِكِ تَأْخِيرُهَا مَا دَامَ يَرْجُو مَجِيءَ السَّاعِي فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَجِيئِهِ وَفَرَّقَ فَجَاءَ وَطَالَبَهُ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ، وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ وَلَوْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ، لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَاجِبِ، وَإِذَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ فَهَلْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ أَخْذُهَا عَلَى مُطَالَبَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلِ الْعَدْلُ فِي الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي غَيْرِهَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْمُرَادِ بِالْعَدْلِ وَالْجَوْرِ هُنَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَفْضِيلُ الصَّرْفِ إلَى الْإِمَامِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا.

(وَتَجِبُ)(النِّيَّةُ) فِي الزَّكَاةِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ وَالِاعْتِبَارُ فِيهَا بِالْقَلْبِ كَغَيْرِهَا (فَيَنْوِي هَذَا فَرْضُ زَكَاةِ مَالٍ أَوْ فَرْضُ صَدَقَةِ مَالِي أَوْ نَحْوِهَا) كَزَكَاةِ مَالِي الْمَفْرُوضَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ، أَوْ الْوَاجِبَةِ، أَوْ فَرْضُ الصَّدَقَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِرْشَادِ لِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ الْمَالِ دُونَ الْفَرِيضَةِ أَجْزَأَهُ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ الزَّكَاةُ لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا، بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَفْلًا، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاةٌ أَجْزَأَهُ أَيْضًا (وَلَا يَكْفِي) هَذَا (فَرْضُ مَالِي) لِصِدْقِهِ عَلَى النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَمَا قِيلَ مِنْ ظُهُورِ ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ الزَّكَاةِ رُدَّ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْخَارِجِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّةَ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ لَا نَظَرًا لِصِدْقِ مَنْوِيِّهِ بِالْمُرَادِ وَغَيْرِهِ (وَكَذَا الصَّدَقَةُ) أَيْ صَدَقَةُ مَالِي أَوْ الْمَالِ لَا يَكْفِي (فِي الْأَصَحِّ) لِصِدْقِ ذَلِكَ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَالثَّانِي يَكْفِي لِظُهُورِهَا فِي الزَّكَاةِ. أَمَّا لَوْ نَوَى الصَّدَقَةَ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَلَا يَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (تَعْيِينُ الْمَالِ) الْمُخْرَجِ عَنْهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ كَالْكَفَّارَاتِ، فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا عَنْ مَحِلِّهِ فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَاجِبِ) أَيْ بَلْ يُعْطَاهُ وَلَا يُقَالُ بِطَلَبِهِ الزَّائِدِ انْعَزَلَ عَنْ وِلَايَةِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ) أَيْ مَا فِي الْكِفَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَالِكُ) أَيْ صَرَفَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ) وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ) أَيْ فَرْضَ الصَّدَقَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَفْلًا) أَيْ فَتَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا لِيَتَمَيَّزَ الْفَرْضُ مِنْ النَّفْلِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ لَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَرْضِيَّةَ فِي الْمُعَادَةِ وَإِنْ وَجَبَتْ فَالْمُرَادُ بِهَا إعَادَةُ مَا كَانَ فَرْضًا بِالْأَصَالَةِ أَوْ نَحْوِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ وَالْفَرْضُ الْمُمَيِّزُ لِلْأَصْلِيَّةِ عَنْ الْمُعَادَةِ الْحَقِيقِيُّ فَلَا تَعَارُضَ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِالْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُرَادُ اشْتِرَاطُ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ: الصَّدَقَةَ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لِصِدْقِهَا بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ.

(قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إلَخْ) قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَا إذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا سَيَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ، وَإِلَّا فَمَا ذَكَرَهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ نَفْيَ الْمُخَالَفَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي هَذَا السِّيَاقِ قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِرًا فَلَيْسَ الصَّرْفُ إلَيْهِ أَفْضَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّيَابَةِ) أَيْ عَنْ الْفُقَرَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا) أَيْ وَهُوَ سَائِرٌ إلَيْهِ أَوْ فِي بَرِّيَّةٍ، وَالْبَلَدُ الَّذِي بِهِ الْمَالِكُ أَقْرَبُ بَلَدٍ إلَيْهَا، أَوْ كَانَ يَدْفَعُهَا لِلْإِمَامِ، وَإِلَّا

ص: 137

فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ (وَلَوْ عُيِّنَ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الْمُخْرَجُ (عَنْ غَيْرِهِ) وَلَوْ بَانَ الْمُعَيَّنُ تَالِفًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَخَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ فَأَخْرَجَ شَاةً عَنْ الْأَبْعِرَةِ فَبَانَتْ تَالِفَةً لَمْ تَقَعْ عَنْ الشِّيَاهِ هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ بَانَ الْمَنْوِيُّ عَنْهُ تَالِفًا فَعَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ عَنْ الْآخَرِ، فَلَوْ قَالَ هَذَا زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَبَانَ بَاقِيًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي إنْ كَانَ مُوَرِّثِي قَدْ مَاتَ فَبَانَ مَوْتُهُ حَيْثُ لَا يَجْزِيهِ وَالْفَرْقُ عَدَمُ الِاسْتِصْحَابِ لِلْمِلْكِ فِي هَذِهِ إذْ الْأَصْلُ فِيهَا بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَعَدَمُ الْإِرْثِ وَفِي تِلْكَ بَقَاءُ الْمَالِ كَمَا لَوْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ أَصُومُ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ حَيْثُ يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ.

(وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ النِّيَّةُ إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَالسَّفِيهِ لِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْ الْمَالِكِ فَنَابَ الْوَلِيُّ عَنْهُ فِيهَا، فَلَوْ دَفَعَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَضَمِنَ الْمَدْفُوعَ، وَلَوْ فَوَّضَ الْوَلِيُّ النِّيَّةَ لِلسَّفِيهِ جَازَ.

(وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْوَكِيلِ) وَلَا يَحْتَاجُ الْوَكِيلُ لِنِيَّةٍ عِنْدَ صَرْفِ ذَلِكَ لِمُسْتَحِقِّهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ النِّيَّةِ مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَا مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الْوَكِيلَ عِنْدَ التَّفْرِيقِ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (أَيْضًا) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. وَالثَّانِي لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُسْتَنِيبِ فِي الْحَجِّ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِي الْحَجِّ فِعْلُ النَّائِبِ فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ مِنْهُ، وَهِيَ هُنَا بِمَالِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ الْغَائِبُ فِي بَلَدٍ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْمَالِكِ الْوَكِيلُ وَالْوَلِيُّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَا عَنْ الْبَلَدِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَيْ أَوْ عَنْهَا فِي مَحِلٍّ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: فَلَهُ أَنْ يَحْسِبَهَا عَنْ الْبَاقِي إلَخْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْ الْبَاقِي بِدُونِ حُسْبَانِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ الْمُعَيَّنُ) غَايَةُ (قَوْلِهِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَبَانَ مَوْتُهُ حَيْثُ لَا يَجْزِيهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَا لَوْ تَرَدَّدَ كَأَنْ قَالَ هَذَا زَكَاةُ مَالِي إنْ كَانَ مُوَرِّثِي إلَخْ وَإِلَّا فَعَنْ مَالِي الْحَاضِرِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ التَّرْدِيدُ بَيْنَ مَا يَجِبُ وَمَا لَا يَجِبُ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَصِحُّ إلَخْ) وَيُخَالِفُ مَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَعَنْ الْفَائِتِ حَيْثُ لَا يَجْزِيهِ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، إذْ الْأَمْرُ فِيهَا أَضْيَقُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فَوَّضَ الْوَلِيُّ النِّيَّةَ لِلسَّفِيهِ جَازَ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ بِالسَّفِيهِ، لَكِنْ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ التَّوْكِيلُ خِلَافُهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ: بَلْ يَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ مَرَّ عَلَى الْبَدِيهَةِ أَنَّهُ يَكْفِي نِيَّةُ السَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الْوَلِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

أَقُولُ: قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، وَيُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ مَا قَالَهُ بِمَا إذَا عَزَلَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَوْ عَيَّنَهُ لَهُ وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهُ لِلْفُقَرَاءِ فَدَفَعَهُ وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ.

(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الصَّرْفِ) أَيْ وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْوَكِيلِ بِإِذْنٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ صَرْفِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَتْ النِّيَّةُ مِنْ الْوَكِيلِ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ تَبَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِخِلَافِهِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ فَلَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ إلَّا الْحَجُّ وَتَفْرِقَةُ الْأُضْحِيَّةِ سَوَاءٌ أَوَكَّلَ الذَّابِحَ الْمُسْلِمَ الْمُمَيِّزَ فِي النِّيَّةِ أَمْ وَكَّلَ فِيهَا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا غَيْرَهُ لِيَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ ذَبْحِهِ كَمَا لَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ عِنْدَ ذَبْحِ وَكِيلِهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكَّلَ فِيهَا آخَرُ مَرْدُودٌ اهـ. فَقَوْلُهُ لِيَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ ذَبْحِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي النِّيَّةِ وَحْدَهَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ وَهِيَ مِنْهُ) أَيْ الِاسْتِنَابَةِ هُنَا بِتَفْرِقَةِ مَالِ الْمُوَكِّلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَالْغَائِبُ لَا تَصِحُّ الزَّكَاةُ عَنْهُ إلَّا فِي مَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْ الْمَالِكِ) أَيْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ.

ص: 138

الْمُوَكِّلِ فَكَفَتْ نِيَّتُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَوَى الْوَكِيلُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ الْمُوَكِّلُ النِّيَّةَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا لَا كَافِرٌ وَصَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، وَلَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ عِنْدَ تَفْرِقَةِ الْوَكِيلِ جَازَ قَطْعًا، وَلَوْ عَزَلَ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ وَنَوَى عِنْدَ الْعَزْلِ جَازَ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ كَالصَّوْمِ لِعُسْرِ الِاقْتِرَانِ بِإِعْطَاءِ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدُّ حَاجَةِ مُسْتَحِقِّهَا، وَلَوْ نَوَى بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ التَّفْرِقَةِ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تُقَارِنْ النِّيَّةُ أَخْذَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى وَكِيلِهِ لِيُفَرِّقَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ إنْ كَانَ الْقَابِضُ مُسْتَحِقًّا. أَمَّا تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَزْلِ أَوْ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ فَلَا يَجْزِي كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ

وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ مَعَ الْإِفْرَازِ فَأَخَذَهَا صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ وَدَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَيَمْلِكُهَا الْمُسْتَحِقُّ لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا، وَلَوْ أَفْرَزَ قَدْرَهَا وَنَوَاهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُفْرَزِ لِلزَّكَاةِ إلَّا بِقَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَالشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلتَّضْحِيَةِ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلزَّكَاةِ شُرَكَاءُ لِلْمَالِكِ بِقَدْرِهَا فَلَا تَتَقَطَّعُ شَرِكَتُهُمْ إلَّا بِقَبْضٍ مُعْتَبَرٍ، أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَلَوْ)(دَفَعَ) الزَّكَاةَ (إلَى السُّلْطَانِ كَفَتْ النِّيَّةُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ السُّلْطَانُ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَالدَّفْعُ إلَيْهِ كَالدَّفْعِ لَهُمْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ الزَّكَاةُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَالِكِ شَيْءٌ وَالسَّاعِي فِي ذَلِكَ كَالسُّلْطَانِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) الْمَالِكُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ (لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ) عِنْدَ الصَّرْفِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَالدَّفْعُ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا يَجْزِي فَكَذَا نَائِبُهُمْ مَا لَمْ يَنْوِ الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ تَفْرِقَةِ السُّلْطَانِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا. وَالثَّانِي يَجْزِي نَوَى السُّلْطَانُ أَمْ لَا، إذْ الْعَادَةُ فِيمَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَيُفَرِّقُهُ عَلَى الْأَصْنَافِ إنَّمَا هُوَ الْفَرْضُ فَأَغْنَتْ هَذِهِ الْقَرِينَةُ عَنْ النِّيَّةِ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّيَّةِ جَازَ كَغَيْرِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ)(يَلْزَمُ السُّلْطَانَ النِّيَّةُ إذَا أَخَذَ زَكَاةَ الْمُمْتَنِعِ) مِنْ أَدَائِهَا نِيَابَةً عَنْهُ. وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ، وَتُجْزِئُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ نِيَّتَهُ تَكْفِي) فِي الْإِجْزَاءِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي النِّيَّةِ كَمَا فِي التَّفْرِقَةِ، وَتَكْفِي نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَوْ التَّفْرِقَةِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَكَفَتْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا كَافِرٌ وَصَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَفْهُومُهُ الْجَوَازُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ وَالْعُبَابِ خِلَافُهُ وَأَقَرَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ وَلَا نَقَلَ فِيهِ عَنْ مَرَّ شَيْئًا عَلَى عَادَتِهِ، وَالْأَقْرَبُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ حَجّ مِنْ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْمُمَيِّزَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ فَحَيْثُ اُعْتُدَّ بِدَفْعِهِ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِنِيَّتِهِ، لَكِنْ عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهَا بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا لَا صَبِيًّا وَلَوْ مُمَيِّزًا وَكَافِرًا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا رَقِيقًا اهـ.

أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَلَا فَرْقَ فِي الْوَكِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَوْ لَا، وَقَدْ يُجَابُ أَنَّ مَا سَبَقَ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الدَّفْعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّفْوِيضُ فِي النِّيَّةِ وَعَلَيْهِ فَيَنْوِي الْمَالِكُ الزَّكَاةَ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْكَافِرِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ) أَذًى بِإِعْطَاءِ الصَّبِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا) أَيْ وَتَقَعُ الثَّانِيَةُ تَطَوُّعًا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ السُّلْطَانُ) غَايَةُ (قَوْلِهِ وَالسَّاعِي فِي ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَهُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَ الْمَالِيُّ فِي يَدِهِ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ) غَايَةُ.

(قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ نِيَّتَهُ تَكْفِي)

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَمَّا السَّفِيهُ فَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا مِنْهُ

(قَوْلُهُ: فَأَخَذَهَا صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ وَدَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ ظَاهِرًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا أَنْ يُخْرِجَ بَدَلَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْحَالِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ الْقَدْرُ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَيَدْفَعَ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ) أَيْ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ مَا مَرَّ قُبَيْلَهُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ

ص: 139